|
قراءة في ديوان الزجل للشاعرة/الزجالة إحسان السباعي. -يالمهزوز على كفوف الريح-
عبدالكريم القيشوري
الحوار المتمدن-العدد: 5102 - 2016 / 3 / 13 - 00:41
المحور:
الادب والفن
قراءة في الديوان الزجلي " يا لمهزوز على كفوف الريح" للشاعرة/الزجالة : إحسان السباعي. المكان : المسرح الوطني محمد الخامس الزمــان : 7 مارس 2016 المدينة : عاصمة الأنوار .الربـــــاط./المغرب الجهة المنظمة : جمعية العناية للعمل الاجتماعي والثقافي والرياضي بشراكة مع مسرح محمد الخامس. تقـــــــديــــــــم .
اسمحوا لي بداية أن أقدم إطارا عاما لوضع تجربة الكاتبة/الزجالة إحسان السباعي من خلالها ديوانها : "يالمهزوز على كفوف الريح" مستدعيا ما قاله الناقد د سعيد يقطين فيما يخص الزجل والشعر. ---------------------------- الزجل والشعر: 2. 1 . الزجل الشفوي : في التعريف الجاري ، يعتبر الزجل شعرا عاميا ، أي معبر عنه بإحدى اللغات العامية أو الدارجة ، تمييزا له عن الفصحى.وإذا كان هذا اللون التعبيري قديما وله جذور في الثقافة المغربية ، فإن له ، بسبب ذلك ، تقاليده وقواعده وأنواعه. وهو لا يختلف عن ” الشعر الفصيح ” بواسطة اللغة الموظفة في التعبير ،فقط. إذ علاوة على اللغة نجد اختلافات على مستوى الموضوعات والقضايا والأساليب والأوزان والإيقاعات… فهو أقرب إلى الحياة اليومية بزخمها ومشاكلها التي ينبري لها الشاعر الشعبي عن طريق تجسيده إياها بلغة التداول اليومي بفجاجتها وعنفها وبمسحة فنية تكسب هذا التعبير خصوصيته وتأثيره في النفوس. وهذا ما جعل الزجل متصلا اتصالا وثيقا بالثقافة الشعبية لأنه ، وهذه إحدى خصوصياته ، ظل فنا شفويا ، يبدعه الشاعر ، ويتناقل من شفة إلى أذن ،،، إلى أن يجد من يؤديه بواسطة الغناء (كما نجد مع الشاعر محمد ولد قربال المذكوري الذي كان يطبع قصائده الزجلية ويؤديه مغنون شعبيون مثل قرزز ومحراش ” قصة الضحية مثلا”) ، أو يجد من يدونه في حقبة لاحقة ، ويصبح قابلا للقراءة. 2 . 2 . الزجل الكتابي: لكن الزجل الحديث الذي ظهر في الثقافة المغربية ، منذ السبعينيات من القرن الماضي ، فيمكننا تقسيمه قسمين كبيرين : قسم كتب ليغنى ، ونجد في أزجال الشاعر الطيب لعلج نموذجا لذلك. وقسم ألف ليقرأ ، ونقدم دواوين أحمد لمسيح مثالا لهذا النوع. ولقد كثر الزجالون من هذه الطينة . إن الزجل الذي كتب ليقرأ ، ليس فيه من الزجل غير اللغة التي كتب بها. إنها إحدى اللغات العامية التي يزخر بها المغرب ، والتي تغتني بالتجربة الخاصة التي تمنحها المناطق التي تضمها وتستعمل فيها خصوصيتها وملامحها المميزة. أما ما عدا ذلك ، ونقصد العوالم الشعرية التي تقدمها النصوص ، فهي أقرب ما تكون إلى “الشعر الفصيح”. لهذا الاعتبار نجد هذا الشعر ـ الزجل ، يقع في منطقة وسطى ، فلا هو شعبي ، بالمعنى المتعارف عليه ( البعد الشفوي ـ قبول اللحن والأداء الموسيقي ). ولا هو شعر بالصفة المعروفة لدى المشتغلين بالشعر المكتوب باللغة الفصحى وفق تقاليد الشعر العربي قديمها ومحدثها. وهنا مربط الفرس: صعوبة هذه التجربة لدى المتلقي والشاعر معا. هل هو شاعر فيلحق بركب الشعراء ، أو زجال فيضاف إلى قائمة الزجالين؟ ويطرح الإشكال نفسه على “القارئ” : هل يقرؤه بعين القارئ ؟ أم بأذن السامع؟ إن الشاعر ـ الزجال متى نجح في التوفيق ، أمام هذه المعادلة الصعبة ، كان شاعرا زجالا ، وإلا عد شاعرا “ينطق” بالعامية، أو زجالا ” يكتب ” بها. وتلك هي المعضلة. يأتي هذا الديوان/الكتاب الذي أبت صاحبته أن يوسم بميسم الانتماء إلى حقل الزجل الذي أصبح مجالا خصبا؛ لما أصبحت تنفثه المطابع المغربية من دواوين خلال منتصف هذه العشرية الأخيرة؛ نظرا للانفتاح الذي عرفه المجتمع المغربي نتيجة الرياح التي هب بها الربيع العربي والتي كانت سببا في تغييردستور بآخر 2011 والذي أدت بعض مواده الإيجابية إلى انفراج تحرري لتأسيس العديد من جمعيات المجتمع المدني؛ للاشتغال على عدة واجهات : الثقافية والاجتماعية والرياضية والتربوية والفنية.. أبى أصحابها الانتماء إلى هذا المجال من فن القول والتعبير الإبداعيين؛ لما وجدوا فيه من زخم سياقي لمعالجة أغراض شعرية وموضوعات فكرية وقضايا ذات أبعاد اجتماعية ونفسية واقتصادية وطنية وعربية..
ديوان : " يا المهزوز على كفوف الريح" يتضمن 20 قصيدة مدبجة بإهداء من الشاعرة/ الزجالة إحسان السباعي بدون تقديم عن مطبعة دعاية؛ وهو بالمناسبة تجربة أولى لها في الكتابة الزجلية؛ بعدما خبرت الكتابة في جنسي كل من الشعر والقصة.
من خلال الإهداء المثبت كافتتاح للكتاب بالصفحة 3 تقدم الشاعرة/الزجالة رسالة للقارئ/المتلقي/المستمع؛ مفادها أن من سيقبل على فعل قراءة هذا المنجز الزجلي ؛ سيدرك جهد ما أفرزته جوانيتها من نظم حروف مطروزة ؛ وأسئلة ليست مغلفة بألغاز تستوجب إعمال الفكر وإجهاد النفس في سبيل البحث عن مضامينها؛ وإدراك كنهها ومعانيها. كما أنها تعبير عن المحبة والتقدير والاحترام. تقول : حروفي من جوفي مطروزة وتسوالي ليكم ما مخبي ف حروزة يرمي عليكم محبة وسلام . بالتبسيمة لسما لمهزوزة. انطلاقا من عنوان الديوان المعبر عنه بجملة تتضمن أسلوب نداء للبعيد ؛ والمتضمن لاستفسار يطرح إشكالا؛ يستوجب حلا؛ وهو طرح ذكي من الشاعرة إحسان تتوخى من خلاله توريط المتلقي/القارئ في المشاركة للبحث عن حل؛ عن جواب. يا...المهزوز على كفوف الريح ؟ من هو هذا المهزوز على كفوف الريح ؟ تجيب في ص 5 هبالي . تقول: سولني هبالي لمهزوز على كفوف الريح مالكي. على لعياقة صايمة على لفهامة نايمة جاوبتو ياهبالي. يا السارق حالي أنا ف حوال لغرام هايمة وف بحورها عايمة. لا بسة دربالة سيدي لبوهالي. ماهمني شلا جواب ولا شلا تسوال وعلاش قيامة ولاد العم قايمة ؟ في هذه القصيدة تفتح إحسان السباعي أفق انتظار المتلقي/القارئ على ما سيتوالى من قصائد لمعرفة قصة حكايتها مع رحلة "لهبال" الذي تستحضرمن خلال تداعيات ذاكرتها صورا من الموروث الثقافي، لتثير عبق الذكريات ، وترسم معالم من التراث؛ تتساوق ومظاهر الحياة الاجتماعية المعيشة بكل تناقضاتها الإيجابية منها والسلبية . وهذه من أبرز الوظائف التي أصبح ينهض بها الزجل الشعبي الذي لم يؤثر عليه العامل الزمني وتطور مظاهر الحياة الاجتماعية ، لذا بقي الزجل فنا حيا مكتوبا ومسموعا يتفاعل معه المتلقي ويجد فيه صوتا يعبرعن أفكاره ومشاعره. فماذا عن قصة "هبال إحسان " ؟ التي نجدها في ص 5 "سولني هبالي" وفي ص 10 و11 في قصيدة "كالو اللسان" التي تقول فيها : فهم هدرتي ومقصودي لا ترمي هبالي بطوب لحجار ص 10. راه لساني هبيل ما يجرح ما يعادي هاز الراية ولعلام . ص 11 وفي قصيدة " صاحبة النشاط" ص 19 تقول : شكون يهرب معاك من لخيال وانت راكبة لظهر لهبال. وفي قصيدة "صباح السعد" ص 26 تقول : أنا مالي ومال هواه كنت فحالي ملجمة هبالي بسلسلة من حديد فراسها كورة . لهبال في علاقته بلحماق نجده في قصيدة : "يا ظهري لمسوس" ص 28 منين ف وجهي تردات لبيبان وكلبي شعلات فيه النيران دارو فيا دروبا وزناقي طرزوا ب لجوهر ولعقيق حماقي ومن نفس القصيدة في ص 29 تخاطب ظهرها لمسوس قائلة : يا ظهري مالك بحال لهبيل محنزز تغني بزز تفرح بزز تشطح بزز.. لتأتي في قصيدة "هازني حالي" ص 34 – 35 لتفصح عن مكمن داء " لهبال" الذي اكتسح معظم نصوص ديوانها قائلة: حروفي بجوادي مسكونة ومن افادي طالعة دايرا فيا جدبة غيوانية راه الحرف لي بلاني وما دخلت بلعاني...إلى أن تقول :..راه حرفي لوحدو يراري ويداري عكازو شديد واخا يطيح يشدو ظهري ويديرو فوق حدبة يدق عليها وتاد بمسامر الكتبة هداك حرفي وانا مولاتو راني ملكة عليه.. ولتثبيت أحقية" لهبال" الذي يتخذ عددا من التمظهرات التي تشكل أنواعا من السلوكات المرتبطة بالضمير الجمعي وبالثقافة الشعبية؛ تقول في قصيدة " لا لة" ص 40. زطمي يا لا لة وزيدي زطمي دقي بعتاد لقلام خيمة لمعاني فرشي لوراق لمالكاني وما تلجمي لسان لكلام. ماتضمنه الديوان من تيمات تحت عناوين : سولني هبالي؛ فين نخبيك من لموت؛ كالو اللسان ؛ يانفسي ياعنايتي ؛ صاحبة النشاط ؛الليل المشنوق ؛ يالعمر لمجرجر ؛ صباح السعد ؛ ياظهري لمسوس ؛ هازني حالي ؛منين الكمرة ؛ياداك الشك ؛ يالالة ؛ الكسوة الزرقا؛ ياغزة ؛ وجه المخبوش ؛ عيشة قنديشة ؛ حسنة أولهاشمي ؛ أقلام طنجة . يحيل على ما تحمله اللوحة التشكيلية لغلاف الديوان؛ والمتمثل في شجرة السرو الضخمة وما تعانيه من جفاف وحرقة عبر عنها اللون القريب من الأحمر؛ المنبعث من داخل الجذع؛ والذي من المفروض أن يعكس اليباس؛ في حين نجده يعكس الاخضرار على كل أغصان الشجرة ووريقاتها؛ وهذا أجده – من وجهة نظري - يتقاطع ونفسية الكاتبة إحسان السباعي وهي تعد لهذا الطبق الدسم من القصائد الزجلية حيث الذات المبدعة في معاناتها تمتح من جدلية الأنا الباطنة والظاهرة انطلاقا من محيطها المشكل لبؤرة الدافعية للإبداع وهنا لابد من ذكر الأسرة وبعض الفاعلين الجمعويين والمبدعين : جمعية أقلام طنجة والمبدعة الشاعرة حسنة أولهاشمي. وقد أفلحت إحسان في اختيار لوحة الغلاف التي تتماهى ومتن النصوص.بالنسبة للأسرة وهي تتحدث عن رفيق درب حياتها –الزوج- ( فين نخيبك من لموت ) التي تقول فيها : فين نخبيك من لموت يا رفيق منين الجهد يتقادى ويلبسك دربالة سيدي الراكد ف ضو قبل الظلام بلا عادة وكلبي معاك يموت ...إلى أن تقول : فين نخبيك من لموت يا رفيق أنا بحرك ونت فيا لحوت . ( وبالمناسبة فهي قصيدة جميلة). وأنت تقرأ النصوص تتبدى لك معالم الشعرية والصياغة القصصية الزجلية للمبدعة إحسان؛ وقدرتها الفنية على خلق الدهشة من خلال كشف سلبيات الواقع وإظهار ما به من تناقضات؛ عبر أسلوب مشوق يسافر بك في عوالم المتخيل التراثي الذي يحفل بالزخم الشفاهي والكتابي الذي انتقل عبر حكايات( سيدي عبدالرحمن المجدوب؛ عيشة قنديشة؛ احديدان لحرامي؛ هاينة.. " أليست هي القائلة : "صرت أكتب القصة والقصة القصيرة جدا والقصة الومضة ولا أستطيع أن أجزم أين أجد نفسي ؟ فأنا مزاجية تحكمني لحظة المخاض ولا أحب أن يخضع حملي الابداعي سابقا لأي فحص بالأشعة لتحديد جنس الوليد ,أستلذ بالألم وبسكرات المعاناة ؛ فأنجب إما شعرا أو نثرا أو قصة أو زجلا (شعر بالعامية),فالكاتب المزاجي أفكاره لا جنس لها أثناء الوضع نعرفه".فهلا عرفتم مزاجية الكاتبة ؟
#عبدالكريم_القيشوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
احتفاء بالكاتب المغربي محمد أديب السلاوي بنكهة رمضانية بمدين
...
-
ندوة بيت المبدع - طنجة في الإبداع المغاربي -..
-
قراءة في فيلم-ملاك- للمخرج عبدالسلام الكلاعي.
-
قراءة في ديوان-الشمس لا تهبك نهارا مرتين - للشاعر العراقي عل
...
-
8 مارس. -عيد- بأي حال عدت ياعيد.
-
كاتب أدب الطفل -العربي بن جلون- في احتفاء بمدينة سلا.
-
الجمعية الفرنكوفونية للفن والإبداع المغاربي بالمهجر تخلق الح
...
-
نهاية أسبوع باذخة لبيت المبدع.
-
بيت المبدع في عرس الريشة واليراع بمدينة أزمور.
-
مؤسسة البوكيلي -إبداع وتواصل - تحتفي بأعضاء بيت المبدع المرك
...
-
حفل توقيع -علبة الأسماء- جديد الشاعر /الروائي محمد الأشعري ب
...
-
-عبدالمالك مراس- من إطار مهندس إلى فنان مهووس.
-
القصة القصيرة جدا عروس -غاليري الأدب- بمكتبة فرنسا.
-
الجمهور الثقافي .
-
-إذاعة طنجة- في احتفاء خاص بمدينة العرائش.
-
تكريم بنكهة العلم للكاتب المغربي د سعيد يقطين.
-
قراءة في ديوان -نقطة تحول- للشاعرة فاطمة معروفي.
-
عالم السوسيولوجيا والخبير التربوي د مصطفى محسن يتحدث عن فوضى
...
-
المسرح الوطني محمد الخامس في أمسية عرس زواج -الحرف بالوتر- ب
...
-
مسيرة بيت المبدع الإشعاعية للأقاليم الصحراوية.
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|