أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - سعد محمد رحيم - حوارمع سعد جاسم أجراه بلاسم الضاحي















المزيد.....

حوارمع سعد جاسم أجراه بلاسم الضاحي


سعد محمد رحيم

الحوار المتمدن-العدد: 1383 - 2005 / 11 / 19 - 15:31
المحور: مقابلات و حوارات
    


قاص ـ له القدرة على تلقف شفرة التحولات النوعية في الكتابة القصصية بطاقات متجددة على مستوى بلاغة السرد وبناء التعالق القصصي بين الواقعي والتخيلي، يستثمر طاقة
الجملة الشعرية على حمل الدلالة من حيث كثافة الرؤية وإيجاز السرد.
روائي ـ تستأذنه الكلمة للدخول إلى جنائن مملكته فتنساب بتلقائية مبهرة لا يلبث أن يجعل لها بريقاً رهيناً بشعور يتملكنا بأنها مدن مأهولة بشيء ما يغرينا ويطلق رغبتنا في الكشف عن مفاتنها.
له رحلة مع القصة والرواية والصحافة الأدبية لأكثر من عقدين، ومما قدمه خلالها:
1ـ الصعود إلى برج الجوزاء ـ قصص.
2ـ ظل التوت الأحمر ـ قصص.
3ـ هي والبحر ـ قصص.
4ـ المحطات القصية ـ قصص.
5ـ تحريض ـ قصص.
6ـ رصاص العمق الهادئ ـ رواية.
7ـ غسق الكراكي ـ رواية فازت بجائزة الإبداع الروائي في العراق للعام 2000.
فضلاً عن كتاباته الفكرية والمعرفية والنقدية التي نشرها في الصحف والمجلات المتخصصة.
إنه القاص والروائي سعد محمد رحيم، نقدمه في حديث لم تكشف عنه كتاباته القصصية والروائية.
س: تزعم وكما يزعم بعض من كتب عن أعمالك بأنك تقترب من الشعر أو تميل إلى الاستفادة من أدواته، هل يمكن أن نعد هذا تزاوجاً بين الأجناس الأدبية أم أنك تستفيد من المخيلة الشعرية، وما أهمية ذلك في كتابة القصة؟.
ـ السرد جزء من العائلة الشعرية كما يذهب إلى ذلك النقاد المحدثون.. والمزاوجة بين الأشكال الأدبية باتت هاجساً للكتّاب منذ عقود. هذا التأكيد المفرط على اللغة الشعرية في بعض أعمالي المبكرة كان عيباً حين كان يجذبني أحياناً إغراء الإنشاء فأقع تحت سطوته على حساب دقة اللغة والاقتصاد البلاغي إن صح التعبير.. تنبهت لهذا الأمر منذ وقت مبكر وفي أغلب أعمالي المتأخرة استطعت التخلص منه.
كل عمل سردي جيد ينطوي على شحنته الشعرية الخاصة إذا أخذنا الشعر بمعنى القدرة على التأثير الروحي والخروج من اعتيادية اللغة وابتذال الواقع إلى أفق الفن والدهشة.. أنا مع أن نكتب أعمالنا بلغة ذات رنين شعري من دون أن تأسرنا البلاغة الفجة، والتعبير الطنان الذي في الغالب لا يعني أي شيء.
س: قصصك تتعامل مع موضوعة الحرب وتحاول أن تمازجها مع علاقات إنسانية. كيف تفسر هذه المزاوجة؟. وهل هي إدانة للحرب أم محاولة لشرعنتها؟.
ـ لم أفكر قط بشرعنة الحرب.. الحرب ابتكار إنساني رديء، وأنا أؤمن أن واحداً من غايات الكتابة الكبرى هي إدانة فكرة الحرب التي يلخصها برنارد شو بعبارة الحرب جبان يهاجم ضعيفاً.. ليست الحرب أشد الوقائع فجائعية في التاريخ البشري وحسب، بل هي أكثرها التباساً أيضاً.. إنها العلامة على أن الإنسانية لم تغادر تماماً الغابة بعد.. لكننا حين ننظر إليها من زاوية أخرى نجد أنها ساحة اختبار للموضوعات الإنسانية الكبرى بثنائياتها المتضادة، وما بينها من أطياف وألوان، وتناقضاتها المحرِّكة والتي منها الحب والكره.. الأنا والآخر.. الخير والشر.. الحياة والموت.. السعادة والشقاء، الخ..
الحرب موضوعة رئيسة في أعمالي، وكيف لا، وأنا ابن جيل عاش الشطر الأكبر من حياته وما يزال في أجواء الحرب ومخاطرها.. تشبع برمادها وغبارها ومشاهدها ورأى ويلاتها ومآسيها وتداعياتها وآثارها المخيفة.. نحن جيل شكلتنا الحروب فكتبنا عن الإنسان والحب والحرية والسلام نكاية بها.
س: كيف تقيم المشهد النقدي في مجال الكتابة السردية، وهل واكب التطور الهائل الذي أحدثه السرد بالرغم من قصر عمره في المشهد الثقافي العربي؟.
ـ الكتابة السردية قديمة في مشهدنا الثقافي، فأول القصص الفنية في التاريخ كتبت في العراق القديم، أما إذا كان المقصود الأشكال السردية الحديثة كالقصة القصيرة والرواية فنعم، إن عمرهما قصير في مشهدنا الثقافي العراقي والعربي.
منجزنا العراقي السردي الحديث لم يصل وينتشر عربياً مثلما حصل مع المنجز المصري واللبناني مثلاً لأسباب عديدة ليس هنا مجال الإسهاب فيها. وبذا لم يخضع منجزنا العراقي للنظر النقدي العربي إلى الدرجة التي يستحقها، وعراقياً كان هناك نقد محايث للعمل القصصي والروائي العراقي منذ عشرينيات القرن الماضي إلاّ أن جيلنا وأقصد أولئك الذين كتبوا ونشروا منذ الثمانينيات لم ينجب نقاده على عكس ما حدث مع الأجيال التي سبقتنا.. من كتبوا عن أعمالنا هم من نقاد الأجيال السابقة ومن قصاصي وروائيي وشعراء هذا الجيل.
س : وماذا على النقاد أن يفعلوا ؟ .
ـ حسناً .. هناك في وسط ركام التبن لآلئ على النقاد أن يكتشفوها ويظهروها للناس . وحتى لا أظلمهم فأنني لا أنكر أنهم يفعلون ذلك في أحايين كثيرة . ولكن ، بالمقابل نرى في مشهدنا الثقافي عشرات من عديمي الموهبة ، أو الذين لم تكتمل أدواتهم الإبداعية بعد يُخرجون نتاجات فجة بلا روح ، وبلا قيمة إبداعية ، ومهمة النقاد أن يوقفوا هؤلاء عند حدهم .. وينبغي أن تكون هناك رقابة نقدية صارمة وقاسية، وأن يكون المعيار الوحيد في الرقابة على المطبوعات هو المعيار الفني لكي لا يتجرأ على النشر كل من تعجل في دخول دائرة الأدب ومعه مبلغ من المال يستطيع أن يطبع كتابه على نفقته الخاصة مهما كانت قيمته الفنية والفكرية متدنية .
س: ماذا يمثل الزمن بقوانينه الفيزيائية والمكان بكينونته الجغرافية عند القاص سعد محمد رحيم؟.
ـ هذا سؤال ذو مدى واسع ليس من السهل الإجابة عليه في هذه العجالة، وباختصار فأنا أرى أن الزمن هو الذي يمسك بنسيج العمل السردي عموماً، والقدرة الفنية تتجلى في الغالب من خلال تمكن الكاتب من التلاعب بالزمن لتأكيد فرادته وإبداعه، وتحقيق البعد الجمالي لعمله، فضلاً عن الإمساك بالمعنى. والزمن في العمل الإبداعي لا يقتصر على جانبه الفيزيائي التقليدي بل هناك زمن الروح، زمن الذهن والذاكرة، الزمن الداخلي، وزمن الكتابة/ زمن المكتوب، وهذا كله يتملص من سطوة الزمن الفيزيائي، الكرنولوجي ويناوره، خالقاً أو مساعداً على خلق الهيكل الخاص للإبداع. أما المكان ـ الجغرافي الواقعي ـ فهو المعين والموئل والمصدر لثقافة المبدع وهو اللحمة في نسيج ذاكرته، والتوتر الحاصل مع الانتقال بين هذا المكان الواقعي وبين المكان المتخيل هو ما يقلقني.. وأعتقد أن المكان المتخيل هو امتداد خلاّق للمكان الواقعي، ولذا حاولت دائماً أن أجد نوعاً من التناظر بين المكان المتخيل في أعمالي وبين الأمكنة الواقعية التي خبرتها في حياتي. وما زال الزمان والمكان وسيبقيان عنصري العمل القصصي الأهم.. تتغير طرائق التعامل معهما، والرؤية لهما وبهذا يحافظ فن السرد على ديمومته ويتطور.
المكان جزء من الذات التي خبرته .. يؤسس المكان الذاكرة والخريطة السرية للشخصية .. يقيمهما ، ويقيم فيهما . ورحلة الإنسان هي انتقالاته بين أمكنة سكنها لوهلة فسكنته إلى الأبد .. هاهنا يمتزج المكان بالزمان في نسيج واحد . والمبدع بقدر ما يعي هذا الأمر بقدر ما يستطيع إكساب حياته نسغ الإبداع .
المكان ليس عنصراً خارجياً تزيينياً ، بل هو ما يشكل الدورة الدموية في جسد النص المبدع ، واستحضار مكان ما ليس مجرد استعادة للتفاصيل الخارجية .. بنايات ، شوارع ، مقاه ، ساحات لعب ، جبال ، مزارع .. الخ ، بل هو عملية معايشة نفسية .. أن تجعل مشاعرك وأحاسيسك القديمة تنبجس فيك ثانية ، ممزوجة بالغبطة والحنين .. لعل باشلار واحد من أفضل الذين تكلموا عن هذا الأمر .
تلكم المشاعر تجيئك معتّقة عذبة ومسكرة .. تصعد فيك كما الموسيقى .. كما دبيب الخمرة .. تتناغم مع إيقاعات روحك .. مع نبضك وأنفاسك .. تستعيد فرح الإمساك بخيط الطائرة الورقية المحلقة ، أو دفء الموقد العتيق في ليلة ممطرة تستمع إلى أمك تحكي لك واحدة من حكاياتها المدهشة وأنت تقشر برتقالة ، أو زهوك وأنت تمسك شهادة نجاحك ناجحاً أول ، في الأول الابتدائي .. أو نشوتك الطافرة وأنت تتلقى ابتسامة أول صبية تعشقها في الثاني المتوسط .. الخ ، الخ ..
هل أقول؛ إننا المجموع الروحي لعديد الأمكنة التي مررنا بها ، واكتسبنا فيها هويتنا .. الهوية ليست جوهراً ثابتاً يولد مع الإنسان .. إنها تتكون رويداً رويداً وتتحول ، ولذا فإن الأمكنة بناسها وعلاقاتها وظروفها وقيمها وعاداتها وتقاليدها وثقافتها وهندستها وطبيعتها هي المسؤولة إلى حد بعيد عن خلق وتعزيز وإنضاج هويتنا بشراً ومبدعين .
س: في معظم كتاباتك تستفيد من خزين ذاكرتك لتوظفه في نتاجك القصصي بحيث تجد مدلولها في الخزين الذاكراتي للمتلقي، ولا تشتغل في تحفيز المتخيل كيف تفسر ذلك؟.
ـ نعم أستفيد من خزين ذاكرتي، وأي كاتب قصص لا يفعل ذلك؟. أما إذا كان ذلك يجد مدلوله وصداه في ذاكرة المتلقي، بحسب افتراضك ورؤيتك، فهذا كما أزعم علامة نجاح.. أما أنني لا أشتغل على المتخيل وعلى ما يحفزه فأظن أن في كلامك كثير من التجني.. أولاً أن كل عمل قصصي أو روائي هو صناعة خيال حتى وإن كان يستمد عناصره من الواقع الحي اليومي، وكاتب ذو خيال خصب مثل ماركيز يعترف أنَّ ما كتبه هو بالضبط ما عاشه وخبره، وأن لأحداث رواياته كلها صلة يتجربة حياته وواقع بلده، ومن يقرأ سيرته والحوارات التي أجريت معه سيكتشف هذا الأمر.. لست ميالاً بشدة إلى الكتابة الفنطازية على الرغم من وجود شيء من الفنطازيا في كثر من قصصي.. إننا معشر القصصيين والروائيين لا نكتب الواقع بل نعيد تشكيله بوساطة الخيال.
س: نجدك موزعاً بين الصحافة والفكر والقصة والرواية والسياسة، أين نجد سعد محمد رحيم؟.
ـ أنا قاص وروائي أولاً، مارست العمل الصحافي لمدة، وحاولت تحقيق نوع من التنافذ بين الأسلوب الأدبي السردي، وبين الأنماط الصحافية المعروفة كالتقرير الصحافي والتحقيق والعمود، وكتبت في حقل الفكر من دون أن أدعي أنني مفكر، إلاّ بمعنى أن الإبداع الأدبي هو شكل من أشكال العمل الفكري كذلك. أما السياسة فلست من رجالها.. نعم، أتحرش بتخوم، وأحياناً بقلب السياسة في كتاباتي، وأناقش بعض قضايا البلاد والعصر، لكنني لا أتقن فن اللعبة السياسية، ولست من الهائمين بها.. أين تجدني؟. في كتاباتي وحدها.. في كتاباتي كلها.. إن تلمس خط تطور شخصية الكاتب لا يتأتى إلاّ من تفحص تطور أفكاره وأسلوبه في كتاباته.
س: أما زلت تؤمن بالرواية نوعاً أدبياً وثقافياً له تأثيره؟.
ـ نعم.. وأؤمن أن للكلمة دورها في حركة التاريخ، وأن جوهر الصراع في العالم هو ثقافي ، وأن الرواية جنس أدبي فعّال في التنمية الثقافية للمجتمعات. وأؤمن، أيضاً، بالالتزام في الأدب، والمطلوب في الالتزام اليوم أن يكون برؤية جديدة ومنظور جديد، ويكون الأدب من خلاله مفعماً بنكهة الحياة، وغائراً في تربة الواقع. ومن لا يمد جذوره عميقاً في أرضه لا يمكنه أن ينتج أدباً جيداً. والتواشج مع الأرض معناه التواشج مع التاريخ، ومع نبض الناس وهواجسهم وأحلامهم، بشرط أن يكون هذا الأدب مكتوباً بفنية عالية .
الكتابة الرديئة قاتلة حتى وإن كانت تدعو إلى قيم إنسانية راقية. فالجمال جزء من روح الالتزام .
س: هل ترى في الروائي داعية فكرية وسياسية؟.
ـ الروائي فنان قبل أن يكون أي شيء آخر، وهو عندما يكتب فإنه يعري روحه، ويقدم ذاته على حقيقتها، وتلك هي أقصى درجات الشجاعة.. إنه يبث خطابه المعرفي وموقفه من العالم، ونظرته إلى الأشياء في تضاعيف روايته. فهو يختلف عن مبدعي بقية الأجناس الأدبية في أنه مطالب أن يكون ذا ثقافة واسعة، وأن يتبحر في التاريخ وعلم النفس وعلم الاجتماع والسياسة والاقتصاد والانثربولوجيا، الخ.. وأن لا يكف عن التلصص على الواقع، وأن يكون حاداً ووقحاً ومزعجاً في طرح الأسئلة، وأن يحس بالجذور في أعماقه، تلك التي منها يصعد نسغ الإبداع، وأن يشم ويرى ويسمع ويلمس ويتذوق ويحدس برهافة وحيوية، وأن يخبر الحياة بحميمية وحب، وأن يؤمن بالإنسان ويكتب من أجل حريته وكرامته. والأهم أن يفهم طبيعة وقوى الحراك الاجتماعي والسياسي في مجتمعه. فالرواية هي الشرارة المنبثقة من تشابك تجربة حية واسعة برؤية ناضجة عميقة.
س : هل أوجدنا تقاليد لكتابة الرواية في العراق؟. وهل لنا أن نتفاءل بشأن مستقبل هذا النوع الأدبي الهام؟.
ـ إذا كنا طوال عقود القرن المنصرم لم نبلور تقاليد قارة للكتابة الروائية، ولا خلقنا مناخاً فاعلاً داخل الثقافة العراقية للرواية كتابة ونشراً وتوزيعاً وقراءة ونقداً وانتشاراً فإننا مع القرن الجديد نلمس حقيقة أن جهود عشرات الكتّاب والنقاد في حقل الرواية لم تذهب سدى، وأننا في طريقنا لترسيخ مثل تلك التقاليد، وخلق مناخ يتيح للرواية فرصتها الذهبية .
تمتلك الرواية العراقية من مقومات العافية ما تستطيع معها أن تؤّمن مستقبلها، غير أن هذه الرواية لم تعبر حدودنا الإقليمية إلاّ بشكل ضئيل وعلى استحياء، ولم تجد لها أصداء تستحقها في المجال الأدبي العربي. والأسباب عديدة يتعلق بعضها بكاتب الرواية وناقدها، ويتعلق بعضها الآخر بالمؤسسات الثقافية والإعلامية. وعموماً فنحن لا نتقن بشكل جيد فن الإعلان عن إبداعنا منذ أحمد السيد ومروراً بالتكرلي وفرمان وليس انتهاءً بأحمد السعداوي ومحمد الحمراني وناظم العبيدي وعلي بدر، وربما استطاع علي بدر بفضل حسه الخاص وذكائه، ووجوده خارج العراق، أن يقدم نفسه بشكل أفضل وأن يحصل على بعض ما يستحقه من اهتمام وانتشار.
هناك كثر من كتّابنا كتبوا الرواية ويكتبونها الآن، وهذا شيء صحي. فعندما يكون لنا أكثر من مشغل للإنتاج الروائي، ويكون لنا الوسط النقدي والإعلامي الكفء فإن روايات متميزة ستخرج لتفصح عن قوتها وفرادتها.
س: هل لك مشروعك في كتابة القصة والرواية؟.
ـ نعم، أظن أن لي بصمتي الخاصة في الكتابة القصصية، وأنني أسير على وفق منهج ورؤية أنضجتهما من خلال تجارب في الكتابة منذ أكثر من عقدين، غير أن ملامح وأسس هذا المشروع في الحقل الروائي لم تتوضح بعد في الساحة الإبداعية، لأنني ببساطة لم أنشر أعمالي التي تفصح عن ملامح هذا المشروع. في "غسق الكراكي" هناك أشياء منها، غير أن روايتي "الطرائد" على سبيل المثال، وهي مخطوطة أقوم بوضع اللمسات الأخيرة عليها هي خطوة حاسمة في هذا السبيل، بدأت بكتابتها في العام 1994 وأنجزتها بعد سنة، ثم عدت قبل مدة وأعدت كتابتها، أدخلت شخصيات وأحداثاً جديدة، أستطيع القول أن الرواية اكتسبت صياغة مختلفة ورؤية أعمق، وفيها أصور حياة شخصيات ممثلة لشرائح اجتماعية ولا سيما شريحة المثقفين منذ خمسينيات القرن الماضي وحتى بداية التسعينيات. وكذلك الأمر مع رواية "غبش الرحيل" وهي مخطوطة منجزة أبحث لها عن ناشر.. في هذه الرواية الأخيرة استخدمت تقنية أخرى، وأخطط لأعمال مكملة في ضمن هذا المشروع. أما أهم توجهاتي فيه فهو محاولة رصد تاريخنا الاجتماعي والثقافي والسياسي من خلال نماذج ـ شخصيات وعائلات ـ خبرتها وعايشتها منذ طفولتي. وأسعى مع كل عمل جديد إلى إنضاج وتعميق رؤيتي الفنية، وعبرها رؤيتي إلى العالم.
س: كيف تقرأ الواقع الثقافي العراقي الراهن، وكيف تقيم مستقبله على وفق الخارطة السياسية المختلفة التضاريس والمناخات؟.
ـ واقعنا الثقافي الراهن في مرحلة مخاض صعب.. يدور اليوم ما أستطيع أن أسميه صراع حول المرجعيات والمفاهيم والقناعات، وهو صراع مصيري وقاس يتوقف عليه مستقبل الأمة الحضاري.. أظن أن ما يحصل في راهننا العراقي، والعربي أيضاً، ضروري على الرغم من الخسارات والإحباطات لحسم أمر تاريخي وهو أن نكون أو لا نكون..
هناك تلكؤ وتردد عند شريحة واسعة من مثقفينا لخوض الصراع وحسمه، هناك إخفاق وشعور بالاغتراب واليأس والخوف أيضاً.. بعد أن فقد المثقف سنده الاجتماعي المتمثل بالطبقة الوسطى المدينية التي تزعزع موقعها ومن ثم قيمها أمام طوفان القيم العشائرية والطائفية والعرقية الضيقة والمواقع الجديدة التي حصل عليها دعاة تلك القيم في مناخ الفوضى أو بقوة السلاح.. وعلى الرغم من كل ما قلت، أنا متفائل.. نحن شعب حي، يحب الحياة، ويمتلك قدرة على الإبداع، وأرضه أرض خير ووفرة، وثقافته ذات جذور راسخة.



#سعد_محمد_رحيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هيرمان الساحر
- أدب الرحلات والشرق المفترض
- السيرة الذاتية: حضور الوثيقة ومناورات الذاكرة
- المثقف وخانق السياسة
- نصف حياة - نيبول - نموذج للرواية ما بعد الكولونيالية
- أدب ما بعد الكولونيالية: إتساع المفهوم وتحديدات السياق
- إخفاق المثقفين
- خطاب السلطة.. خطاب الثقافة
- الفاشية واللغة المغتصبة
- الفكر النهضوي العربي: الذات، العقل، الحرية
- اغتراب المثقفين
- في الثرثرة السياسية
- ماذا نفعل بإرث إدوارد سعيد؟
- أدب ما بعد الكولونيالية؛ الرؤية المختلفة والسرد المضاد
- الأغلبية والأقلية، والفهم القاصر
- قيامة الخوف: قراءة في رواية( الخائف والمخيف ) لزهير الجزائري
- الرواية والمدينة: إشكالية علاقة قلقة
- المجتمع الاستهلاكي.. انهيار مقولات الحداثة
- العولمة والإعلام.. ثقافة الاستهلاك.. استثمار الجسد وسلطة الص ...


المزيد.....




- إيطاليا: اجتماع لمجموعة السبع يخيم عليه الصراع بالشرق الأوسط ...
- إيران ترد على ادعاءات ضلوعها بمقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ ...
- بغداد.. إحباط بيع طفلة من قبل والدتها مقابل 80 ألف دولار
- حريق ضخم يلتهم مجمعاً سكنياً في مانيلا ويشرد أكثر من 2000 عا ...
- جروح حواف الورق أكثر ألمًا من السكين.. والسبب؟
- الجيش الإسرائيلي: -حزب الله- أطلق 250 صاروخا على إسرائيل يوم ...
- اللحظات الأولى بعد تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL قرب مطار ا ...
- الشرطة الجورجية تغلق الشوارع المؤدية إلى البرلمان في تبليسي ...
- مسؤول طبي شمال غزة: مستشفى -كمال عدوان- محاصر منذ 40 يوم ونن ...
- إسرائيل تستولي على 52 ألف دونم بالضفة منذ بدء حرب غزة


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - سعد محمد رحيم - حوارمع سعد جاسم أجراه بلاسم الضاحي