|
ماهي مواصفات المرأة المطلوبة قبل الزواج في المجتمع العربي- سورية مثالاَ-
فلورنس غزلان
الحوار المتمدن-العدد: 1383 - 2005 / 11 / 19 - 15:31
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
ــ الزواج هو الاطار الاجتماعي لبناء أسرة، باعتبار أن الأسرة هي نواة المجتمع الأولى، والتي يقوم عليها تأسيس مجتمع ما أما ماهية هذه العلاقة ، وكيف يتم اختيار كل طرف للطرف الآخر من الزوجين..فهنا تكمن المعضلة..وهذا هو الجانب الذي سأطرحه وأحاول القاء الضوء عليه بشكل أكثر واقعية، كونه يحمل من السلب أكثر منه الايجاب، ولكي نصل بالمجتمع الى توازن أكبر وقدرة على مواجهة المشاكل التي تعترض الزواج والأسرة، اذن ماهي الكيفية التي يقوم عليها اختيار الزوجين لبعضهما ـ أو اختيار الزوج لزوجته بالأحرى ـ وعلى هذا الاختيار يقوم البناء الأسري السليم لحياة مشتركة تنعم بالهدوء والسعادة والاستقرار، كما تعطي نموذجا واضحا وصورة صادقة عن المجتمع الذي نعيش ومقدار تطوره الاقتصادي والسياسي بين المجتمعات في العالم. ان تركيبة المجتمع العربي ( السوري مثلا )، لاتسمح باقامة علاقة بين الرجل والمرأة قبل الزواج لأسباب عديدة نعرفها ...أولها الدين وتاليها ...التقليد والعرف السائد ...الخ، وهذا بحد ذاته يعطي محدودية كبيرة لمقدار تقارب وتعارف الزوجين عن كثب قبل اقترانهما ، وعلى الزوج وحده تقع مسؤولية الاختيار الأولى، فهو من يتوجه نحو المرأة بصفته الاجتماعية المرسومة له تقليدياً ك( رب للأسرة ) وكون الأسرة التي سيشكلها تعود اليه بالانتماء وتحمل اسمه العائلي، وله بالتالي كامل الحق في اختيار من سيكون لها شرف هذه المهمة! وعلى هذا الأساس يتم تركيزه على وريثة هذا الاسم ومكونة أسرته ــ بشكل عام ، الزواج بالنسبة للمرأة ، هو نوع من الحماية الاجتماعية ...لهذا تهيأ الفتاة منذ الصغر لتكون زوجة ، ويتم اعدادها أسريا واجتماعيا لهذا الدور، فتغرس في رأسها باكراً كل الصور لتكون( زوجة صالحة.. خجولة ..هادئة .. جميلة ...أم ...ربة بيت ..مطيعة ...صبورة ..خدومة ...مدبرة ..الخ ) كل مايخدم هذا الزواج المنتظر فان كانت تتمتع بمقدار ما من الجمال فان هذا يسارع في حصولها على " ابن الحلال " بوقت أبكر مما يبعث السرور في نفسها ونفس أسرتها قبلا " للتخلص من همها"، وعدم بقائها في وجههم " عانسا"، وهي الصفة التي تخشاها المرأة عندما تتجاوز سناً معينة، وتبقى سيفاً مسلطاً فوق رأسها طالما خف طارقوا الأبواب من أبناء الحلال...ومنذ بلوغها ثياب المرأة ، أي منذ السن الأولى للمراهقة ينصب همها وهم الأسرة بل الأم عادة .. على تلميعها جمالياً لتحظى ( بعريس لقطة ) ، فيصرف من أجل هذا الجانب مقدارا لابأس به من المال للزينة وابراز نقاط الجمال فيها ، كي يزيد هذا من حظها!!وخاصة لو حصلت على نسبة عالية أو حتى متوسطة من العلم، وان انتمت لأسرة عريقة اجتماعيا ، أو ميسورة الحال، فان هذا يزيد من فرصها..في اطار الصفقة التي ستعقد لاحقاً بين أهلها وبين عريس الهنا!!، لأن الأهل من سيقوم بالقرار النهائي، وليست هي.. بالطبع ستستشار ويؤخذ برأيها بعض الأحيان فالأمور لم تعد كسابق عهدها ، أن تساق للمسلخ ..عفوا الزواج الذي يرتضيه الأب ويختاره لها ..حسب من يدفع أكثر وفي سن مبكرة غالباً ...هذه الأمور خفت حدتها بفعل تطور المرأة وحصولها على التعلم والعمل غالباً رغم كل القيود التي مازالت تفرض على حركتها وتحاصرها في اطار حريتها ، سواء الشخصية أم العامة، الا أن مثل هذه الصور مازالت موجودة خاصة في أريافنا..، رغم مظاهر الحداثة التي تبدو ظاهرياً الا أنها مظاهر تتصل بالقشور السطحية ولا تتناول وضع المرأة الجوهري بل تقتصر على ...الحصول على بيت فاخر وحديث ... حفل ساهر للزواج ..وبذخ في الأعراس ...الخ ، وهذا يتناسب طردا مع المستوى المعيشي للزوج أو لأهل العروس، انما في الأوساط الفقيرة، والتي غزاها العلم والعمل.. صار الشرط الهام للزوج أن تكون المرأة " عاملة " رغم مافيه من تنازل عن دور الزوج الرجولي !! الا أنه بات ضرورة ملحة ..للحصول على مستوى معيشي لائق ومقبول للأسرة يمكنه حياله التغاضي عن عملها خارج المنزل!!..الا أن مازال التوازن الأسري يميل لصالح الرجل ، فالمرأة العاملة تعمل خارج المنزل وداخله ...ودورها مزدوج بل يكاد يكون حملها مضاعفا ومرهقا..عدا عن حرصها الشديد للاحتفاظ بالزوج والابقاء عليه خوفا من زوجة أخرى!! فالزواج بأكثر من امرأة مازال قائما ومحميا من القانون المدني " قانون الأحوال الشخصية " ، خاصة بعد أن يذبل شبابها وتنجب له الذرية المنتظرة، وتبني معه الأسرة التي يحلم.. ــ ثم هناك الاعلام.. ومايساهم فيه من اغراق في التخلف، واغراق في ترسيخ العادات ، التي تسيء للمرأة بالذات، وتحط من قدرها، لتجعلها مجرد شيء أو سلعة لارضاء الرجل وامتاعه، ونهايتها الحتمية أن تصبح ملكاً للرجل وتابعة له ، أو ملحقة به .. فكل وسائل الاعلام العربية بدل أن تطرح قضايا المرأة الاجتماعية من قوانين جائرة بحقها ( حرمان أبنائها من الجنسية، تعدد الزوجات، حقها في حضانة أولادها، جرائم الشرف، حقها في اختيار زوجها بنفسها ، حقها في الحب.. حقها في الحياة العامة من عمل وعلم ، حقها في المشاركة بالحياة السياسية للوطن وتقرير مستقبله ، فهي فرد في المجتمع لها ماللرجل وعليها ماعليه!! ، حقها في العمل مع المساواة في الأجر ..هناك العديد من الحقوق المهضومة والتي لايتسع المجال هنا لذكرها ) لكن الاعلام يساهم في توطيد وتكريس القوانين الذكورية التي تخدم مصلحة الرجل ، لأنه من وضعها ويمارس كل السلطات على أرض الواقع، ودور المرأة فيها مازال ثانويا ، فبدلا من أن يسعى الاعلام لحل مشاكل المرأة وخاصة القانونية منها ، يقوم بنشر وتلخيص دورها واختزاله بأنها أم ...مربية ...طباخة ... عروض أزياء ...محط اغراء ...أي اختزالها كجسد فقط، ــ الغريب في الأمر هو اسهام المرأة في تكريس الدور المرسوم لها أحيانا والقبول به، ونادرا ماتحاول الخروج على المألوف، بل ترضى بالخضوع والاستكانة وأحياناً نراها تمارس طقوس العبودية وتحني رأسها للريح التي تختزلها ككيان وكانسان، كل هذا يصب في تلازم الخوف معها كي لاتفقد سقف الأمان الأسري الاجتماعي ، ولاتصل للقب " مطلقة ، أو أرملة ، أو عانس" وما الى ذلك من تسميات تخشاها، الا أننا ولله الحمد نجد في أوساط النساء أصواتاً ترتفع وترفض المألوف وتثور عليه لتسير بالتالي مع المرأة أشواطا في طريق العدالة الانسانية، وكسر الطوق والحصار الاجتماعي المفروض عليها لتخرج نحو أفق الحرية اللازم ــ سؤال لابد من طرحه...لماذا يخشى الرجل المرأة الذكية عندما ينوي الزواج؟؟ ويفضلها جميلة ولو كان ينقصها مع الجمال العلم أو الثقافة أو الذكاء!! باعتقادي أن المرأة الذكية تشكل خطرا عليه ولهذا يخشاها...فماذا لو كانت جميلة وذكية؟؟؟ستكون بالنسبة له البلاء الأكبر .. عندما تحمل مثل هذه الصفات التي تبهره غالبا، فانه في هذه الحالة يفضلها عشيقة على أن تكون زوجة!! ـ أما الحب!! وشرط وجوده قبل الزواج.. رغم أنه تاريخي ولا مهرب منه ، ولو وضعوا أمامه كل عقبات الأرض وتقاليده وألبسوه ثوب الممنوعات والمحرمات، ورسم فوق جبينه" تابو " لكن انجذاب الجنسين أمرا محتوما وطبيعياً ، انما بكثير من القيود الصارمة، لكن ما أثار دهشتي في زيارتي للمرة الثانية وبعد انقطاع عقدين للوطن .. هو محاولة المرأة اليوم الالتفاف على المنع بكل الأساليب والطرق الملتوية ، والتي كان جيلنا آنذاك يأخذه الرعب من استخدامها...ربما ننتقد الفتاة بلجوئها لأساليب الخداع الاجتماعية، وكي تهرب من عين الرقيب الأسري على تصرفها وسلوكيتها لتلتقي بالحبيب ...لكني أعذرها ..وأعتبر أن انعدام الثقة بينها وبين الأهل هما السبب الذي دفعها للتحايل والغش ...وليس لديها من وسيلة ..وتقول احداهن ...هم يريدوننا أن نكذب فلنفعل!! ، لكن السؤال المطروح أيضا هل يقترن الزواج بالحب غالبا ...ربما ...لكنه يختار طريقا وقدسية لمن يحبها ويريدها زوجة!! ورغم كل التحايل ، فان امكانية التعارف تبقى محدودة ، وغالبا ماتحصل الصدمة بعد الزواج، حيث أن مثل هذا النوع من الحب ، يحمل من الخيال والوهم أكثر منه الحقيقة والواقع ، فالحب الحقيقي ، هو حاجة الرجل للمرأة واحساسه بضرورتها الى جانبه وتقديره لها واحترامه لكيانها، لا رغبته في امتلاكها فقط والحصول عليها ، وكما يسمونها" الجوهرة المصون " وحينها يختل التوازن ويحصل الشقاق وتصاب المرأة غالباً بالخيبة ...فبين الحلم والواقع مسافات.. وخاصة لو كان لدى الرجل بعض النواقص ، وتمتعت المرأة بقوة الشخصية والحكمة والذكاء ...فحينها سيحاول اظهار السيطرة والسيادة والامتلاك ، أو العكس عندما تصل المرأة الى مقدار من الاحترام من الزوج والتقدير لدورها الهام بحياته فتنعت حينها " بالمرأة المسيطرة " وهوبالرجل " مسلوب الارادة"!! وبهذا يبقى المستوى الثقافي والتوازي فيما بينهما هو نقطة الارتكاز الى جانب العاطفة والحب طبعا...لكن بيننا وبين هذا أيضا مسافات لابد لنا من السير طويلا لاجتيازها والوصول الى بر الأمان...وللحديث بقية ربما ........
#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ابنة البعث.. عضوة في - مجلس الشعب السوري - تخطب ود ابن لادن،
...
-
طفلة في ميزان التاريخ
-
قراءة لبعض النقاط التي وردت في خطاب الرئيس السوري - بشار الأ
...
-
أنت......أنا ......نحن
-
ماهي أسباب أحداث الشغب في ضواحي المدن الفرنسية، وماهي النتائ
...
-
في وطن الحكايات
-
أنخاب الحياة
-
المفتاح -الحل - بيد رئيس الجمهورية السورية
-
لن أبقى هنا
-
هل يقدم النظام الشعب السوري أضحية لينقذ أزلامه؟!!
-
نواح الدم
-
لعروس الليل
-
كروم
-
وجه أمي
-
حباً بالحياة ونصرا على الموت
-
رد على السيدة ماجدولين الرفاعي
-
بداية للنهاية
-
رســالة لرجــل شــرقــي
-
الى جبـــل الشـــيــخ
-
في السادس من آب ماتت هيروشيما، وعاشت هيروشيما
المزيد.....
-
وزارة المالية : تعديل سن التقاعد للنساء في الجزائر 2024.. تع
...
-
المرأة السعودية في سوق العمل.. تطور كبير ولكن
-
#لا_عذر: كيف يبدو وضع المرأة العربية في اليوم العالمي للقضاء
...
-
المؤتمر الختامي لمكاتب مساندة المرأة الجديدة “فرص وتحديات تف
...
-
جز رؤوس واغتصاب وتعذيب.. خبير أممي يتهم سلطات ميانمار باقترا
...
-
في ظل حادثة مروعة.. مئات الجمعيات بفرنسا تدعو للتظاهر ضد تعن
...
-
الوكالة الوطنية بالجزائر توضح شروط منحة المرأة الماكثة في ال
...
-
فرحة عارمة.. هل سيتم زيادة منحة المرأة الماكثة في البيت الى
...
-
مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %
...
-
نيويورك تلغي تجريم الخيانة الزوجية
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|