|
واشنطن .. عاصمة البحرين السياسية!!
عادل مرزوق الجمري
الحوار المتمدن-العدد: 1382 - 2005 / 11 / 18 - 11:33
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
لماذا تمتدح الولايات المتحدة التجربة الإصلاحية في البحرين؟، ولماذا هدد NDI "فرع البحرين" الجمعيات السياسية البحرينية بالمقاطعة إن هي رفضت التسجيل في قانون الجمعيات؟ وما الذي نفهمه من تصريحات السفير الأمريكي في مقابلته السياسية حيال التجربة الإصلاحية في البحرين، وما الذي نستطيع فعله لنجبر الأمريكيين على مرجعة خطابهم السياسي حيال تجربتنا السياسية؟ وهل كان رئيس جمعية الوفاق الوطني الإسلامي الشيخ علي سلمان يعني ما يقول حين قال أنه في جمعيته لا يراهن على الأمريكيين أو مساندتهم؟. أسئلة ملحة سنحاول أن ندور في فلكها عبر هذه القراءة. الولايات المتحدة بوصفها "عسكرة إقتصادية": "ليس هناك من بلدين تعمل فيهما سلسلة مطاعم ماكدونالد سبق وأن دخلا حربا مع بعضهما البعض"، تذهب الاستراتيجيات المعلنة لوزارة الخارجية الامريكية خلال السنوات الثلاث الماضية نحو إتجاه جديد متنامي أُفَضِلُ تمثيله بـ "عسكرة الإقتصاد الدولي". منذ عام 1995 وتحديداً في جنيف يوم إنطلاق ميثاق منظمة التجارة العالمية WTO كانت أولويات السياسة الخارجية الامريكية تعتمد على محور التجارة الدولية المفتوحة والإقتصاد الحر، إلا ان أحداث سبتمبر نقلت الإهتمام من هذه الأولية التقليدية الى إعتبار الأمن القومي هو محور "اللانظام العالمي الجديد"؟. اعتمد هذا اللانظام العالمي الجديد منذ عهد الرئيس بوش الأب على أن الدول التي ترتبط فيما بينها بعلاقات تجارية واقتصادية لا يمكن أن تدخل في حروب مع بعضها البعض، وأن الإقتصاد الجيد والنظام المالي المفتوح هو الطريق الى الإستقرار السياسي. وكذا سارت الامور في عهد الديمقراطي كلينتون بل إنتعشت إلى حدود التخمة في مؤسسات المال الأمريكية. إلا أن تقرير استراتيجية الامن القومي للولايات المتحدة الامريكية الصادر في سبتمبر 2002 قلب الموازين، الأمن وبالتحديد "أمن تدفق الطاقة" هو في الأولى في سلم الإعتبارات السياسية للخارجية الامريكية، وهكذا تعمد إدارة بوش الى تعريف الإلتزام الدولي لها بلغة العلاقات الثنائية مع الحلفاء الذين يتميزون بالاهمية الإستراتيجية، والمواجهة الشاملة مع كل عدا ذلك تقريبا. (جون مجواير 2003). ليست الخيارات السياسية هي المحرك الوحيد والذي يمثل المحرك "الصفوة" للخاريجية الأمريكية، تجارب مثل الأرجنتين وروسيا فشلت رغم أنها لم تمر بما يعكر تجربة الإقتصاد الحر سياسياً، إلا أنها كنماذج راهنت عليها الولايات المتحدة لم تفلح لسبب لازالنا لا نستطيع تفهمه، الأرجنتين على وجه الخصوص التي كانت تسمى بالطفلة المدللة للإقتصاد الامريكي لم تستطع الوفاء بتسديد ديونها للبنك الدولي، مما دعا أحد كبار الموظفين لتسمية أخر العقود الدولية مع الارجنتين بعقد الطلاق. لا يمكن للولايات المتحدة أن تترك الأسواق الكبيرة تتعرض للإنهيار، لكن ما مدى السيولة التي تحتاجها لإيقاف هذه الازمات في شتى أقطار العالم؟. وتبقى الإشكالية ان الولايات المتحدة لن تمد يدها إلا الى الحلفاء الإستراتيجيين، بمعنى ان وزارة الدفاع من سيحدد أي الدول تستحق الدعم وأي الدول هي خارج الإهتمام بل هي في مواقع التهميش او العداء. وهذا ما أجبر الشركات الامريكية لتقوم بتوظيف خبراء عسكريين في طواقمها التخطيطية الإستثمارية، بما يعطيها أكبر الضمانات اللازمة لتأكيد أمن الأسواق التي ستتجه لها، وأنها لن تكون تجارب فاشلة كالتجارب الصينية أو الروسية في الثمانينات والتسعينات، إذ خسرت الشركات متعددة الجنسيات الكثير جراء الانظمة التجارية الصينية والتعقيدات التجارية في روسيا لازالت في ذاكرة الأمريكيين. البحرين نموذجاً للشرق الأوسط الكبير: ثمة ثلاثي "العراق، قطر، البحرين" يمثل نموذجاً تسويقياً رائداً للحكومة الأمريكية بوصفها –في الميزان الإعلامي الدولي- نماذج حية لمشروع الشرق الأوسط الكبير. إذا ما جمعنا مظاهر أنتشار خطاب الإصلاحات السياسية في البحرين مدعما بالصورة الدولية التي تتحدث عن البحرين بوصفها دولة إنتقلت حديثا لملكية دستورية ديمقراطية رائدة، وإذا ما أضفنا البعد الإقتصادي الذي بدأ في النمو بشكل مقبول نسبياً، فإنه لابد للولايات المتحدة بالضرورة أن تراهن على هذا النموذج، بل أن تتبناه بصفته "نموذجاً حياً لمشروع الشرق الأوسط الكبير". إذا ما تتبعنا مجمل الخطاب السياسي الأمريكي بدأً من الرئيس الأمريكي مروراً بالسفير الأمريكي، وصولاً لمكتب التمثيل المدني والتنموي الديمقراطي للتجربة البحرينية NDI فإننا بلا شك ندرك أن الولايات المتحدة تراهن عل التجربة البحرينية وأن دعم التجربة والدفاع عن نجاحاتها يعتبر خياراً سياسياً ودبلوماسياً إستراتيجياً، هذا ما جعلها مؤخراً تحل مكان لندن "العاصمة التاريخية للمعارضة البحرينية"، والتي تتجه على يبدو –خاصة بعد إرهاب القطارات- نحو الفكاك من كمل ما هو إسلامي أو عربي. ما بقت البحرين آمنة لتدفق وإنسياب رأس المال العالمي، وما بقت دوليا تتمتع بالحضور السياسي المتمثل بالملكية الدستورية الديمقراطية، فإن الولايات المتحدة لن تنتج خطاباً مغايراً عما هي تنتجه الآن، والمعارضة البحرينية في هذا السياق تقبع في منطقة خطرة. "المقاطعة" أداة ضغط وكلام غير مسؤول!! بالطبع، لي أن أصف مجمل الخطابات المحذرة من قبل مراكز القرار في السفارة الأمريكية و NDI والذاهب إلى التهديد بمقاطعة الرباعي الحرج في الخارطة السياسية البحرينية إن هو رفض التسجيل بأنه خطاب غير مسؤول. ليست الولايات المتحدة بالإمبراطورية المغلقة، ولم يشهد التاريخ الأمريكي برمته صورة للمقاطعة السياسية بالمفهوم الذي روج له السفير الأمريكي أو السيد فوزي جوليد، ولابد أن أي متابع بسيط للشأن السياسي البحريني هو مدرك تمام الإدراك بأنه لا يمكن أن نتحدث عن خيار إصلاح سياسي لا تشارك فيه القوى الإجتماعية، خاصة الدينية منها، والذي تمثله بالصورة الأكبر "جمعية الوفاق الوطني الإسلامية"، كما لا يسعنا إهمال الحضور النخبوي الهام لجمعية "وعد"، فلا حديث عن إصلاح دون دخول هذه الأطراف في هذه العملية الإصلاحية، وأي كلام عن إهمالهم أو إعتبارهم أجزاء غير معترف بها، هو كلام يحكمه الخيال لا السياسة. لابد أن نحيل من هذا الخطاب إلى زاوية قارة تتمثل في ممارسة الضغوط السياسية، إلا أن الآلية التي إتبعتها السفارة الأمريكية كانت آلية تقليدية لا ترقى في حقيقتها إلى ما وصلت له الدبلوماسية الأمريكية. الإئتلاف الوفاقي الوعدي الأمريكي: لعلها أحرج الزوايا، إذ نحاول سبر العلاقات السياسية بين هذا الثلاثي الخطر (الولايات المتحدة، جمعية الوفاق، جمعية وعد)، يمكننا ان نتناول سبر هذه العلاقة في السياق التالي: أولاً: لابد للمعارضة البحرينية أن تدرك أنه ليس ثمة عاصمة سياسية للمعارضة البحرينية اليوم، فالعاصمة التاريخية "لندن"، أخذ دورها في الإنحسار، وليس اللورد إيفبري اليوم سوى دلالة بسيطة عن إهتمام شخصي لا أكثر ولا أقل، كما ان البحرين اليوم هي تحت الرعاية الأمريكية مباشرة ولم يعد للحكومة البريطانية أي حضور سياسي أو إعلامي في البحرين. ثانياً: إن صورة هذا التحالف الوهمي صورة تتسم بخيانة المشاهد، فالتكوين الديني للوفاق والتكوين اليساري لوعد عائقان رئيسيان أمام تمام هذا التحالف،في الحقيقة إن مخاف الدولة او إدعاءتها المتواصلة وشكواها المستمرة من لجوء المعارضة للخارج هو "محظ إفتراء"، فما يسمعه هؤلاء المعارضون في السفارة الأمريكية هو مطابق لما تنتجه أروقة الدولة، الفارق الوحيد أن الدولة لا تريد أن تسمع لهم، بينما تفتح السفارة الأمريكية أبوابها للجميع ولم تقطع الحوار يوما ما!!. ثالثاً: لابد للمعارضة ان تتفهم حقيقة قارة، وهي أن الحكومة البحرينية لن تقدم على إي إصلاح سياسي جديد –خاصة فيما يتعلق بالمشكلة الدستورية- دون موافقة وضمانة أمريكية في النهاية، وفي نفس الوقت فإن الأمريكيين لن يسمعوا من الوفاق ووعد سوى ما يريدون سماعه، ويبقى الحل النموذجي لهذه الإشكالية متمثلاً في الإعلام، فكما أن المعارضة البحرينية إستطاعت أن تصنع في التسعينات رأياً عاماً بريطانياً داعماً لها عبر الحوارات والتفعلات مع المؤسسات الإجتماعية والحقوقية والسياسية البريطانية(د.منصور الجمري2005)، فإن المعارضة اليوم مطالبة بأن توجه قنوات إعلامها تجاه المؤسسات السياسية والحقوقية والإجتماعية الأمريكية، وهذا ما أفضل أن أطلق عليه بخيار إستدراج الخارج إلى الداخل عوض الإستقواء المباشر بالخارج، وهذا ما يحتاج إلى نظام إعلامي متطور وفاعل داخل الجمعيات السياسية المعارضة. آخر الحديث: ليس من الحكمة أن نرفض الأمريكيين، بل الحكمة هي أن نلعب معهم بأدواتهم.
#عادل_مرزوق_الجمري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المجلس الأعلى للمرأة .. ضد المرأة!!
-
عندما تنهض المساجد والرياسة.. تسقط الأحوال والسياسة!!
-
-برامكة الإعلام- في البحرين: من منافسة السلطة، لمنافسة الناس
...
-
أوقفوا لعبة التاريخ!!
-
تونس العتيقة.. فسيفساء حتى الموت مللا
-
ستدك أسوارك يا دمشق!!
-
مفتاح الإقتصاد لأقفال السياسية!!
-
نعم للإصلاح بالخارج..
-
يسترقون السمع!!
-
الصحافة المدنية..ضمانة لحقوق الإنسان ونمو إقتصاده..
-
قناة الحرة وإذاعة سوا .. إجابة خاطئة!!
-
صحافة .. وسخافة!!
-
كيف تستفز الصحفيين!!
-
التسويق السياسي من خيار التأسيس لهوس المدافعة!!
-
المقهى - بوصفه مكانا آمنا للحب
-
المقاطعة بوصفها فعلا سياسيا لا عيبا تاريخيا
-
خفيفة في تاريخ البحرين ثقيلة على مستقبلها..
-
ما بعد الإمبراطورية الأمريكية
-
الصحافة المدنية والصحافات الأخرى
-
عقوبة واشنطن !!
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|