أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عيسى الصباغ - حدّثتني أشعارهم














المزيد.....

حدّثتني أشعارهم


عيسى الصباغ

الحوار المتمدن-العدد: 5094 - 2016 / 3 / 5 - 18:39
المحور: الادب والفن
    


حدّثتني أشعارُهم
عيسى الصباغ

ثمة سؤال يدور في الأذهان ، وربما شافهَ أحدهم به الآخر ، أو أورده احد الكتّاب في مدوّنة له ، ومفاده : لماذا انحصرت النبوّات في العرب تحديدا ؟
ويمكننا صياغة السؤال على نحو آخر : هل توافرت في الأقوام التي سكنت الجزيرة خصائص وخصال محمودة ، انحسرت وغابت في الاقوام الاخرى ؟
يبدو أن سكنة الجزيرة وما انطلق منهم في هجرات الى الشمال ، قد حظوا بعدد هائل من القيم الفاضلة ، وقد بلغت من الإشادة والتنويه ببعضها الى درجة أنها ارتبطت بشخصيات معينة صارت مضربا للأمثال ، وقد جُمعت هذه القيم تحت مسمى عام أو قيمة مركزية هي المروءة ، والمروءة كما تصرح المعجمات هي كمال الرجولة أو كمال الأخلاق ، فلم تكن حياة العرب مبنية على الثأر والغزو والمجون والشراب فحسب ، وإنما هذا جانب تشترك فيه جميع الأمم والشعوب آنذاك ، فلدى العرب خصال قلما تجتمع في شعب أو أمة ، إن لم تكن معدومة فيهم ، وقول الرسول الكريم : إنما بُعثت لأتمم مكارم الاخلاق . يدل على أن هناك أخلاق كريمة ، وأعراف إنسانية راقية وقد بُعث لإتمامها ، وقد انعكست تلك القيم والأخلاق في أشعارهم ، فقد ورد في المرجعيات العربية قول الشاعر الجاهلي عُبيد بن الأبرص :
لعمرك إنني لأعفّ نفســـــي .... وأستر بالتكرّم من خصاص
وأكرم والدي وأصون نفسي .... وأكره أن أعدّ من الحراص
والحراص جمع حريص وهو البخيل الشديد البخل .
وقد كان العرب في جاهليتهم يُحسنون معاملة الأسير ، ويمدحون من يفدي أسيرا ، ويتغنون بفضائله ، يقول زهير بن أبي سلمى مادحا هرم بن سنان الذي أوقف حرب البسوس وعوّض قتلاها بديات منه :
أليس بضرّاب الكماة بسيفه .... وفكّاك أغلال الاسير المقيّدِ
وعلى النحو نفسه يقول تأبّط شرا :
وجدتُ بن كرْزٍ يستهلّ يمينه .... ويُطلق أغلال الاسير المكبّلِ
كان هذا قبل 1500 سنة من معاهدة جنيف حول معاملة الأسرى .
ومن خصال عرب الجاهلية كفالة الارامل والأيتام ، وقد مدحوا من يُعيل أرملة ويكفل يتيما .
يقول أبو طالب مادحا الرسول (ص) :
وأبيض يُستسقى الغمام بوجهه .... ثمال اليتامى عصمة للأراملِ
وترثي الشاعرة ناجية أباها بالقول : ألفيته مأوى الأرامل والمدققة اليتيمة .
ومن خصالهم الحياء وغض الطرف .يقول عنترة :
وأغضّ طرفي ما بدت ليَ جارتي .... حتى يواري جارتي مأواها
ومن الخصال الحميدة التي تشبّعت بها نفوسهم : الإيثار والكرم والمشاركة الوجدانية ، وبذل المعروف ، ورد في تلك المرجعيات أن عبد الملك بن مروان قال : ما يسرّني أن أحدا من العرب ولدني ممن لم يلدني إلا عروة بن ورد لقوله :
إني امرؤ عافي إنائي شــركة .... وأنت امرؤ عافي إنائــك واحـــــــدُ
أقسّم جسمي في جسوم كثيرة .... وأحســــــو قِـراح الماء والماء باردُ
ومن العيب عندهم أن يبيت أحدهم وجاره جائع ، لذا فقد بكى الشاعر علقمة الفحل حينما سمع هجاء الاعشى في قومه إذ يقول :
تبيتون في المشتى ملاءٌ بطونكم .... وجاراتكم غرثى يبتْنَ خمائصا
أي جائعين . ومن فضائلهم الوفاء والالتزام بالكلمة ، وقصة السموأل والتزامه مشهورة ، فقد صحّى بابنه ولم يُعطِ قوسا كان امرؤ القيس قد أودعه لديه .
هذه الحياة القائمة على احترام العرف الاجتماعي والتزام القيم الفاضلة عُرف بها العرب في جاهليتهم ، ولهذه الخصال وغيرها ظهرت فيهم النبوات ، فكيف كان الأمر لدى الأمم الأخرى .يحدّثنا الرحالة أحمد بن فضلان في رحلته الى بلاد الترك والروس والصقالبة عن أولئك الاقوام - علما أن رحلته كانت في زمن الخليفة المقتدر سنة 310 هـ فهو يصف الروس بأنهم ( أقذر خلق الله لا يستنجون من غائط ولا بول ولا يغتسلون من جنابة ولا يغسلون أيديهم من الطعام بل هم كالحمير الضالة يجيئون من بلدهم فيرسون سفنهم بنهر إتل ويبنون على شطه بيوتاً من الخشب.ويجتمع في البيت الواحد العشرة والعشرون ولكل واحد سرير يجلس عليه ومعهم الجواري الروقة ( أي الجميلة ) للتجار ( أي لبيعها للتجار ) فينكح الواحد جاريته ورفيقه ينظر إليه .) وكذلك يقول (ولا بد لهم في كل يوم من غسل وجوههم ورؤوسهم بأقذر ماء يكون وأطفسه وذلك أن الجارية توافي كل يوم بالغداة ومعها قصعة كبيرة فيها ماء فتدفعها إلى مولاها فيغسل فيها يديه ووجهه وشعر رأسه فيغسله ويسرحه بالمشط في القصعة ثم يمتخط ويبصق فيها ولا يدع شيئاً من القذر إلا فعله في ذلك الماء فإذا فرغ مما يحتاج إليه حملت الجارية القصعة إلى الذي إلى جانبه ففعل مثل فعل صاحبه ولا تزال ترفعها من واحد إلى واحد حتى تديرها على جميع من في البيت وكل واحد منهم يمتخط ويبصق فيها ويغسل وجهه وشعره فيها ) .
وفي موضع آخرمن رحلته يقول عن شعب آخر من الصقالبة :(وإذا مرض منهم الواحد ضربوا له خيمة وطرحوه فيها وجعلوا معه شيئاً من الخبز والماء ولا يقربونه ولا يكلمونه بل لا يتعاهدونه في كل أيام مرضه ولا سيما إن كان ضعيفاً أو مملوكا ، فإن برئ وقام رجع إليهم وإن مات أحرقوه فإن كان مملوكا تركوه على حاله تأكله الكلاب وجوارح الطير ) .






#عيسى_الصباغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خلف ابن أمين والربيع العربي
- مباهج الذكورة وتكريس سلطة الرجل
- هل للديمقراطية صكوك غفران
- شكوى خروف في الهوى لخروف
- بغداد صارت جنّة
- تمرّد الروح على قفصها الطيني .. مواجهات كازانتزاكي
- من أدبيات الفيسبوك .. خطاب الأسماء المستعارة
- مسرح الملائكة..أقوى معلم للاخلاق وخير دافع للسلوك الطيب


المزيد.....




- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عيسى الصباغ - حدّثتني أشعارهم