محمد مسافير
الحوار المتمدن-العدد: 5092 - 2016 / 3 / 3 - 20:06
المحور:
كتابات ساخرة
أنا يا سادتي... من أولئك الذين يستلطفون الخلوة، ليس الخلوة الشرعية، معاذ الله، إنما أعني الخلوة النفسية، لا أدعي أني فيلسوف، أبدا... فأنا أكثر من ذلك بقليل !
أسرح فيها بمخيلتي، أرتحل بها حيثما أشاء، أفكر في شيء بعينه، أزيغ عنه وقتما أريد... وفي آخر خلوة لي، استطعت اكتشاف دواء للشيخوخة، كتمت السر، علَّني ألقى تعويضا أو أضمن براءة اختراع، ذهبت إلى المصالح الإقليمية والجهوية، حاولوا كلهم استدراجي إلى البوح، لكني بقيت صامدا دون أنبس...
قررت أخيرا شد الرحال إلى العاصمة الرباط، لكني بقيت لحظة حائرا في أي جهة مختصة في هذا الشأن، قلت في نفسي بعد تفكير عميق، إنها وزارة الصحة، ذهبت إليها، أبَوْا استضافتي، اعتصمتُ أمام الباب الكبير، سألني أحد الحراس في فضولٍ:
- ماذا دهاك يا هذا؟ ما مشكلتك...
- إن لي اكتشافا أريد أن أبْلغهُ للسيد الوزير !
- لكنك أخطأت القصدَ، المصلحة المكلفة بالاختراعات تابعة لوزارة الداخلية !
عملتُ بنصحه، اتجهت نحو وزارة الداخلية... وهناكَ استضافوني، حاوروني، أو بالأحرى استنطقونِي، حاولوا استدراجي إلى البوحِ باكتشافي، سألتهم عن الضمانات، قالوا: ألست وطنيًّا !
- بلى... أنا وطني.. لكن لي أسرة أعيلها، أريد ضمان منحة مالية تعيلني على الدهر !
- ليست لنا ضمانات !
خمنت طويلا... ربما وزير الداخلية يريد أن يستفيد من الدواء لوحده، يريد أن يخلدَ فيها، أو ربما يريد أن ينسب الاكتشاف لأحد أبنائه، فجأة تذكرت مخترع الطائرة وما حلَّ به، غمرني الرعب حتى عجزت عن إيقاف قفقفة ركبتاي !
وضعوا كيسا على رأسي، عملوا لي غسيل دماغ، ثم رموني بأحد أزقة أيت ملول !
استيقظت، وجدت نفسي ملقى قرب أكياس القمامة الخضراء، أحسست بتعب شديد وتثاقل مريب، استقمت بشق الأنفس، وبشق الأنفس وصلت إلى البيت...
وجدت غرفتي مبعثرة عن آخرها، قنينة الويسكي على الطاولة، وعلبة السجائر مع بعض لفائف الحشيش بقربها، والتلفاز لا يزال مشغلا وضجيجه يملأ البيت ! أدركت حالها أنها كانت خلوة فوق الطاقة...
#محمد_مسافير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟