|
الثقافة العربية جعجعةٌ بلا طحين،والعراقية ضيّعت المشيتين...!!
كريم مرزة الاسدي
الحوار المتمدن-العدد: 5089 - 2016 / 2 / 29 - 19:39
المحور:
الادب والفن
الثقافة العربية جعجعةٌ بلا طحين،والعراقية ضيّعت المشيتين...!!
كريم مرزة الأسدي
" وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ "
مقطع من قصيدتي " يالعبة الأقدار...!!" ، أكرره حتى الثمالة ...!! :
عَرَقٌ ،عِصَارَةُ فِكْرِنَا مـِنْ رَيِّهِ **** وَرَدَتْ ، فَـدَكّتْ خُــدْعَةَ الْمُتَبَلَّدِ يَا نِصْفَ قَرْنٍ صَدَّ مِنْ كَيْدِ العِدَى*** كَيْ تَقْفِزِيْ فَوْقَ الدُّجَى الْمُتَلَبِّدِ فَتَثَقّفَي بِالْهَابِطـَاتِ ، فَمَنْ دَرَى*** زَهْوُ الجّهُوْلِ يَضِيءُ مِمَّا يَرْتَدِي؟ يَا لُعْبةَ الأقْدَارِ لَا تَتَــرَدّدِي ***** زِيْـــدِي بَلَاءً مـَـــا بَدَا لَكِ وَانْكِدِي وَتَهَـوَّرَي مَا شِئْتِ أَنْ تَتَهَوَّرَي*** صُبِّي جَحِيْمَاً وَابْرَقي ثمّ ارْعـــدي بِيْعِي الشّهَامَةَ وَالْمُرُوْءَةَ وَابْخَسِي** وَبِصَوْلَةِ الْأشْرَارِ قُومِي وَاقْعُدِي لَاتَخْتـَـــــشِي مِنْ دَهْرِكِ مُتَقَزِّمَـــاً **** فَإذَا كَبــا قَزَمٌ بِحَــوْلِكِ صَعَّدِي
موضوع الثقافة العربية موضوع شائك ومتشعب ، كتب عنه كتـّاب العرب الكبار وفلاسفتهم ، منذ نيف وقرن من الزمان المعاصر البالي ! إذ لا مدلول لهذا المصطلح بشكله الموسع عند العرب والمسلمين في العصور الخوالي ، أخذ المعاصرون يطرحون موضوعات عديدة ، لك ما تشتهي منها ، وما لاتشتهي ! ( الهوية الثقافية )... (الغزو الثقافي )...(الأمن الثقافي )...(التنمية الثقافية )...( الطبقات الثقافية )...( الأستلاب الثقافي )... ، ناهيك عمّا ألفته الخاصة والعامة من إلصاق الثقافة على معظم الأمور الحياتية ( الثقافة السلوكية )...( الثقافة الصحية )...(الثقافة السياسية )...(الثقافة الشعبية )... (الثقافة النسوية )...الخ ، ولك أن تضيف عليها ما جاء بها هذا العهد العجيب الغريب !! ( الثقافة المتأسلمة) ، و( الثقافة المنافقة ) ، ( والثقافة اللصوصية) ، و( الثقافة التحريكية) ، و( الثقافة التسقيطية) ، عفوا فقط ( ثقافة سلطوية ) ، و( ثقافة تمسيحية ) ، و( ثقافة ارتزاقية) ...غير موجودة بعراق اليوم !!
نعود لما سبق السخر بالعهر ، والسخر يقرن بنقيضه الجد ، كما كنب المرحوم ابن زيدون رسالتيه ( الهزلية والجدية ) ، والجد يقول يجب احترام وإجلال الثقافة الصادقة ، ثقافة التضحية ، وثقافة الجهاد ، وثقافة الشهاد ، وثقافة الصدق ، وثقافة الوطنية الحقة على درب وحدة العراق ، والدفاع عن أراضيه المقدسة ، والظروف الحالية تقتضي التنويه ، بل تستوجبه ، والله خير الحاكمين ، وهو مولانا ونعم النصير . أقول عودا على بدء ، كلّ هذا وأكثر ، أسمع جعجعة ، ولا أرى طحنا ، ثم ما الجدوى من هذا ، دعنا عن الأكثر ، إذا لم يحرّك ساكناً ، ولا يسكـّن سالبا ، ولا يزيد موجباً ، ولا يُعرِّف بحقٍّ ، ولا يأتي بواجبٍ ؟! والأمور بعواقبها ، والعواقب كما ترى ، حالٌ دون حال ، لا نحن أحيينا حضارتنا البائدة ، ولا نحن غرفنا من الحضارة السائدة ، لذلك نحتاج إلى وقفة جريئة ، ومتأملة مع الذات الموضوعية ، فانا اتكلم عن الثقافة بعقلها الجمعي ، لا بالعقل الفردي ، ولا بالمردود النفعي الذاتي ، ولا أخالك من البساطة بمكان أن تحسب معدل ثقافة الجمع ، هو متوسط مجموع ثقافات الأفراد الذين يقطنون مكانا معينا في زمان محدد ، الأمر أعقد بكثير ، ولا يحسب بالحسابات الرياضية الضيقة ! فكم من مثقف واحد غيّر ثقافات شعوب بجمعها وشملها ، وكم من آلاف المثقفين يتصارعون ، لا غيّروا ، ولم يتغيروا ، الروابط الإجتماعية بإشعاعاتها الثقافية معقدة التشابك والتفاعلات والنزعات ، لقبول أو رفض ثقافة الإنسان الآخر ، وكل إنسان آخر له ثقافة أخرى ، ولو كان الفردان توأمين متماثلين ، يعيشان في بيئة واحدة ، بل في بيت واحد وغرفة واحدة ، فالعدد لا يحصى ، ولا أحسبك - ولا أدري منْ أنت؟ !! ، ولعلهم ويتفهمون ...!! وللضرورة أحكام - أن تخلط بين التعليم والثقافة ، فالتعليم بكل معلوماته ، وعلومه التطبيقية والنظرية والإبداعية بعض مضامين الثقافة، تستوعبه مع المزيد المزيد ، تنهم وتستزيد ،ومهما يكن من أمر نقول : نعم ... نحن إلى يومنا هذا ، في وضعية ثقافية لا نـُحسد عليها ، إذا ما قورنت بثقافات بقية الأمم المتحضرة ، وحتى الأدنى منها حضارة ، لا من حيث المضمون المكدوس ، بل من حيث التطبيق الملموس والمحسوس ! ، و بالرغم من وجود تفاوت نسبي بين الدول العربية في هذا المجال ، فثقافتنا عموما - وأخص العراقية من بينها - متهمة بالتقصير ولا قصور ! وعدم الانفتاح ، بل هي منحازة حتى التعصب الأعمى ، وعلى أعلى المستويات القيادية والمسؤولة في المجتمع منذ عهود وعهود ، وفي جميع الإتجاهات ، فلا يفكر مثقفنا - والتعميم غير سليم - ولو على سبيل الأستعداد للتقارب وقبول الرأي المغاير لمواطنه المحاور ، فكل ما يملكه وتعوّد عليه ثقافة استبدادية إلغائية تتسم بقذف التهم للغير ،و التهم جاهزة ، بجميع أشكالها القاسية والحادة ، وكل الاتهامات المتعددة ، والقناعات المتولدة - في الأغلب الأعم - قد بُنيت على أوهام وأقاويل وشكوك ، دون أي أدلة قانونية ، ولا حجج منطقية ، ولا تجارب حياتية وبلا روادع أخلاقية ، فكلكم تعرفون التنظيمات السياسية المتكتلة حول نفسها ، والطوائف الدينية المتصارعة فيما بينها ، والأعراق الإثنية المتقوقعة على ذاتها ، والجهات المناطقية المتنافرة عن بعضها ، وقلما يخلو منها قطرعربي واحد ، وهذه الأقطار المنعوتة بالعربية تتجاذبها الصراعات ، وتحاك منها المؤامرات ، سرّاً ، ولا يخجلون ، وكلٌّ بما لديهم فرحون ، ولو كره المخلصون ! , وكلّ من يتطلع الى الإنفتاح ، يُرمى بعدم الإلتزام ، والتذبذب ، والازدواجية والخروج عن الصف ، والمصلحة العليا للأمة... ، فإذن نكرر، ما جدوى الثقافة أن نحملها ، ونزعم التعلق بتلابيبها ، إذا لم تكن مشروعا وطنيا خالصا ، وإنسانيا شاملا ، وعربياً جامعا ، تذيب الفوارق ، وتكسر الحواجز ، وتخلق المعاجز ، وتنفتح على الرأي الآخر ، إعلاميا وثقافيا ، دون تشنجات أومشاحنات ، أوصراعات غير مشروعة ، وفق التوازنات المدروسة والمتعقلة للقضايا المفصلية المؤثرة عليها ، وبالتحديد السياسية والدينية و المصالح المادية - للمثقف والأخر - السائدة في المجتمع ، بلا خضوع مُذل ولا تهور مُخل ! ، وتشرع - وأعني الثقافة - ببناء مراكز بحوث علمية دقيقة ، يُعتمد عليها إحصائياً لفض النزاعات والمعوقات والإشكاليات ، ومعرفة آراء الناس وتطلعاتهم ومطالبهم ، وتحقيق ما يمكن تحقيقه منها ، وفي الحالات ذات الأهمية القصوى لتغييرالمسار سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا ...، يُلجأ إلى رأي الشعب بأغلبيته البسيطة عن طريق أوراق الانتخابات ، لا عن طريق رصاص الرشاشات ، كما يحلو لبعضهم ! و يبقى الدستور والقانون فوق الجميع وقبل الجميع ، هذا كلّه - ربما تعرفه فأذكر - وأكثر منه ، لا يتمُّ ولن يتمَّ دون أن يكون المثقف الحقيقي المبدع المتفهم لواجبه الأخلاقي ، مشاركا حقيقياً في صنع القرار، لرفد الحضارة والازدهار ،غير مُهيمَن عليه بسياسة التبعية والاحتواء ، إنْ لم نقلْ الازدراء ، وإلاّ فأستميحكم عذرا ، نحن - وكل منـّا - على الأغلب : كالعيس ِ في البيداءِ يقتلها الظما*** والماءُ فوقَ ظهورها محمولُ وكلّ يدّعي وصلاً بليلى *** وليلى لا تقرُّلهمْ بوصل ِ (الماء) و (ليلى ) استعارتان تصريحيتان محسوبتان لديَّ عن الثقافتين الجمعية والفردية على التوالي ، والأشعار - كالأمثال - تضرب ولا تقاس ! اللهم لا يأس ، فالأمم الحية - ومنها أمتنا - ، والشعوب اليقظة - ومنها شعبنا - تترقب الآمال ، وتنظر إلى غدها بتفاؤلٍ واطمئنان ، وتسعى للأعمال الحميدة ، والأقوال المفيدة ، ولا أنفي الأقوال ، و لا أستخف بها تحت ذريعة الأعمال ، فلا بد أن يكون للكلمة شرف ومعنى والتزام واحترام ، والأحترام موصول للإنسان ، لأنه في مفهومنا عمل ووجدان ، والمثقف من يستطيع أن يوازن بينهما بالتمام والكمال ، والله الموفق في كل الأحوال !!!
#كريم_مرزة_الاسدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقاطع من قصائدي بين الذوق العربي وذمّة التاريخ..!!
-
جولة نحوية بين ابن السكيت والمبرد وثعلب
-
3 - الجَّوَاهِرِي خَطْفَاً... صِرَاعَاتُهُ مَعَ مَوْلِدِهِ و
...
-
8 - هذا ابن زيدون أخيراً :أَضْحَى التَّنَائِي بَدِيْلاً مِنْ
...
-
2 - الجواهري:أجب أيها القلبُ ،وأزح عن صدرك الزّبدا....!!
-
7 - ابن زيدون : يَجْرَحُ الدَّهْرُ وَيَأسُو
-
1 - الجواهري ب-ذكرياتي- يجرّني إلى ابن الرومي وبودلير !!
-
البحرالخفيف : يَا خَفِيْفَاً كَمْ رِقَّةٍ مِنْ خَفِيْفِ
-
اشْدُدْ بِأزْرِكَ كَيْ تَكُوْنَ الْغَالِبَا
-
6 -ابن زيدون بين موقفٍ ضيّعهُ وشعرٍ أبدعهُ
-
5 -انتصاراً للمرأة العربية،المجتمع الذكوري إلى أين ؟!!
-
قصيدتان للشهيدة البطلة أشواق النعيمي وحدبائها :
-
قلمي يحاورني،و(رملٌ) بحرُهُ * (متوفّرٌ) كالرملِ ، فتحٌ ضرّهُ
-
ليسقط العراق، قرار قرن من الزمان ...!!
-
5 - ابن زيدون بين ابن عبدوس والولّادة ،الخاطفُ والمخطوف...!!
-
البياتي إلماماً بين باب الشيخ والحلاج وابن عربي فمقبرته !
-
4 - ابن زيدون عاد يُبكينا، والولادة لِمَن يشتهيها...!!
-
إشكالية التعصب للنسب في الشعر العربي ما له وما عليه
-
قصيدة وبيان ، وصرخة تحدي وألم وأمل
-
3- الحبوبي بكأسه ، والجواهري بعريانته للوصول لابن زيدون وولّ
...
المزيد.....
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
-
تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر
...
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|