أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزة رجب - أشياء المنضدة !














المزيد.....

أشياء المنضدة !


عزة رجب
شاعرة وقاصّة ورائية

(Azza Ragab Samhod)


الحوار المتمدن-العدد: 5089 - 2016 / 2 / 29 - 07:46
المحور: الادب والفن
    


أشياء المنضدة


• وحيداً تفتحُ أزرار قميصك للريح، تترك يمامتك البيضاء تهدل بصوتها على شرفة اغترابك، تفتح كفيك سخاء لقمح الحب، لعل العالم يسمو كما يشتهي جناحها المسالم، تترجم كسادنا الأخلاقي في سجنك الانفرادي، تكتبُ مأساتنا الخالدة في دفاتر صمتك المهيب، وكأن رحم الكلمات ما أنجب إلا سبع لغات عجافٍ، عجزت عن الاتيان بصيغة تناسب حجم أوجاعنا اليومية...

• وحيداً بين أشياء المنضدة الغائبة عن الوعي، والوجود، الهامسة في سكون الريح، الواقفة بصمود عتيدٍ قبالة الوجوه الفرحة والحزينة، المُثقلة بعتاب الملامح التي تكتم أسرار الغرباء في نخاعها، وتقبل أن تخدش الأنامل الغاضبة لحاء وجهها مقابل الاصطفاف على صدر أوجاعها... فمتى تأتي السنبلات الخضر لتعلن موسماً مليئاً بالحب؟ معفراً بالحناء، يجتاح سماء العالم، ويعلن بدء عصور الإنسانية، لتكمل نجمة تتريت طريقها نحو الفجر...

• المائدة التي يتسع صدرها لشتى صنوف الأكل، يتسع وجهها لكل تعابيرنا الهلامية، الماهرة في التمدد والانكماش، والبوح بأحاديث الروح، تفترش أوجاعك على مُحياها، تتسرب عبر تجاعيد وجهها، تتغير ملامحها من آثار الزمن عليها، لكنك تركن لقلب الخشب الدافيء دون أن تلسع نسغك حرارة المكر، وكيد الصحاب...

• المنضدةُ سيدةٌ كريمةٌ، تفتح ذراعيها بسخاء السماء، حين تهبنا غيمات ماطرة، وتنتظر انفجار رحم الأرض بالحياة، إنها تمتص أوجاعنا، وتُسرح الكلمات من سجوننا البائدة فينا، تتحمل دق عنقها ونزف جسدها، حين يروقنا أن نفتح نوافذ قلوبنا على مصراعيها، وحين نجود بأحزاننا على سيمياء وجهها المتآكل من لوعة الذكريات الممتدة على عاتقها، إنها لا تسألنا، بل توميء لنا بالإيجاب، و توافق على ما نغدقه عليها دون سؤال، تمضي غير آبهة بانفعالاتنا، وموجات غضبنا التي تكسر أضلاعها في شراسة قاتلة ، وحفرياتنا الراسخة على محياها، سيدةٌ مثل المنضدة، لا يمكنها أن تجيد في الكون سوى ترجمة لغة جوارحنا...

• الطاولة بيت الحظ، وبئر فلسفة حجر النرد، وألفة المواضيع ـ واختلاف الآراء، ودبلوماسية الدول، تترنح أو تتوازن تبعاً لما تقوله لغة الأوراق فوقها، تمر من عُصارة لحائها مختلف المدارس الدبلوماسية، تهبها الانتظار، والوقت، والزمن، الوجوه المتذمرة، والسعيدة، لكنها لا تتخلى عن ميثاق شرفها، ولا تبيع جسدها للنجار بعد أن أفلتت من عقال مطرقته، بل تمضي سادرة في غي رسالتها، صابرة على إلحاح عقولنا المثقل بالحاجات، وتعب أجسادنا الباحثة عن مأمن من العذاب، الطاولة سيدة أعمال نزيهة، ثابتة على مبدأ التواجد، سائرة على درب التناقض، تجمع أو تُفرق أو تقسم أو تطرح من معادلاتها صفقات وأجساد وحظوظ ووجوه...

• ثمة إنسان يحاكي المنضدة في سلوكها الكريم، تمر عبره صداقات وعداوات، وحقائب السياسة والمشاريع، يترفع عن مضاهاة الألم بفعل عكسي، يتوجع تحت وطأة التناقض في الصلات لئلا يخسرها، يمنح قلبه بسخاء، يتذكرـ متى حضرته ذاكرة الأيام ـ أولئك العابرين عبر مساماته، ثم يمضي بثقة، غير آبه بما قدمه، ويقينه بالله يتساوى مع المنضدة في شعورها، وإيماءات تجاوبها للحياة...

• المنضدة مدينة فاضلة، أو دولة تكونتْ من ضروب خيال أفلاطون، لم يتوصل لماهيتها، أو لسانيات كنهها ذي سوسير، مهما أبدع في جعل اللغة ذات مبدأ وأصل، إلا أنه لم يلتفت لثوابت اللغة الطبيعية للجماد، التي تبدو رغم سبات عقلها، حاضنة كل الثقافات، ومستوعبة لشتى العقول، وقابل طبيعي بالتعددية فوق مساحتها، جامعة بين الفقير والغني، المسلم والمسيحي واليهودي وتلك وذاك وأنا وهي وهو، الذكر والأنثى سواء، الجاهل والمتعلم معاً... إنها مدرسة كبيرة، ترتع أمام ناظرنا، لكننا لا نلتفت لماهية الجماد حين يتحدث تاريخنا، شرفنا وعارنا، وعصورنا البشرية، بهمجيتها وتحضرها...

ذات تأمل
2016/2/26



#عزة_رجب (هاشتاغ)       Azza_Ragab_Samhod#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وحيداً مثلي !
- الجزء الباقي من ظلي !
- للبحر بابان .....
- الخروج عن النَّص (2) العلمانيون... من التناص في النَّص القرآ ...
- الخروج عن النَّص الجزء الأول: النَّص القرآني من تشييعه إلى ع ...
- العالم -يتجندر- مناقشة أفكار في الحريات العامة
- عن الطفلة باريس !
- الشكل والجوهر!!
- أتجردُ !!
- أتكحَّلُ بغيابك !
- أسئلةٌ على حافةِ نافذةٍ مُشرعة!!
- أُنثى عادية
- لنعترف أن كل شيء يبدو جاهلياً !!!
- كلماتٌ ماقبل البسملة !!
- ماقبلَ الرحيلِ دمعةٌ !
- يا أنت !!
- يا أنت !!!
- قراءةُ مابعد السطرين
- نقُوش حناءٍ في كفِّي
- أشياء لم تقلها ذاكرة الرحيل !


المزيد.....




- الكويت ولبنان يمنعان عرض فيلم لـ-ديزني- تشارك فيه ممثلة إسرا ...
- بوتين يتحدث باللغة الألمانية مع ألماني انتقل إلى روسيا بموجب ...
- مئات الكتّاب الإسرائيليين يهاجمون نتنياهو ويطلبون وقف الحرب ...
- فنان مصري يعرض عملا على رئيس فرنسا
- من مايكل جاكسون إلى مادونا.. أبرز 8 أفلام سيرة ذاتية منتظرة ...
- إطلالة محمد رمضان في مهرجان -كوتشيلا- الموسيقي تلفت الأنظار ...
- الفنانة البريطانية ستيفنسون: لن أتوقف عن التظاهر لأجل غزة
- رحيل الكاتب البيروفي الشهير ماريو فارغاس يوسا
- جورجينا صديقة رونالدو تستعرض مجوهراتها مع وشم دعاء باللغة ال ...
- مأساة آثار السودان.. حين عجز الملك تهارقا عن حماية منزله بمل ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزة رجب - أشياء المنضدة !