أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمل مطر - شجرة التوت














المزيد.....


شجرة التوت


أمل مطر

الحوار المتمدن-العدد: 5088 - 2016 / 2 / 28 - 20:42
المحور: الادب والفن
    


السماء تذرف دمعاً ثقيلاً ...عجلات السيارات المسرعة في الطريق تهذي خوفها ...الناس يتراكضون مثل طيور فارة من إطلاق رصاص الصيادين ‘كل شيء ينذر بالموت المفاجئ
عربدت السماء متحدية صوت صافرات الإنذار.
هي لأتدرى في أي دار تحتمي ؟! وأي طريق تسلك ؟! بدأت الأرض تهتز تحت قدميها من شدة ارتطام القنابل التي اسقطتها الطائرات المحلقة على الأبنية والشوارع.
ألسنة النيران تلتهم الأشجار تلتهم الأبنية المتساقطة على ساكنيها .... الدخان ...الاتربة ...رائحة البارود والموت ملء المكان ...يصهل داخل رأسها الصغير شيء مدوي كان الرفض متربصاً لكل ما يحدث تدور الصور عبر فلم العشيرة الذي أخذ حيزاً كبيراً أنداك .... تدور الصور عبر ازمنة الملوك والسلاطين الجائرة التي أدخلت البلاد في آتون الحرب.
فتشت عن مسار يحميها , اختارت طريقاً خالياً من المارة والسيارات ‘لم تسمع الان غير لهاث تنفسها السريع ووابل المطر المتساقط بشكل عشوائي وطقطقات حذائها تنتابها رعشة الرعب والخوف المميت, يرتد صوت صافرات الإنذار معلناً انتهاء الغارة الجوية الرعناء ‘تسأل نفسها بصوت مرتعش لحد اللعنة ‘أين الملاجئ التي تحمي الانسان ؟! وأين السلطان الذي يخاف على شعبه من الدمار والقتل، صحت في ذاكرتها أعوام الطفولة الغافية والمت أرشفة بشكل عقلاني عميق بعمق زمنها على نهر ديالى وبستان والدها وبيت أمها العتيق , سمعت زقزقة العصافير والزرازير .... سمعت الحمائم تغني (كوكوكتي وين اختي بالحلة اشتاكل باجلة وشتشرب ماي الله) قافلة الرجوع الى أسرتها على اغصان التوت وأغصان أشجار البرتقال والليمون وقت الغروب ,وتراءى امام عينيها سرب من الطيور المهاجرة محلقة في سماء المدينة ناوية الرحيل.
ماتزال البيوت المتراصة بعيدة عن خطواتها كانت تفتش عن وجه أمها الذي غادرها منذ زمن بعيد تفتش عن بيتها العتيق تفتش عن شجرة التوت المعمرة الوارفة الضلال المحملة بثمر (التكي الأبيض) الحلو المذاق والتي كانت لها علاقة متينة ربما اللاهية او روحية منذ نعومة اظافرها تختبأ بين اغصانها الغضة كلما أراد والدها عقابها عن امر ما يصدر منها بطفوله عفويه.
أعلنت صافرة الإنذار عن قدوم غارة جوية جديدة .... ثلاثة وثلاثون دولة صبت جام غضبها على العراق ‘على شعب العراق الأعزل .... عن ماذا ؟!
تساؤلات تتلوها أخرى دون جواب وانت أيها السلطان الجائر لمَّ أدخلت الشعب صومعة الألم ؟! ولمَّ أدخلت الرعب في القلوب ؟! ولمَّ أدخلت كل باب جندي مقتول ؟! ولمَّ ذبحت قلوب الأمهات الثكالى ؟! ولم َّ قتلت انسانيتنا ...أطفالنا ...شبابنا ؟! ولمَّ هدمت البنى التحتية لبلدنا العراق ؟! أسئلة تصهل في الذاكرة تدور وتدور وتدخل في حلقة مفرغة لانهاية لها.
صرخت بقوة شقت وجه السماء ‘تراقصت حولها أشباه الملوك والسلاطين الرعاع ...اهتزت أمام عينيها عروش الجبابرة اللئام ...تهاوت المدن وارصفتها تحت أقدام حكام الغرب ...
انطلق وابل الرصاص هذه المرة من فوق أسطح المنازل والابنية العالية تطارد طائرات العدو حاولت الإفلات منها ودخلت أزقة وطرق متعرجة مثل حصان جامح ...مثل ريح عاتية .... مثل برق السماء.... وعند الباب وقعت صريعة من رصاص بلدها مضرجة بدمائها أمام بيت أمها العتيق تظللها شجرة التوت العالية.



#أمل_مطر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زهرة الصبار القمري
- الضوء المحتضر
- أيقونة المنفى
- السماء تذرف دمعاً ثقيلاً


المزيد.....




- اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار ...
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...
- الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمل مطر - شجرة التوت