|
لماذا مرض عبادة البطل ؟
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 5086 - 2016 / 2 / 26 - 10:14
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لماذا الولع بصلاح الدين الأيوبى رغم جرائمه؟ لماذا لعن الفيلسوف هيجل الشعب الذى يعبد البطل؟ بعد يناير2011كتب البعض أنّ مصر فى حاجة إلى صلاح الدين الأيوبى أو جمال عبد الناصر. وأذكر أنه عندما كان د. عماد أبو غازى يُـشرف على صفحة تراث الأمة بجريدة الدستور (الإصدار الأول) كتب إنّ ((صلاح الدين الذى قدّمه يوسف شاهين شخصية غير تاريخية لطرح شعار الوحدة العربية. كما أنّ صلاح الدين فى الكتب المدرسية شخص آخر غير صلاح الدين الذى يُـقـدّمه لنا رفعت محمد من خلال قراءة مُـتأنية فى المصادر التاريخية سوف تزعج الكثيرين)) (16/10/96) انزعج مُـذيع (صوت العرب) أحمد سعيد صاحب الصوت الجهورى المُـدافع عن عروبة عبد الناصر، وصاحب مدرسة التضليل التى تزعمّـها محمد حسنين هيكل فى (أهرامه) والذى كان يسعى بكل قوة لهدم الخصوصية القومية (سواء للشعوب العربية بصفة عامة ولشعبنا المصرى بصفة خاصة) من أجل الترويج للمشروع الأنجلو/ أميركى (تعريب مصر وليس تمصير المنطقة) أرسل أحمد سعيد ردًا للجريدة نشرته فى 20/11/96وفيه وصَفَ دراسة رفعت محمد بأنها (عُهر آخر صيحة) وأنّ ((جيلنا الذى أضاع القدس يُهاجم صلاح الدين الذى استرد القدس. أليس هذا هو الفـُجر بعينه؟)) ونصح رئيس التحريرأ. إبراهيم عيسى أنْ يُوزّع مع كل عدد ((جرام هيروين لتــُـصبح جريدتكم أكثر جرائد العرب توزيعًا)) وقال ((أخرجنى من قبرى مانشرتموه عن صلاح الدين)) ولأنّ المقال إجترار للصيغ الإنشائية عن العروبة وسب كل مختلف معها فكريًا ، لذلك كان د. أبوغازى على حق فى تعليقه على ((صاحب قاموس الشتائم الأشهر فى تاريخ الإعلام المصرى)) والذى لم يتعظ من كارثة يونيو67وخرج من قبره ((ليُـذكرنا بنفسه وبأيام سوداء فى تاريخنا)) وبعد تسع سنوات فتحتْ جريدة القاهرة ملف صلاح الدين ، فيتعالى صياح المُنزعجين الذين تنبُأ بهم د. أبوغازى وينشرون صيغهم الإنشائية عن العروبة وتحرير القدس ، لدرجة أنّ أحدهم نفى عن صلاح الدين جريمة هدم الأهرام ونسبها إلى المصريين . وبرّر بناء القلعة لحماية القاهرة من الغزاة. بينما كتب أ. رفعت محمد أنّ صلاح الدين كما ذكر ابن واصل قال عن المصريين أنهم ((أعداء وإنْ قعدتْ بهم الأيام . وأضداد وإنْ وقعتْ عليهم كلمة الإسلام)) وأنّ القلعة بُـنيتْ لحماية الحاكم من انتفاضات الشعب وليس لحماية القاهرة. والقلعة التى من أجلها فرض صلاح الدين السُخرة على المصريين وهـَـدَمَ أهرامًا وآثارًا تركها وفضــّـل الإقامة فى الشام بين الصليبيين وفرق الحشاشين الانتحارية لأنها أكثر أمنًا من الإقامة بين المصريين . والوجدان الشعبى الذى خلــّـد بيبرس فى ملحمة شعبية ، لم يعترف بصلاح الدين ولم ينس ما فعله به. ومن عهد صلاح الدين ابتكر العقل الجمعى المصرى الفعل (استكرد) ومشتقاته والذى دخل إلى العامية المصرية. المراجع أمامى كثيرة وكلها تروى جرائم صلاح الدين ضد شعبنا ونهب ثرواته. فذكر المقريزى ((تسلــّـم السلطان صلاح الدين القصر بما فيه من الخزائن والدواوين وغيرها من الأموال والنفائس ، وكانت عظيمة الوصف واستعرض من فيه من الجوارى والعبيد فأطلق من كان (حرًا) وأطلق البيع فى كل جديد وعتيق ، فاستمر البيع فيما وُجد بالقصر عشر سنين . وأخلى القصور من سكانها وأغلق أبوابها ثم ملــّـكها أمراءه. وأخذ أصحابه دور من كان يُـنسب إلى الدولة الفاطمية ، فكان الرجل (من جنود صلاح الدين) إذا استحسن دارًا أخرج منها سكانها ونزل بها)) (الخطط – ج 2 ص 284) وأضاف المقريزى ((وأنّ ما كان فى أيام صلاح الدين فإنّ أراضى مصر كلها صارتْ تــُـقطع للسلطان وأمراؤه وأجناده ، فأقطع أباه الإسكندرية ودمياط والبحيرة. وأقطع أخاه شمس الدين توران شاه قوص وعيذاب. وأقطع أخاه العادل حلب والكرك والشوبك والبلقاء فضلا عن بعض قرى مصر)) وأنّ حكم صلاح الدين ((إتسم بالتعصب الدينى والمذهبى وتعرّض أهل الذمة للاضطهاد وتعرّض الشيعة والمُتصوّفة للبطش والتنكيل)) وأنّ القاهرة ((شهدتْ إبان حكم صلاح الدين شغـبًا من العوام على العسكر الأيوبى. لكن صلاح الدين لم يتقاعس عن محق المُـشاغبين بإحراق أحيائهم والبطش بنسائهم وأطفالهم . كما نجحتْ بعض قيادات الشيعة الإسماعيلية فى إثارة العوام فى مناطق الأطراف كالإسكندرية والنوبة ، فقاموا بانتفاضات قمعها صلاح الدين بوحشية وقسوة ، إذْ صلب الثوار على الأشجار)) وصلاح الدين هو الذى أصدر الأمر بقتل الفيلسوف السهروردى . وفى عهده تعرّضتْ مراكز العلم الشيعية للقضاء عليها : دار العلم ودار الحكمة. وتخريب المكتبة الفاطمية الشهيرة بالقاهرة. وجرائم صلاح الدين ضد شعبنا وضد الشعوب التى حاول إحتلال أراضيها ذكرها أكثر من مؤرخ. كتب ابن الأثير فى كتابه (الكامل فى التاريخ) أنّ صلاح الدين أحرق وخرّب ونهب هو وجنوده المدن التالية : الإسماعيلية ، عسقلان ، الكرك وشوبك وطبرية. وأرسل إلى ولده الأفضل (يأمره أنْ يُرسل قطعة صالحة من الجيش إلى بلد عكا ، ينهبونه ويُخرّبونه. ونهب المسلمون (من جنود صلاح الدين) ما جاورهم من البلاد. وغنموا وسبوا وعادوا سالمين. فهل يُـمكن (فى كتابة التاريخ) استبعاد الأهواء السياسية والعواطف الدينية. لأنّ المؤمن بالوطن وبالعقل لا يهمه أنْ يعتنق شعبنا الشيعة أو السنة ، لأنّ الإيمان بمصر هو الأساس الذى عليه نصعد وننهض ونصنع مستقبلا أرقى . وبداية التحرر أنْ نتخلــّـص من إدمان الأساطير الزائفة التى تــُـمجد عبادة الفرد ، كما يفعل من يبتهلون إلى القدر أنْ يُرسل إليهم بطلا مُخلصًا شبيهًا بصلاح الدين الأيوبى رغم جرائمه. إنّ الوعى بقدراتنا البشرية ، وبمواردنا الطبيعية ، هو التحدى أمام الثقافة السائدة فى مصر. هذا الوعى هو البديل إذا أردنا صناعة مستقبل أرقى من واقعنا البائس ، مستقبل مُـتحضر بروح مصرية وعلى مبادىء العلمانية ، وليس التشعلق بحبال مُهترئة ، تتمسك بآفة عبادة (البطل الفرد) وصدق الفيسلوف الألمانى هيجل فى قوله الحكيم ((ملعون الشعب الذى يعبد البطل أيًا كان هذا البطل)) ***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العلاقة الملتبسة بين الرب العبرى والأنبياء والإنسان
-
لماذا جرّح الإسلاميون بطرس غالى ؟
-
تابع المزامير العبرية
-
التوجه الأيديولوجى فى المزامير العبرية
-
من يمتك مفتاح الفهم الصحيح للإسلام ؟
-
كيف اخترقت الأصولية التعليم الجامعى
-
متوالية العداء بين الفلسطينيين وبنى إسرائيل
-
الرب العبرى مُخلّص إسرائيل
-
ما سر ازدواجية شخصية الحجاج ؟
-
جذور طقوس الزار
-
الميول السياسية واجهاض الموضوعية
-
عجائب أنبياء بنى إسرائيل الخارقة
-
هل البخارى (ألّف) الأحاديث ؟
-
رد على الأستاذ سلام صادق بلو
-
لماذا ينخدع شعبنا بالأحزاب الظلامية ؟
-
ما مغزى تهمة ازدراء الأديان ؟
-
لماذا غضب إله إسرائيل على سليمان؟
-
متضامن مع الأستاذ على محمود ورفاقه
-
كيف تكون النبوة بالوراثة ؟
-
هل يمكن التخلص من التعصب الدينى والمذهبى؟
المزيد.....
-
القائد العام لحرس الثورة الاسلامية: قطعا سننتقم من -إسرائيل-
...
-
مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
-
ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو
...
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح
...
-
أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202
...
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|