|
التنوع السوسيومجالي : ظاهرة الأفارقة جنوب الصحراء (تأطير الباحثة حكيمة لعلا)
عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .
الحوار المتمدن-العدد: 5082 - 2016 / 2 / 22 - 01:16
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
تأطير عام : افريقيا تسكننا
طيلة أسفاري المتكررة بين مقر عملي في مؤسسة المقاومة بنيابة خريبكة وموطني الأصلي بجماعة فضالات بإقليم بنسليمان، طالما كان يسترعي انتباهي وجود تشكيلة اجتماعية دخيلة على المجتمع المغربي ولاسيما في الفضاء العام، ويتعلق الأمر بالأفارقة جنوب الصحراء، لقد كنت دائما أتردد على محطة أولاد زيان ومحطة خريبكة، وكنت ألاحظ الحضور الوازن لهذه العينة، وكم مرة دخلت في دردشة مع أحد هؤلاء منهم العمال والطلبة والأشخاص دون سكن قار، كان مجمل حديثنا ينصب حول وضعهم داخل المغرب ، ناهيك عن مناقشة الحراك الشبابي في المغرب والعالم العربي والأوضاع في افريقيا وخاصة في مالي، مازلت أذكر أبو بكر ذلك الطالب النيجيري الذي يتابع دراسته في اللغة الفرنسية، لقد سلمته حسابي على الفايسبوك، وكنا دائما نتواصل، وكان يحكي لي عن هجمات مرتزقة بوكو حرام الذين كانوا يهاجمون المدارس والكنائس المسيحية ويسبون النساء والأطفال، ويحرقون الرجال، و كم كان متعاطفا مع القذافي مدعيا أنه حامي افريقيا من الامبريالية، إعجابه بالقذافي أدى به إلى تبني أفكاره حيال الصحراء المغربية، أظهرت له على الدوام أن المغرب كان يمتد حتى نهر السنيغال، والمكون الافريقي جزء أساسي من التركيبة الاجتماعية المغربية، لم يوجد شعب اسمه شعب الصحراء مستقل عن نفوذ المغرب، فمنذ انطلاق المرابطين من شنقيط إلى جزر البليار في القرن 11م، ووصول أحمد المنصور إلى تمبوكتو في القرن 16م، وجلب عبيد البخاري في القرن 17م ظلت افريقيا مندغمة فينا ونحن مندغمون فيها، أسواق العبيد في مراكش ونومادية العبيد جعلت الثقافة الافريقية تتسرب عبر مساماتنا كما هو الحال للرقصة الكناوية، وقد تعدى الأمر ذلك ووصل حد التصوف مثلما الشأن للزاوية التيجانية التي لديها أتباع كثر في المغرب في غرب افريقيا، لا يسعنا من الأمثلة سوى التذكير أن علاقة المغرب بافريقيا لا تفصلها موانع أو مصدات، ولطالما نظر الأفارقة إلى المغرب كبوابة نحو الآخر المختلف والمستعمر أو الآخر النعيم أو الجنة، إن المغرب هو باحة الاستراحة للإطلالة على النعيم الأوروبي الذي يتراءى خلف السحب، وبين النعيم الذي يطفو بعيدا، هناك حاجز طويل، والأسلاك الشائكة والجيش المدجج بالأسلحة، فيتفرس الانتظار وتبزغ افريقيا فينا من جديد، شباب أفارقة من جنوب الصحراء في مقتبل العمر ليسوا عبيدا في أسواق مراكش أو سجلماسة أو فاس، وإنما أحرار يملؤون الشوارع ويستقلون الحافلات، ويترجلون عبر المحطات ويتاجرون في الأسواق ويشتغلون في ورشات البناء، إن الحضور الافريقي في الفضاء العام المغربي بات مثار اهتمام الدارسين السوسيولوجيين، وهذا ما عجل بالباحثة السوسيولوجية حكيمة لعلا توجيه الطلبة لمقاربة هذه الظاهرة الجديدة القديمة على المجتمع المغربي، لقد ماتت افريقيا فينا و ها هي تبعث من جديد، رحلت افريقيا المخيفة التي أرهبت القبائل المغربية الثائرة على المخزن، وأخافت المدن المغربية عن طريق الجنود السنغاليين الذين عملوا مع المستعمر الفرنسي وحل محلها افريقيا مسالمة ومؤنسة تتحيز في الفضاء العام وتناضل لكي توجد، إنها تصارع بعد رحلة طويلة محفوفة بالمخاطر لاجتياز الصحراء وتسلق الحدود، إن مهمة السوسيولوجيا أن تعايش هذه الآلام بالملاحظة والوصف والمقابلة، وبالضبط ملاحظة تفاعل الأفراد والمجموعات داخل الفضاء العام بغية إنتاج المعنى والدلالة، فالفرد كما المجموعة هو إنتاج ثقافي، ومن اللازم معرفة كيف تنتج الثقافة عن طريق التفاعل والتلاقح بين المجموعات ولا يسعني في هذا الصدد سوى أن أوضح الخطوط العريضة لهذا العمل البحثي : أولا : لقد عملت على تحديد الفضاء العام، ويتعلق الأمر بمحطة خريبكة حيث تتحيز العينة المدروسة التي هي الأفارقة جنوب الصحراء بمقهى متواجد داخل المحطة، كما قمت بوصف جميع التجهيزات المتعلقة بها من أشخاص عابرين ومترددين وشوارع وأرصفة وباعة متجولين وقباضين ...إضافة إلى تحديد المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي لهذا الفضاء مدعما بحقائق سوسيولوجية ميدانية . ثانيا : إن العينة المدروسة التي تشغل الفضاء العام هي الأفارقة جنوب الصحراء، لقد عملت على وصف الجانب الجواني فيها أي انطباعاتها حيال الواقع المغربي، إضافة إلى الجانب البراني المرفولوجي بوصف طريقة اللباس وملاحظة ما إذا كان اللباس الخاص بعينة الأفارقة جنوب الصحراء منسجما مع الذوق العام وما إذا كان يحيل على طبقة معينة دون نسيان الجانب اللغوي، أي طريقة الكلام والتواصل، إلى جانب ذلك أبرزت المستوى الثقافي، وعلاقة كل باحث مدروس بشخص آخر أو بمجموعة معينة، وتحديد انتمائه الديني وتردده على أماكن الممارسة الدينية (اللباس...). ثالثا : لقد قمت بتحديد علاقات وروابط وصداقات العينة المدروسة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والديني والثقافي والثقافي، وفي نفس الوقت أبرزت درجة الاختلاط بين الأجناس والأعمار، مع تحديد إن كان هناك تفاوت اجتماعي أو اقتصادي . رابعا : في هذه النقطة حاولت أن أقوم بمقارنة بين مجموعة الأفارقة جنوب الصحراء وبعض القباضين والباعة المتجولين الذين يترددون على نفس المقهى بغية إبراز أوجه التشابه والاختلاف بينهم، وكذلك كشف التنوع التنوع الثقافي والاجتماعي داخل الفضاء العام، ثم وصف العلاقة بين المجموعتين وتبيان ما إن كان تسامح وتقبل أو رفض أو عنصرية أو وصم. 1) الفضاء العام : محطة بثلاثة مخارج-مداخل
تتموقع محطة خريبكة وسط المدينة، ويحدها شمالا شارع محمد السادس النابض بالحياة والذي يخترق مدينة خريبكة من الغرب إلى الشرق، أما من ناحية الجنوب فهناك محطة خريبكة للقطارات، يحف بالمحطة بعض المحلات التي يبيع أصحابها السمك المقلي والدجاج المشوي والبن الأسود، ولا ننسى كذلك محطة الطاكسيات والمحل التجاري العزيزية الذي يبيع الأثاث المنزلي، محطة خريبكة مستطيلة الشكل، جدرانها قصيرة مطلية بالجير الأبيض الذي تتخلله بعض الرسوم الخضراء التي تحتفي بأولمبيك خريبكة، أعلى الجدران هناك سياج حديدي للحيلولة دون القفز، إن المار بالقرب من هذه الحيطان يتنشق رائحة البول المثيرة للقيء، فالعابرون للمحطة لا يتورعون في التبول عليها وخاصة في الليل حيث يسود الظلام الكسيح، فبالرغم من وجود مراحيض ينظفها شخص مع درهم مقابل الدخول إليها، فإن الجدران صارت مرحاضا. داخل المحطة هناك مربض خاص بالحافلات يتموقع شمالا، وفي الغرب مدخل الحافلات وفي الشرق مخرجها، وفي الجنوب المدخل الرئيسي للمسافرين، لكن الملفت للنظر أن كل المداخل هي مخارج، بالنسبة للمقهى التي تتواجد بها العينة المدروسة فهي تتموقع بالمدخل الرئيسي حيث يتحيز بالقرب منها قاعة للصلاة ومراحيض ومخفر للأمن ومحلات لتسليم أوراق الحافلات، ومحلات تجارية وبعض الكراسي، بغض النظر هذه الجوانب تبقي أرضية المحطة مغبرة ومليئة بالأزبال ويعمها الهرج والفوضى، ذات مرة مررت على المحطة ورأيت رفوفا للكتب فاستبشرت خيرا، ولكن حينما رجعت لم أجد شيئا، عندما يحل موعد الآذان يرفع المؤذن عقيرته للصلاة، أما في جدران المراحيض هناك أرقام هواتف واحتفاء بالأعضاء التناسلية، أما المقهى مكان جلوس العينة فإنها تبيع الدجاج والكفتة والشوربة والعدس واللوبيا والساندويشات السريعة والشاي والبن ومختلف المأكولات والأغذية، يشتغل في هذه المقهى ثلاثة عاملين : رجلان متقدمان في السن وشاب في مقتبل العمر، للمقهى هناك واجهة خارجية حيث تتواجد الكراسي والموائد الحديدية الدائرة الشكل، حيث يجلس عليها بعض الباعة المتجولين الذين يبيعون الموز والليمون، وهناك باحة داخلية حيث تتواجد والموائد و الكراسي الحديدية التي يجلس عليها الأفارقة جنوب الصحراء وبعض المترددين على المقهى، الملاحظ أن الباحة الداخلية التي كنت أجلس فيها ظهر لي فيها المحافظ والبلاستيكات السوداء كبيرة الحجم التي تبين لي فيما بعد أن أصحابها هم هؤلاء الأفارقة حيث يضعونها هناك بعد عودتهم المضنية من العمل في ورشات البناء، تتضمن تلك المحافظ لوازم الأكل والشرب، بالإضافة إلى لوزام العمل كالمقياس والألبسة الخاصة بالعمل.
2) المقهى : فضاء للاستراحة وتذكر الوطن و استشراف أوروبا
بعد أن يضع هؤلاء الأفارقة أغراضهم في الباحة الداخلية للمقهى، يجلسون على الكراسي البلاستكية حتى يشارف العدد عشرين شخصا، البعض منهم يتناول الدجاج والبعض الآخر يتناول الشوربة أو الحريرة ، أو السندويشات السريعة، أو الشاي، يشكلون دائرة ويتسامرون ويضحكون ويتكلمون بلغتهم المحلية مع بعض الكلمات الانجليزية، هذا يحيل إلى أن ثقافتهم هي شعبية وليست عالمة، بالنسبة للملابس التي يرتدونها تبدى لي واحد يرتدي سبادرية سوداء مهترئة نال منها الزمن كثيرا وجلباب مغربي أصفر وطاقية سوداء منسوجة من الخيط كان يجلس على الكرسي ويمضع وعينه على زميله الذي ينكث حيث كان يرتدي جاكيتة بنية وسروال جينز مثقوب، الملاحظ أنهم كانوا يتكلمون ويضحكون بكل حرية، بات وجودهم عادي بالنسبة للمترددين على المقهى، فاللباس الذي يرتدونه يتشابه مع اللباس المغربي، صاحب المقهى قال لي : « أنه وجودهم عادي بالنسبة إليه، هناك الكثير جدا من الأفارقة يترددون على المقهى »، هذا الكلام قاله لي هذا الرجل منذ سنة عندما بت أجلس في المقهى وألاحظ تردد الأفارقة جنوب الصحراء عليها، إلا أن تعرفت على جوزيف، هذا الشاب عمره 32 سنة يتحدر من غانا، لم يتمم دراسته الابتدائية، قضى سنتان في المغرب يمزج بين الدارجة المغربية واللغة الانجليزية، لكن لغته على العموم مفهومة ومستوعبة، يقول : « لكي أصل إلى المغرب كان لزاما علي أن أجتاز الحدود البوركينية هناك تجار البشر، وأجتاز نهر النيجر المليء بالتماسيح، والأخطر من كل ذلك هي الصحراء الافريقية الكبرى : شمس مسلطة في السماء، والزوابع الرملية القاتلة وشح المياه، عندها يكون الإنسان ملزما بشرب بوله، هربنا تجار عبر الصحراء إلى الحدود الجزائرية المغربية إلى أن دخلنا إلى المغرب، التحقت بالناظور لمحاولة الذهاب إلى أوروبا، لم تنجح المحاولة حتى اتصل بي بعض الأصدقاء للعمل معهم في ورشات البناء، العمل ليس دائما، أنا عاطل الآن وليس لي مكان أسكن فيه، إنني دون سكن قار، أفرش كارطونة على الأرض جوار المحلات التجارية وأنام »، جوزيف الذي كان يرتدي سبادري" أبيض متسخ وسروال جينز أزرق متقادم وطاقية بنية بالية لم يتورع أن يقول أنه كادح ولا يملك المال، إنه يقاوم الموت والبرد، لكنه يشعر بالدفء حينما يتسامر مع المجموعة، قبل أن أقوم معه هذا البحث كنت ألتقيه ونتناول القهوة أو الدجاج معا، وأعطيه بعض المال، طلبت منه رقم هاتفه، غير أنه أجابني بأنه لا يملكه، يقول أنه منذ سنتين لم يتصل بزوجته، وليست لديه أي علاقة بأي امرأة في المغرب، همه الأساسي هو تلبية غريزة الأكل والشرب ولا يفكر في الجنس، إنه يحن إلى ولديه اللذين تركهما هناك، فلولا الجفاف وقلة فرص الشغل لما غادر بلده، سألته عن الموضوع الذي تتطرق إليه المجموعة فأبرز أن الحنين إلى الأرض والحلم نحو إلى أوروبا هو الموضوع الطاغي، بالإضافة إلى الهموم اليومية في العمل، جوزيف مسيحي، قال لي أنه لا وجود لكنيسة في خريبكة، غير أنه عقب أن الله معه في كل مكان، إنه يتوسل إليه لكي يحصل على العمل وحينما يتسول ولما يبيت في العراء، إن الله هو إله الجميع، لا فرق بين إلهنا وإله المسلمين، إن أبونا ابراهيم عبد إلها واحدا وهو الله الذي في السماء أصلي وأنام على الفور لا يهمني وجود الكنيسة من عدمها، فالخبز هو الهم اليومي.
3) أمادو : شيخ المجموعة
التحق أمادو بالمغرب منذ خمس سنوات، يقول أنه سبق له أن اشتغل بورشات البناء في ضواحي أكرا، وبعد أن التحق بالمغرب أفادته هذه التجربة كثيرا، يبلغ من العمر 46 سنة، إنه قيدوم المجموعة الافريقية يكن له الجميع الاحترام، وإن كانوا ينكثون به من حين لآخر، يؤكد أنهم ينكثون به لأنه عاشق للنساء، غير أنه يستدرك بالقول أنه صار عفيفا الآن، تلك التجربة حصلت من زمان حينما كان بالدار البيضاء، لكن ابتعد عن هذه الأمور وشغله الشاغل هم الأبناء الذين بقوا في أرض الوطن، يأمل أن يلتحقوا به، أمادو هو الذي ضمن الشغل لجوزيف وغيره، بل إن جوزيف نفسه يقول أن أمادو يساعده في أوقات الشدة ويعطيه بعض الأموال لكي يأكل، بل إن أمادو باعتباره رئيس ورشة العمل يكسب دخلا يوميا قد يصل إلى مئة درهم في بعض الأحيان ويرسل جزءا منه إلى عائلته في غانا، أما جوزيف الذي لا يشتغل دائما، فإنه لا يرسل إلى عائلته، عموما الذي تبدى من خلال الملاحظات أن الأفارقة جنوب صحراء يشكلون مجموعة منطوية على ذاتها، وما تجمعهم بذلك الشكل إلى خير دليل على ذلك، إنهم يتعاملون مع المغربي المكلف بورش البناء، ويتعاملون مع صاحب المقهى الذي يضحك معهم من حين لآخر، ويسلفهم بعض المأكولات، فلا رابط يجمعهم بالقباضين الذي يجلسون في المقهى أو المترددين على المحطة، أو الباعة المتجولين الذين يجلسون في الباحة الخارجية للمقهى، إن كل واحد يتكلم بلغته ويعيش عالمه الخاص به، لم أسمع أن تصرف واحد الأفارقة جنوب الصحراء أو المغاربة بطريقة تسيء إلى الآخر، لم أر يوما أي افريقية هناك، كل من يتجمع في المقهى هم ذكور يشتغلون في ورشات البناء يمكثون ساعات قبل أن يحملوا لوازمهم على ظهورهم ويرحلون إلى بيوت في الحي المتاخم للمحطة، لم يرشدني أي واحد منهم حتى تعقبتهم ذات ليلة، ووجدت أنهم يقطنون بحي قريب من مرور السكة الحديدية . لا يصلون بشكل جماعي، كل واحد يصلي لنفسه بالأدعية إلى الرب أن يحميهم في هذا البلد، لوحظ أن الأفارقة جنوب يكنون لبعضهم البعض الاحترام، ولا سيما إلى زعيمهم أمادو، فهو رئيس الورشة المكلف بإنجاز العمل، ويخلفه الماهرون الذين يتقنون الحرفة، ثم يأتي الوافدون الجدد وعلى رأسهم جوزيف الذي يتم النداء عليه من حين لآخر للاشتغال .
4) الأفارقة جنوب الصحراء والمغاربة : قبول ورفض .
طيلة الأيام التي جلست فيها في المقهى، لم أعاين أي مواجهة بين المغاربة والأفارقة جنوب الصحراء، هنا يعترف جوزيف ويقول أن خريبكة فيها بعض التسامح قياسا إلى مدن أخرى، لقد كان في الناظور وعايش هجوم الشرطة والدرك والقوات المساعدة على زملائه المتحصنين في الغابات، ناهيك عن السكان الذي يلقبونه « بالعزي» أو « العزوة » أو « النيكرو» أي الأسمر، في جلساتنا الحوارية ذكر جوزيف عدة مرات امرأة تدعى فاطمة، سألته ما إن كان يحبها، ابتسم ضاحكا وقال لي : « لا »، إنه كان يمر بالقرب من منزلها وهي تكنس، كان يتسولها، فكانت تقول له : « سير لهيه يا ذاك العزوة فاخرة »، يوضح أنه لم يطلب منها شيئا غير الأكل، لم يعجبه الحال لأنها تعاملت معه بعنصرية كأنه حشرة، لقد شعر بالإهانة، بالمقابل يرى جوزيف أنه تعرف على شاب مغربي يأتي إلى المجموعة بوجبة الكسكس يوم الجمعة، بل ببعض الوجبات غير هذا اليوم، هذا الشاب يدرس بالكلية ويملك ثقافة عالية حسبما ما يقول جوزيف. يتردد على نفس المقهى باعة متجولون وقباضة، لكن الملاحظ أن الباعة والقباضين يجلسون في الباحة الخارجية، بالمقابل يجلس الأفارقة جنوب الصحراء في الباحة الداخلية، لا تواصل بينها، ولم أر أن أحدا أساء إلى الآخر، كل واحد يحقق مبتغاه من المقهى ويرحل، القباضون يجلسون هناك لاصطياد الركاب، بينما الباعة يجلسون في نفس المكان لاصطياد المشترين.
خلاصة
ما يمكن أن نستشفه في نهاية هذا العمل البحثي أن الفضاء العام المغربي والمحطة تحديدا تعرف تنوعا سوسيومجاليا خصوصا مع ولوج الأفارقة جنوب الصحراء إلى هذا الفضاء، غير أن الملفت للنظر أن هذه الأقلية تناضل لاثبات وجودها وإن كانت أكثر تقوقعا في انفتاح على المجتمع، إنها تحن إلى ماضيها وتهفو نحو أوروبا لعلها تحسن وضعها المعيشي للعودة إلى البلد الأم كما هو الحال للحالتين اللتين وقفنا عليها، المغرب حمال وجوه تارة يظهر بلدا متسامحا بإطعام هؤلاء الأفارقة الغرباء، وتارة أخرى يطفو عنصريا في حالة فاطمة التي وصمت جوزيف أو في غياب الكنائس، ورش البناء عمل شاق ولكن شكل من أشكال الحفاظ على البقاء، هذا ما يقودنا إلى طرح السؤال التالي : أما وقد آن للأفارقة جنوب الصحراء أن ينضموا للمهمشين المغاربة لوضع برنامج عمل لتحسين الأوضاع ؟
#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التنشئة الهدرية : مدخل نظري لتفكيك الأصنام الكبرى (الله، الن
...
-
مريم الشيخ (1) : النساء المكتريات : جرأة في الطرح وتواضع في
...
-
أيام عصيبة بالقسم الداخلي (2)
-
من هم الأشخاص دون سكن قار (SDF) ؟
-
أيام عصيبة بالقسم الداخلي (1)
-
منزلنا الريفي (98)
-
منزلنا الريفي (99)
-
منزلنا الريفي (100)
-
شبح الجفاف
-
منزلنا الريفي (96)
-
منزلنا الريفي (95)
-
منزلنا الريفي (94)
-
منزلنا الريفي (93)
-
منزلنا الريفي (91)
-
منزلنا الريفي (92)
-
منزلنا الريفي (89)
-
منزلنا الريفي (90)
-
خواطر على الشاطئ
-
منزلنا الريفي (88)
-
منزلنا الريفي (87 )
المزيد.....
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
-
محكمة مصرية تؤيد سجن المعارض السياسي أحمد طنطاوي لعام وحظر ت
...
-
اشتباكات مسلحة بنابلس وإصابة فلسطيني برصاص الاحتلال قرب رام
...
-
المقابر الجماعية في سوريا.. تأكيد أميركي على ضمان المساءلة
المزيد.....
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
المزيد.....
|