مهند صلاحات
الحوار المتمدن-العدد: 1380 - 2005 / 11 / 16 - 12:08
المحور:
الادب والفن
(نص نثري )
ما قبل البداية : سافرت التفاصيل المجنونة مع الإنسان الموغل بالهجرات، تحرضه على البقاء بعيداً عن أغنيات الصبايا، وتقنعه بروعة الشتات.
يقيس المهاجر تفاصيل بلاد الآخرين، لكن الموت كان سباقاً لجره بعيداً عمن ينظر عودته.
قال ذات مرة : أخشى الموت وحيداً، أخشى أن أضيع في غربة الموت، أو موت الغربة.
لماذا اخترتَ الموتَ وحيداً .
هل حقاً جميلة هي ميتة الغرباء ؟
لن أسألك أكثر، ولا أفكر بخوض التجربة
فأنا سعيدٌ بأن أعيشَ هنا فقيراً كالشجر العاري من الورق
وكما الشجرُ سأبقى هنا في الخريف
لن أملَّ انتظارُ الربيعِ في بلادي
... سأزهر قريباً ، ولن أكونَ يوماً وقوداً لمدفئةِ الآخرين
لأني ... أكره الموت غنياً في صحراء الغرباء.
أحبُ أن أبقى بسيطاً مثل التفاصيلِ الصغيرةِ لعودِ ثقاب
وأراقبُ من شرفةِ المنزل روح عشتار تهب من الغابة ِ
وتسافرُ فوق كل الهضاب
تطارد بثور السماء جلجامش، وتدافع عن حبها بمنطق الأقوياء.
أكره أن أدخن سيجار "الهافانا" في القطارات التي تتوقف في كل المحطات
ولا نغادرها ...
بحثاً عن المستحيل
يحزنني أن أقابلَ امرأةً في محطةِ القطار
امرأة قد ملّها الانتظارُ
تحملُ حقائبَ لا تحتوي أيَ مفاجآتٍ للمنتظرين
تحدثني ....
مع أني لم أكن يوماً بالانتظار .
لا مستحيلَ يأتي من بلادِ الغرباء، إلا بقاؤنا سعداء
هل هو ماطرٌ موتكَ غريباً
أم أن السماءَ هناكَ ملّت الأمطار ؟
لماذا اخترتَ الموتَ وحيداً
بعيداً عن غضونِ أشجارِ الوطن
لماذا تركت الطيور وحدها
على الشباكِ تبحثُ عن حبوبِ قمحٍ لن يضعها أحدٌ بعدكَ
لماذا تركتَ الطيورَ يتيمةٌ دونك
وتركتنا خالينَ من الأملِ
وقررت أن يكون نعشك مصنوعاً
من شجر الغابات البعيدة
وقررت أن يكونَ نعشكَ بعيداً عن زياراتِ أزهارنا الجديدة
ما أصعب من أن تموت غريباً !
وهل تبوحُ الصحاري لك قبل الموتِ بأنكَ لن تكونَ الأخيرا !
هل جربتَ يوماً أن تكونَ أسيراً في بلادِ الحريةَ
وأن يأتي الصباحُ دونَ أن تشربَ البنَ وتقرأ الجريدةََ اليومية
بأحرفٍ عربية !
لماذا تموت غريباً ولديك وطن ؟
سؤالٌ قبل أن تأتي الأجوبةُ الأخرى
هل يحتاجُ الموتُ بالغربةِ أيضاً
لجوازِ سفر ... ؟
#مهند_صلاحات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟