|
ما الموقف من المتطوعين والحشد الشعبي بالعراق؟
كاظم حبيب
(Kadhim Habib)
الحوار المتمدن-العدد: 5081 - 2016 / 2 / 21 - 16:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
جُرحي هو العراق وليس جرحاً آخر كيف السبيل إلى شفاء جراحي من تابع اللقاء الصحفي مع السيد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي على قناة العراقية لوجد مسائل كثيرة تستوجب مناقشته بشأنها والتمعن والتدقيق في إجاباته، سواء أكان ذلك بشأن العلاقات الدولية وزياراته لدول أوروبية غربية، أم موقفه من المشكلات الداخلية، كالتغيير الوزاري ومواقف القوى والأحزاب منه، وسد الموصل، والموقف من المناطق المحررة من عصابات داعش، والعلاقات مع رئاسة وحكومة الإقليم وإهماله دور البيشمركة في القتال ضد داعش، وإبرازه دور الحشد الشعبي، ثم دور المتطوعين وتحرير الأراضي، التي وفَّرَ رئيس الوزراء العراقي السابق، نوري المالكي، بسياساته الطائفية البائسة والمدمرة، الأرضية الصالحة ومستلزمات احتلال الأنبار وصلاح الدين وأجزاء من ديالى ومن ثم الموصل وأجزاء من ديالى، ثم الموصل ونينوى وأجزاء من كركوك، وكل ما حصل بالعراق منذ توليه السلطة في 2006 حتى انسحابه من رئاسة السلطة التنفيذية في 2014. وكان هذا "الرجل" صادقاً وللمرة الوحيدة مع نفسه ومع الشعب العراقي والعالم حين قال في لقاء له مع قناة آفاق [موقع آفاق 1/4/2015]، أن “هذه الطبقة السياسية، وأنا منهم، ينبغي أن لا يكون لها دور في رسم خريطة العملية السياسية في العراق، لأنهم فشلوا فشلاً ذريعاً”.. وحين سأله الصحفي المحاور: وأنت منهم، أجاب المالكي بكل ثقة: نعم وأنا منهم!!! ولكن هذا الرجل الفاشل والمسؤول ما يزال يسرح ويمرح ويمارس ما يشاء دون حساب أو عقاب! سأناقش في هذه المقالة واحدة من القضايا المهمة، التي يمكن أن تشكل خنجراً مميتاً مصوباً إلى ظهر الدولة العراقية التي يسعى الشعب إلى إقامتها، الدولة المدنية الديمقراطية، ويمكن أن يغرس في كل لحظة، تماماً كالخنجر المسموم المغروس في ظهر الدولة اللبنانية بحزب الله بهويته الإيديولوجية الطائفية الإيرانية، وليس بالهوية الوطنية المدنية اللبنانية الأصيلة. نشأت بالعراق، في أعقاب سقوط الدكتاتورية البعثية الغاشمة، مجموعة كبيرة من المليشيات الشيعية والسنية المسلحة، نشأت بدعم من قوى وأحزاب سياسية عراقية من جهة، ولكن بتوجيه ومساعدة وتأييد ودعم بالمال والسلاح والخبراء والمقاتلين من الدول والقوى الإسلامية المجاورة للعراق، وخاصة، من إيران والمملكة العربية السعودية وقطر وسوريا، إضافة إلى قوى وأحزاب سياسية إسلامية من داخل منطقة الشرق الأوسط وخارجها، وبدعم دولي مخابراتي غير منظور. وإذ شكلت التشكيلات السنية المسلحة، كالقاعدة وأخواتها الأساس الذي اعتمدت عليه بعض القوى السنية المحلية المغرقة بطائفيتها المقيتة، مثل هيئة علماء المسلمين السنة، لصاحبها حارث الضاري، فأن تنظيماتها المحلية لم تكن بذات القوة، بما في ذلك قوى البعث المسلحة المتعاونة مع القاعدة وهيئة علماء المسلمين وأنصار السنة، ولكنها تميزت بالإرهاب والشراسة والدموية المريعة. في حين توزعت المليشيات الشيعية على عدد غير قليل من القوى والأحزاب والمنظمات الشيعية الطائفية، ووجدت الدعم الكامل من سلطة الدولة، التي كانت بيد الأحزاب الشيعية، وخاصة حزب الدعوة، في فترة حكم رئيس الوزراء الأسبق إبراهيم الجعفري، ومن إيران والحرس الثوري والمرشد الأعلى الإيراني وحزب الله بلبنان. وقد أججت جميع هذه التنظيمات الطائفية المسلحة خارج قيادة ورقابة الدولة الصراعات والنزاعات الطائفية وأدت إلى موت مئات الآلاف من الناس الأبرياء، وإلى القتل على الهوية الدينية والمذهبية والفكرية والمهنية، وإلى خراب العراق وإلى سيادة الفساد والإرهاب في كل العراق، عدا إقليم كردستان العراق، الذي نجا من هؤلاء الأوباش نسبياً. على رئيس الوزراء الحالي أن يتذكر ما فعله النظام السياسي الطائفي والمحاصصة الطائفية في الحكم والدولة والمجتمع من جهة، وهو جزء من القوى الحاكمة والنظام ذاته، وما فعلته المليشيات الطائفية المسلحة خلال الفترة بين 2005- 2016، أي حتى الآن، من جهة ثانية، وما نشأ عن كل ذلك من موت وخراب وفساد شامل ونهب النفط والأموال وإرهاب اقتصادي متعدد الجوانب والأشكال من جهة ثالثة، لا أن يختزل الأمور، وكأن الذاكرة العراقية مصابة بالعطب أو العطل الكلي. وإذا ما تذكر ذلك، كما عاش الكوارث والمآسي بنات وأبناء الشعب، لأدرك الموقف أولاً ولتبين له إحجام المرجعية الشيعية عن تسمية المتطوعين للقتال، على وفق جهاد الكفاية الذي دعت له المرجعية، بالحشد الشعبي، بل ما زالوا "متطوعون". إن المليشيات الطائفية الشيعية المسلحة موزعة اليوم بكل تنظيماتها على مجموعتين: المجموعة الأولى تعمل في المدن العراقية في الوسط والجنوب وبغداد بشكل خاص، وهي تمرغ يومياً كرامة الإنسان العراقي بالتراب وتسلبه حقوقه وتسرقه وتستنزفه وتمارس كل المفاسد ضده، كتلك التي مارسها الحرس القومي ضد الناس، ولديها الكثير من الفضائيين، القديمة المشبعة ذاتها المصابة بروح الكراهية والحقد والثأر الطائفي، تشكل في الواقع الهيكل العظمي وعضلات الحشد الشيعي الضاربة، في حين لا يشكل المتطوعون الأبطال سوى القسم الذي ينفذ ما يأمره به قادة الحشد الشعبي، وبتعبير أدق، قادة المليشيات المعروفة لنا جميعاً. إن ما أشار إليه رئيس الوزراء من تجاوز قادة الحشد الشعبي على رواتب المتطوعين وباسم الكثير من الفضائيين. وأن هذا الحشد، عدا المتطوعين، ليس سوى قوات مسلحة داخل القوات المسلحة العراقية، وهي التي ستكون أداة مركزية للحكم الطائفي المحاصصي التمييزي بالعراق ما لم يتم تدارك الأمر. ولكن هل في مقدور من يشكل جزءاً من الأحزاب الإسلامية السياسية الشيعية أن يرى هذه المخاطر أم سيردد بأن من ينتقد الحشد الشعبي ليس وطنياً!!! لا شك أن في قوى الحشد الشعبي من غير المتطوعين أناس طيبون ووطنيون ومخلصون لشعبهم، ولكنهم محشورون بالطائفية السياسية وهم حلقات صغيرة في سلسلة من التنظيمات الطائفية المسلحة التي أصبحت كالمافيا التي لا يهمها غير المال والجاه والسطوة، سواء عبر السلطة أم بدونها أم بالاثنين معاً، ولا يمكن لأعضائها الانسلاخ منها، إذ ينتظرهم الموت المحتم، إنهم بيادق مستسلمة لقاداتهم، لهذا لا بد من فعل شيء لخلاصهم من هذا النكد الذي يعيش فيه المخلصون منهم لوطنهم وشعبهم. الحشد الشعبي بقياداته السابقة خطر كبير قائم وداهم والقادم أخطر ما لم تعالج الأمور على وفق مبادئ المجتمع المدني الديمقراطي والدولة المدنية الديمقراطية. إن من لا يريد أن يدرك الحقيقة الآن، سيكون قد تأخر، وسيعاقبه الوقت والتاريخ والمجتمع.
#كاظم_حبيب (هاشتاغ)
Kadhim_Habib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صراع النفوذ والمصالح يُغلف بالدين والطائفية السياسية!
-
هل كانت العزلة المؤقتة للسيد السيستاني متوقعة؟
-
هل من سبيل للتخلص من الطائفية والفساد والإرهاب؟
-
مرة ثانية مع ملاحظات مهمة حول مقال: مادة للمناقشة: إشكالية ا
...
-
هل كل شيء هادئ بإقليم كردستان العراق؟
-
مرة أخرى حول الوافدين وطالبي اللجوء في ألمانيا
-
هل احتوى الفساد جميع المنظمات الدولية؟
-
مادة للمناقشة: إشكالية النزوح واللجوء من دول الشرق الأوسط وش
...
-
رسالة مفتوحة إلى آية الله العظمى سماحة السيد علي السيستاني م
...
-
نقاش لا بد منه حول أحداث ليلة عيد الميلاد 2016 بألمانيا
-
هم ضيف وهم يدبچ على السطح!!!
-
هل فقد دكتاتور تركيا عقله؟
-
2015 سنة مريرة وعجفاء، فماذا يحمل العام 2016 لشعب العراق؟
-
كيف يمكن قراءة الوضع السياسي الراهن بالعراق؟
-
الاستبداد والقسوة بالعراق
-
هل توفر الدولة والحكومة العراقية الأمن والحماية والسلام لمسي
...
-
العراق تتقاذفه الإرادات والأجندات الأجنبية!
-
رأي في مقال الأستاذ أحمد الصراف -المسلمون وترامب وزوكربيرغ
-
السعودية، ينبوع الفكر الإرهابي، تؤسس -تحالفاً إسلامياً- ضد ا
...
-
هل كان حيدر العبادي أو ما يزال سيد قراره؟
المزيد.....
-
إعلان وصول الرهائن السبعة المفرج عنهم من خان يونس إلى إسرائي
...
-
إصابة شاب برصاص الجيش الإسرائيلي في مخيم جنين واقتحامات غربي
...
-
ترامب يطرح سؤالا على برج مراقبة مطار ريغان
-
سماعات ذكية لمراقبة صحة القلب
-
جهاز للمساعدة في تحسين النوم والتغلب على الأرق
-
ماذا يعني حظر إسرائيل للأونروا بالنسبة لملايين الفلسطينيين؟
...
-
كيف يفكر دونالد ترامب في إعادة إعمار غزة؟
-
الإمارات تتسلم أول دفعة من مقاتلات -رافال- الفرنسية في صفقة
...
-
ميركل تنتقد زعيم حزبها بسبب تمرير خطة اللجوء بأصوات -البديل-
...
-
الجيش الإسرائيلي يغتال أسيرا محررا في نابلس (صورة)
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|