أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ذياب فهد الطائي - أسئلة الرواية الاماراتية















المزيد.....


أسئلة الرواية الاماراتية


ذياب فهد الطائي

الحوار المتمدن-العدد: 5080 - 2016 / 2 / 20 - 10:50
المحور: الادب والفن
    


أسئلة الرواية الاماراتية
دراسة لخمس روايات اماراتية
1-أميرة حي الجبل.... لعلي احمد الحميري
2-إمرأة استثنائية لعلي ابو الريش
3-لعله انت...... لباسمة يونس
4-بين حين واخر..... للميس فارس المرزوقي
5-ريحانة..... ميسون صقر القاسمي
ذياب فهد الطائي
1/12 أميرة الجبل

تعريف بالمؤلف
صدر للمؤلف ثمان مجموعات قصصية ابتداء من عام 1999 وحتى عام 2010 (قزم وعملاق” ،1999 و”الداسيات” ،2000 و”ذرة فوق شفة” ،2001 و”شيء من هذا القبيل” ،2001 و”عيون السمك الباردة” ،2002 و”شفافية الثلج” ،2003 و”خربشات على أديم الكثبان ،عام 2008 ) الجدران” و”تيجان البونسيانا” 2010
ويعمل الان على إصدار رواية جديدة بعنوان “كوكب الخوف” يتناول فيها
"الربيع العربي” بطريقة تحليلية ،
ويقول الحميري إنه لايسعى في روايته لتقديم وجهة نظر معينة أو الاصطفاف في طرف، لكنه يحاول فقط أن يفهم الظاهرة، ويغوص في أعماقها، بتحليل المقدمات والإرهاصات
التي سببتها، وذلك في إسلوب يحاول أن يكون إضافة جديدة لما قدمه في قصصه السابقة
هذه الرواية هي الجزء الأول من ثنائية ،كما يقول المؤلف علي أحمد الحميري ،وأنه أعاد كتابتها ربما أكثر من سبع مرات ، واستغرقت كتابتها حوالي الاربعين سنة ، وهي من منشورات اتحاد كتاب وأدباء الإمارات في دولة الامارات العربية المتحدة.
ورواية (اميرة حي الجبل )تقع ب380 صفحة من القطع المتوسط وقد صدرت في عام 2014
يقول ماركيز انه ينصح الكتاب الروائيين أن يكتبوا ما وقع لهم ، ويمكن أن نظيف إن الروائي لابد أن يجنح للخيال في صناعة شخصيات روايته ، وفي الرواية الحديثة لامناص من رؤية ثقافية لتلك الشخصيات بحيث تتحرك بعقلانية لتمثل الواقع بحيادية ،وهكذا قام المؤلف بتطويع مافي ذاكرته من خزين عن عالم الخمسينيات من القرن الماضي ،ليضفي عليها ما يتمتع به من مخيال روائي، ليقدم لنا هذه الرواية التي حرص ان تكون شاملة للواقع الموضوعي دونما مبالغة تبعدها عن ان تكون رؤية صادقة عن ذلك الواقع
هذا مع العلم ان بعض الروائيين يعطي الواقع صورا رمزية او يلبسه استعارات تغيّر من معالمه الظاهرة ،وقد يلتبس الامر على المتلقي
ففي رواية (الجحيم )لدان براون (مؤلف رواية شفرة دافنشي )، والتي صدرت في عام 2013 بعشر لغات مرة واحدة ، صّور براون مدينة مانيلا عاصمة الفلبين، على إنها بوابة الجحيم .
حيث تقوم إحدى شخصيات الرواية بالسفر إلى العاصمة الفلبينية ضمن بعثة إنسانية، وتصعق بما تراه من الفقر وتجارة الجنس والتلوث. كذلك تتعرض للاغتصاب من أفراد عصابات محلية. وقال فرانسيس تولنتينو رئيس هيئة تنمية مانيلا، إن تصوير المدينة لم يكن دقيقاً، ويمثل إساءة للكاثوليكية، وجاء في بيان له: «ندرك أن روايتك عمل خيالي ولكننا نشعر بخيبة أمل جراء تصويرك غير الدقيق لمدينتنا الحبيبة». وأضاف: «مانيلا مركز الروح والدين والأمل في الفلبين. نأمل أن ينير هذا الخطاب الطريق أمامك ويرشدك في المرة المقبلة التي تستشهد بها بمانيلا في أي من أعمالك». وأشار تولنتينو إلى أنه تحقق في سجلات الهجرة، وتبين له أن براون لم يزر المدينة أبداً!!!! .
أما المؤلف علي الحميري فيقول : لابد أن ينحاز الأدب إلى واقع الإنسان الحقيقي. فأنا أتابع تداعيات الواقع على البشر، وأرصد مشاعرهم تجاه الحياة وما فيها من
عناء وفي نفسي حنين دائم إلى “الحارة” القديمة التي عشنا فيها، والتي تلاشت اليوم في ظل التطور المتلاحق،
وتلاشى معها كثير من قيم ذلك الزمان، ورغم أن الحياة كانت شحيحة
سعادة واحساسا وكان إنسان ذلك الزمان فقيراً بمقاييس الحاضر، فإنه كان أكثر
بقيمة وجمال الحياة، وذلك لقوة الروابط الاجتماعية، ومتانة التواصل بين أفراد
الحي الواحد.
واليوم يكاد المرء لا يعرف جاره، ولا تربطه به أية صلة، وأصبحت
الحياة في مجتمعاتنا تتجه إلى الفردانية، والانغلاق على الذات، ولذلك فالكاتب
عندما يستعيد حياة ذلك الزمان ونماذجه البشرية فإنما يستعيد تلك القيم الإنسانية النبيلة، ويثير
انتباه الأجيال الحاضرة إليها، لعلهم يستلهمونها

ملخص رواية أميرة الجبل

أبوعزيز من الأثرياء الجدد ومسؤول البلدية ، يقوم ببناء قصر في حي فقير بعد ازاحة مبانيهم البدائية بحجة انها بنيت تجاوزا، تعمل في القصر مجموعة من الخدم الذين يستبدلون بشكل متكرربسبب سوء معاملة أبو عزيز لهم .
يسكن مع أبو عزيز ، زوجته وهي امرأة من العشائر التي تسكن في الجوار ، وهي طيبة ودمثة الخلق ،وابنه عزيز وابنته ، وأخت زوجته وتدعى صفية وهي طالبة في الثانوية ، وصالحة وهي من العائلة ، فضلا عن السائق سعيد
يتوسط محسن وهو من المنطقة لدى أبو عزيز بالحاق محمد للعمل في القصر ،
محمد ،طالب ثانوي ومناضل في منظمة سرية تعمل ضد الوجود البريطاني وقد استشهد أبوه(الشيخ سالم العمر ) في أحدى المعارك، وحين بدأت السلطات البحث عن محمد ، اضطر للتخفي والعمل كخادم في القصر،
تبدأ قصة حب بين محمد وصفية ،وتراوح العلاقة بينهما بين مد وجزر بسبب رد الجميل، من محمد لأم عزيز التي كانت تعطف علية ، وحين تعرض عليه صفية الهرب سوية والزواج يرفض لأن هذ السلوك لاينسجم وتربيته الاخلاقية
تجتمع العشيرة التي ينتمي اليها محمد والعشائر المتحالفة معها لاختيار أمير جديد بدلا من الشيخ سالم العمر والد محمد ، ويتفق الجميع عل تولية محمد أمارة التحالف العشائري.
حين تقف أم عزيز على القرار وتعلم إن خادمهم أمير التحالف الذي تنتمي اليه عشيرتها ، ترحب بالعلاقة بينه وبين صفية
ويتنتهي الأمر بزواج محمد وعودته الى الدراسة والى عشيرته،وهنا لابد من التنويه إن الحميري ،لم يكشف لنا ،عما إذا كان بطل روايته قد عاد الى نشاطه السياسي المعادي للاحتلال البريطاني أم لا ،وهذه النهاية تدفع بالمتلقي الى الاعتقاد ،أن الرواية تعرضت لبتر غير مبرر ،وقد يبرر المؤلف ذلك بما يعدّه من سرد في الجزء الثاني من روايته .
وفي الحقيقة فإن الروائي علي أحمد الحميري قد كتب( حكاية) بنيتها السرد من حيث تتابع الاحداث وكينونتها ، حدث واقعي ،نقله التخيل الى فضاء السرد الروائي ، بما استخدم الروائي من استعارات وتشبيهات تحمل الدلالة والاستعارة ، فالاستعارة والتشبيهات يمثلان أساس الخطاب في الرواية.
ورواية الحميري ، أقرب الى روايات الستينيات الرومانسية وتلتزم بالزمن الخطي، وتتضمن 55جزءا ، تبدأ بالإطلالة الاولى وتنتهي(اختراق آفاق الغموض) و تتراوح مساحة الاجزاء بين الصفحتين والثمانية صفحات ،وعلى الرغم من انها في المجموع تمثل فضاء الرواية الا أنه يلاحظ
1-إن العناوين الفرعية ، يمكن ان يشكل كلا منها قصة قصيرة منفصلة،وإن تعددها قد يدفع بالمتلقي الى الشعور بان المؤلف عمد الى محاولة تشتيت فكره ،ولكن من الواضح ان المؤلف هنا عمد الى الاخذ بظاهرة الحداثة الروائية ،وان هذا التفتت هو مظهر خارجي لم يؤثر على تماسك بنية الرواية ووحدتها .
2-إن معظم العناوين الفرعية ، يمكن أن تكون دلالات وعلامات موحية،فهي تتراوح بين العناوين المجازية والرمزية ،اكتشاف برعم ،فصول الحب الاربعة، وعام أقرب الى القرية .
كما إن هناك عناوين فرعية ، تحمل تعبيرا مباشرا يكشف ويفسر ما سيأتي من سرد ،كالزقاق الكبير ، لعبة حواء الخالدة ،وغيرة الاميرة.
وتوظيف التاريخ في الرواية ، لم يكن الغرض منه التعريف بالحراك التاريخي وانما كمقطع تجري عملية السرد في فضائه ، من هنا ، ابتعد المؤلف عن الحديث عن وقائع تاريخية تفصيلية واكتفى بالحديث عن مزاج فضاء الرواية في تلك الحقبة التاريخية
والرواية بشكل عام هي رواية شخصيات ،فقد زاد عددها على الخمسين شخصية، لم تكن كلها فاعلة في عملية السرد، فقد عبر بعضهم ، فضاء الرواية على عجالة حتى دون ان نتبين ملامحه،ويمكن بناء عليه الاستغناء عنها دون المساس بمسارات السرد،
ولم تتضمن الرواية أحداثا تذكر ، وكرست جلّ مسارات السرد للمنلوج الداخلي ، وهي رواية يحكيها راو هو (علي محسن) الذي يدخل في الفصل الأخير من الرواية ، في صلب عملية السرد بعد أن دفع به المؤلف الى الواجهة ليسافر بصحبة اخته وابن عمهما الى انكلترا، ويبدو ان المؤلف يمهد بهذه الانتقالة الى الجزء الثاني من الرواية. ، فالسارد(علي)، بانطلاقه في سرد حكايته يكون بذلك مفتاحاً لإطار جديد تبتدئ فيه الأحداث ضمن زمان ومكان جديدين،ومعهما يُستكمل رصد الفضاء الروائي،الذي تتمدد جغرافيته ويتمدد زمانه.
وفي هذا الفصل (الأخير ) ينتقل السرد من النص المغلق الى النص المفتوح،لأنه يترك للقارئ مساحة من تخيل ما قد يقع للمسافرين، وكيفية تعاملهم مع المجتمع الجديد في اوربا وتفاعلهم مع قيم وعادات لم يألفوها .
ونحن نتابع القراءة نجد إن المؤلف مهيمن على النص ولا يترك لشخصيات الرواية أية مساحة من الحرية، وبهذا فالنص ينتمي الى ما يعرف بالنص المغلق الذي لايترك للمتلقي أن يساهم في مجريات الحدث، ليبحث عن حلول للتساؤلات التي قد تطرحها الرواية .
المؤلف وضع خطا مستقيما تجري على مساره الاحداث، عدا ما جاء بالفصل الأخير من الرواية، الذي بدا وكأنه خارج سياقات النص، و القارئ، هنا مجبر على السلبية في عملية التلقي ، بسبب طبيعة النص الذي لايسمح له بدور في عملية البحث بمصائر ابطاله ،كما ان المؤلف، وفقا لإمربتو ريكو
( لم يستدعي مجموعة أدوات تعبيرية، وتقنيات بنائية تحقق له هذا النقل، كأن يعمد إلى طرح الأسئلة الملغزة: كيف حدث ذلك؟ ولماذا حدث؟ وبم نواجهه؟، أو يعمد إلى زرع بنية التوجع والتحسر لإثارة الانفعال)
والرواية بواقيعتها تدخل في تفاصيل لاحصر لها، ولولا براعة المؤلف التي استعان بها، وصبره الطويل على ترويض الشخصيات (الذي امتد لأربعين سنة ) فضلا عن لمسات شعرية في جوانب من الحوارات ،لكانت الرواية مجرد حكاية شعبية.
قلت إن شخصيات الرواية حوالي الخمسين شخصية ولكن الرئيسة منها اثنتان هما محمد وصفية اما بقية الشخصيات فهي تؤثث للفضاء الروائي
يبدأ الحدث بقيام مسؤول في البلدية بازالة بيوت عشوائية ليبني عليها القصر الذي سيسكنه وعائلته، ولكن المؤلف لم يفصح لنا عن المكان كما انه لم يبين متى تم ذلك ،لقد تركنا نكتشف الزمن من بعض الجمل التي وردت عرضا ، وهي (لعبة) روائية ذكية ،ففي الصفحة 294 يذكر المؤلف :
(ذلك المذياع القديم ، ماركة فيلبس ، اصبحت له قيمة عظمى ودور كبير ، وأخذت الخالة عايده تخبطه بدلا من ابن اخيها ، لتسمع النساء المتحلقات حوله في بيتها، صوت العرب والمقاومة الباسلة التي يبديها شعب مصر العملاق لصد عدوان غاشم قامت به ثلاث دول لتقهره .....)
إاذا، فزمن الرواية هو منتصف الخمسينات من القرن الماضي وهو زمن مهم أتيح فيه للجمهور العربي أن يشارك بصنع الاحداث، كما شهد تحولات اجتماعية في عمق بنية المجتمعات العربية فضلا عن اكتشاف البترول وتدفق الثروة الى المنطقة
كانت اول كاسحة قد دخلت الزقاق بعد شهر من انتقال اهل العشاش لتسوية الارض ً(ص21 ) وهنا يرمز المؤلف الى قوة السلطة التي دعمها المال لتعمل على تغيير الواقع الطوبوغراي لصالح الاثرياء الجدد
وما أن يحضر محمد الى القصر الجديد حتى تبدأ معالم الرواية بالتشكل عبر قصة حب بين محمد (الخادم الجديد ) وشقيقة زوجة سيد القصر ، ويمكن بالطبع أن نتوقف عند هذه الدلالة
الطبقة الفقيرة المتشبثة باصولها وقيمها وموقعها تتفوق على الطبقة الثرية الميسورة .....بالطبع لم يصل التوصيف بالحدث الى المستوى الذي عرضه د.هاء.لورنس ، ولكن قد يكون السبب في الفارق بين مستويين من الثقافة والتراكم المعرفي .
كما إن تفوق أبو عزيز وشقيق زوجته ،على السكان الفقراء وطردهم من مساكنهم لبناء قصر لايسكنه إلا ستة اشخاص ، يكشف كما عرض الروائي، عن فساد الطبقة الجديدة وعدم تحليها باية مشاعر انسانية ...وكإنما اراد المؤلف هنا أن يكتب عن عصر ما قبل نشوء الدولة المدنية ، المبنية على قوة القانون ونشر الرخاء وتربية الانسان،ولكنه لم يعر الموضوع ما يستحقه من اهتمام ، وكان بمقدوره ان يتابع دراسة التمايز الطبقي في مجتمع ماقبل اعلان الدولة الاتحادية ،ولكنه اكتفى بعرض مبتسر لشكل التسلط الذي يمارسه (الأثرياء الجدد )،كما انه يشير تلميحا الى تغيرالسلطة في المجتمع من سلطة العشائر الى سلطة الطبقة الجديدة ،
ففي الصفحة 149 حوار يعرض شكل التسلط الذي يمثله ابو عزيز في البيت
يفتح محمد الباب لأبي عزيز قرابة نصف الليل
يصرخ ابو عزيز-اغرب عن وجهي ....ايها الجبان ....المنافق
كان ذلك ردا على تحية المساء التي القاها محمد .............فلما رآه عائدا بهدوء الى المكتب دون ان يقول شيئا تجنبا لمواجهته صرخ به
-انتظر قف مكانك ....حين اكلمك ...يا
التفت محمد فوجد أن الصرخة التي اطلقها الرجل قد سببت له سعالا شديدا جعله يترنح ويركن الى الجدار كي لايقع
-اية خدمة للسيد؟
- ما الذي تفعله في المكتب يالص ؟
ويعرض المؤلف الى الشعور بالمسؤولية لدى محمد الذي تذكر موقف زوجة السيد منه ،الذي يتسم بالتعاطف والاحترام
يتابع السيد شتائمه
-كلكم لصوص ....جبناء ...ان رأيتك تدخل هذا المكتب بترت ساقيك...أسمعت ؟
هز محمد رأسه موافقا ونكص عائدا الى الرواق الطويل ليصعد الى غرفته
لكن الاخر لم يعجبه ذلك الانسحاب ايضا واعتبره تمردا صامتا فهجم عليه بصورة مباغتة
-قف يا جبان
فالتفت محمد سريعا اليه ، ثم تلقى بكفه ذراعا غليظة وجهها الرجل نحوه فثبتها بصلابة فوجئ بها السيد
شرع يقذفه بالفاظ نابية بذيئة ، حين وجد نفسه عاجزا عن تحريك ذراعه
-اترك ....اترك يدي ، يا...
فلم يجبه محمد بشيء بل ظل صامتا ينظر اليه بابتسامة هادئة
هذا المشهد الذي نسجه المؤلف بعناية وبقصدية ليبين التناقض بين موقفين يعبران عن شريحتين متناقضتين وليعلن ادانته لشريحة (السيد )، على اساس انها لاتنتمي الى تلك الارض وهي نبات شيطاني بذرته السلطات الاجنبية ومكنته من الثروة لتستقيم لها السيطرة،والروائي هنا يقدم بطل روايته (محمد ) معّرفا بمزاجه وقيمه الاجتماعية ،ولكنه حين حاول التعريف بمستواه الفكري والثقافي ،حمّله بأكثر مما يسمح به تعليمه الدراسي والخاص
انها رؤية السارد الفكرية ،تتكرر في ثنايا عملية السرد
ومحمد هذه الشخصية التي بدت غامضة منذ دخوله بيت ابو عزيز، فهو الخادم الجديد الذي توسط له محسن(والد السارد) في الحصول على العمل ، يتصرف بترفع وبهدوء دون ان يؤدي ذلك الى الانعكاس على عمله في القصر
ويعمد السارد مرة اخرى الى اسقاطات ايدلوجية غير مبررة ، كما في الصفحة 85 حينما يدفع بمحمد الى القول بانه اعجبه كتاب راس المال ، ويذهب ابعد من ذلك ليعلن انه أعجبه من الناحية النظرية وإن اعتبره صعب التطبيق
فإذا علمنا ان محمد لم يكمل المرحلة الثانوية وانه مازال في العشرينيات من عمره فإنه يصعب التصديق انه قرأ راس المال لكارل ماركس وانه استوعبه ليعطي رأيا اجماليا فيه ، والكتاب كما نعلم ،متخصص وصياغته عالية ويشتمل على رؤى فلسفية وتنظير اقتصادي وبحث اجتماعي
محمد ، إبن الشيخ الشهيد سالم العمر امير المنطقة، ومحمد عضو في منظمة سياسية سرية في ريف ما بين الصحراء والبحر ، قد يكون تعلم الكثير في مجالس الشيوخ ومضافاتهم ، والتي يقال عنها انها مدارس ، وهي فعلا مدارس في الاخلاق والسلوك والاصالة ، ولكن لاعلاقة لها بالفلسفة وبالنظرية الماركسية وبمعدلات فائض القيمة
وموقف محمد برفضه طلب صفية منه ،الهروب من القصر والزواج ووضع الجميع امام الامر الواقع ، أمر ينسجم وتلك التربية والجانب الاخلاقي منها
حين اشرفت قصة الحب بين محمد وصفية على نهايتها السعيدة قال لها
-حسنا اعترف .....إهدئي فقط ..إهدئي ...ياسيدة حلمي الجميلة ...لكن أتظنين لو أنني وافقتك ،أننا سنهنأ بسعادة ...لا....لا....لاأنت ولا أنا، من يفعل ذلك
في الصفحة 342 يقدم الروائي علي الحميري دلالة موحية، تتعلق ببناء (ثري آخر) قصرا جديدا ،وقد كان ثمن البناء الجديد سحق عشرات الحيوانات التي كانت تعيش على القمامة و في العراء
والدلالة هنا تتعلق بزيادة عدد الاثرياء وبالطبيعة المدمرة التي يمتلكها الساكنون الجدد
ومن جهة ثانية يعرض المؤلف، طبيعة الصراع الجديد الذي نشأ بين اهل القصرين، رغم انهما يتنميان الى ذات الطبقة الاجتماعية، وتحسن العلاقة بين سكان القصر الاول واهل الزقاق الفقير ،الذي يعود الى تأثير بطل الرواية محمد من جهة ،وكون ام عزيز واختها من عشائر المنطقة من جهة ثانية
في الصفحة 354 يقول السارد (كان يوم جمعة ...بعد ان عاد ابي من صلاة العصر وشرع في قراءة سورة الكهف ...........)
بدا هذا العرض غير متسق وسياقات السرد المارة ، وكأنه غير مبرر اذ لم تكن المقدمات تفضي الى هذه السورة الكريمة ، ولكن الحدث الذي جاء والاب يقرأ السورة ، يكشف ان ذكر السورة دلالة رمزية ، قصدها الروائي ،فكأن الواقعة (قراءة سورة الكهف ) تحولت الى توقع ،كتتابع في لا وعي الأب
يقول السارد عن أبيه ، انه لم ينتبه للجلبة الخفيفة الاتية من الفوهة العلوية لزقاقنا العرضي المنحدر جنوبا ، من الزقاق الطويل ، فلما قرع الباب ، أوقف القراءة وأطل مستطلعا ،فرأى غريبا بنظارة شمسية ، فظنه المهندس الأجنبي بشركة الكهرباء ، فهتف بي
-انظر ياولد الى هذا الشاب وماذا يريد
فازاح عبد الله النظارة السوداء عن عينيه وخاطب أبي
-هذا أنا ياعم ... انا عبد الله ... اما عرفتني؟
رأيت دموع الفرح تلمع في عيني أبي ولما قابل أمي لدى الباب ،هتف بها
-عبد الله ...جاء عبد الله ، زغردي يا أم علي ...إفعلي شيئا يا امرأة ...زغردي
كانت الاشارة الى سورة الكهف دلالة رمزية عن تحول غير واع و تعبِّر عن سيرورات نفسية موازية لها موجودة في خافية اللاوعي ، بمعنى ان الدلالة تتمثل في الايحاء بوقوع حدث ، وهذا الربط في التحليل بين التوقع كحالة مادية وخطوط القوى الروحية يخلق محركا للخيال تحركه الأحداث المحسوسة للحياة اليومية .
لقد نجح الروائي هنا بالرجوع الى السرد الذي يولد أشكالا من الدلالة والمعني .كما نجح في دفعنا الى البحث عن تلك الأشكال الدلالية منتقلا في الفصل الاخير(اوروبي يقرع بابنا )،في الصفحة 354 ، الى شكل النص المفتوح
ومن الاشارات الدلالية التي عرضها الروائي علي الحميري ما جاء في الصفحة 294 بإشارته الى ان هدف العدوان الثلاثي على مصر، في عام 1956، كان قهر مصر وسائر العرب والمسلمين، وهو هنا يكشف عن المزاج السياسي العام في (مكان الرواية ) باعتباره مزاجا عربيا واسلاميا مما دفع بالنخب المثقفة الى تبني الفكر الناصري ونجاح تلك النخب بتكوين رأي عام مؤيد للفكر القومي العربي ، وتمثل هذا النجاح في توجه المواطنين بما فيهم اهل العشاش ،الى مكاتب تسجيل المتطوعين ،بهدف الدفاع عن ارض مصر.



#ذياب_فهد_الطائي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دراسة اولية لرواية (كاباريهت ) لحازم كمال الدين
- واقع العلاقات العربية الهولندية
- نقد فلسفي


المزيد.....




- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ذياب فهد الطائي - أسئلة الرواية الاماراتية