أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - موسى راكان موسى - شعوذة التاريخ - محكمة التاريخ














المزيد.....


شعوذة التاريخ - محكمة التاريخ


موسى راكان موسى

الحوار المتمدن-العدد: 5079 - 2016 / 2 / 19 - 02:53
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


(( التاريخ يُحاكِم و لا يُحاكَم )) ــ شعار بقدر ما هو إيديولوجي ، هو شعوذة خالصة ؛ فلا وعي و لا قصد و لا غاية للتاريخ ، و كذلك فهو أيضا ليس بتقدمي أو برجعي في تطوّره ، و فوق كل ذلك هو فارغ تماما من المعنى ، و لا يتصيّر بأمر مطلق إله أو إنسان . فالتاريخ لا يُحاكِم ، لكنه يُحاكَم ؛ إلا أن المحاكمة لا تجري خارج التاريخ ، فالمحكمة يحتويها التاريخ ذاته [ محكمة التاريخ ] .


* شيء مما سبق ذكره ، يضطرنا الطرح إلى تكراره /
# إن الكليّات التي يحتويها التاريخ في حركة و تغيّر دائمين ؛ بالتالي التاريخ ككلية حاوية لهن هو أيضا في حركة و تغيّر دائم .
# التطوّر في التاريخ لا يسير أفقيا أو عاموديا أو دائريا أو لولبيا ؛ فكل (من طور إلى طور) هو سيرورة بصيرورة خاصة مميزة بذاتها ، إنطلاقا من السببية الكامنة فيها نفسها .

***

إن النتائج تلي الأسباب ، و الأسباب في التاريخ دائما موضوعية ، حتى إن بدت ذاتية المظهر ؛ لأن الأسباب كامنة في البناء ، و كامنة فيما بين البناءات ، ضمن الكل [ التاريخ ] ــ فما يتبدى لنا ذاتيا في الظاهر ، إنما يكون مدفوعا بكم و كيف موضوعي معيّن في التاريخ ككل . إلا أن هذا التمظهر الذاتي يدلنا على مجموعة من الأسباب المتذبذبة [ المتنازعة ؛ المتوترة ] ، يمكن أن نطلق عليها (الأسباب الممكنة) ؛ ضمن حدود الكل الحاوي ، لكن هذه الأسباب ليست منبسطة و الإختيار بينها مطلق ، لهذا يمكن اللجوء إلى (الأسباب الغير ممكنة) للتضييق على المثالية و التجريدية في التاريخ .

فضمن حدود ما أطلقنا عليه (الأسباب الممكنة) تكمن أي محاكمة معقولة في التاريخ ، و في المقابل تكمن محاكمة لا معقولة و خارج التاريخ فيما أطلقنا عليه (الأسباب الغير ممكنة) ؛ لكن هذا لا يعني على الإطلاق أن ما يندرج في معالجتنا لفترة ما أو طور ما ضمن (الأسباب الممكنة) ، أن يبقى كذلك في معالجتنا لفترات أخرى و أطوار أخرى [ و ذات الأمر فيما يتعلق بـ(الأسباب الغير ممكنة) ] ــ فالذي يجعل السبب ذاته ممكنا أو غير ممكن ليس ذاته ، إنما وجوده من عدمه [ في البناء أو بين البناءات ضمن الكل ( الطور التاريخي ) ] ، بالإضافة إلى كونه فعّال من عدمه [ بالنسبة إلى موقعه من الأسباب الأخرى ضمن الكل ] .

فعلى سبيل المثال ــ فإن التحوّل من الإقطاعية إلى الرأسمالية في أوروبا [ النتيجة ] ، لم تكن لتكون لولا أن الأسباب الكامنة في الطور الإقطاعي المؤدية إلى الطور الرأسمالي (موجودة) و (فعّالة) [ الأسباب الممكنة ] ؛ إلا أن هذه الأسباب [ بشكل خاص التي تتبدى ذاتية التمظهر ] كانت في وضع من التذبذب [ التنازع ؛ التوتر ] مع أسباب أخرى [ الأسباب في النهاية كامنة في الطور ذاته ، و ليست في خارج الطور ؛ بالتالي فالتنازع الذي يجري بين الأسباب هو تنازع بين أطراف أو كليّات في الطور نفسه ] // من طريف ما يذكر هو الخلط بين النتيجة و السبب [ عن قصد أو دون قصد ] ، إذ يجعل من (التحوّل من الإقطاعية إلى الرأسمالية) سببا لـ(قيام الطور الرأسمالي) ! ؛ و هذا الخلط لا يجعل النتيجة سببا ، لكنه يؤدي دورا تضليليا في فهم التطوّر التاريخي [ أو كما يُقال : فسر الماءَ بعد الجهد بالماءِ ] .
لكن إن حاولنا تتبع أسباب ما يؤدي إلى إمكانية التحوّل من الطور العبودي إلى الطور الرأسمالي ، فسننتهي إلى ما أطلقنا عليه (الأسباب الغير ممكنة) ؛ لأنها (غير موجود) و (غير فعّالة) ، أو (موجودة) لكنها (غير فعّالة) ، بوجود أسباب أخرى (موجودة) و (فعّالة) .

* خلاصة ما سبق :
# السببية كامنة في التاريخ ، و ليست تقع في خارج التاريخ ؛ و لمزيد من الدقة فإن الأسباب تقع في الطور التاريخي نفسه .
# ليست الأسباب منبسطة و الإختيار بينها مطلق ؛ فالأسباب يمكن تصنيفها إلى (أسباب ممكنة) و (أسباب غير ممكنة) ، إنطلاقا من (وجودها من عدمه) و (مدى فعاليتها) في الطور التاريخي .
# الخلط بين (النتيجة) و (السبب) ، لا يجعل النتيجة سببا ، أو السبب نتيجة ؛ سواء أكان عن قصد أو دون قصد ؛ لكنه يقوم بدور تضليلي في الفهم التاريخي ، أو في فهم التطوّر في التاريخ .

***

(( التكرار في التاريخ )) ــ من الأحكام المُبتذلة في التاريخ ، و التي تؤدي دورا تضليليا ؛ فكون التاريخ و ما يضمّه في وضع حركة و تغيّر دائمين ، فلا وجود لأي تكرار في التاريخ ، إلا إبتذاليا أو تضليليا . فأي تجربة (كيميائية مثلا) نقوم بها ، وفق شروط معينة و ضبط معين ، لا يمكن تكرارها هي كما هي في هيئتها الكلية الأولى إطلاقا ؛ إلا أن هذا لا يعني أن نتيجة التجربة ذاتها ستكون مختلفة تماما إن قمنا بالتكرار ، إذ تبقى نسبة معينة تتشابه فيها التجارب اللاحقة مع التجربة الأولى في التكرار [ و على أساس ذلك يتم وضع الشروط و الضوابط العامة للحصول على نتيجة تجربة بالتكرار ] .

* رغم وجود بعض التشابه في التكرار ، إلا أن الإختلاف سمة رئيسية فيه لا يمكن تجاهلها ؛ بغض النظر عن نسبة التشابه إلى الإختلاف ــ لذا فلا يجب أن نُخدع تحت مسمى التكرار ، فكل تجربة هي تجربة جديدة بحد ذاتها [ مُميّزة ] ، و إن وصفنا فعلها بالتكرار .

فلمن يأخذ بالتاريخ كمجموعة من الوقائع و الأحداث ، سيقع في مغالطات عديدة ، منها القول بالتماثل في التاريخ ؛ بوصف الحدث أو الواقعة بكونها في وضع تكرار لأحداث و وقائع أخرى [ بالإستناد على التشابه بينها ] . لكن علم التاريخ ليس عبارة عن مجموعة من الوقائع و الأحداث ، و لهذا فإن إدراك هذا الإختلاف و التمايز هو سمة رئيسية في علم التاريخ ؛ و لا يجب أن نفهم من ذلك ضرورة استبعاد التشابه ، فالتشابه يلعب دورا مهما في العلوم من ناحية التصنيف [ على سبيل المثال : الكائنات الحية ، المجموعة الحيوانية ، الثدييات ، الإنسان ــ لكن حتى كل إنسان بذاته مختلف عن غيره من البشر (مُميّز) ؛ البصمة مثلا ] ، لكن يجب أن لا يوقعنا التشابه في الإبتذال المُفرط ، أو في وحل التماثل ــ و الذي يجري تحت عنوان أوسع مُبتذل و مُضلل : (( التكرار في التاريخ )) .



#موسى_راكان_موسى (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شعوذة التاريخ - التطوّر في التاريخ
- شعوذة التاريخ - علمية التاريخ
- شعوذة التاريخ - مقدمة
- شيء عن برنارد هنري ليفي
- شعوذة إقتصادية (4)
- شعوذة إقتصادية (3)
- شعوذة إقتصادية (2)
- شعوذة إقتصادية (1)
- القوة - السلعة و الخدمة
- القوة - النقود
- القوة - الجهد المبذول [ قوة العمل ]
- القوة - الجمهور و الجماعة
- تصفية الشهداء
- القوة - كونك ماركسي
- كونك ماركسي 2
- كونك ماركسي
- مغالطات مُتداولة .. العامل المُنتج هو بروليتاري
- القوة - الجنس
- شيء عن الإيديولوجيا
- القوة - الضعف و العبودية


المزيد.....




- موسكو تعرض التوسط بين طهران وواشنطن فيما يخص الملف النووي
- هل تنزلق أوروبا إلى الحرب؟
- اتصالات -سرية- مع زيلينسكي والغموض يكتنف مصير صفقة المعادن
- الشاباك يقر بفشله في منع هجوم 7 أكتوبر.. ويلقي باللوم على حك ...
- بعد تعليقها.. كييف تتوقع الانقطاع في الإمداد بنحو 65% من الأ ...
- بأمر تنفيذي من ترامب.. واشنطن تصنف الحوثيين -جماعة إرهابية- ...
- ما أبرز الفيديوهات المضللة التي انتشرت عن الدروز واشتباكات ج ...
- خلال اتصال ستارمر.. زيلينسكي يبدي رغبته في تصحيح العلاقات مع ...
- تحضيرات لقمة ثلاثية تجمع قادة الجزائر وتونس وليبيا في طرابلس ...
- إعلام أوكراني: دوي انفجارات قوية تهز مقاطعة دنيبروبيتروفسك


المزيد.....

- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - موسى راكان موسى - شعوذة التاريخ - محكمة التاريخ