أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - فكرة الدين وظاهرة التدين














المزيد.....


فكرة الدين وظاهرة التدين


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5079 - 2016 / 2 / 19 - 02:40
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


التدين وممارسته وبسط وجوده في حياة الإنسان ما هو إلا ظاهرة لها خصائص ذات طبيعة نفسية حسية مرتبطة بحاجة الإنسان الطبيعية للتغلب على حالة الخوف والقلق الناشئتين من وجوده ,أو مواجهة التحسس والترقب من حركة الأخر البعيد والقريب المعلوم والمجهول والغير مسيطر عليها من قبل الإنسان أو الغير واضحة المعالم بالرغم من أن كل هذا في الحساب المنطقي للعقل أمر عادي يمكن التغلب عليه بمحاولة الفهم أو الإدراك للعلة والسبب أو حتى الأقتراب من المحرك الأساسي له .
هنا تتحرك النفس البشرية بما يعرف منها بحساسية الإدراك التلقائي بفعل لا إرادي ذاتي طبيعي من أنها تستفز وتثار وتتأثر , ليس كجوهر معنوي ولكن معها الإنسان الكائن المنفعل أن يندفع خارجا للبحث عن ماهيات أو أفكار وممارسات تستجيب للفعل النفسي وتقابله في حدود الفهم والتوصيف ليختار ,لا يمكن له هذا المركب النفسي العقلي المترابط والقلق المرتكب والخائف المنفعل مهما أدرك صورة هذه الحقيقة وعمل على تجاوزها أن ينجح في إهمال أثر الظاهرة أو تجاوزها ,إلا إذا أحس أن كل شيء من حوله مفهوم ومفسر ومسيطر عليه .
بالتالي وجب عليه كي يواصل ديمومته ويعيش مقتنعا أنه سينجح في لحظة أكتشاف ما تعيد له القدرة على البقاء حرا , فلا بد له بلوغ درجة العلم الكامل بكل شيء ليكون للعقل دور الخيار في التحكم وبسط ما يعرف بجدار الرد على مباعث قلق النفس وعدم قدرتها على الفعل المباشر ، وهذا يمثل نوع من أنواع المحال المنطقي فضلا عن العملي .
العقل الكائن الطبيعي الذي يتولى وظيفيا عمليات الفرز والترميز والتصنيف وصولا لمرحلة التقرير النهائي في فرض صورته التي وصلها واقعا بغض النظر عن صراعه التقليدي مع قوى النفس الحسية ,ينحصر دوره في قضية التعبد في البحث بين إنفعالات النفس مع الما حول مع نتيجته التي ذكرناها أنفا ,عن أفضل ردود الفعل المناسبة (أفضل الممكن أو الفضل المقبول واقعا) مع حاجة النفس لمن يقنعها أنها قد تنال ما يؤمن لها الشعور بوجود غطاء حامي ، أو يجعلها تؤمن بذلك حتى لو كان الخيار من اللا معقول أو اللا ممكن (النسبي ) وهذا وجه واحد من أوجه الصراع الإنساني الداخلي بين التعلم والتدين .
هل يعني أن العقل قد يتنحى جانبا في أداء الفرد لممارسة ظاهرة التدين أو يقبلها أو ينخرط بها بشكل ما أو صرة معينة ؟ ,بالتأكيد ومن خلال التدقيق والملاحظة العلمية والعملية لدور العقل في التأثير على السلوكيات الطبيعية في الإنسان , أن العقل لا يكف عن التدخل بشكل أو بأخر عن المراقبة وأحيانا نقد تلك السلوكيات , لكن الذي يحصل عندما لا يجد الفرد ومن خلال العقل ما يمكن أن يوجهه لهذه السلوكيات من ملاحظات نقدية أو تطويرية نتيجة أما لفقدان ما يمكن أن يجعل العقل متحركا أو الخشية من ملامسة واقع الدين تحت عناوين عديدة ,يلجأ للتغاضي وأحيانا إهمال وظيفته الأساسية في تعقل كل ما هو محيط به أو ما يفعله ليستلم ويتحول موضوع النقد المفترض إلى ما يسمى بالمسلمات البديهية.
العقل إذن من حيث الواجب يعمل وفق طريقة تعامل محددة تصنعها عوامل عديدة ومشتركة ابتدأ من الواقع البدني وسلامته والواقع البيئي وطريقة تعامله مع قضية العقل والتعقل مرورا بكيفية الإعداد الذاتي والأجتماعي وتوفر المعطيات والمقدمات ,وهذه كلها عناوين تختلف وتتفاوت من شخص لأخر ومن مجتمع لأخر وتؤثر على الكثير من المواضيع والأفكار والظواهر ,لذا لا نتوقع وحدة شكلية في أداء الفرد تعبديا ولا حتى في فهمه لفكرة الدين مجردا .
القضية التي يتفق عليها الإنسان في كل الأوقات والأزمنة وعلى مختلف درجات العلم والمعرفة هي حاجته الدائمة لمن يخبره عن ما يقلقه وكيف يتغلب عليه وعلى الخوف الطبيعي من المحيط أو المجهول القادم , وأيضا يجيبه على جملة من الأسئلة التي لا تنقطع عن حقيقته هو وعن مستقبل ما سيصل إليه ليس فردا بل كائنا موصوفا , هذه الأسئلة الوجودية هي في طبيعة تناولها تؤدي به حتما للتفكير بشيء غير موجود بواقعه ولكنه مؤثر فيه ولا بد من مراعاة ذلك وأخذ بالحسبان كل ما يمكن أن يقربنا من فهمه على وجه أفضل بفكرة أو رؤية ما .
هذه الفكرة أو الرؤية التي ستتحول مع الإيمان بها إلى عقيدة ومذهب وأسلوب في الحياة يفرض ويفترض جملة من التصرفات التي ستتحول تأريخيا إلى ظاهرة تلتصق بواقع الإنسان وتشاركه في تفكيره وتنافسه حتى في طريقة تعقله للأشياء والمواضيع لتفرض واقعا لزومي ابديا في أوجه كثيرة قد لا يلتفت لها مثلا بالرغم من رفضه وفي بعض الأحيان لفكرة الدين ,مثال أن الكثير من الملحدين وتحت تأثير هذه القضية مثلا يحاذر أن ينخرط في مواضيع حذرها وحظرها التدين وبالرغم من إنكاره لها , لكنه لا يفعلها لأنها صارت جزء من أساسيات ومسلمات عقله وقد تتحول لجزء من نظامه الأخلاقي .
بالنتيجة يختلط التدين بالأخلاق بالنظم الأجتماعية بالمبادئ الإنسانية الطبيعية لتكون وحدة مفاهيم وقيم وممارسات حسية وسلوكيات معتادة تشكل ثقافة فرد ومجتمع , ولا يمكن الفصل بين هذا الخليط وبين الإنسان ولا بينها وبين التدين كظاهرة لأنها تمازحت وأنصهرت في مجموعة متألفة ومؤلفة ومتوافقة من الصعب الفصل بين ما هو ثقافي وبين ما هو ديني أو ما هو أجتماعي , لكن ما هو علمي ومنطقي معرفي يبقى خارج هذه الدائرة إلا ما كان منه تسليمي نتيجة أكتسابه اليقين الأعتيادي .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ولد الإنسان عاقلا
- لماذا نتدين ؟ . ح6
- لماذا نتدين ؟ . ح5
- لماذا نتدين ؟ . ح4
- لماذا نتدين ؟ . ح3
- لماذا نتدين ؟ . ح2
- نيالاو حسن أيول .... وجع الحب عندما يكون جنوبي .
- لماذا نتدين ؟ . ح1
- التخطيط الإستراتيجي الأمريكي ووهم العدوان .
- مكابداتي .....
- العراق المدني وقراءات المشهد السياسي
- متى نفهم الله ؟.
- مقدمة في التغيير السياسي في العراق
- المدنيون وقراءة فكر الإسلام السياسي
- تقنيات التسلط ووسائلها
- مستقبل العمل المدني وضمان الديمقراطية
- لماذا تأخر العراق وتقدم الأخرون
- صناعة العقل الجمعي ودورة كظاهرة أجتماعية 3
- صناعة العقل الجمعي ودورة كظاهرة أجتماعية ح2
- صناعة العقل الجمعي ودورة كظاهرة أجتماعية


المزيد.....




- حاول الهرب فعلق أسفل جسر.. شاهد ما حدث لسارق تطارده الشرطة
- الكويت.. فيديو -سري للغاية- ومداهمة أشخاص بمؤسسات ودوائر يثي ...
- -بطائرة سعودية خاصة-.. أحمد الشرع يثير تكهنات بصورة توجهه إل ...
- مسيّرات إسرائيلية تستهدف مخيم النصيرات
- الرئيس الصومالي يهنّئ الشرع بتوليه رئاسة سوريا
- نتنياهو يفاخر بأنه أول زعيم يلتقي ترامب بعد انتخابه (فيديو) ...
- بزشكيان: قدراتنا العسكرية هي للدفاع وليست من أجل الهجوم على ...
- الولايات المتحدة.. انفجار وحريق هائل في مصفاة نفطية (فديديوه ...
- توسيع العملية العسكرية بالضفة والأزمة الإنسانية تتفاقم بغزة ...
- الكرياتين: مكمل رياضي يعزز الصحة النفسية ويخفف أعراض الاكتئا ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - فكرة الدين وظاهرة التدين