|
اعطني نصاً وذائقةً اُعطيك نمطاً لحياةٍ أجمل
احسان العسكري
الحوار المتمدن-العدد: 5078 - 2016 / 2 / 18 - 16:35
المحور:
الادب والفن
اعطني نصاً وذائقةً اُعطيك نمطاً لحياةٍ أجمل (جميل الماهود مسرحٌ ناطق) قراءة في قصته القصيرة جداً (بيوت العنكبوت) كنتُ استغربُ نوعاً ما مقولة (برخت) الشهيرة {اعطني خبزاً ومسرحاً اعطيك شعباً مثقفاً} وأقول في نفسي ما علاقة الخبز بالفن أو بالاحرى ما علاقة الخبز بالثقافة ؟ سيما وإن الأخيرة مذ عرفتها الى ما قبل ايامنا هذه لم تكن من موارد الخبر فالمعروف عندي والملموس ان المثقفين مثقلون بالحاجة غالباً لابسط مقومات الحياة .. فالفترة التي تقربتُ بها من المثقفين بكافة اصنافهم كانت فترة حرب في بلادي المُحارِبة المُحارَبةُ دائماً تلتها بعد ذلك فترة حرب وحصار جعلت من الانسان عبارة عن ماكنة للعمل طوال اليوم ليجني مهم اجتهد قوتًاً لنصف يوم. ولكن بعد ان عرفتُ الثقافة بمفهومها الانساني والابداعي ادركتُ تماماً ان هذه المقولة صحيحة جداً وهي دليل على ان الحياة بلاثقافة لاتعدُ حياةً . ولا أُريد ان احصر الثقافة في زاوية الفن والابداع الفكري والادبي .لأن الثقافة مفردة تدل أحيانا على اسلوب حياة ومنهاج عيش لشعوب العالم فحتى القتل ثقافة والتعصب ثقافة والانحلال ايضاً ثقافة ولكن هذه الثقافات تبدأ وتنتهي بمكان وتأثير ظرفي محدد ايضاً . الثقافة والفن وجهان لعملة الحياة الجميلة فلولاها ما عرفت الانسانية العيش كما تعيش اليوم لأن كل شيء يبدأ منها فالعمران ثقافة تعمير وبناء والصناعة ثقافة تطور وانتاج وابداع والأدب ثقافة حياة شاملة . ولعل الانسانية كانت قد مارست الثقافة بإسلوب إجبار سماوي ابتدأ بالكتب المقدسة عبر العصور وتربية الانبياء للمجتمعات .. في حين اتخذت الثقافة مجردة في عصرنا هذا اتجاه آخر وهو القراءة والكتابة والفهم والدراما والتصوير والتشكيل وغيرها من اسس الثقافة والفن . جميل الماهود : كاتب وشاعر ومسرحي وفنان ومخرج مذ عرفته في مدينة كركوك في اواسط التسعينيات من القرن الماضي رغم قربه مني عائلياً الا اني لم التقِ به مباشرة وكنت غالباً اكتفي ايام خدمتي العسكرية على حدود السليمانية هناك كنت اكتفي بأحاديث الشعراء عنه لأنهم كانوا الاقرب لي مجلساً ومخالطة . حدثني ذات مرة الأديب قاسم فنجان قائلاً ان المسرح العراقي بحاجة ماسة الى شخصيات ذات اصالة وخبرة حقيقة تعيده الى عهده النيّر وإن ما نشاهده الآن هو عبارة عن سيرك غالباً يستخدم فيه تجار الفن اشياء غريبة عن المسرح كثيراً كاعتمادهم على العاهات الجسدية عند بعض ممثليهم او اجساد الفتيات والراقصات لجذب الجمهور وهذه كارثة حقيقية تهدد الفن المسرحي تحت وتنذر بخطر جر الجمهور الى قيم غير متزنة وغير رصينة , وفي محضر حديثه عن الذي اتفق معه تماماً على ماجاء فيه . ذكر جميل الماهود كمسرحي متزن يحاول دائماً ان يوجه المسرح باتجاهه الصحيح عبر منفذ الخشبة أما وخلف الستار وبين مقاعد الجمهور . وحينها عرفتُ الماهودَ مسرحياً الى ان استقر به الحال عائداً الى جذوره في ماروسي الثقافة والابداع والفن ليظهر لنا من جديد كاتباً ومخرجاً وقاصاً وشاعراً ومسرحياً مبدعاً . والذي يقرأ نصه ادناه يدركُ كم هو على مقربة من حديث الخلود وعلى دراية تامة بجمالية الحياة وعشق كبير للأنسانية : اذا ما رأيت الناس يدخلون المسرح أفواجاً " ... قل جاء الحب وزهق الحقد ...وقد عم الوطن السلام ..!! ضحك بخبث ، وقال ... لقد أحيلت مسارحكم الى أماكن قد اتخذت منها العناكب فسحةً لتشيد لها ما شاءت من البيوت ؟ ابتسمت له وقلت :: ان أوهن البيوت ... لبيت العنكبوت." . * استعارة جميلة جداً ورائعة استخدمها الماهود هنا في مطلع قصته (اذا ما رأيتَ الناس يدخلون المسرح افواجاً) هذه قصيدة شعر وتصوير لمشهد من مشاهد التجمع الإنساني كان القرآن الكريم اشار اليها على انها اعلان لظاهرة الخلود الابدي في جنان الخلد . كيف خطرت على الماهود هذه الفكرة ؟ هنا يوجد اكثر من تساؤل واكثر من انعطافة باستعارته هذه تجعلنا نذهب بعيداً عبر الاف السنين قبل التأريخ الميلادي حيث لم يجرؤ أحد على ان يقول : كان للسومريين مسرحاً .. تلك الافواج من الناس تتقدمهم عذارء جميلة في ليلة الطقس عند قلعة أونمو الذي يقف على مربعٍ من الحجر يكلّم الالهة ويعدهم بتقديم الاضحية . هذه الافواج التي تقودها ثقافة العبادة كانت تؤدي حركات ورقصات وكان بطل المشهد الاله دائماً يمثل دورين مختلفين عن الحاضرين فعند الطيبين هو الشرير وعند الاشرار هو البطل وعد العبيد هو المنقذ وكالعادة هنالك بطلة للمسرح جميلة هي الاضحية وهلي ايضاً لها جمهورها المنشق على نفسه فمنهم المتعاطف معها ومع حبيبها الذي يرفض ان تقتل باسم الدين وبين مؤيد لنظرية القتل الالهية هذه . إن هذا المشهد بأكمله هو ميلودراما تنبق علية كافة فرضيات واشكال المشجاة حيث المبالغة في التمثيل والتأثر والمبالغة بالنتائج والمبالغة بالتعاطف . هذا مسرح (حسب رأيي الشخصي) ولستُ محتجاً أو منكراً الى ذهبت اليه كتب الـتأريخ على ان المسرح يوناني الأصل وإن كان (ارخيليوس وارتيستوفنس وسوفوكليس) اليونانيون أول الكتاب الحقيقيين للمسرح في تلك الحقب قبل 4000 سنة قبل الميلاد لكن الثقافة السومرية أظهرت لنا عبر الرقم والأختام الاسطوانية لوحات تجسد خشبة مسرح وبطل وممثلين وجمهور . وما لوحة إنليل - الّٰ-;-ه الزراعة عندما وهب المحراث للبشر. عام 4500 ق. م والتي كانت اعلانا لبداية عصر الزراعة في التأريخ ومنها اكتشف علماء الفلك المجموعة الشمسية بوصفها الآن حيث تظهر في ذات اللوحة ايضاً الشمس مركزاً وعشرة كواكب تحيط بها أكتشف العلماء في ما بعد ان الاماكن مطابقة تماماً لاماكن الكواكب في العلم الحديث .. وأنا اذا استغرب كثيراً ان يعتمد كاتباً عراقياً على مخطوطات وكتب اجنبية مترجمة ليستخدمها مصادراً يؤرخ من خلالها للمسرح في حين يقع اول المسارح في التأريخ 6000 سنة ق.م على بعد مئات الامتار منه . " قُل جاءَ الحب وزهقَ الحقد وعم الوطن السلام " * هنا باستعارته الثانية هذه علل الماهود سبب دخول هذه الافواج وهو بحثها عن السلام والحب ومحاولتها الجادة لأن تجد بديلاً للحقد والبغض والظلم . ان نظرت الكاتب هنا تعد نظرة شاملة لتأريخ الانسان الي ما انفك يبحثُ عن الخلاص المنشود من واقعه أو من تأريخه أو حتى الرسم الموائم لتطلعاته في المستقبل الا ان كاتبنا هنا جعل من المسرح سَبباً اساسياً لتحقيق هذه الرغبة الجمعية لكافة البشر معتبراً (وأنا لاشك اتفق معه) ان الإنسان يجب ان تعاد صيانته بين الفينة والاخرى فكرياً ولايوجد غير الثقافة والفن طبيباً مؤهلاً لأن يتبنى هذه المسؤولية المهمة من أجل ضمان جمالية الحياة بمعزلٍ عن الجانب الظلامي فيها وإن كان واقعاً احياناً ولا مناص من ان يجد الانسان نفسه في دوامته احياناً .. الماهود في هذه الفكرة ايضاً اعلن وجود المبدع بفكره كمبدع يحب الوطن ويؤمن بقدسيته وليس غريباً على جميل الماهود ان يؤمن بهذه القدسية فهو السومري حتى في غضبه والعراقي في حبه وفي فنه وابداعه . ضحك بخبث ، وقال" ... لقد أحيلت مسارحكم الى أماكن قد اتخذت منها العناكب فسحةً لتشيد لها ما شاءت من البيويت " * هنا يبدأ الالم في نفس جميل الماهود يظهر للعلن لما آالت اليه أمور الفن والثقافة في وطنه الذي يحبه ويبحث له عن منفذٍ يمكنه من اسبدال البغض بالحب والحروب بالسلام .. يتألم ونتألم لأن السوداويون بخبثهم وحقدهم ومرضهم المزمن بالـ أنا والنفعية السياسية جعلت منهم اعداء للفن والثقافة فقد اغلقوا دور السينما والمسارح ومنتديات الشعر وسلّطوا المرضى من اتباعهم على مؤسسات الثقافة ومنظمات الادب والفن والثقافة الا ماندر .. بالأمس كان لأحدى الجمعيات الشعرية تأريخاً مشرقاً مشرفاً واليوم يتحكم بها بعثي صدامي مريض أو اسلاموي جاهل وبالأمس كان الإعلام أعلاماً والصحافة صحافة كان واجهتها الجواهري العظيم واليوم واجهتها جاهل لم يسبق له ان كتبَ مقالاً مهماً اثر في اقرب المقربين منه وهكذا الحال بالنسبة للعديد من المؤسسات الفنية وجميعنا نتذكر تحكم السلطة البعثية واستغالالها للنقابات والمنظمات الفنية لصالح مشروعها الدموي العدواني على الشعب وجيرانه من الدول الأخرى واجتهادها في ازاحة النخبة التقدمية من قيادة هذه المنظمات ووضع مكانها ثلة من النفعيين والدمويين والقتلة وليس الحال ببعيدٍ عن ايامنا هذه حين اجلس مرضى هذا العصر رجلاً يأمر بقتل الانسان واستباحة عرضه باسم الدين اجلسوه على مقعد وزارة الثقافة العراقية ثم فرضوا عليه مجموعة شباب لا تتعدى خبرتهم الكنس والمسح في مكاتب نجل الطاغية وباراته ومراقصه واجلسوا بعضهم على كراسي المدراء ورؤساء الاقسام في هذه الوزارة التي اتضح في ما بعد أن بعض اروقتها كان يستخدمُ مقصلة لذبح الابرياء بإسم الدين السعودي الوهابي الجديد .. لا أريد ان اسهب في هذا الموضوع ولكن انا اضع امام القاريء سبباً من اسباب تألم كاتبنا الماهود الذي نشترك معه تماماً بكل معاناته ونقاسمه المه . " ابتسمت له وقلت :: ان أوهن البيوت ... لبيت العنكبوت." هنا تأتي الضربة القاضية من وحي القاص الفكري وايمانه المطلق بنفسه وشعبه ونخبة المثقفين المؤيدين لثورته الفكرية الباحثة عن الاصلاح ..هو يضحك بخبث وأنا ابتسم ببراءة هو يهددني بالهلاك وأنا اريه وهن فكرته وهذه استعارتي وهذه فكرتي وهذا شعبي وهؤلاء هم شركائي وذاك هو مستقبلي الذي ستزولون معه انت ومن اتى بك الى هنا لنعود من جديد نشيّد صرحنا الثقافي والانساني ونجتثكم هذه المرة بإسم الانسانية وبإرادة الثقافة وقبضة الفن القوية من جذوركم المهترئة انتم وبيوتكم العنكبوتية الواهنة ومناطقكم التي تحرسها الخنازير الجبانة سنزيلكم جميعاً .. ستمضون ونبقى ..فنحن منذ 7000 عام باقون وانتم تتعاقبون علينا باشكال وانماط شتى . تمضون ونحن باقون ... ان نهاية القصة القصيرة جداً هذه ماهي الا ايمان مطلق بأن الثقافة والفن ابقى والانسان ابقى وان الافكار الرجعية منتهية الصلاحية دائماً ولا صلة لها بالخلود والبقاء الذي تؤمن به الإنسانية .. سيعود المسرح ويشترك مع الخبز الوفير على على هذه الارض ليعيد للحياة وجهها الجميل من جديد .. أملٌ يجد فيه الكاتب نبؤة التحقق واضحة معتمداً على وضاعة وسفاهة المريدين بالانسان شراً . أنا اعتبر هذه القصة نصاً شعرياً ايضا وهي مشهد مسرحي كذلك وهي تمثيلية درامية .. وليس الامر غريباً لأننا أمام قامة سامقة جمعت الشعر والفن والكتابة والفكر معاً أعطتنا نصاً فكرياً عميقاً رسم لنا نمطاً لحياة أجمل .
#احسان_العسكري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الوَلَدِ السَّوْمَري بين الترحال وعشاءه الاخير قراءة في قصيد
...
-
لهم تغريبة واحدة ’ وله وجود متعدد (عبدالسادة البصري) مغترب ف
...
-
هو وجع يمشي..وبلاده وجع تمشي .. ورغم ذلك فهو عنوان الراحة (ه
...
-
(ألفُ انكسار) وخلود واحد معادلة اوجدت لها د. راوية الشاعر حل
...
-
مهند طالب هاشم كاتبٌ بشاعرية العاشق وشاعرٌ بخيال الكاتب قرا
...
-
من اوقد جمرات الراكض ومن ركض على جراحه ؟ قراءة في جمرات الش
...
-
مزاولة التذكر بين هاجس الابتعاد وحلمُ القرب قراءة في ملحمة
...
-
ارجوحة الصياد بين الثبات والانتقاء والتقاط الندى قراءة في خط
...
-
ارجوحة الصياد بين الثبات والانتقاء والتقاط الندى قراءة في خط
...
-
قالوا سنغرق في الوجل ( إشگد عسل وآشگد فشل )
-
حلم (باسم فرات) البوليفاري يتصدر الاعمال الفائزة بجائزة جواد
...
-
العربانة فليم سينمائي ام ملحمة شعرية ؟
-
القمر العجوز ...بريقٌ على وجنة قراءة في لوحة سومرية ل حيدر
...
-
الشاعر عامر ضايف السلمان بين عشق العزلة وانطلاقة المنتصر ...
...
-
قراءة في اصداءُ القلق. الشاعر عامر ضايف السلمان بين عشق العز
...
-
قمر أور يسكن قلب الشاعر ذو الجناحان الذهبيان اطلالة على بستا
...
-
التناص مع الخيال والقبول بواقع مغاير -الشاعر علي مجبل - والح
...
-
شاعرة الفرح المستنير القا تكتب بمداد الحزن السومري
-
على الحدود المتاخمة ل (جمهورية البرتقال) الشاعر ابراهيم الخي
...
-
الصعود اللامتناهي في شعر عباس ريسان ( دهشة العطور ) وخطوات ن
...
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|