أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فوزي بن يونس بن حديد - لم لا نستشير المرأة؟















المزيد.....

لم لا نستشير المرأة؟


فوزي بن يونس بن حديد

الحوار المتمدن-العدد: 5078 - 2016 / 2 / 18 - 10:16
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


عندما سمعت المرأة أن دينا جديدا قد جاء ليخلصها من العبودية والإذلال أطلقت صرختها بكل قوة لتعلن للعالم الجاهلي آنذاك أن العدل قد جاء وأن الظلم قد ولّى وانتهى إلى غير رجعة، فلم تعد ذلك الجسد الذي يستمتع به الرجل، ولم تعد الكائن النجس الذي لا يرث ولا يورث، بل رد الإسلام لها إنسانيتها التي فقدتها طوال تلك العصور المظلمة، فهي المرأة التي ترى أن الحياة حقّ كما هي للرجل، ومن حقّها أن تكون كما أراد الله عز وجل مكمّلة لدور الرجل في الحياة بل إنها الأساس في الحياة، فرحت بمهمّتها الجديدة، حيث أعتقها الإسلام من أن تكون جارية أو عبدة للرجل ومنحها حق ممارسة الحياة واتخاذ القرار، وكل من يدّعي غير ذلك عليه بالإثبات.
لم تكن المرأة تحلمُ يوما أنها ستعيش بعزّة وكرامة في غير دين الإسلام، لم تكن تعرف أنها ستصير مسؤولة عن الرجال يوما بعد أن كان الرجال يتلذذون بها، غير أن هذا الأمر صار واقعا أمامها، يرفض الإسلام قطعا إيذاء النساء بأي شكل من الأشكال لأنهن يمثلن الحلقة الأضعف، ودعنا من الأقوال التي تحقّر المرأة أو التي تشكّك في منح الإسلام حقوقها كاملة أو التي تغريها لإخراجها من مهمتها الأساسية، ونبقى موضوعيين في هذا الأمر.
الحديث عن المرأة من كافة الجوانب يكلف الكاتب مجلدات، ولكن يبدو أنه حديث شائق وشائك في الوقت نفسه، لأنك مهما تحدثت وأكدت أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي حرّر المرأة من قيود الماضي والحاضر، ما زال هناك من يشكّك في هذه العقيدة ويتهم الإسلام بأنه ساهم بشكل أو بآخر في تحطيم قدرات المرأة وحرمانها من التحرر، غير أن هذه الأفواه يبدو أنها لا تسكت، بل ستظل دائما تتحدث عن هذا الموضوع إلى أن يتم تدمير المرأة من الداخل وهو ما حدث لها اليوم تقريبا.
ما يقوله هؤلاء لا ينطبق على الإسلام وتاريخه الناصع، بل إنه يجاور المفهوم السائد عند المجتمعات الإسلامية الذكورية وبعض الأعراف والتقاليد المجتمعية التي تساهم في إغراق المرأة في الظلمات بزعم أنها تعاليم إسلامية، كالذي يحرمها من بعض الحقوق بدعوى الاختلاط بالرجال، أو يحرمها من اختيار الزوج بدعوى أنه وليّ أمرها رغم أن الإسلام أوصى أولياء الأمور وشدّد عليهم في مسألة الزواج أن تختار البكر من تريده زوجا ولا يفرض عليها زوجا خارج إرادتها، أو يتحكم في مشاريعها أو في راتبها أو في أموالها بدعوى أنه رجل العائلة ومن حقه الاستيلاء على كل أملاكها، أو يحرمها من المشاركة الفاعلة في القرارات الأسرية والحياتية أو أن يحرمها حتى أن تشم الهواء بدعوى تعرضها للتحرش والمغازلة، أو أي إجراء آخر ليس من حقّه أن يفعله، كل ذلك مخالف لتعاليم الإسلام الحرة والناصعة التي تؤيد إنسانية المرأة وحفظ كرامتها من أي تشويه تاريخي ذكوري.
إن ما يدّعيه البعض من أن المرأة اليوم تعيش كبتا وعليها التحرّر من تعاليم الإسلام دعوى قائمة على باطل هدفها تشتيت المرأة عن البحث في أولوياتها، وفهم تعاليم دينها على أكمل وجه، على أن التحرر أو تحرير المرأة اليوم ينبغي أن يكون من القيود التي تفرضها بعض المجتمعات الإسلامية وإشاعتها على أنها من تعاليم الإسلام، والإسلام منها براء، جوهر الإسلام يتنافى مع هذا الزعم الميتافيزيقي - إن صح التعبير - الذي يُشعر المرأة أنها ناقصة في ظل الإسلام وأن هذا الدين الحنيف يكبّلها ويقيد من حريتها وحركتها، وبالتالي تطالب بالتحرّر من تعاليمه وقيوده، والحال أنه هو الذي أطلق يديها من كيد الرجال ليعلّمها أصول الحياة وبناء الأسرة والمجتمع والمساهمة بفعاليّة في تكوين البنية المجتمعيّة التي هي أساسها ومنبعها.
فالمرأة في الإسلام كانت عالمة وقائدة ومشاركة في عملية البناء على مدى القرون الماضية، بل كانت لها الكلمة الفاصلة في بعض الأمور، وكان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلك كثيرا ما يستشير النساء ولا أدل على ذلك سيرته صلى الله عليه وسلم واستشارته لأمهات المؤمنين في بعض المسائل واستبصاره برأيهن، وكذا فعل الصحابة الكرام والتابعون من بعدهم، فمن بين ما ورد وليس حصرا أنه صلى الله عليه وسلم يوم منعته قريش أن يطوف بالكعبة ويعتمر، بعدما جاءهم هو وألف وأربعمائة من أصحابه - ولم يكن يحق لقريش أن تمنع أحدًا جاء يطوف بالبيت - ، ولم تُجْدِ أي محاولة من محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه في إقناع قريش للسماح لهم بالطواف والاعتمار، وشقَّ الأمر على المسلمين أجمعين وتباطؤوا في تنفيذ أمره صلى الله عليه وسلم لما أمرهم بالتحلل من إحرامهم والعودة إلى المدينة، إنه إذنْ أمْر يهم المسلمين كلهم، وإذا بمحمد صلى الله عليه وسلم يستشير زوجته أم سلمة- رضي الله عنها- فيما يفعل. وتشير عليه بأن يخرج أمامهم فيحلق رأسه ويتحلل، فإذا رأوه يبدأ بنفسه فسيسارعون بتنفيذ أمره لهم وطلبه منهم، وبالفعل قد عمل بمشورتها التي أشارت بها، ثم قال لأصحابه ما أشارت به عليه؛ حيث لم يجد النبي الكريم حرجا في مشاورتها والعمل برأيها والاستبصار بقولها، وفعل كما قالت له، فليس عيبا أن نستشير المرأة في أمور تهمّ المجتمع، وتلك هي سنة إسلامية حميدة سنها الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته وجعلها نبراسا بعد مماته، وهو تعبير راسخ أن المرأة إنسانة تستشار كما يستشار الرجال ولا تبقى بعيدة عن المشهد الحياتي بكل صنوفه، بل عليها أن تبادر وتشارك بكل ما أوتيت من قوة.
واستمر التاريخ على هذا المنوال من إدراك حقيقة دور المرأة في المجتمع وإشراكها في الحياة والقرارات المصيرية إلى أن أتى من أغلق الباب في وجهها مرة أخرى معللا ذلك أن المرأة لا يحق لها شرعا أن تشارك الرجال لأن صوتها عورة وأن جسدها كله عورة وبالتالي مكانها البيت المحكمة أبوابه دون مراعاة لحقها في التعلم والتعليم، بينما استغل الآخرون هذا الكبت الذي كانت تعيشه المرأة لفترة ليخرجوها إلى عالم آخر مناقض تماما وأوهموها أن الحياة العصرية تقتضي منها ذلك، أوهموها أن من حقها كذلك أن تلبس ما تشاء وتقول ما تشاء وتمشي مع من تشاء بحرية تامة لا قيود فيها، وبين هذا وذاك يأتي الإسلام موازنا بين الأمرين مرة أخرى كحلّ لمشكلة المرأة الآنية التي تعيشها.



#فوزي_بن_يونس_بن_حديد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل هي الحرب القادمة؟
- كيف ينظر الإسلام إلى الموت
- كيف نستقبل العام الجديد؟
- ثورة الإسلام على الظلم
- تحالف إسلامي فاشل
- المرأة التي كرمها الإسلام
- أيها الداعشي ابتعد عن تونس
- العالم يعيش صدمة
- ماذا بعد أحداث باريس؟
- الجبير ومعركة الحسم في سوريا
- رسالة بوتين للعالم
- عذرا أخي نوبل!
- علاقات مشبوهة في العمل
- هل جنّالإعلام العربي؟
- العالم يتراجع والأسد يتألق
- خرافات السياسة الحديثة
- إنه الطفل الذي علّم العالم درسا
- للكتابة مذاق خاص
- ماذا تنتظرون أيها العرب؟
- اتقوا الله يا مرتزقة إسرائيل!


المزيد.....




- رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر … ...
- دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
- السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و ...
- دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف ...
- كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني ...
- قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش ...
- تتصرف ازاي لو مارست ج-نس غير محمي؟
- -مخدر الاغتصاب- في مصر.. معلومات مبسطة ونصيحة
- اعترف باغتصاب زوجته.. المرافعات متواصلة في قضية جيزيل بيليكو ...
- المملكة المتحدة.. القبض على رجل مسن بتهمة قتل واغتصاب امرأة ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فوزي بن يونس بن حديد - لم لا نستشير المرأة؟