أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - يوسف أحمد إسماعيل - العنف والوعي الاجتماعي - توصيف في الحالة السورية -














المزيد.....


العنف والوعي الاجتماعي - توصيف في الحالة السورية -


يوسف أحمد إسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 5077 - 2016 / 2 / 17 - 13:56
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


الثورة بوصفها مسعًى لتغيير البنى العتيقة لصالح البنى الحديثة في المجتمع المدني، تشكل منظومة متكاملة، من القيم الاجتماعية في العدالة و الحرية والكرامة ، ومن القيم الأخلاقية السلوكية التي تتناغم مع مفاهيم القيم الاجتماعية المذكورة . ومن المعطيات البدهية لتلك القيم السعي بالحوار لحل الخلافات بين الآراء المختلفة أو بين وجهات النظر المتباعدة ، أو الاحترام المتبادل للمواقع والمواقف والتموضعات بعد الاتفاق المسبق على المعايير الأخلاقية الإنسانية الكبرى .
ومن بدهيات تلك القيم ، أيضاً، النظر بموضوعية إلى المكونات الاجتماعية في الوطن السوري ، باعتبارها جزءاً من ألوان طيفه وخصوصيته التي لا تسمح بالإقصاء و الإلغاء تحت أية ذريعة أو رؤيا أحادية أو تعميم .ثم النظر بسمو ّإلى مكوناته الاجتماعية جنسية كانت أو إثنية ؛ بغض النظر عن الانتماء القومي أو الديني أو المذهبي. ثم يجمع تلك البدهيات النفور من الاستحواذ على الحقيقة، بوصفها ملكا لفرد أو جماعة .
تلك هي صور تجلي الوعي الاجتماعي في" الدولة المدنية التعددية " التي طالب بها النشاط الثوري السلمي قبل أن ينسحب من المشهد السوري بفعل بندقية النظام وسلاح الكتائب السلفية الجهادية .
والآن وبعد مضي خمس سنوات على ذلك الانسحاب تجذرت في السلوك الاجتماعي المظاهر النقيضة لتلك القيم الاجتماعية و مؤطراتها الأخلاقية السابقة المرتبطة بالحرية والعدالة والكرامة وحق الاختلاف والاعتقاد والتموضع ، فبدا المثقف أنانياًوحاداً وإقصائياًلا يقبل الاختلاف مع وجهة نظره أو موقعه أو تموضعه ، يبادر بالاتهام والشتيمة والسخرية ثم ينتهي بالإقصاء و الاستحواذ على الحقيقة بطريقة غير مبالية وساخرة، وإذا كان الموقف المختلف يصدر من أنثى فمصيرها لديه البعد الأخلاقي للمرأة كجنس وعورة يجب أن تصمت حتى لا تبدي فضائحها، وإذا كان المختلف صديقاعتيقا فإما أن يكون مصيره الجبن أو الانتهازية أو ... .
يمكن القول هنا : إن الوضع باق على ماهو عليه؛ فالحرب السورية أعادت إنتاج ما أنتجه النظام في الوعي الاجتماعي عبر أزيد من خمسين سنة من الفساد والاستبداد. ولكن لماذا تم إعادة إنتاج ذلك على الرغم من أن الحراك الثوري كان يبحث عن الخلاص من القهر والفساد ،وبالتالي تغيّر المنظومة الأخلاقية الفاسدة والمهينة ؟
إن الحراك الثوري الذي كان يبحث عن الحرية والعدالة لم يصل إلى النصر ، ولذلك فإن المنظومة السلوكية الأخلاقية التي ترتبط بدولته المدنية المأمولة لم تأخذ طريقها إلى الحياة ، وتلك الهزيمة فتحت الباب على مصراعيه لنشوء الكتائب المسلحة السلفية ، ورافق ذلك التكوين قيم خطاب الإسلام السياسي الذي يهتم بالدرجة الأولى بالسلوك الفردي باعتباره المحطة الأولى في بناء المجتمع ؛ ولذلك برزت في المناطق التي سيطرت عليها الكتائب الإسلامية مظاهر التدخل في الحياة الخاصة قبل البحث عن استراتيجية عامة لإزالة مظاهر القهر والفساد المنتشرة سابقا.
يضاف إلى ذلك أن حمل السلاح بحد ذاته نفي للآخر ، ويقوم على قتل المعارض له ، وإذا كان القتل هو نهاية المأمول ، فإن الافتقار إلى الحوار واللجوء إلى الشتيمة والتخوين والتكفير تصبح بدهيات مرافقة للعنف المباشر المتمثل بالحرب بين المتصارعين ، ومن الطبيعي أن العنف حين يصيب المرأة سيتمثل بتشويهها أخلاقياً خاصة في منظومة أخلاقية إقصائية ، وحين يصيب الطائفة سيخرجها من الوطنية ويلقي بها في ساحة التكفير والتخوين ، وحين يصيب الفرد داخل انتمائه سيصنفه في خانة الردة !
ومما زاد في قسوة الخطاب غير الأخلاقي المتفشي هو فداحة الجريمة التي ارتكبت بحق الشعب السوري الأعزل داخلياً وخارجياً، على مستوى التمثيل وعلى المستوى الإنساني ؛ فصور الشتات والغرق والهجرة الجماعية بين القارات، في العراء وفي الكهوف وعلى الأسلاك الشائكة في الحدود الدولية لم تترك مجالا لغير النزق العاطفي والغضب الحاد أمام العجز عن فعل ما يوقف المأساة الهزلية الكبرى ... وجميع الأطراف المتصارعة تحمّل بعضها بعضاً مرجعية تلك الجريمة الإنسانية ، وبالتالي فإن أي اختلاف في وجهة النظر ولو جزئيا أو مرحلياًيشكل انفعالا حادايبدأ بالسخرية وقد ينتهي بالتجريم وغيره من صور العنف الأخرى .

.



#يوسف_أحمد_إسماعيل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفاوضون بلا حقيبة - توصيف في الحالة السورية -
- أنا من هنا . أنا من هناك - توصيف في الحالة السورية
- مضايا والفوعة - توصيف في الحالة السورية -
- بلاغة العنف توصيف في الحالة السورية
- الاستقواء - توصيف في الحالة السورية -
- الثورة بين مطرقتين - توصيف في الحالة السورية -
- ثورة الكرامة والحرية - توصيف في الحالة السورية -
- المثقف وأزمة العنف - توصيف في الحالة السورية-


المزيد.....




- علماء: الذكاء الاصطناعي يوسع الفجوة بين الفقراء والأغنياء
- الشيوعي السوداني يعبر عن تضامنه الكامل مع الشعب السوري وقواه ...
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 595
- اشتباكات عنيفة في بوينس آيرس بين قوات الأمن والمتظاهرين احتج ...
- رائد فهمي: المنظومة الحاكمة تقف على أرض مهزوزة والتغيير الشا ...
- نداء أوجلان.. توقعات مرتفعة ومسار سياسي ينقصه الوضوح
- تزايد أعداد التكايا في الضفة الغربية.. ملاذ الفقراء والنازحي ...
- م.م.ن.ص// مرة أخرى منطقة صفرو تبرز في واجهة محاربة الغلاء
- بدء مفاوضات تشكيل حكومة المحافظين والاشتراكيين في ألمانيا
- عن جدوى المقاومة والبكاء على أطلال أوسلو


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - يوسف أحمد إسماعيل - العنف والوعي الاجتماعي - توصيف في الحالة السورية -