محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب
(Mohammad Abdelmaguid)
الحوار المتمدن-العدد: 1379 - 2005 / 11 / 15 - 10:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بغض النظر عن الحكم العادل الذي كان ينبغي له أن يأخذ مجراه، فإن الشعب الجزائري قد قال كلمته الأخيرة في المصالحة الوطنية، وجعلها خيارا وحيدا حتى لو أدت إلى العفو التام عن القتلة والمجرمين من الجماعات الدينية المسلحة ومن جنرالات الجيش وقادته سفاكي الدماء ومخربي الوحدة الوطنية.
الجزائريون قالوا نعم للمصالحة الوطنية رغم أن جروح ملايين منهم لم تلتئم، ولا يزال هناك الآلاف في المعتقلات والسجون، ولا يعرف أبناء الشعب مصير آلاف أخرى من المفقودين الذي اختطفتهم قوى الشر من الطرفين المتصارعين وتمت تصفيتهم دون أن يكون لأكثرهم يد في الصراع القذر الذي دار على أرض المليون ونصف المليون شهيد.
الجزائريون المرهقون والمتعبون والباحثون عن لقمة عيش آمنة وسلام وطني اختارواطواعية ورغبة العفو عن القتلة والمجرمين والارهابيين من أجل أحلام لا يدري أحد إن حَوّلها الجنرالاتُ والمتطرفون مرة أخرى لكوابيس أو أن يصبح الحدس الشعبي لجزائر آمنة خاطرة سماوية على أرض ارتوت من دماء الأبرياء.
الجزائريون أصحاب الخيار الشعبي، وهم من اكتوى بنار الانتقام ، ويعرفون أن القاتل على مقربة من كل منهم، وأنه قد يكون في الشارع أو المسجد أو الثكنة العسكرية أو يلقي موعظة دينية أو يُحيّي العلم الجزائري وهو يرتدي لباسا عسكريا يرمز لكرامة الوطن وفي داخله سفاك دماء سابق عفا عنه القادرون والضعفاء.
الجزائريون اختاروا المصالحة الوطنية دون أن يسألوا إن كانت مُقدَمةً من الرئيس أو من الجنرالات أو من قوى الفساد، ولا يعرفون إن كانت تحمل لهم جحيما أم جنة أرضية.
الجزائريون استمعوا لعبد العزيز بوتفليقه، وصدقوه، وانحازوا لمشروعه في المصالحة الوطنية ولا يدري أي منهم إن كان الرئيس تحدث إليهم وفي ظهره سكين تمسكه يد أحد قدامى القتل والتنكيل، أم هي رغبة حقيقية لاخراج الوطن من الهاوية السحيقة التي سقط فيها.
الجزائريون يبكون قتلاهم ومفقوديهم وسنوات طويلة من أعمارهم في مذبحة الوطن، لكنهم يبتسمون لمشروع العفو عن القتلة، والزمن كفيل لأن يضع أمامهم نتائج خيارهم الحر: إما تجديد روح الشيطان في قدماء القتلة، أو زرع أجنحة ملائكة في أجساد مجرمين سابقين.
ونحن نحترم الخيار الجزائري، ونغض الطرف عن أنياب حادة اختفت خلف أسنان بيضاء لامعة، فهل تبدأ خطوات قرع الضمير كما فعل مشروع مانديلا مع مجرمي الأبارتهايد؟
#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)
Mohammad_Abdelmaguid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟