أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رنا المحمد - عندما تحطمت الحافلة














المزيد.....

عندما تحطمت الحافلة


رنا المحمد

الحوار المتمدن-العدد: 1379 - 2005 / 11 / 15 - 10:27
المحور: الادب والفن
    


استيقظتُ مذعورة من نومي الغير مريح على مقعد الحافلة . الحافلة تهوي نحو الأسفل ،لم أشعر بالهلع والسائق يستميت ليعدل مسارها فلا يستجيب له المقود .
الوقت صباحاً ... والشمسُ عروسٌ لم تصحُ بعد من غفوتِها ، أول ما فكرتُ به
هل سأرى لون الموت بعد قليل ؟
يقولون : مَن تفكر به لحظة التقائِك بالموت هو الشخص الأهم في حياتك .
أو الشخص الذي تشعر نحوه بعقدة الذنب .
أنا ..! فوجئتُ بحافلتي الطائرة تطير معها العديدٌ من الوجوهِ حولي .. ولم أكن يوماً جاحدة لأشعُر بعذابِ ضميرٍ تجاه أياً من البشر .
ما فكرتُ به ... كيف هو شكل الموت .. لونه .... وسامتُه .. جاذبيتُه .
الناسُ تصرخُ كلُها في الحافلة هلعةً .... ياالله .. لطفُكَ يا رب .. يا عدرا
إلا أنا ... لا .. لم يلجمُ الخوفُ لساني ... بل الترقب وسؤال
- تُرى بعد تحطم الحافلة هل سأموت ؟
ثوانٍ معدودة بل أقل من ثوانٍ. شيءٌ كلمحِ البصر ...
العمُر أصبح الحافلة التي أركبها .... وانحدر مسرعاً ، العمر والحافلة ....
معالمُ الطريق .. الأحجار والأشجار المتربصة على جانبيه كانوا الناس الذين مّروا بحياتي ... تشوهت معالمهم بانحدار الحافلة . ما يثيُر دهشتي حتى هذه اللحظة .
أن ذاكرتي لم تستحضر أياً من الوجوه في حياتي .. فقط سؤال .. هل سأموت ؟
وفوجئتُ بأُلفةِ الموت ... وأنّي لا أخافُه بل أخاف ألاّ يأتي ... فأملُ انتظاره ..
ورأيتُه ...... لم يكن قاسياً .... أبداً
لم يكن شريراً ... قطعاً
كان جميلاً .... دافئاً كدفء الحب ... آمناً كعيون من أُحب ... لكنه كان أيضاً سراباً ككل الأحلام السرابية في بلادي .
ففي اللحظة التي مددتُ يديّ لألمسه ... هربَ مبتعداً عني .... أيضاً ككل الأشياء الجميلة في حياتي . التي كلما فكرتُ بمسّها هربت مبتعدة .
الكل خاف عندما ارتمت الحافلة إلا أنا . لم أخف .....!!!
بل قتلني الانتظار وسؤال يُلحُ . ... هل سأموت ؟
تحطمت الوجوه حولي مثلّما تحطم الزجاج ... جرحَ الزجاجُ وجهي كما جرحه شظايا بقايا الوجوه حولي .
كنتَ أحمد كالموت .... لكن لا كما قلت لك يوماً ( موتي الجميل ) ....
كلاكما تخلى عني بعد أن جعلني أحبه ... تحطمتَ مع الموت في لحظة تَحطُم الحافلة
تحطمت العديد من التماثيل التي كنتُ ألمعُها ... وأعتني بها
ترنحتُ واقفة وأنا أخرج من الحافلة المحطمة....
وقفتُ بعيدا عنها أراقبُها ... أصبحت كتلة حديد ... حقا إنها كالحياة لا يُؤمن جانبها .
عدت إلى الحافلة علنّي آخذ تذكاراً بعضا من قطع الوجوه المتناثرة حولي لكن ..... كل ما كان وتحطم ذهب إلى العدم وضاع في الفراغ .
جلستُ على الأرض أرقب الناس الباكية المذعورة ...
مددتُ يدي لألملم بقايا البلور المتناثر والوجوه المتناثرة .. لأُكمل زخرفة قطع الفسيفساء التي أتكون منها ... فأُصبح كأجمل قطع الموزاييك في بلادي .
عندما تحطمت الحافلة ... أنهيتُ ترصيع أجمل قطعة موزاييك ... لتتشكل قطعة جميلة هي أنا .



#رنا_المحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غرفتي الدافئة ...
- ..!!الفزاعات المحشوة بالقش
- فتاة قوية ....
- هل تنام عيونك دمشق .....؟؟
- هل تجرفني الدوامة ......!!!
- النعنع البري
- أنتي بيوتك ....؟؟؟؟
- ......!!!!!اشتقتلك
- المرايا الشريرة


المزيد.....




- قضية الممثلة الإباحية.. القضاء يؤجل الحكم على ترامب
- هــنا “نسبة النجاح مبشرة” نتيجه الدبلومات الفنية 2024 برقم ا ...
- تأجيل الحكم على ترامب في قضية دفعه مبالغ طائلة لنجمة أفلام إ ...
- بمشاركة عمرو دياب وكاظم الساهر.. 60% من أرباح مهرجان العلمين ...
- الحلقة الأولى مترجمة” عرض مسلسل قيامة عثمان جميع الحلقات متر ...
- فنانة مصرية معتزلة تتعرض لهجوم بسبب الحجاب
- الرئيس التونسي ينتقد مستوى المهرجانات الفنية في بلاده
- -يجب إيقاف هذا السيرك-.. سياسي فرنسي يدعو إلى وضع حد لتشويه ...
- للعام الرابع.. السياسة تفرق والأغنية توحد في -يوم الأغنية ال ...
- الجزيرة للدراسات يصدر -رؤية حول الأمن القومي الفلسطيني-


المزيد.....

- نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح ... / روباش عليمة
- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رنا المحمد - عندما تحطمت الحافلة