حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 5073 - 2016 / 2 / 13 - 08:24
المحور:
الادب والفن
صورة من الزمن الجميل !!ـ
أسرتني الصورة الكاريكاتورية الرائعة التي نشرتها الأنترنوتية "بشرى هاني" عبر الفيسبوك ، وأثار اهتمامي تعليقها الجميل الذي قالت فيه : "يا سلام ....أيام البساطة في كل شئ ...اروع سنوات قضيناها في المدرسة كنا بصحة جيدة بادوية بسيطة ومفيدة لا انسى ولن انسى ابدا وقوفي في الصف ساعة خروجنا من المدرسة و عيناي مضببين بالبومادة و كيلسقوا. ...ياريت لو كان الاهتمام بالتلميذ اليوم كما كان في الماضي....رحمك الله يا ماضي" . انتهى تعليق "هاني" الذي كان في حد ذاته رواية ، استحضرت أشرطة ذكرياتي الماضية الجميلة ، بكل ما تحمله من حنين إلى ما كانت عليه صحبة الأيام الخوالي وما عشناه خلالها ، من ود وحب وطيبة وعفوية وحياة بسيطة واضحة الفلسفة ، عفوا، لعله لم يكن لحياتنا آنذاك فلسفة أصلا ، لصفاء ورونق أجوائها ، وألفة وبهاء استئناس من شاركونها من الكائنات ، وما كانوا عليه من سمات الرقة والأمانة وسمو التعامل ، وباقي صفات الدماتة التي اندثر الكثير منها في هذا الزمان الأغبر.
لقد إستغرقني التأمل في محتويات الصورة ومضامينها ، وعادت بي الذاكرة إلى الوراء بعيدا ، فتخيلتني واحدا ممن ظهروا فيها، واقيفن بين يدي "لفرملي" وهو يملأ أعين التلاميذ بـ"البومادا الصفرا" وقاية لهم من "حساسية العيون" التي تصيب بالعدوى تلامذة المدارس الابتدائية ، وخاصة منهم تلاميذ مدارس الأحياء الشعبية ، كمدرسة درب الزاوية ذكور ، أقدم مدارس فاس الجديد ، أحد أعتق أحياء مدينة فاس الشعبي .
ما دفع بي للتفكر في بعض من المواقف التي عشناها في مدرستنا تلك ، والتي تدل دلالة قاطعة على عناية مسؤولي ذاك الزمان بصحة المتمدرسين ، والتي ربما كانت أرفع مستوى مما هي عليه اليوم ، رغم بساطة وسائلها وضعف امكاناتها ، مقارنة بهذا العصر، وما يعرفه من انتشار التطور التكنولوجي والحداثة التي لا نحسن التعايش معها والتعامل بعها، ولاشك أننا كلما رجعنا للوراء ، وجدنا أن الزمن قد تغير وتبدل عما كان عليه في الماضي ، وأن كل حقبة زمنية تتميز عما يليها ، وفي كل مرحلة تجد قيم تندثر وتتلاشى ، حتى قيمة الإنسان التي كانت أغلى وأثمن في ما مضى ، لم يعد كذلك ، كما تفضحه تلك الصورة الكاريكاتورية .
حميد طولست [email protected]
#حميد_طولست (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟