|
أسطورة ألزرقاوي: بين الأمن الكردي والأمن الأردني
كهلان القيسي
الحوار المتمدن-العدد: 1378 - 2005 / 11 / 14 - 08:34
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
مأساة الشرق الأوسطَ الأحدثَ أُشّرتْ بثلاث مهمّات إنتحاريةِ متزامنة تقريباً ضدّ الفنادقِ الأمريكيةِ ألمعروفه في عمَّان. الحدث، الذي حصل في اليومِ التاسعِ مِنْ الشهرِ الحادي عشرِ، يَحْملُ توقيعَ أبو مصعب ألزرقاوي، المندوب الكبير للقاعدةِ في العراق. في ليلة دافئة من أوائل شهر نوفمبر، بينما يرتفع عدد الجثث فان الشرق الأوسط يواجه ألان 9/11، الخاص به.والعالمَ عاد ثانيةً ليواجه بأسطورةِ زعيمِ الإرهابِ العالميِ الجديدِ: ألزرقاوي. ولد ألزرقاوي من أصول بدويةِ، وترعرعَ في محيط الطبقة العامِلةِ في مدينة الزرقاء ثاني اكبر المدن الأردنية. بعد فترة عرف كمجرم صغير، ذَهبَ إلى أفغانستان لكنه وَصلَ متأخر جداً لمُحَارَبَة السوفيت.. وأعتقل في الأردن لأفكارِه الهدّامةِ، قضى خمس سَنَواتَ في السجنِ. هذه التجربةِ حوّلتْه إلى أحد الجهاديين، مَع حفنة من الأتباعِ. في عام 2000، وفي قندهار، قابلَ أسامة بن لادن للمرة الأولى، لكنهم رَفضَوا أَنْ يُصبحَ جزءَ من القاعدةِ. ألزرقاوي لَمْ يُهيَّئْ للمُحَارَبَة ضدّ الولايات المتّحدةِ؛ بدلاً مِن ذلك، أرادَ شَنّ كفاحِه ضدّ الحكومةِ الأردنيةِ. لهذا انشيء معسكرِ للتدريب البسيطِ في هرات، قُرْب الحدودِ الإيرانيةِ، حيث درّبَ المُجنَّدين بشكل رئيسي للمهمّات الإنتحاريةِ. برزت شهرت ألزرقاوي العالمية عندما ذكره كولن باول في مجلس الأمن في 5 شباط 2003 كرابطة خيالية بين صدام حسين وبن لادن منذ ذلك الحين، نَمتْ أسطورتَه تصاعدياً في كلا الغرب والشرق. الحقائق والخيال حول ألزرقاوي في نهاية عام 2001 سَمعتْ السلطات الأمريكية للمرة الأولى عن ألزرقاوي، مِنْ أجهزةِ الأمن الكرديةِ. حيث إدّعى الأكراد بأنّ القاعدةِ موّلتْ قاعدة جديدة في بيارة، في كردستان العراقية، التي كَانَت تُدار من قبل منظمة جهادية جديدة، هي أنصار الإسلامِ. وفي 2001, التقت منظمة جند الإسلامِ, "مجموعة الأردنيين مِنْ مدينةِ السلط "ألزرقاوي بينما كان في السَجنَ في الأردن وبَقى على اتصال معها، ودَمجَها إلى منظمة أنصار الإسلامِ. إستعملَ جهازَ الأمن الكرديَ وجوده في هذه المنظمة لرَبْطهم إلى القاعدةِ بدون أي دليل ثابتِ, والزرقاوي كشخص أقحم كوسيط لكلتا المجموعات بسبب اتصالاته الشخصيةِ مَع الأردنيين ومعسكرِه في هرات، حدّدَ مكانه على طريق الجهاد الشعبي مِنْ شمال العراق إلى أفغانستان. لا يعَرفَ الأمريكان شيءَ حول ألزرقاوي لذا إتّصلوا بالسلطاتِ الأردنيةِ فوراً للمعرفة أكثرِ عنه. في هذه النقطةِ بالذات بدأت تتشكل أسطورةِ ألزرقاوي. اتهمت التحقيقاتُ الأمريكيةُ والأردنيةُ المشتركةُ ألزرقاوي بانه العقل المدبر للعديد من الهجمات والاغتيالات في الأردن بين عامي 2001-2002، بالرغم من إن هناك منظمة مسلحة غير معروفة ادعت مسؤوليتها عن العمليات وهي منظمة( شرف الأردن) في نِهايِةِ 2004، حُكِمَ على ألزرقاوي بالإعدام غيابياً لمسؤوليته في اغتيال الإسرائيلي إسحاق سنر والأمريكي لورانس فلوي وحول تلك الاغتيالات، فان منظمة (شرف الأردن) أصدرتَ بيان اُنكرت فيه أيّ تدخّل مِن قِبل ألزرقاوي في ذلك. الرسالة ( البيان) كَانتْ مصحوبة باغلفة الرصاصِ الفارغة التي كَانتْ قَدْ أُطلقتْ على Foley وSnir. هَلْ إن ألزرقاوي شكل ( أوجد) لمُلائَمَة منزلتِه الجديدةِ كزعيم إرهابِ دوليِ؟ العديد مِنْ الناسِ يَعتقدُون بأنّ هذا هو الذي حَدث. أَو هَلْ إن الأمريكان زودوا بمعلوماتَ مزورة من قبل أجهزةِ الأمن الكرديةِ والسلطاتِ الأردنيةِ؟ لان كلاهما لديهم أسباب حقيقية للكَسْب مِنْ أسطورةِ ألزرقاوي. فالأكراد إستعملوه لإقْناع الأمريكان بقَصْف معسكراتِ الجهاديين في شمال العراق، والأردنيون لحَلّ لغزِ سلسلة الهجمات الإرهابية التي نفّذَت من قبل مجموعاتِ جهادية محليّة.
والأمريكان كَانَ عِنْدَهُمْ الكثيرُ أيضاً للكَسْب مِنْ خَلْقِ أسطورتِه. مِنْ سبتمبر/أيلولِ 11, 2001، إلى مارس/آذارِ 20, 2003، بَنتْ الولايات المتّحدةَ قصتها لمُهَاجَمَة العراق. فنظام صدام إتّهمَ بإمتِلاك أسلحة الدمار الشاملِ وإسناد الإرهابِ. بدون وجود أيّ برهان على دعم صدام للإرهابِ حيث كَانَ الورقة الرابحةَ الوحيدةَ التي تَمسّكتْ بها الإدارة الأمريكيةَ بإقناع العالمَ بان النظام العراقيَ كَانَ لِزاماً أَنْ يُزالَ. وكانت أللعبه إن الإدارة الأمريكية كان لا بُدَّ لها أنْ تُبيّنَ بأنَّ صدام والقاعدة مرتبطان. والصلة بينهما كَانتْ أبو مصعب ألزرقاوي. في 5فبراير/شباطِ, 2003، أخبرَ كولن باول مجلس الأمن، " بان العراق يأوي اليوم شبكة إرهابية، برئاسة ألزرقاوي، شريك ومعاون أسامة بن لادن ومُساعدوه من القاعدةَ." أكثر خبراءِ الإرهاب مَا سَبَقَ لهم أَنْ سَمعوا عنه ولَمْ يَعْرفْوا مَنْ كَانَ هو ألزرقاوي. "هناك مِئات الرجالِ مثل ألزرقاوي بين المجاهدين الذين يمتلكون صفات القيادةِ، كما قال" مجاهد سابق يَعيش في لندن. أما "أبو مصعب أشتهر لأن كولن باول ذَهبَ إلى الأُمم المتّحدةِ وقدّمَه كزعيم الإرهابِ العالميِ الجديدِ." يقول الصحفي الأردني فؤاد حسين الذي التقى ألزرقاوي في السجن "عندما كان كولن باول يتَكلّمَ حول علاقة ألزرقاوي والإرهاب، بَدأنَا تَسَائُل لِماذا قتلَ Foley واتهم ألزرقاوي. لقد كانت هناك حاجة لخَلْق صلة بين نظامِ صدام والإرهابِ، ". فجأة، بدأت تنسب إليه كُلّ محاولةِ تفجير في أي مكان في العالم. وقد اتهم بكُلّ العمليات الكبرى التي حَدثتْ إثر 9/11، بضمن ذلك تأسيس و تَنظيم الخلايا في أسبانيا، ألمانيا، وتركيا. وإتّهمَ بهجومِ الدار البيضاء وإتّهمَ به بَعْدَ أَنْ شاركَ في تفجيرات مدريد. حتى الآن، لا يوجد دليل ثابتَ لدَعْم أيّ من هذه الإدّعاءاتِ، ما عَدا اعترافات الإرهابيين السابقينِ، التي يتم الحصول عليها في أغلب الأحيان تحت التعذيبِ، لأنْ يَكُونواَ جزءَ من شبكةِ ألزرقاوي
مِنْ الأسطورةِ إلى الحقيقةِ
من سخرية القدر وعشية الحربِ على العراق،كان هو أبعد ما يكون عن زعيمُ إرهابِ دوليِ أَو وسيط لصدام وبن لادن، ألزرقاوي كَانَ عبارة عن سمكة صغير جداً في بركةِ الجهاديين . استعملت أسطورتَه بشكل ماهر من خلال مهمّات إنتحاريةَ في العراق وان دخوله إلى الساحةِ العراقيةِ أُشّر بالهجمات الإنتحارية الأولى في البلادِ. في أغسطس/آبِ 2003, كمقر الأمم المتحدة ومقتل الحكيم في النجف. وقد رفض المحللين الغربيين الربط بين تلك الحادثتين.وهناك اعتقاد مشترك في إن النزاع يدور في العراق بين قوات الاحتلال ومساندوهم من جهة وبين مقتدى الصدر والمقاومة السنية من جهة أخرى, على أية حال صور جهاد ألزرقاوي على انه ذو جبهتين الجبهة الأولى قوات الاحتلال والجبهة الثانية الشيعة من خلال الهجمات الانتحارية. من خلال الرسائل التي بعث فيها ألزرقاوي إلى بن لايدن والتي يطلب فيها دعمه ضد الشيعة في العراق, يتبين أمر غريب وهو لماذا رفضت القاعدة ألزرقاوي من الانضمام إليها عام 2000, وألان تتم تسميته كزعيم للقاعدة في بلاد الرافدين, الإجابة ببساطة إن ما اخبره كولن باول لمجلس الأمن مجرد كذبة وان ألزرقاوي لم يكن معروفا قبل الحرب على العراق انه مجرد مقاتل بسيط من الزرقاء يقود مجموعة من المجاهدين.و لكسب الأهمية والشرعية لجمع السنة العرب في العراق حوله فانه كان بحاجة إلى دعم، أسامة بن لادن الذي كَانَ الوحيدَ الذي يُمْكِنُ أَنْ يُساعدَه في الْحصول عليها. مراسلتهم ركزتْ على الحاجةِ لدَقّ إسفينا بين المقاومة السنيّةِ والشيعية. هذه المخاوفِ أُكّدتْ في ربيع 2004، عندما جَذبتْ ثورةَ الصدر إعجاباً بين المقاومين السنّةِ. وانتشرت صوره في المناطق السنية. هوس أمريكا بأسطورتِه ساعدَه يَحْصلُ على الشهرة التي يريدهاِ من خلال لَوْمه على كُلّ هجوم داخل وخارج العراق، خصوصاً بمهمّات انتحارية أو المقاومة في الفلوجة. في ديسمبر/كانون الأولِ 2004، مَنحَه بن لادن دعمه أخيراً وسَمّاه "أميرَ" القاعدةِ في العراق. الذي تباعاً مَكّنَ الأردني لجَذْب الأتباعِ والمصادرِ الكافيةِ لشُغْل القوات الأمريكيةِ بينما يتُواصلُ العنف في عمليات التفجير الإنتحاريةِ ضدّ الشيعة الذي يجر العراق إلى حافةِ الحرب الأهليةِ. في 9, نوفمبر/تشرين الثّاني 2005، أنجزَ ألزرقاوي النبوءة التي بدأتْ قبل سنوات من قبل السلطاتِ الأردنيةِ، وجهاز الأمن الكردي، والحكومة الأمريكية: حوّلَ الأسطورة إلى حقيقة مخيفة. مِنْ شقي في بلدةِ صغيرةِ، إلى مجاهد مغمور، إلى زعيمِ القاعدةِ في العراق، لقد استغل الأسطورةَ التي نَسجتْ حوله شخصِه بالكامل. بينما ظهر في فبراير/شباطِ 2003 هو كَانَ جهادي تافها، اليوم هو زعيمِ الإرهابِ بلا منازع .
لوريتا نابليوني: www.antiwar.com ترجمة: كهلان القيسي
#كهلان_القيسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إرهاب توماس فريدمان
-
صناعة القتل- حقيقة المرتزقة في العراق-ج2
-
صناعة القتل- حقيقة المرتزقة في العراق-ج1
-
أي أمة تَقِفُ تحت المحاكمة؟؟
-
الكارديان: بغداد ألان المدينةُ الأكثر رعباً في العالمِ
-
تقسيم العراق سَيولد إعادة تقسيمِ الشرق الأوسطِ
-
مكالمة لبلير من بوش قبل غزو العراق: أريد غزو السعودية وباكست
...
-
الدستور العراقي: إستفتاء للكارثةِ- ج 1
-
هل تمرير الدستور وإعدام صدام ينهيان المشكلة
-
مشكلتنا الكردية
-
إلى القائل إن العراق سوف لن يخوض الحرب نيابة عن الآخرين
-
سوريا، القاعدة في العراق، وأكاذيب كبيرة في عالمِ بوش- زورو
-
الغرب احتضن نخبة إيرانية الولاء, راديكالية, وخَلقَ جرحاً دام
...
-
ممارسات التصويت الكرديةِ قَدْ تُشذّبُ الإستفتاء العامَ على ا
...
-
كَيْفَ تُؤسّسُ أجهزة إعلام حرة في مثل هذا الخوفِ والفوضويةِ؟
-
عندما تتعاون الطبيعةَ مع البشر لتَكشف أكاذيبِ الجبارين
-
معايير مزدوجة في العراق
-
منطق القاعدةِ الإستعماريةِ – حكم الشعوب
-
هل انتهت هدنة لندن السيساتنية,,, بتعنت أمريكي
-
يتباكون على مليار واحد ؟ويتناسون 22 مليار؟؟
المزيد.....
-
أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن
...
-
-سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا
...
-
-الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل
...
-
صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
-
هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ
...
-
بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
-
مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ
...
-
الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم
...
-
البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
-
قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|