أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - أحمد النبريص - أن يحدث المستحيل هكذا فجأةً















المزيد.....

أن يحدث المستحيل هكذا فجأةً


أحمد النبريص

الحوار المتمدن-العدد: 5069 - 2016 / 2 / 8 - 21:01
المحور: القضية الفلسطينية
    


أحمد النبريص
منذ بداية الانقسام الفلسطيني الذي صبّ بمشكلاته على رؤوس المواطنين في قطاع غزة، وبدرجة أقل في الضفة الغربية، اعتاد الإنسان الفلسطيني في روتينه اليومي على تعدد أشكال المعاناة الدائمة منقطعة النظير.

في بدايات الأزمة كان هناك إيمان شعبي بأن كارثة الانقسام ستكون مؤقتة وأنّ إمكانية الوصول إلى حل توافقي بين طرفي الصراع هي مسألة ليست بالصعبة، لكن فيما بعد بدأ هذا الإيمان يتقلص تدريجياً حتى أيقن الفلسطينيون أن حلم الوصول إلى وحدة حقيقية هو حلم معقد على الرغم من التصريحات الإيجابية بهذا الشأن من قِبل أطراف النزاع، لأن الفلسطينيين باختصار قد فقدوا الثقة بقياداتهم المتناقضة.

مختلف استطلاعات الرأي تشير دائماً إلى أن المواطن الفلسطيني لم يعد متفائلاً من إمكانية تحقيق أي انجاز حقيقي للتوافق والوحدة بسبب فقدان الثقة بالتنظيمات الفلسطينية المتصارعة وقياداتها، ومع الأسف هذه التنظيمات لم تدرك بعد عمق التحولات الفكرية في عقلية المجتمع الفلسطيني تجاهها، إلا أن هناك رغبة شعبية عارمة في المصالحة الوطنية، لأن الشعب الفلسطيني يدرك بحكمته خطورة ما آلت إليه الأمور التي صنعها الانقسام، ويدرك أن استمرار التناقض والتصارع بين التنظيمات ما كان ولم يكن ولن يكون في مصلحة القضية الفلسطينية التي باتت ضعيفة جداً أكثر من أي وقت مضى في المشهدين العربي والدولي.

ثمانِ سنوات والرؤية الفلسطينية الجوهرية غائباً تماماً، وبما يوازي هذا الزمن خسرنا ما يكفي من عمر القضية حيث تراجعنا عقوداً إلى الوراء، ثمان سنوات لم ندرك خلالها خطورة التحولات في تلك المرحلة. زمن طويل من الصراع جعل من الصورة النمطية للفلسطينيين في الخارج قبيحة، أو على الأقل مُلتبسة، لأن الصراع عبر وسائل الإعلام وصل إلى مستويات خطيرة ومؤسفة بسبب سياسة الردح والتشهير المتبادل بين أطراف الانقسام، سنوات عجاف مرت بدون إستراتيجية موحدة في مواجهة المحتل الإسرائيلي.


الصراع الفلسطيني خلق تساؤلات لا يمكن تجاهلها، ويبقى السؤال الأهم، متى تدرك الأطراف المتخاصمة خطر استمرارية الفرقة الفلسطينية، متى تدرك عمق الأجندات الخارجية التي توظف الانقسام لصالح الاحتلال؟ ثمة أشياء تحدث خلف الكواليس لم ندرك خطورتها بعد، لا يوجد هناك سبب يبرر استمرار الانقسام، طالما أن هناك رغبة شعبية في طي صفحته للأبد.

بالأمس غير البعيد أضاف القيادي في فتح عزام الأحمد خيبة أمل جديدة في واقع الصراع المعتم بعد تصريحاته بأن الانقسام الفلسطيني عاد إلى نقطة الصفر، وجاء بعده النائب في حماس إسماعيل الأشقر الذي دعى أنصار حركته في الضفة المحتلة إلى رفع السلاح في وجه السلطة الفلسطينية، ما زاد الأمور سوءاً وتعقيداً.

ثمة أشياء غير مفهومة في السياسة الفلسطينية، لأن التنظيمات المتصارعة لم تعد قادرة على تحديد معنى دقيق لمفهوم الوحدة والتوافق، هناك غموض وتعقيد في تحديد مفهوم الوحدة الوطنية بالنسبة لحركتي فتح وحماس، حيث بالإمكان وصف العلاقة بين الحركتين بأنها علاقة تنافر بين مشروعين متناقضين، كل مشروع يطرح نفسه بديلاً عن الآخر لا مكملاً له.

كل هذه التناقضات تخلق تساؤلات لم تجد الإجابات المناسبة، منطقياً كيف يمكن توحيد تنظيمات ذات أهداف متناقضة ومشاريع مختلفة في حكومة واحدة؟ هل يمكن التوافق بين تنظيمات تؤمن بالفكر الإقصائي الذي لا يبصر في مرآته أحداً سوى نفسه؟ إنه بلا شك أمر أقرب إلى المستحيل، لأن المشكلة الأولى تكمن في الوعي الحزبي الضيق لدى تلك التنظيمات التي تؤمن فعلياً بالمحاصصة لا بالمصالحة.


إن محاولة التعمق في العلاقة بين حركتي فتح وحماس من وجهة نظر التيار الإسلامي تماماً كمحاولة توحيد وموازنة الحلال بالحرام، حيث أنه من المستحيل أن تتفق حماس التي تتبنى المنهج الإسلامي، مع حركة فتح القريبة من العلمانية، لأن العلمانية والإسلامية لا يلتقيان بالمطلق. لهذه الأسباب ينبغي حل أزمة الوعي الحزبي الضيق، قبل الحديث عن أي مبادرة جوهرية لتحقيق التوافق الفلسطيني. علينا أن نستبدل الوعي الإقصائي بوعي أكثر اعتدالاً يحترم الاختلاف والتنوع ويسعى جدياً إلى التكامل معه، لأن ما حدث ويحدث من نتائج كارثية، يشير إلى مأزق ضيق الرؤية السياسية عند جميع الأطراف التي يبدو أنها لم تدرك بعد، أنها غير قادرة على إدارة المرحلة بالشكل الذي ينبغي.

لا يمكن السماح لأي جهة كانت بعرقلة إي جهد باتجاه إعادة توحيد الجسد الفلسطيني الذي حكم عليه الوعي الحزبي الضيق بأن يصبح عدواً لنفسه، لا يمكن تخيّل أن يبقى الفلسطينيون رهن حكومات تغيبت فيها القيم الوطنية من أجل المصالح الحزبية الضيقة، ومن المؤسف أيضا تحمّل أن تبقى القضية الفلسطينية معلقة رهن حالة الانقسام المأساوي التي ستؤدي حتماً إلى تطورات ستقود إلى الانفصال الدائم وتشكيل دويلتين فلسطينيتين بلا وطن لصالح المحتل الإسرائيلي.
بعد مرور ثمان سنوات على ولادة الانقسام الفلسطيني، وفشل حكومات الوفاق التي تم تشكيلها خلال عمر الانقسام، ومراوحة الأزمات الداخلية مكانها، أصبحت هناك تشابكات كثيرة في المشهد السياسي الفلسطيني، ثمة أمور كثيرة لم تعد مفهومة، هناك أسئلة بلا إجابات ومشكلات بلا حلول، غزة الفقيرة دفعت الثمن الأكبر من ضريبة الانقسام، حيث بات من الصعب إمكانية تحمل استمرار العيش في ظل هذا الواقع المعتم.


إن كانت الجهالة تتمثل في عبورنا نفقاً لا نلمح في نهايته أي ضوء، فإن الشجاعة تتجسد في اجتيازنا طريق الانقسام المظلم، علينا أن ندرك أن الوحدة ليست تصريحات أو اتفاقات نشاهدها عبر وسائل الإعلام، لكنها نمط حياة لمواجهة مشكلات الواقع المعقدة، الوحدة هي إرادة في المضي قدماً في مواجهة الظلم بكافة الوسائل المتاحة، وإن اقتضى ذلك أن تدفع التنظيمات المتصارعة ثمن أخطاء الماضي في سبيل المستقبل.

نقول هذا الكلام القديم، ولن نفتأ نعيده مرة أخرى وأخرى، بمناسبة الحديث الجديد ـ ولا جديد حقاً تحت شمس الفلسطينيين ـ عن اتفاق طور الإعداد يجري البحث في تفاصيله في العاصمة القطرية الدوحة. نقوله ونحن متوجّسون أن يكون هذا الاتفاق على غرار إتفاقات مصالحة عديدة جرت قبل ذلك، ولم تكن تساوي الحبر الذي كُتبت به، لأن البنية التحتية التي أشرنا إليها في متن هذا المقال، هي الضامن الوحيد لنجاح أي اتفاق حقيقي، تنجم عنه مصالحة حقيقية.

ورغم إيماننا بعدم وجود أو توفّر هذه البنية ولو في حدّها الأدنى إلى هذه اللحظة، إلا أننا نرغب في أن يحدث المستحيل هكذا فجأة وتنجح مصالحة الدوحة.

أما إذا فشلت وكانت فالصو كسابقاتها، وهو الأمر المرجّح، ما دام كلا الطرفين لا يؤمنان حقيقة بالمشاركة والتكامل، فلن نصاب بخيبة أمل. ذلك أن حالنا كفلسطينيين صار اليوم مثل حال أحد الشعراء حين قال قديماً:
" تكسّرت النصال على النصال".



#أحمد_النبريص (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خناجر للجسد المُنهك
- قصيدتان على هامش الحرب
- قصيدة (إلى وطنٍ قتيل)


المزيد.....




- نيللي كريم تعيش هذه التجربة للمرة الأولى في الرياض
- -غير محترم-.. ترامب يهاجم هاريس لغيابها عن عشاء تقليدي للحزب ...
- أول تأكيد من مسؤول كبير في حماس على مقتل يحيى السنوار
- مصر.. النيابة تتدخل لوقف حفل زفاف وتكشف تفاصيل عن -العروس-
- من هي الضابطة آمنة في دبي؟ هذا ما يحمله مستقبل شرطة الإمارات ...
- حزب الله يعلن إطلاق صواريخ على الجليل.. والجيش الإسرائيلي: ا ...
- بعد مقتل السنوار.. وزير الدفاع الأمريكي يلفت لـ-فرصة استثنائ ...
- هرتصوغ ونتنياهو: بعد اغتيال السنوار فتحت نافذة فرص كبيرة
- الحوثي: الاعتداءات الأمريكية لن تثنينا
- -نحتاج لمواجهة الحكومة لإعادة الرهائن-


المزيد.....

- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - أحمد النبريص - أن يحدث المستحيل هكذا فجأةً