|
آخر الحلول
صادق الزهاوي
الحوار المتمدن-العدد: 5068 - 2016 / 2 / 7 - 21:34
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
آخر الحلول صادق الزهاوي
(( الخيار المتاح في التاريخ السياسي العربي ينحصر في الاختيار بين الاستبداد والفتنة لا بين الاستبداد والحرية . )) ــــ الدكتور غسان سلامة الحركة الوهابية التي كانت وما زالت ، قائمة بالتعاضد مع نظام آل سعود ، وتلك هي ضمانة للطرفين في الدوام . فقد أسبغت على النظام هالة من القدسية ، فغدى من المقدسات في الوعي الجمعي . وذلك يرجع إلى الظروف التي نشأت فيها الدعوة الوهابية . فلولا احتضان آل سعود لمحمد عبد الوهاب وتبني دعوته وحمايته ، لما كان بقي حتى على قيد الحياة . وبعد ذلك كانت دعوة شيخ الإسلام ، وحضها السلطان العثماني على محاربة الوهابية ، كان وراء انكفائها في الجزيرة العربية . وبعد سقوط السلطنة العثمانية ، آلت الأمور بين ما آلت أليه بروز كيان عرف بالمملكة العربية السعودية والذي بني على ثلاثية ـــ القبيلة ـــ الشريعة ــــ الغلبة ( سواء كان بالقوة أم بالمال ) . مر بعدها النظام بالدولة القائمة على النظام الريعي من عوائد النفط ، والمؤازر من قبل القوى العظمى وبالذات الولايات المتحدة من خلال نظام للتخادم لم يعد خافيا على المتتبعين . ورغم كل ذلك فالنظام لم يكن منشغلا ولا منغمسا بما تجيش به المنطقة من تغيرات أو مشاكل ، والابتعاد عن أي تدخل خاصة بالقوة المسلحة .إلى أن حدث التغيير في اليمن بثورة الضباط وإسقاطهم لنظام الحكم القائم وإعلانهم الجمهورية اليمنية ، المدعومين من النظام في مصر . ذلك التغيير الذي رأى فيه السعوديون ناقوس خطر على الأنظمة المحافظة كنظامهم ، فالأنظمة التي (( تحكم جميع بلدان المجلس " التعاون الخليجي " أنظمة وراثية ، أي أن السلطة فيها محتكرة من قبل أسر، هي وحدها صاحبة الحق النهائي في اتخاذ القرارات المهمة ، وفي التصرف بثروات المجتمع . ))ـــ الدكتور يوسف خليفة اليوسف . فحرب اليمن الأولى كانت حرب عربية ــ عربية ، والمفارقة أن السعوديون كانوا يدعمون الملك الحاكم وكان من الحوثيين ، استقرت الأوضاع في اليمن للنظام الجديد . لأن جميع دول المشرق ، ولد فيها مشروع الدولة في مجتمعات قلقة غير مستقرة فأحداثها (( تنبهنا التجارب المرة والمتعاقبة للفتن والحروب الأهلية الداخلية في المجتمعات العربية المعاصرة إلى حقيقة مزدوجة :: هشاشة المجتمع ، وهشاشة الدولة . عند أية أزمة سياسية ، يتصدع البنيان الاجتماعي ويدب فيه الشرخ والانشقاق ، وقد تأخذه ديناميكيات الانقسام إلى صدام معلن أو مضمر تتواجه فيه جماعات اجتماعية تبدأ في التعبير عن خلافاتها بمفردات سياسية قبل أن تفصح عن مخزونها العصبوي ! وعند أي انقسام أو صدام أهلي يشهده المجتمع ، تبدأ الدولة في فقدان سلطانها السياسي فتستفحل أزمتها ، وتفقد تماسكها ووظائفها ، وقد تنهار ككيانيه جامعة أو تتذر في صورة سلطات أهلية " مليشياوية " تنتزعها العصبيات "الجماعات الأهلية " من الدولة ومن بقايا أجهزتها ، ...... تتغذى الهشاشتان من بعضها البعض وتتضافران في إنتاج المعضلة ذاتها : تفتيت الكيان الاجتماعي والسياسي ، لا تكون الدولة في صحة جيدة إذا اعتلت صحة المجتمع ، ولا المجتمع يكون معافى إن أصاب الدولة مرض . )) ــ الدكتور عبد الآله بلقزيز . تلك العوامل جعلت التوجس والحذر من إمكانية قيام أية معارضة ، أو ما يساعد على ذلك . الوسواس الذي رافق سلوك أنظمة الحكم في الشرق عموما وفي دول الخليج خصوصا ، والسعودي منها بالأخص . والانكفاء السعودي من التدخل في مشاكل المنطقة بشكل علني أو مكشوف مباشرة . بكل تأكيد كانت له أسبابه أولها : أن قوى المعارضة التي ظهرت ، على الساحة السياسية ، في الأقطار العربية ، كانت قوى قومية في قواها الرئيسية الفاعلة ، والتي استطاعت أن تصل إلى السلطة . كانت منشغلة بمحاربة القوى المخالفة لها داخليا ، لا بل أثبتت التجربة أن تجربة الدولة الوطنية ، أنتجت أنظمة حاربت كل اتجاه وطني معارض للسلطة . وثانيها : أن مسألة فلسطين شعارا وهوسا أعلامي شغل المساحة الأكبر وأستهلك الجهد الأكبر لتلك التنظيمات السياسية حاكمة كانت أم معارضة . وما كان مطلوبا من السعودية ودول الخليج هو الدعم المادي فقط . ألا أن هزيمة عام 1967 / في 5 / حزيران . وما تبعها من أفول لنجم المشروع القومي والنضال من أجل فلسطين ، ومن ثم في ثمانينيات القرن الماضي الدعوة التي قادتها المجموعات السلفية الجهادية ، لدعم أفغانستان ، ودور السعودية كنظام سياسي ، ومنظومة وبنية لمؤسسة دينية سلفية ، ومجتمع هب لتبني ذلك . كان القوة الدافعة الأولية التي دفعت عجلة المنظمات الجهادية ، لكي تظهر في العلن وتنمو إلى الحد الذي وصلت أليه . وكان انتصار الثورة الإيرانية بقيادة آية الله العظمى " الخميني " وما عقبها من حرب عبثية مع نظام صدام حسين ، وما استثاره من بعد طائفي ، ودفع إلى حنق مذهبي في مجتمعات الشرق عموما ، وكذلك انتقال الحراك الشيعي السياسي إلى طور التنظيم ، ومن ثم إلى الحراك العلني . مدعوما من قبل أنظمة سياسية في إيران وسوريا وبعدها في العراق ، ومدعومة بخزين معنوي من تجربة حزب الله في لبنان . كل تلك الأحداث كانت وراء نمو وبروز تيارات سلفية في سوريا ، وخاصة إن جذور تنظيم الأخوان السلفي يرجع إلى أربعينيات القرن الماضي ، إضافة إلى تمذهب السلطة ، وسيطرة العلويين ، وفقا لسياسة قام بها حافظ الأسد ، بالسيطرة على مفاصل السلطة الرئيسية ، كل ذلك أدى إلى إضفاء الطابع المذهبي ، بصيغته الطائفية على قو ى من المعارضة قامت بوجه السلطة . وما لا يمكن إغفاله أن سلطة البعث السوري بوصفه سلطة شمولية للحزب الواحد ، والذي أختصر إلى الطائفة ومن ثم إلى العائلة التي أورثت تجربة الحزب مثال التوريث الجمهوري العائلي ، كل ذلك أوصلت الأمور إلى ما وصلت إليه . والنتيجة التي وصلت أليها بعد جنيف (( 3 )) ، رغم خيط الأمل في التوصل إلى حل ما ، خاصة في ظل تعاون وتفاهم أميركي روسي ، وذلك للتفرغ لمحاربة الإرهاب . والسؤال اليوم هو ما الذي تبغيه السعودية من استعدادها في التدخل بقوة برية في سوريا ؟ وما هو حجمها ؟ وما مدى فاعليتها في ميزان القوى التي ستحارب داعش ضمن التحالف الدولي ؟ أننا نرى أن تلك الدعوة من قبل السعودية هي آخر الحلول ، وهي تريد أن تشرك تركيا والتي تعتمد عليها لسببين أولها : أنها حليف مأمون الجانب ومدعوم أميركيا وغربيا . وثانيهما : أن لتركيا جيش قوي وخطوط دعمه اللوجستي قريبة ، وهو ضمن منظومة الناتو ، لذا وفي حال التخويل الدولي سيكون مدعوما من قبل الناتو ، أي أن ذلك سيؤمن القوة اللازمة عدة وعددا وأية مساهمة سعودية أو غيرها من الدول العربية ستكون من باب إضفاء الشرعية والمقبولية عليها في الساحة العربية . وغاية السعودية في كل ذلك هو هزيمة المشروع الإيراني في حده الأدنى أي القضاء على الإرهاب وتأسيس قوة فاعلة على الأرض لا تقوى الحكومة السورية على مقارعتها وتسليمها المناطق التي يخرج منها داعش والنصرة . أو الحد الأعلى وهو السعي إلى تصدم أيراني تركي مما سيؤدي إلى تدخل الناتو لأن كيان تركيا سيكون في مهب الريح في أي تدخل لها , ذلك افترضناه في حال تحييد الدور الروسي من خلال ضمانات لمصالحها وقواعدها ! فالسعوديون وما يلاقونه بعد هذه الفترة في الساحة اليمنية والأزمة المالية وخطر انتقال دعوى داعش إلى الداخل السعودي خاصة بعد أن كشفت استطلاعات مراكز التواصل الاجتماعي عن شعبية داعش عند الشباب السعودي . وفي حال استمرت انتصارات الجيش السوري وبقية فصائل سوريا الديمقراطية . مما يضع السعودية الراعية لمعارضة الرياض في موقف ، لا حل لها غير ذلك . فهل نشهد هزيمة التيار السلفي الجهادي في عقر داره لأنه (( من أكثر المناورات خسة ، التحدث بعجرفة عن انتهاكات في مجتمع الغير وتبرير نفس الممارسة في مجتمع المرء نفسه . )) ــ أدور سعيد
صادق الزهاوي السابع من شباط 2016
#صادق_الزهاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاتحاد الوطني الكوردستاني الضرورة والبداية
-
لماذا الإصرار على جنيف (( 3 ))
-
((الكورد وبرهان نمرود))
-
ذكرى للعبرة
المزيد.....
-
لبنان: غارة مسيّرة إسرائيلية تودي بحياة صيادين على شاطئ صور
...
-
-لا تخافوا وكونوا صريحين-.. ميركل ترفع معنويات الساسة في مخا
...
-
-بلومبيرغ-: إدارة بايدن مقيدة في زيادة دعم كييف رغم رغبتها ا
...
-
متى تشكل حرقة المعدة خطورة؟
-
العراق يخشى التعرض لمصير لبنان
-
مقلوب الرهان على ATACMS وStorm Shadow
-
وزارة العدل الأمريكية والبنتاغون يدمران الأدلة التي تدينهما
...
-
لماذا تراجع زيلينسكي عن استعادة القرم بالقوة؟
-
ليندا مكمان مديرة مصارعة رشحها ترامب لوزارة التعليم
-
كيف يمكن إقناع بوتين بقضية أوكرانيا؟.. قائد الناتو الأسبق يب
...
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|