أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ادريس الواغيش - رُكوحٌٌ مُتعَبَة














المزيد.....

رُكوحٌٌ مُتعَبَة


ادريس الواغيش

الحوار المتمدن-العدد: 5067 - 2016 / 2 / 6 - 08:11
المحور: الادب والفن
    


رُكوحٌٌ مُتعَبَة
قلم: إدريس الواغيش
ذكرَياتٌ من إيقاعَات العَدَم
تدُقُّ بلطفٍ بابَ بَيْتنَا الخلفيّ
تُوصِلني خَشخشَة الخَلاخيل في رُكوح مُترَبة
قد أتعبَها الرَّقص
تنسَابُ أمامَ عينيّ رَمْزيّاتُ صُوَر قديمَة
أساورُ لجَيْن تلمَعُ في مَعاصِم العَذرَاوَات
أَرْمِي بقُبلتين
يَبسُط النَّدَى جَنَاحَيْه، يلتقطهُمَا
ويُوصلهُما طَوْعاً إلى وَجنَتيْ حبيبَتي
فوق السَّطح، امرأة مُسِنّة لم تسْتَسلم بَعدُ لليَأس
تشحَذُ هِمَمَ العاشقين المُبْتدئين
تطلقُ زَغْرُودَة ادَّخَرَتها في حُنجرتها من زَمَن الطفولة
حبيبَتي الصّغيرةُ جالسَة تلعبُ بضَفيرتها
نَسَت أنّي كنتُ مثلهَا تمَاماً
أحِبُُّّ أن أطيرَ مثل فراشَات المَطر!
يطلُّ قمَرٌ خريفيُّ خَجول
يقطف من وجنتيْهَا قُبَلا وَيَختفي
تذوبُ النُّهود المُتعبة في مَواويل أعْرَاس الصَّيْف
تختفي العيونُ العاشقاتُ في سَراديب الغيَاب
تعبرُ الهَمَسَاتُ خلسَة إلى جُزُر الصَّمت في داخلي
يُحَرّضُ شُروق الشَّمْس وَميضَ النَّهار
تُصِرُّ الشفتان على الكلام
وَيَذوبُ الصَّمْتُ في الصَّمت
ليَعبُرَ إلى مِنَصَّة الكلام
كمْ هُوَ شاسِعٌ هَذَا الحُزْنُ فيك يا وَطني
من وَريد الحُبِّ إلى زمن الكريهَة
القنديلُ الخافِتٌ يا أُمّي
كانَ يَسْتنزفُ نورَ القمَر
ماذا لوْ لمْ يُطاوعْني قلبي وَبقينَا هُناك؟
أكانَ بإمْكَاني مُلامَسة قُرْصَ القمَر؟
أو أفرَحَ بدَمي حينَها
وقد تَحَوَّل إلى زُجاج مُنكسِر؟
ماذا لو كنَسَت أشجارُ العُليق والعَوْسَج طُرُقاتنا؟
كي تسْلمَ أقدامٌ الأطفال الحُفاة من وَطئِ أشْوَاكها
وَيَعْبُرونَ بسَلام نَحْوَ أمَانيهم
كيْ تعيدَ البَنادقُ ثأر السِّنين إلى فوْهَاتِها
وتعودُ العَصَافيرُ إلى أعشاش قد هَجَرَتها صَيْفًا
خوفًا من عُنف الشتاء
أمّا وقد غِبْت يَا أُمّي
الضَّبَابٌ يَهْرُبُ من آلام بيَاضه
والمَطَرُ يَسْتعصمُ على الأرض في عزّ الشتاء !!
كم يلزمُني الآنَ أنْ أقطعَ من كيلومترات أخرى
لأَصِل سَهواً إلى:
- صَرْخَتي الأولى في قصيدتي
- مُحاولاتي الفاشلة في الحَبْو
- صُوَرُ الغَدير الذي مَنَحَنا السَّكينَة والأسْمَاك
- أصْوَافُ الضَّفادع والأحْجَار المَلسَاءَ في الوَادي
- الخُبزُ اليابسُ والقدّيدُ المُمَلح
- رقصاتُ النَّحْل فوْقَ زَهْر الصُّبار
- الأطفالُ البرمائيّون
- رَعْشَةُ الأرَامِل الأخيرة
- الجُثثُ التي مَرَّت أمَامَ ناظريَّ إلى المَقبَرة
- شَتاتُ أصدقائي المُغتربين بلا هويّة
- جدّي الذي مات، قبل أن أتسلم أول شهادة في الحياة
- مَلامحُ جدَّة التي لا أعرفُ شَكلها
حَكت لي أمّي عنها طويلا
وحين كبرت...
كلما حاولتُ أن أتذكرَ مَلامِحَها
يُباغِتني النسيَان!!
حين تقتربُ هذه الأشياء كلها من ذاكرتي
تتوقفُ الأرضُ لحظةً عن الدَّوَرَان
يَسْتظل النَّهارُ بقبَّعتي من هَجير شَمْسِه
فيَغمُرُني الحَنينُ إلى الصِّبَا
أنتهي أخيرًا من عَدِّ الرُّموز و العَلامَات
فتبدأ شهرزادُ في سَرْدِ آخر الحِكايَات
ماذا أفعل الآن إذن؟
وإطلالة التجاعيد تفضحُ وَهْنَ الطفولة فيّ
حين يَملؤُني النَّبيذ
أصيرُ شفَّافا كرَذاذ المَطر
أو جَسَد راقصَة بَاليه، خانتها رُكبتاهَا العَاريّتين
جُدْرَانُ المَدينة عاريَة هذا الصَّباح
وَجَبَل "زَلاغ" اعتلتهُ، على غير عادته، عمامَةٌ بيضاء
المَطرُ القادمُ من جِهَة الغرب جافاهُ
وَمُكبر الصَّوت في أعلى الصَّوْمَعَة
يرفعُ الأذانَ في المسجد المُجاور
تحُط الموسيقى أوْزارَها
فيُزْهِرُ في بيتنا صَمْتٌ بَليغ
غادَرْنَا أنا وأبي مَعاً قريَتنا
فتفرَّق دَمُنا على القبَائل
ولم تعُد أمّي تضعٌ يَديْها النديَّتين على صَدْغَيّ
كلمَا امتلأ رَأسي بالصُّداع
أمَّا وقد تركتُ ظلي هُناك
تَحْتَ شَجرة خرّوب عاقر
فَقَدَت الصَفصَافةُ التي كانت تقف كراهبَة قرب بيتنا
لونَها ونامَت
شَجَرَةُ الزَّيتون اسْتراحَت هيَ الأخرى من ثقل حَمُولتها
أبحثُ عن جَسَدي كرَاع قرَويّ
يَسْتمتعُ بقيْلولتِه تحتَ شَجَر السّدْر
أمْشي كل يوم مُقتفيًا خُطاي
علي أرَى صَوْتي على سَطح المَاء
وحينَ أقتربُ مني
أهربُ إليّ مثل حَشَرة خَائفة
جَدَّتي كانت بارعَة في حَلب المَاعز والأبقار
وَجَدّي كان يَسْتحضر المَلائكة في كل صَلاة
قبل أن يَذوبَ في مَرايَا الأمْكِنَة
أمَّا الآنَ، وقد أعْيَاني السّفر
صورَةُ أبي تُحاصرُني، كلمَا خَانتني الرُّجولة !!



#ادريس_الواغيش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العدد 25 من مجلة روافد - ثقافية المغربية في محور خاص:“ما جدو ...
- قصيدة “ البحيرة-: للشاعر الفرنسي“لامارتين“
- فاطمة بوهراكة تقدِّم بفاس-المَوسوعة الكُبرى للشعراء العرب- ف ...
- لم يعد للميكروفون قداسته
- غدًا مع طلوع الفجر
- وحيدٌ كسَحابَة
- تكريم الأستاذة عائشة حيداس بمدرسة البحتري(1) بفاس
- ريحٌ تُشبهني
- الشاعر العميد محمد السرغيني: الشعر ليس عملا عاطفيًّا، الشعر ...
- قصة قصيرة جدا: في البَحث عن النصف المَخفي
- طبيعَة العوالم المَرجعيّة عند محمد العتروس في- امرأة تقرعُ ب ...
- شعر: بَطنُ هُبَل
- حسن اليملاحي يعزفُ على إيقاعات تختلف بين الخطاب والسرد في قص ...
- قصة قصيرة: لَوْ مُدَّ قليلا في زَمَني... !!
- بين التقريري والتّخْييلي في: - لا تصدقوني دائما...أكذب أحيان ...
- حتى لا أكونُ مضطرًّا لأن أودّعَها
- قصة قصيرة : ذبذبات من الضفة الأخرى...‼-;-
- قصة قصيرة جدا: مسافات
- الصبح في بلدي
- «أجنحة وسبع سماوات» جديد الشاعر المغربي إدريس الواغيش


المزيد.....




- افتتاح مهرجان -أوراسيا- السينمائي الدولي في كازاخستان
- “مالهون تنقذ بالا ونهاية كونجا“.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة ...
- دانيال كريغ يبهر الجمهور بفيلم -كوير-.. اختبار لحدود الحب وا ...
- الأديب المغربي ياسين كني.. مغامرة الانتقال من الدراسات العلم ...
- “عيش الاثارة والرعب في بيتك” نزل تردد قناة mbc 2 علي القمر ا ...
- وفاة الفنان المصري خالد جمال الدين بشكل مفاجئ
- ميليسا باريرا: عروض التمثيل توقفت 10 أشهر بعد دعمي لغزة
- -بانيبال- الإسبانية تسلط الضوء على الأدب الفلسطيني وكوارث غز ...
- كي لا يكون مصيرها سلة المهملات.. فنان يحوّل حبال الصيد إلى ل ...
- هل يكتب الذكاء الاصطناعي نهاية صناعة النشر؟


المزيد.....

- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ادريس الواغيش - رُكوحٌٌ مُتعَبَة