أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ابراهيم ابراش - الفلسطينيون بين جلد الذات وتضخيمها














المزيد.....

الفلسطينيون بين جلد الذات وتضخيمها


ابراهيم ابراش

الحوار المتمدن-العدد: 5064 - 2016 / 2 / 3 - 23:06
المحور: القضية الفلسطينية
    


لأسباب ثقافية خاصة بطبيعة الشعب الفلسطيني، وسياسية خاصة بواقع الاحتلال و الشتات بما أفرز من (إيجابيات) غير مقصودة كغياب سلطة فلسطينية للكل الفلسطيني تمارس دور الرقابة والضبط والمحاسبة لكل الأفعال والأقوال ، ثم في مرحلة لاحقة بسبب الانقسام الذي غَيَّب المرجعية الواحدة حتى في نطاق الضفة وغزة وأتاح للبعض ليتصرف في المؤسسة التي يديرها دون خوف من محاسبة أو عقاب . لكل ذلك فإن الخطاب السياسي في كثير من الأحايين يسقط في إحدى المثلبتين : الأولى النقد والنقد الذاتي بلا حدود أو قيود ، في تجاهل للوجه الإيجابي من المشهد السياسي وللإنجازات التي سطرها الشعب بصبره ومقاومته ، والثانية تضخيم الذات أو (الانجازات) السياسية أو العسكرية لدرجة عدم رؤية وفهم الواقع وعدم تقدير العواقب .
قبل نقد هذا الخطاب لا بد من الإشارة إلى أن لهذا الخطاب مَن يدافع عنه ويرون له بعض الإيجابيات ، من منطلق أن له مبررا وأساسا ويتغذى من حالة سياسية مأزومة: حالة الاحتلال والشتات ، حالة السلطة الوطنية ، حالة الأحزاب خارج السلطة ، حالة مؤسسات المجتمع المدني وحالة الانقسام . فنقد الذاتي يساعد على إصلاح المسيرة النضالية، كما أن تضخيم الذات والإنجازات في بعض المنعطفات الحرجة قد يساعد على رفع الروح المعنوية داخليا وإخافة العدو خارجيا ، كما أن كثيرا من أوجه النقد التي يمارسها سياسيون ومثقفون ،سواء كان نقد الخصم السياسي الوطني أو نقد الذات حتى داخل الحزب أو المؤسسة، يمكن إدراجها كممارسة حق من الحقوق الديمقراطية أو كحالة وعي ونضج سياسي يتمتع به الفلسطينيون ، كما يلعب دورا في التثقيف السياسي وفي كبح جماح بعض الممارسات السلطوية والحزبية وفي ردع الفاسدين، حتى وإن دفع ممارسوا هذا النقد ثمنا ، وبعضهم كانت حياته هي الثمن .
من المعروف أن المبالغة في نقد الذات وجلدها تؤدي لحالة مرضية تسمى عند علماء النفس والاجتماع بـ المازوشية أو الفتشية (Fetishism) وقد يتحول النقد لسلوك هادم للذات Self defeating behavior)) ، المقابل لذلك هو المبالغة في تضخيم الذات وقد يتطور الأمر هنا أيضا إلى شكل من البارانويا (Paranoia) وتَوهّم عظمة Delusion of Grandeur)) . ولكن نحن هنا لا نتحدث عن سلوكيات فردية لمثقفين وكُتَاب موجودة في كل المجتمعات ، بل عن ظاهرة تَسم الخطاب السياسي العام وخصوصا الحزبي ، حيث إن انتشار هذا السلوك ومنطق التفكير ، بحدية المتناقضين ، في الخطاب السياسي يؤدي إلى إنتاج (فتشية جماعية) أو (بارانويا جماعية ) .
المفاعيل الإيجابية للنقد والنقد الذاتي تكون أكثر حضورا لو كانت في جو سياسي وثقافي سليم وفي إطار إستراتيجية إعلامية أو وجود حد أدنى من التوافق على الثوابت والمرجعيات الوطنية وخطوط حمر لا يجوز تجاوزها . النقد والنقد الذاتي ينتميان لثقافة الديمقراطية عندما يكونا داخل المؤسسات والأطر الحزبية أو عبر وسائل إعلامية وطنية مسئولة حريصة على المصلحة الوطنية ، وعندما يكونا مشفوعين بخطة عمل تصحيحية أو إرشادية، و ينطلقا من منطلق الرغبة في البناء عليه لتصحيح المسار، سواء داخل السلطة أو داخل كل حزب ومؤسسة .
ولكن في ظل الانقسام والإعلام الحزبي المُتسِم بالتحريض، وفي ظل ضعف العمل المؤسساتي وضعف ثقافة الديمقراطية و النقد الذاتي البنَّاء . كل ذلك يجعل كثيرا من هذا النقد نوعا من التنفيس عن الغضب أو الرغبة بالانتقام من الخصم ولو بالكلمة غير الصادقة ، أو يدخل في باب (قل كلمتك وامضي) أو (اللهم إني قد بلغت) . وبالنسبة للمنتَقَدين فإنهم يتعاملون مع منتقديهم كمناكفين أو محرضين ومشككين بالشرعية ،أية كانت هذه الشرعية ، مما يعطيهم الحق من وجهة نظرهم بالتنكيل بمنتقديهم .
عندما يسود هذا الخطاب إعلاميا يؤدي لإظهار الوجه القبيح فقط للفلسطينيين والتغطية على جوهر القضية وما يتعرض له الفلسطينيون من جرائم على يد الاحتلال، كما يتم طمس كثير من الانجازات الوطنية . المشكلة الأكثر خطورة تكمن في أن أعداء الشعب الفلسطيني وظفوا هذا الخطاب بشقيه وحولوه إلى مادة خصبة لخطاب هجومي مضاد يعتمد على ما يتم تسجيله وجمعه مما تقوله الأطراف الفلسطينية المختلفة والمتخالفة من اتهامات ضد بعضها البعض ، ليقولوا للعالم انظروا هؤلاء هم الفلسطينيون .
إن تحذيرنا من الانحرافات والمنزلقات التي قد تؤدي لها المبالغة في النقد والنقد الذاتي يجب أن لا يوقعنا في محذور تضخيم الذات ، لأن تضخيم الذات والمبالغة في تقدير القوة الذاتية وفي استعراضها ، وخصوصا العسكرية، قد يخفي نهجا للتغطية على الفشل والعجز والفساد . تضخيم الذات مثله كمثل جلد الذات المبالَغ فيه، كلاهما يُغيب القدرة على توظيف عدالة القضية والانجازات الملموسة التي حققها الشعب الفلسطيني بصموده وصبره وبالجهود الصادقة عند كل القوى والأحزاب،أيضا نتيجة الممارسات الإسرائيلية العدوانية.
المطلوب خطاب سياسي وسطي عقلاني واقعي يؤسَس على حقيقة أن في الوطن متسع للجميع وكلنا شركاء فيه وأننا مثل بقية الشعوب نخطئ ونصيب ، والكل أخطأ في حق هذا الوطن سواء عن قصد أو غير قصد ، وفي المقابل فإن الجميع ترك بصماته من خلال انجازات قد تتفاوت من حزب لآخر . إنتاج هذا الخطاب الوسطي ليس من مسؤولية السياسيين فقط، فهؤلاء غالبا ما يكونوا أسرى مرجعيتهم الأيديولوجية ومصالحهم السلطوية ، بل مسؤولية المثقفين والإعلاميين أيضا، فالعالم يقرأ ويسمع ويشاهد هؤلاء أكثر من السياسيين ، وخطابهم يصل إلى عقل الجمهور أكثر من خطاب السياسيين .
[email protected]



#ابراهيم_ابراش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حق الدفاع عن النفس ليس حكرا على إسرائيل
- الشروط الذاتية والموضوعية للمصالحة الفلسطينية
- الأزمة في سوريا تكشف بعض خفايا (الربيع العربي)
- سر حركة فتح الذي لم يدركه الآخرون
- غزة ليست للبيع وليست حديقة خلفية لأحد
- الفلسطينيون وتراجيديا الغربة والسفر
- تفكيك الأوطان وتشويه الأيديولوجيات الجامعة
- نعم للسلطة ولكن أية سلطة ؟
- خطورة كي الوعي والتماهي مع رواية الخصم
- 2015: عام كشفُ المستور وتغيير المعادلات وأملٌ يُرتَجى
- جدلية العلاقة بين الكتابة والقراءة والإبداع
- متى سيتشكل تحالف عسكري لحماية الشعب الفلسطيني؟
- مقاومة الاحتلال ليس إرهابا
- احتضار السياسة الرسمية في فلسطين
- منزلقات إضفاء طابع ديني على الانتفاضة الفلسطينية
- نعم لمحاربة الإرهاب ،ولكن ما هو الإرهاب ؟
- لم يبدأ الإرهاب مع داعش ولن ينتهي بالقضاء عليه
- الانتفاضة بين حسابات الشعب وحسابات النخب
- الغرب:ضحية الإرهاب أم صانعه؟
- عظمة شعب وأزمة نخبة


المزيد.....




- لحظة لقاء أطول وأقصر سيدتين في العالم لأول مرة.. شاهد الفرق ...
- بوتين يحذر من استهداف الدول التي تُستخدم أسلحتها ضد روسيا وي ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في معارك شمال قطاع غزة
- هيّا نحتفل مع العالم بيوم التلفزيون، كيف تطوّرت -أم الشاشات- ...
- نجاح غير مسبوق في التحول الرقمي.. بومي تُكرّم 5 شركاء مبدعين ...
- أبرز ردود الفعل الدولية على مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالا ...
- الفصل الخامس والسبعون - أمين
- السفير الروسي في لندن: روسيا ستقيم رئاسة ترامب من خلال أفعال ...
- رصد صواريخ -حزب الله- تحلق في أجواء نهاريا
- مصر تعلن تمويل سد في الكونغو الديمقراطية وتتفق معها على مبدأ ...


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ابراهيم ابراش - الفلسطينيون بين جلد الذات وتضخيمها