أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي أحماد - من مذكرات معلم / وريث حمل ثقيل














المزيد.....

من مذكرات معلم / وريث حمل ثقيل


علي أحماد

الحوار المتمدن-العدد: 5060 - 2016 / 1 / 30 - 04:40
المحور: الادب والفن
    


كنت المعلم الوحيد بفرعية أيت ارسان، القرية الصغيرة الرابضة تحت جبل عار من الخضرة يظلل جانبا كبيرا منها كلما دنت الشمس من الغروب ويوفر منظرا رائعا على الصور و يكتم الأنفاس . احتاط السكان مني، وتعاملوا معي بحذر شديد واتخذوا مسافة من الحرص وغلب الصمم على علاقتي بهم ، وأبعدوني كما يبعد الكلب الأجرب لأني التحقت بالفرعية على خلفية فضيحة أخلاقية مست في العمق شرف القبيلة ... والشرف الرفيع يراق على جوانبه الدم...كان شابا وسيما ونزقا من إمغران ( سكورة/ ورزازات) مكنه أصله الأمازيغي أن ينسج علاقات طيبة ومتينة مع الأهالي ويتقرب من صبايا القرية . يستميل قلوبهن ويدغدغ مشاعرهن بالهدايا وأغاني الروايس التي تلهب الحواس وتذكي جذوة الصبابة...جمعت بينه وغادة حسناء علاقة حب جامحة في سرية تحدت أعراف القبيلة الموسومة بالعفة ظاهريا. حملت منه سفاحا بعد لقاءات حميمية ليلية ساخنة تحت جنح الظلام الذي يؤجج مشاعر الحب المسعور دون الإلتفات الى عواقب الأمور مع طيش الشباب وعنفوانه...أثمرت هذه العلاقة الآثمة جنينا تخبط في أحشاء الصبية وأزعج العاشقين وأخذ النوم من جفونهما وقض مضجعهما. لم يكن الأهالي غافلين ، ولكنهم ظلوا متربصين فهم لن يغضوا الطرف عن واقعة تخدش الحياء وتسيء الى سمعة بنات القرية فمهما اختلف أهل القرى يلتفون حول مآسيهم.....في الخفاء تدير نقله الى وجهة غير معلومة ، وقد كان ألح علي لأتبادل معه والحق أني كنت على استعداد لأفعل لو صارحني بفعلته . ولكنه كتم سره . عرفت قصته بالصدفة من مقدم فرعية إفنوان (ألقى الدرك القبض عليه وهو في طريق الهرب الى تازناخت وكاد يفلت من العقاب...كبلوا يديه بالأصفاد واقتادوه كمجرم الى القرية التي فر منها متسللا لإعادة تمثيل وقائع الجريمة البشعة بحضورها. كنت شاهد عيان – يسترسل المقدم في سرد الوقائع- ولكن ما حز في نفسي هو هول ما تعرض له من تعذيب وإهانة حاطة من الكرامة ..لقد أشبعوه ركلا ورفسا بالجزم العسكرية التي أدمت وجهه وكسرت أسنانه تحت أعين الأهالي . عرفتها وأنا أزور معلما من بلدتي يدرس بالقرية قبل قدوم صاحبنا. عند حلول الظلام والسكون تزوره هذه الشابة الفاتنة بشعرها الأسود وعيونها الكحلية الواسعة التي تزينها رموش كثيفة وبقدها الممشوق وطولها الفارع . كنت لا أخفي عجبي من جرأتها بقرية هادئة لا تظهر فيها المرأة إلا وهي محتشمة في لباس أسود يواري مفاتن الأنثى خصوصا على الغرباء! ولكن دهشتي زالت عندما علمت أن الشابة يتيمة تعيش مع زوجة الأب. والأب كثير السفر والغياب بحثا عن لقمة العيش. من محاسن الأقدار أن صديقي لم يطل به المقام بالقرية وإلا سقط في المحظور بعد أن كثر حوله الكلام..انتقل الى فرعية تتاخم حدود إقليم طاطا. كان انتقاله محط حديث السكان وتساؤلاتهم ولكنه يبرر موقفه بأنه صفع رجلا في إحدى حفلات أحواش لسبب فضل السكوت عنه. إنتهى الى علمنا أن الشاب حكم عليه بالبراءة من كل التهم الموجهة إليه..وقد كان يؤكد لصديق حميم أنه إذا رحل الى ورزازات لن يطول مقامه بالسجن فأهله من دار المخزن...وبقيت الحكاية وشما في ذاكرة القرية وتناقلتها الألسن عبر قرى تازناخت وترخي بظلالها القاتمة على العلاقة بين المعلم والقرية ودفعت مكرها ثمن إرث ثقيل وجاهدت لألمع صورتي وأمحو آثاره .

أيت ارسان/ تازناخت/ ورزازات 1990





#علي_أحماد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التزيين في قضية تعنيف الأساتذة المتدربين
- وشاية كاذبة تستنفر الإذاعة و نيابة التعليم بميدلت .
- مدارس بدون تدفئة في ذروة القر والصقيع
- كلمة في حق صديق
- يوميات معلم بدكالة / أكتوبر 1991 الشيخ والوليمة
- من ذكرى أبي / الجزء الرابع الكفن
- لحظة عشق
- الأستاذة وحجرة الدرس
- صلاة فوق أريكة خشبية على الرصيف
- من مذكرات معلم بالجنوب المغربي تازناخت 1987/ معلم يستحم وسط ...
- طفل خارق للعادة
- الباشا والعدوان على أستاذ -العدل والإحسان-
- ورطة العشق
- كلمة المناضل عبد الرحمن العزوزي الأحد 14/09/2014 بخنيفرة
- ذكرى خيانة
- النائب ،التلميذ واللوح الأسود
- من أوراق معلم بالجنوب/ نواة تمرة 1989
- موكب الزيارة
- من ذكرى أبي / الجزء الثاني الدراجة الهوائية
- أوراق من يوميات معلم بالجنوب المغربي 1986


المزيد.....




- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...
- 3isk : المؤسس عثمان الحلقة 171 مترجمة بجودة HD على قناة ATV ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي أحماد - من مذكرات معلم / وريث حمل ثقيل