|
كيف يجب أن يكون الرد الأردني على الارهاب؟
شاكر النابلسي
الحوار المتمدن-العدد: 1376 - 2005 / 11 / 12 - 11:54
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
كعادة العرب في الرد على الأذى والموت والدمار، انطلق الإعلام الأردني بالأمس يشجب ويستنكر الجرائم الثلاث التي حصلت في الفنادق الأردنية الثلاث. ومنهم من توعد بالثأر، ومنهم من صمت بعيداً عن النار. وبعض مئات هزيلة من طلبة المدارس الثانوية، نزلت إلى الشارع لتتظاهر ضد الارهابيين باستحياء شديد. وقد رأيناهم على شاشات الفضائيات، وكأنهم لقلتهم في جنازة لميت فقير، للأسف الشديد.
فهل هذا هو الرد الأردني على تلك المجازر الثلاث التي ارتكبت بحق عشرات الأبرياء من القتلى والمصابين.
لقد قال أبو الغيط وزير الخارجية المصرية بعد مقتل السفير المصري أيهاب الشريف في تموز/يوليو الماضي، بأن مصر سوف تنتقم وتثأر لمقتل سفيرها في بغداد. وها قد مضى خمسة أشهر على مقتل الشريف، ولم تفعل مصر شيئاً، وراح دم الشريف هدراً، ولم تنتقم له غير كلمات خجولة بائسة في الإعلام المصري، وكلمات أكثر خجلاً وبؤساً في الإعلام العربي.
فهل سيكون الثأر الأردنى على غرار الثأر المصري؟
-2-
عندما قام الارهابيون في العراق بقتل السفير المصري ايهاب الشريف، كتبنا مقالاً (كيف يثأر العرب لقتلاهم ، 28/7/2005) قلنا فيه :
إن الحرب العالمية الأولى (1914- 1918) نشبت بسبب اغتيال ولي عهد النمسا فارنز فرديناند في 1914 على يد طالب صربي . وأن هذه الحرب كلفت البشرية ثمانية ملايين قتيل واشترك فيها 65 مليون جندي وذلك دفاعاً عن شرف النمسا وكرامتها، وثأراً لواحد من أبنائها.
فهل تتحرك الدولة المصرية، وترسل مائة ألف جندي مصري مثلاً إلى العراق، لتأديب الوصوليين الأصوليين الإرهابيين في معركة الإرهاب ومنع الخراب القائم الآن في العراق المنكوب، ليكن الثأر الحقيقي لدم السفير ايهاب الشريف ولمئات الضحايا الذين قتلوا في الأقصر والقاهرة والصعيد وطابا وشرم الشيخ على قدر التهديدات التي أطلقها أبو الغيط؟ ولِمَ لا، وقد ارسلت مصر 60 ألف جندي إلى اليمن لنصرة الشعب اليمني في 1962. وهل كان الإمام البدر أكثر خطراً على مصر من الإرهابيين الآن؟ ألا يستحق الشعب العراقي من مصر الآن هذه التضحية، أو أكبر منها؟ أم تبقى تصريحات وزير الخارجية المصري من باب "الرغي" السياسي و"التهويش" السياسي الذي لم تعد مصر قادرة على ترجمته إلى فعل عسكري على الأرض ينتقم لدماء الأبرياء، ويؤدب المتمردين، ويسحق الإرهابيين الذين لن يكتفوا بتدمير بغداد، ولكن التدمير سيلحق بالقاهرة على المدى الطويل كما رأينا من خلال مذابح الأقصر، وتفجيرات طابا في اكتوبر 2004، وفي تفجيرات شرم الشيخ ا، وكذلك في كل العواصم العربية والعالمية كذلك. فكيف ستثأر مصر المحروسة لواحد من أبنائها الأبرياء؟
-3-
فهل سيسلك الأردن المسلك نفسه الذي سلكه المصريون، وينسى أو يتناسى دماء أبنائه الأبرياء التي راحت هدراً؟
إن الثأر لدم الأبرياء التي هدرت بالأمس يجب أن يكون فعالاً وقاسياً وبالأفعال لا بالأقوال.
على الأردن أن يرسل نصف جيشه إن لم يكن كله إلى العراق على الأقل لملاحقة الزرقاوي وعصابته، الذين اعترفوا بقتل الأبرياء الأردنيين، لكي ينتقم هذا الجيش لدم أبنائه الأبرياء. ولكي يلاحق الارهابيين في جحورهم، قبل أن يفرّخوا ويرتدوا إلى الأردن كما فعل العربان الغربان الأفغان الذين ما أن فرغوا من أفغانستان حتى عادوا إلى العالم العربي ينشرون الموت والدمار. سيما وأن الجيش الأردني لا معارك لديه يخوضها منذ زمن طويل. ومعركته ضد الارهابيين في العراق سوف تجدد شبابه، وتذيب شحم كروش ضباطه، وتخرج سلاحه من مخازنه وقد شارف على الصدأ والتآكل من قلة الاستعمال، وأصبح الجيش الأردنى كباقي الجيوش العربية المعطلة "أكل ومرعى وقلة صنعة" كما يقول المثل الأردني.
-4-
أنني كمواطن أردني أطالب الدولة الأردنية بأن تقوم بالثأر الحقيقي والفعال لدم الأبرياء التي هُدرت بالأمس، هذا إذا كانت الدولة الأردنية دولة ذات عزة وكرامة وتدافع عن شرف الوطن الذي دنسه الارهابيون بالأمس، وتحمي مواطنيها بالفعل لا بالقول، وبما تراه الأعين لا بما تسمعه الآذان.
على الدولة الأردنية أيضاً أن تزيد من حجم التعاون مع الحكومة الشرعية العراقية ، فتفتح المزيد من المستشفيات للجرحى العراقيين، وتزيد من مراكز تدريب الجيش العراقي والحرس الوطني العراقي، وتدعم المخابرات العراقية بالخبرات الأردنية، وتضبط الحدود الأردنية العراقية جواً وبراً.
على الدولة الأردنية أن تعيد العقل والوعي إلى الصحافيين والكتاب الأردنيين الذين درجوا على تبجيل وتمجيد الارهاب متمثلاً بالترحم على عهد صدام ومتمثلاً بتشجيع الارهاب في العراق. فالإعلام الأردني المليء بالجيوب الارهابية التي تمارس الارهاب بالقلم أخطر من الارهاب المسلح.
على الدولة الأردنية أن لا تدع خطب الجمعة والدروس الدينية في المساجد الأردنية تدور حول تشجيع الجهاد وفضائل الجهاد ومباركة الجهاد والدعوة له. وكل هذا باسم الدين المختطف والمسروق والمزور.
على الدولة الأردنية أن لا تسمح للنقابات المهنية، بأن تتحول إلى ماكينات تفريخ للكراهية الآخر بحجة محاربة التطبيع مع اسرائيل، وأن تبعد عنها سطوة الإخوان المسلمين وحزب البعث.
على الدولة الأردنية أن تعيد النظر مرة أخرى في مناهج التعليم الديني الظلامي الذي سيطر علبه في فترة معينة الأخوان المسلمون، ووجهوه لصالحهم ولخدمة أيديولوجيتهم الكارهة للآخر، والعدائية للآخر، رغم ما يظهروه من تسامح كاذب ومرواغ.
-4-
إن فجر العراق قريب، بعد الانتخابات التشريعية في منصف ديسمبر القادم. وإن نهاية الارهاب في العراق قريبة كذلك، وإذا لم تتخذ الدولة الأردنية اجراءات سريعة للقضاء على الارهاب في مهده وفي مزارعه وجحوره في العراق، فسوف يرتد هذا الارهاب غداً إلى الأردن بعد أن يندحر في العراق. كما حصل في أفغانستان.
فبا أيتها الدولة الأردنية أطفئي نيران الارهاب في مرقدها وفي مواقدها، قبل أن تصل بالاهمال واللامبالاة والبلادة إلى ديارك، فلا تُبقي ولا تذر لا سمح الله.
#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف انفجر بركان الارهاب في الأردن؟
-
لكي لا ينبت الشوك في أيدينا!
-
هل سيكرر العرب أخطاء الطفرة الأولى؟
-
ماذا سيفعل العرب بكل هذا الذهب؟ 4/2
-
ماذا سيفعل العرب بكل هذا الذهب؟!
-
المعاني الكبيرة لإقرار الدستور العراقي
-
أخطأ موسى، فالعراق هو شبكة أمان العرب!
-
واجبنا تجاه اعلان المعارضة السورية
-
اليوم يرسم العراقيون مستقبلهم
-
ماذا لو قال العراقيون -لا- للدستور؟
-
ورغم هذا، فالعراق بألف خير !
-
ميلاد شعب عظيم
-
عار المثقفين العرب في العراق
-
هل الإرهاب ضرورة تاريخية للتغيير؟
-
القرار 1626انتصار لبيان الليبراليين
-
كيف سيَمْكُرُ تاريخُ العربِ بنابليون الأمريكي؟
-
خُرافة علاقة الإرهاب بالتعليم الديني!
-
هل ستصبح الفيدرالية العراقية نموذجاً عربياً يُحتذى؟
-
تهافت المعارضة الدينية الأردنية
-
النوابُ اليومَ والشعبُ غداً
المزيد.....
-
الأردن.. ماذا نعلم عن مطلق النار في منطقة الرابية بعمّان؟
-
من هو الإسرائيلي الذي عثر عليه ميتا بالإمارات بجريمة؟
-
الجيش الأردني يعلن تصفية متسلل والقبض على 6 آخرين في المنطقة
...
-
إصابة إسرائيلي جراء سقوط صواريخ من جنوب لبنان باتجاه الجليل
...
-
التغير المناخي.. اتفاق كوب 29 بين الإشادة وتحفظ الدول النامي
...
-
هل تناول السمك يحد فعلاً من طنين الأذن؟
-
مقتل مُسلح في إطلاق نار قرب سفارة إسرائيل في الأردن
-
إسرائيل تحذر مواطنيها من السفر إلى الإمارات بعد مقتل الحاخام
...
-
الأمن الأردني يكشف تفاصيل جديدة عن حادث إطلاق النار بالرابية
...
-
الصفدي: حادث الاعتداء على رجال الأمن العام في الرابية عمل إر
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|