|
حول ما جاء به خطيب الحرم المكي في خطبة الجمعة ؟
صادق محمد عبدالكريم الدبش
الحوار المتمدن-العدد: 5059 - 2016 / 1 / 29 - 00:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مداخلة حول ما جاء به خطيب الحرم المكي الشريف ؟ أنا أستغرب أشد الأستغراب ، ومن خطيب قبلة المسلمين ، وأقدس بقعة عند جميع الطوائف الأسلامية، مهبط النبوة والرسالة المحمدية ، ونزول الوحي على نبيه ، وتبليغه برسالات ربه !... فيخرج ليهاجم وبشكل فاضح وصارخ اليهود والنصارى والشيوعيين .. وجلب أنتباهي وضعهم الثلاثة في خانة واحدة !.. فالشيوعية هي فلسفة وفكر وسياسة وأقتصاد ، أما المسيحية واليهودية فهما دينان سماوييان !!.. فما هو وجه الترابط بين هذين الدينين !؟.. وبين معتقد الشيوعية ؟ . ولكن فهمت من سياق هذه الخطبة الجامع بينهما ومقصده هو ؟.. بأنهم جميعهم في خانة الكفر والزندقة من وجهة نظره هو . أن تكفير الناس وأستنادا الى الشريعة السمحاء تعود للخالق وحده !.. دون سواه ، وقد أعفى رسله وأنبيائه من هذه المهمة ومن هذه المسؤولية !... وخصها بنفسه وسنأتي على الكثير من النصوص القرأنية التي تمنح للأنسان حق الأختيار في أيمانه من عدمه ، ويأكد الخالق على عمل الأنسان ونشاطه خيرا كان هذا أم شر ، والله يحاسب الناس على قدر أعمالهم ، ويجازيهم قدر تلك الأعمال . وتسويق فلسفة ونهج التكفير والألحاد والزندقة جزافا ومن دون وازع من أخلاق أو ضمير أو دين أو قيم فهو يصب في خانةزرع أسفين الشقاق والشرذمة والتمزق بين المجتمعات والثقافات والأعراف المختلفة ، والتي جبل الناس عليها من بداية الخلق وحتى مالا نهاية من السنين ، الناس مختلفين في ثقافاتهم ومعتقداتهم وأديانهم وألوانهم ورغباتهم وأهوائهم ، ولا مجال من فرض نمط معين من الحياة أو من الثقافة والمعتقد والدين وغير ذلك . وتسويق ما أحتواه دعاء الخطيب ... من تكفير وفجور وشتائم ، فهو خطاب تحريضي عنصري مقيت ... هو خطاب يسوق لنهج قوى الظلام من داعش وقوى الأرهاب والتعصب الديني ، ويشجع على التطرف والتفرقة والعنصرية ، وهي خدمة جليلة للمروجين للفكر التكفيري الأرهابي ، ولفلسفته وما يقوم به من قتل وحرق وأنتهاك للاعراض والحرمات !!؟ .. الذي يفرق ولا يجمع ، يُظِلُ ولا يَهْدي ويثير البغضاء والرذيلة والتشرذم بين أبناء الشعب الواحد والوطن الواحد والدين الواحد ... ويشيع ثقافة التحجر والأنغلاق والأنْكار للرأي المختلف ، ويخالف النص القرأني في سورة الحجرات ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ-;- وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ-;- إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ-;- إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الأية 13 ... كما قال الأمام علي : الناس من جهة التمثيل أكفاء ....أبوهم آدم والأم حواء نفس كنفس وأرواح مشاكلة..... وأعظم خلقت فيهم وأعضاء فإن يكن لهم من أصلهم حسب ... يفاخرون به فالطين والماء . ويتميز فضل البعض على البعض بالتقوى.... فمن تمسك به في حياته فقد ظفر ومن ظهر على سلوكه ظهورا جليا فذلك له مقام السبق، وسمو الكرامة على غيره. ?إن أكرمكم عند الله أتقاكم?.... وللتقوى عدة معان في القرآن: 1) فتأتي بمعنى الخشية. 2) وترد بمعنى الإيمان. 3) وتتضمن معنى التوبة. 4) وتارة تأخذ معنى الطاعة. 5) وأحيانا تكون بمعنى ترك المعصية. 6) وتتناول معنى الإخلاص في بعض السياق..... ففي معنى الخشية قال في أول النساء: ?يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا?. ومثله في أول الحج. وفي الشعراء. ?إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون?. يعني ألا تخشون الله. وكذلك قال هود، وصالح، ولوط، وشعيب لقومهم. وفي العنكبوت قال إبراهيم لقومه: ?اعبدوا الله واتقوه?. يعني اخشوه. وكذا قوله: ?واتقوا الله حق تقاته?. وتزودوا فإن خير الزاد التقوى.... فقوله تعالى في الحج: ?فإنها من تقوى القلوب? أي من إخلاصها. وكذا قوله: ?وإياي فاتقون? قال الإمام بن عاشر رحمة الله عليه بقوله: وحاصل التقوى اجتناب وامتثال ....... في ظاهر وباطن بذا تنال . فجاءت الأقسام حقا أربعة وهي للسالك سبل المنفعة ..... وقال صلوات الله عليه: «عليك بالتقى فإنها جماع كل خير». ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ) قال قتادة في هذه الآية : إن أكرم الكرم التقوى ، وألأم اللؤم الفجور . يقول الشاعر محمد إقبال رحمه الله تعالى : كل شعــب قـام يبغـي نهضـــة وأرى بنيانكـــــم متهدمـــاً فـي قديـم الدهـر كنتـم أمــــة لهـف نفسـي كيـف صرتـم أممـا . والاسلام أوجب بأقراره بالرسل والأنبياء وما انزل عليهم من الكتب ... ولننظر الى هذه الأيات في السور القرأنية ... قال تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ المصير . وهذه تأكد بأن ما جاء به خطيب الحرم المكي اليوم بمهاجمته للنصارا واليهود هو خروج عن الأحكام القرأنية وأثارة الفتنة والعنصرية المقيتة ...{وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ } (سورة يونس الآية 84) . وقال تعالى: {قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } (سورة البقرة الآية 136) . أن الله يحاسب الناس على أفعالهم بغض النظر عن ألوانهم وأديانهم ومعتقداتهم كما في قوله تعالى ..وقال الله تعالى: {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ } (سورة الشورى الآية 40) . والأسلام دين التسامح واللين والعفو كما في قوله تعالى يخاطب نبيه ...{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلين } (سورة آل عمران الآية 159 ). والأسلام لم يُكْره أحدا على أعتناقه !... بل خيرهم ومنحهم حرية الأختيار في كثير من السور والأيات كما في قوله تعالى (لَا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَىِّ) وقوله عز شأنه: (أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)، وقوله سبحانه: (فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر)، وقوله تبارك وتعالى: (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)، وقوله سبحانه: (وما أنت عليهم بجبار) . وهؤلاء المُدٌعين والمُحَرِفين لِشِرْعَةِ الله السمحاء ، ومحاولاتهم زرع الشقاق والفتن والبغضاء بين الناس في البلد الواحد والدين الواحد والطائفة الواحدة ، وتكفير الأديان الأخرى ، فهو عمل مجنون ومحاولات زرع أسفين بين الأديان المختلفة وبين الطوائف والمذاهب والملل، وهو نهج عنصري بغيض ، ضرورة التصدي له ولجمه ، وأشاعة ثقافة الحوار بين مختلف الثقافات والأديان والفلسفات ، من أجل بناء علاقات تقوم على التعايش والأحترام والمساوات بين الجميع ، وأشاعة السلم الأهلي وتعميق لأواصر القيم الأنسانية النبيلة ، لبناء حاضر ومستقبل شعوبنا ومختلف شعوب العالم ... لأننا هكذا خلقنا !.. وسنبقى لملايين وملايين من السنين !... كوننا من أم واحدة وأب واحد وجميع المؤمنون يعبدون رب واحد ، صادق محمد عبد الكريم الدبش 28/1/2016 م
#صادق_محمد_عبدالكريم_الدبش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فصل الدين عن الدولة / المعدل
-
الى متى يستمر طمس الحقيقة والتستر على المجرمين والقتلة ؟ .
-
كلمات نبعثها في أناء الموتى لصديق !..
-
أصبوحة لسورية المجد والسحر والجمال .
-
الضرب تحت الحزام ؟!!..
-
الى من رافقني رحلتي أكتب !..
-
ما اختزنته ذاكرتي عن برد جوريد .
-
دندنة مع الأوجاع .. عند المساء ..! .
-
أضافة على ما جاءت به الفاضلة ندى محمد .
-
ابرز الميليشيات الشيعية المسلحة في العراق .
-
قول ... على قول ! ..
-
فتاح فال ...
-
وجهة نظر ..هل العراق أيل الى التقسيم ؟
-
أستذكار الرفيق .. يعقوب قوجمان ... أبو سلام .
-
ما العمل ؟ ... ومصيرنا المجهول !
-
الممارسات الفاشية والارهابية لحزب البعث ونظامه المقبور .
-
في ذكرى مرور ستة واربعون عاما على زواجنا .
-
الى شياطين الأرض ...كنتم حسبتموهم ملائكة ..
-
رسالة مفتوحة الى الصديق أبراهيم البهرزي ..
-
الى من يماثلون الحزب وقيادته العداء !..
المزيد.....
-
حاول الهرب فعلق أسفل جسر.. شاهد ما حدث لسارق تطارده الشرطة
-
الكويت.. فيديو -سري للغاية- ومداهمة أشخاص بمؤسسات ودوائر يثي
...
-
-بطائرة سعودية خاصة-.. أحمد الشرع يثير تكهنات بصورة توجهه إل
...
-
مسيّرات إسرائيلية تستهدف مخيم النصيرات
-
الرئيس الصومالي يهنّئ الشرع بتوليه رئاسة سوريا
-
نتنياهو يفاخر بأنه أول زعيم يلتقي ترامب بعد انتخابه (فيديو)
...
-
بزشكيان: قدراتنا العسكرية هي للدفاع وليست من أجل الهجوم على
...
-
الولايات المتحدة.. انفجار وحريق هائل في مصفاة نفطية (فديديوه
...
-
توسيع العملية العسكرية بالضفة والأزمة الإنسانية تتفاقم بغزة
...
-
الكرياتين: مكمل رياضي يعزز الصحة النفسية ويخفف أعراض الاكتئا
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|