|
كليوباترا/ قراءة نقدية في تجليات الأدب المقارن
عبد الجبار نوري
كاتب
الحوار المتمدن-العدد: 5056 - 2016 / 1 / 26 - 21:47
المحور:
الادب والفن
كليوباترا الجميلة في مسرحية عملاق الأدب العالمي " شكسبير " في مسرحيته ( أنطونيو وكليوباترا ) 1607 ، والتي تعتبر نادرة بين مسرحياته التي تعطي دور البطولة – ولو مناصفة – لأمرأة ، ويؤكد شكسبير أن من غيّر وجه العالم في ذلك الزمن جمالها الذي أعتبرها تمثّل جمال العالم ولذّة العيش في آنٍ معاً ، لذلك لم يكن غريباً أن يقع قياصرة روما في غرامها ، وأن يتنازعوا عليها ، والتي أوقعت مصر ضحية هذه النزاعات بجرها إلى السطوة الرومانية ويقول شكسبير في النص الأنكليزي : أنها كانت محضية وملكة مثيرة ورائعة في لونها البرونزي ، ذات نزوات متهكمة ولئيمة وكانت بالنسبة أليه تمثل ( الأنثى الخالدة ) في كل مميزاتها وتناقضاتها في حسناتها وسيئاتها ، ونصبت ظلها في مخيلة هذا الكاتب الرومانسي الولهان ، حين ناداها القيصر ومن خلال اللاوعي في الفصل الأخير من المسرحية : " يا بطلة الحب المجنون " حقاً عرفت كيف تسمو إلى أرقى درجات العلو ، وبصراحة أن المسرحية مع أختلاف رؤى النقاد في أداء السرد الروائي أنّها أجمل سوناتات) هذا الكاتب والشاعر المبدع شكسبير ، وبحسب دارسين شكسبير ---- لم يكن صراعاً عادياً بين قوتين مهمتين طموحتين بل كان – بالأحرى – صراعاً يدور داخل انطونيو " الذي بحسب رؤية الكاتب العبقري شكسبير صراع شخصين يدور في أعماق انطونيو ( القائد العسكري الذي لا يقهر ، والآنسان العاشق الذي أحب ملكة مصر وسحرها من ناحية ثانية ، ويعلل سبب هزيمة أنطونيو لم تكن ألا بسبب " الحب " وظف هذه النزعة البشرية طوال المسرحية بصراعات أنطونيو الداخلية المتأرجحة بين الحب والحرب ، وبين القائد والأنسان ، غير أن هذه الأزدواجية لم تكن الوحيدة في المسرحية بل هناك أزدواجية ثانية هي أزدواجية الشرق والغرب ، ويوصل هذا الكاتب ببراعة سردية موفقة تلك الحقيقة التأريخية هو ان الهيام أنتهى بتدمير أنطونيو ، ويلتفت بسرعة خاطفة إلى بطلة المسرحية كليوباترا ليرد على كتاب التأريخ بأنها أنتحرت حباً وحزنا على عاشقها ، بل الحقيقة الشكسبيرية أنها أنتحرت خوفا من الأسر والأسترقاق ، وهذه الرؤى تجعل المسرحية عملا استثنائيا في مسار صاحب هاملت وعطيل والملك لير ، لآن شكسبير ركز هنا في بناء الشخصيات والتوغل في عواطفها أكثر من التركيز على بناء الفعل المسرحي نفسه ، ومن هذا السرد اللغوي الرصين والممتع أكثر لكونها مسرحية مكتوبة بلغة شعرية والذي يزيده متعة والبطل يصرخ في وجه المتلقي : أن الحب يهزم بطل الحرب ، وحين تشاهد الرواية على الشاشة البيضاء وتتألق فيها قطة الشاشة الهوليودية الحسناء " أليزابيث تايلر" وهي تبدع وتتألق بغنج ودلع في تجسيد دور العاشقة المجنونة كليوباترا . ومسرحية أمير الشعراء " أحمد شوقي " الرائعة ( مصرع كليوباترا ) ينحو بها شوقي بأتجاه معاكس عن شكسبير وكل أدباء الغرب الذين أتهموا كليوباترا بميلها للهو والحب وتوظيف نعمة الجمال والغنج الأنثوي في أيقاع أولئك القادة والأباطرة ، فكان راداً عليهم وبأسلوبٍ سرديٍ شعري عبقري أكثر من رائع ، مدافعاً عنها درامياً بأنها لم تشتهر من خلال علاقاتها بكل من يوليوس قيصر و ماركوس أنطونيوس بل حبها وأنتمائها وحرصها الشديد بحفظ وصيانة " أرض الكنانة مصر " ، وتدور زمن الرواية في أواخر عهد الملكة كليوباترا 30 ق م والذي شهد موقعة ( أكتيوم البحرية " والتي حسمت نهاية بطلة الرواية ، أراد شوقي أن ينتصر لها ويضعها في صورة الملكة الوطنية الحريصة على مصلحة شعبها والذي ظلمها المؤرخون الغربيون حين ذكروها كغانية لاهية همها الحب بأستغلال تلك المسحة السحرية السماوية في الجاذبية الجمالية ، ويرد شوقي أنّها لم تكن صارخة الجمال بل أشهرت بالذكاء والفطنة والحنكة السياسية والحصافة والطموح والوطنية مؤكدا أنها أكتسبت مصريتها من واقع حكم أسرتها لأرض الكنانة ثلاثة قرون هو عمر الدولة ( البطلمية )والتي وفدت أليها من اليونان ، أما شكسبير فيصورها أمرأة مغرورة متصنعة متهالكة لا تعرف الوفاء ولا ترعى العهود فهي تخون أنطونيو في الحب والحرب على السواء ، ولأن شكسبير أعتمد في صياغة مسرحيته على ما كتبه الرومان وخاصة المؤرخ ( بلوتارك ) أبرز فيها " العقلية الشرقية " وسماها ملكة مصر أستنادا إلى قول أنطونيو وهو يحتضر أذ قال : أن هذه المصرية القذرة قد خانتني !. تظهر المقتربات الأدبية لدى العملاقين في الأداء السردي لمجريات الرواية بالشعر الملحمي وهو الصعب الممتنع ، وكذلك تشابه الأثنان في رسم بونراما النهاية المأساوية لتلك المرأة المحركة الديناميكية للفترة التأريخية 69-30- ق. م بأختياره أبشع طريقة للموت بلدغة صل مصري ، ووصفها الأثنان بالموت الفرح والسعيد ، وأتساءل هل هي توارد خواطر لدى شوقي أم أنه تأثر بمسرحية نظيره الأنكليزي ولمشاهداتي لهاتين المسرحيتين الفريدتين في الروعة السردية بتصوير شعري بونارامي يأسر المتلقي ليتقمص تلك القيم الروحية ، وعلى العموم وجدت المتلقي في مسرحية شكسبير أكثر أندماجا ولهفا وشوقا للتصوير البانارامي المرئي بتجسيدية سايكولوجية الحب ورومانسية الأحداث المتسارعة تراجيديا للتتمحور حول( المسرحية الفجاعية ) انتزع من الجمهور تصفيق الأعجاب بدموع الفرح ممزوجة بآهات الألم لأختياركليوباترا الحسناء أسوء ميتة ، لذا طغى على مسرحية شوقي الذي أكد على شخصنة كليوباترا الثقافية والجدية الوطنية محولا مسار عشقها إلى طريق آخر هو الحب للوطن ، وبذلك أفترق العبقريان في تفسير سايكولوجية الحب عند كليوباترا هوامش ومراجع/** صانعو التاريخ – سمير شيخاني / ** ألف شخصية عظيمة – ترجمة د/ مازن طليمات / **ديوان أحمد شوقي –دار صعب – بيروت . **د/ماهر حسن فهمي- أعلام العرب **بان كوت- البولندي- شكسبير معاصرنا- ترجمة جبرا أبراهيم جبرا كُتب البحث على شكل المقالة بتاريخ / 26-1-2016
#عبد_الجبار_نوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حديثة ---- مدينة الصمود والتحدي
-
مصروفات - الضيافة - / ضحك على الذقون !!!
-
ناديه مراد / القديسة
-
نقاط ساخنة
-
ملحمة كلكامش/مقاربات سياحة تأريخية في مفهوم - الخلود-
-
رؤية تحليلية موضوعية بين أسقاطات 2015 وفوبيا المجهول في 2016
-
أنّها - طبخة أمريكية - سعودية - بطعم سعودي مُرْ !!!
-
سياسة - التصفير - الغبية لأردوغان !!!
-
سد الموصل / أفقٌ رهيب !!! في ظل الأهمال الحكومي
-
أحذروا الماكر - أحمد داوود أوغلو- !!!
-
الحراك الجماهيري / آفاقه ---- وأمكانية تحقيق مطاليبه
-
الحرية للناشط المدني - عقيل الربيعي -
-
قالت لي العصفوره
-
يا نساء العالم أتحدن / لكسر قيودكن!!!
-
أمنيات وأحلام مشروعه / وشيءٌ من الهذيان !!!
-
قطر ---- والعهر الأعلامي !!!
-
كفى --- كفى Enough Is Enough !!!
-
الألياذه ----- والرغبات الأنثوية
-
الجينوسايد---- لم ينصف الكرد الفيليين !!!
-
خواطر مُرّه ---- في بلاد ما بين القهرين !!!
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|