صلاح زنكنه
الحوار المتمدن-العدد: 5056 - 2016 / 1 / 26 - 20:17
المحور:
الادب والفن
خنادق وفنادق
يهجع الجنود في الخنادق كي يتحاشوا الشظايا والمنايا وليأجّلوا موتهم المحتم ولو الى حين , وثمة نسوة يسهرن في الفنادق كي يدرئن الضنك والفاقة والعوز وليؤجّلن تعاستهن ولو الى حين .
الجنود يحملون البنادق ويصوّبون نحو الأعداء والأهداف والأرواح
النسوة يحملن البيادق ويرفعن سيقانهن للزبائن الأشباح
الجنود يموتون والبنادق تصدأ , والبيادق تكّر وتفّر , والخنادق تهجر , وتهرم أجساد النساء وأرواحهّن تنحر , وتغط الحرب في سبات حتى يكبر الأيتام ويشتّد عودهم
فيما تكتظ الفنادق بالصبايا والبغايا والجواري والغواني والغلمان والغجر وجحافل الجنود الأرواح وبقايا الزبائن الأشباح .
البغال
الجنود في الحرب يصاحبون البغال ويتسلقون الجبال الشاهقة معا ويقطعون المسالك الوعرة معا ويشّقون معا ويهلكون معا اذ باغتتهم الأاغام أو أمطرتهم القنابل الرعناء .
وحين يضجر الجنود من خشونة الحرب وقسوتها يفرون من الجبهات صوب حرياتهم المستلبة حفاظا على حيواتهم المهددة بموت عاجل أو موت آجل .
وحين تنوء البغال بثقل أحمالها وتنفر من سطوة الحرب وأهوالها , ترمي بأبدانها من أعالي الجبال الى أعماق الوديان بحثا عن خلاص موهوم ليتلقفها موت أهوج محموم .
الثلوج
الثلوج تحنو على الجبال فتغمرها بالبياض وترفق بالوديان فتمدها بالشلالات وتعشق أشجار الجوز واللوز والبلوط فتسقي جذورها برحيقها .
الثلوج تمقت الحروب فتلجم المدافع والرشاشات وتثلم أفواه السبطانات وتطفأ نيران الصواريخ وتقص أجنخة القنابل والقنابر .
الثلوج لا تحب الجنود أولئك الذين يتيهون في مساراتها ويغطسون في أحشائها حتى تتجمد الدماء في عروقهم , لهذا تربت على أبدانهم برشقات الوفر وتطلق أشباحها البيض خلفهم لتدثرهم بلحاف الزمهرير
غير آبهة برجيفهم وأنينهم وطقطقة عظامهم وسقوطهم في هاوية البياض السحيق .
#صلاح_زنكنه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟