أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عبد الرحمن جاسم - Over ذوق... أف














المزيد.....

Over ذوق... أف


عبد الرحمن جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 1375 - 2005 / 11 / 11 - 10:55
المحور: كتابات ساخرة
    


اقتربت من أيمن بهدوءٍ شديد، لكزته في ذراعه وقلت بهدوء: "يا أخي لِمَ أنت كثير الذوق هكذا، يجب أن تكون أقسى من ذلك، قد يبدو للآخرين أنك ناعمٌ للغاية أو ضعيف". أيمن القادم من قريةٍ بعيدة، من جوٍ مفعمٍ بالطيبة والمحبة -كما يشاع- نظر إلي وقال: "أنا هكذا، لا أستطيع التغيُّر مهما حاولت". أيمن الطيب للغاية، "المذوق" جداً، كان دائماً يُفهم خطأً، فلم يكن أحدٌ يحبه، كان الكل يعتقده كاذباً، أو مخادعاً، فهو ولإنه يسربل حديثه دائماً بـ"إحنا غبرة ترابك"، "كلامك عراسي"، "حديثك حكم، كلامك جواهر" وكل هذه التعابير التي من شأنها أن ترفع المحدِّث إلى مصاف الأنبياء؛ صار عند الآخرين في الجامعة مثلاً يضرب في المزايدة والكلام الفارغ. وليست آخر الحوادث، تلك التي حصل مع إحدى الفتيات التي أحبها أيمن، ولما سئلت عن رأيها، حتى صرخت: "هذا؟ لأ، هو كتير OVER ذوق...أف".
هذا كله كان ينفع في ضيعة أيمن –كما فهمتُ فيما بعد حينما زرتها- فالحوار يدور هكذا، والكلام دائماً يسربل بعبارة "ذوق" أو إذا صح التعبير OVERذوق، ولكن في الجامعة كان الأمر لا ينفع، فالطلاب في هذا العمر المعين، وبشكلٍ عام يميلون للفظاظة أكثر من ميلهم للذوق واللطف بالعادة؛ فقلما تجد شاباً لا يشتم أو يلعن خلال حديثه، ولا أقول أنه لا يوجد من أصحاب الذوق الكثيرين، ولكن أقول أنهم قد يعزلون في مجتمع كهذا.
وهذا كان حال أيمن، فهو كان دائماً يفهم خطأً، وحتى وإن فهم صواباً، كان أغلب الناس، يملّون من سماع عبارات الذوق الطويلة التي يرميها هنا وهناك. وأيمن الذي أسرَّ لي يوماً بأنه يكره كل عبارات الذوق هذه، وبأنه أحياناً يلعن البيئة التي أتى منها، والجو العام، ولكن ماذا يفعل، فإن لم يتحدث هكذا صارت الأمور مشوشة عنده، صار غريباً في قريته، فأهله، والقرية وكل من يعرفهم هناك هذا هو حديثهم، أيغدو غريباً بينهم؟ كان سؤالاً بلا إجابة. فوالده ووالدته كانا دائماً يصران على أن الإنسان المهذب هو الذي يشكر الشخص الذي أمامه دائماً، وعلى كل شيء، ومن لا يفعل ذلك فهو قليل تهذيب إحترام، وبأنهما لن يرضيا أبداً أن يكون إبنهما هكذا. ولأن الجو العام كان هكذا، كان البقاء في القرية مع عائلة أيمن وليومين كاملين أشبه بالمأساة، فالكل يتحدث بذوق شديد وغريب، لدرجة تعتقد أنك مهما فعلت لن تفيهم حقهم.
وبطبيعة الأحوال فالذوق المفرط كقلة الذوق، يجعل أصحابه يقعون في الفخ، إلا إذا كان OVERذوق هذا تطبعاً وليس طبعاً، هنا يصبح كل المتزلفين والكاذبين من رواد هذا الذوق ومن ممتهنيه. ويصبح الأمر مهارة تحترف، ومهنة تؤدى، ولا يعود الأمر طيبةً وتريبةً، بل يصبح أكثر من ذلك يصبح "نفاقاً". كتلك الحادثة عن الحاج الثري الذي جلس ليدخن النارجيلة مع مجموعة من "حاشيته" وكانت المفاجأة من نصيبي وأنا أسمع "المذوقين" حوله يمدحون الدخان الذي يصدره الحاج بعد كل تنشق من أرجيلته. كان الذوق يتحول إلى ممالأة و كذب ونفاق؛ ولكنه -للأسف- كالعادة يبدأ من الذوق.



#عبد_الرحمن_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن مايكل مور ورجاله البيض الأغبياء...
- استقلال
- بغداد - نص مشهدي مسرحي
- عن سحر طه، وبغداد
- انتماء
- أغاني المطر
- تأملات
- لليلٍ بلا انتهاء، تغني سحر
- قدميها
- لا يعني شيئاً
- عن البمقراطية
- عن البيمقراطية
- وقلت أعود بانتظاري القمر
- خوف موج - مهداة إلى روح حافظ الشيرازي
- ماذا سيأتي غداً
- لكن مثلي لا يذاع له سر...
- المقطع الثالث من الفصل الأول من رواية ينال نور
- الجزء الثاني من الفصل الأول من رواية - ينال نور
- مقاطع من رواية ينال ونور
- حينما كنت عميلاً


المزيد.....




- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عبد الرحمن جاسم - Over ذوق... أف