أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشاراه أحمد - عندما يصير اللامعقول مألوفاً (A):















المزيد.....



عندما يصير اللامعقول مألوفاً (A):


بشاراه أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 5053 - 2016 / 1 / 23 - 14:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الجهل ليس هو قلة المعرفة, أو عدم الإحاطة بدقائق الأمور ... كما كان معروفاً من قبل, ولكنه أصبح الآن في عصر المعلوماتية والإتصالات الميسرة غير ذلك تماماً. فقد يكون الجاهل من الناحية الأكاديمية والمعرفية A1, ولكنه يكون غارقاً في بحور من الضلام والجهل والضلال. وقد تنبأ المعصوم بمثل هؤلاء الجهلاء المجهلين الذين يظنون أنهم يحسنون صنعاً. فالجهل أصبح الآن مستحيلاً على العامة إكتشافه خاصة بعد أن كثر هذا النوع من الجهلاء بقدر يناهز كشرة وتنوع وتشعب المعلومات وتقاربها في المعاني والدلالات والمعطيات وتداخلت المفاهيم وإتسعت دائرة الخيارات,,, ونسي الإنسان أن كل هذه الكثرة وزيادتها تزيد الأمور تعقيداً فيصبح الإختيار الصحيح عصياً على المثقف العادي الذي تعوزه الحكمة وأدواتها اللازمة والتي وعاءها هو الضمير.

بل وقد تضخمت التنوعات والبدائل مما يجعل الكثير من المخدوعين في أنفسهم يظنون أنهم أعلم الناس وأقدرهم وهم في واقعهم لا يستطيعون التفريق ما بين الحق والباطل. وهؤلاء الذين يجادلون بالباطل – بإعتباره نصف الحقيقة – ويجهلون تماماً "الحق" الذي هو النصف الآخر. فما دام أنهم ينظرون إلى نصفها "الفارغ" ويضعون الموزون في كفة واحدة فلا بد من أن ترجح كفته لعدم وجود أوزاناً في الكفة الثانية فيفرحون بالموزون حتى إن كان مثقال ذرة من خردل. هكذا أصبح حال الناس وقد وصلوا إلى حافة الهاوية وآخر الزمان, فلم يبق شيء من شر وفساد إلَّا أتوه منه بما يعجز الجن نفسه من الإتيان بمثله أو شطره.

والمؤمن الصادق الأمين, لن تطول به الحيرة, ولن تربكه تلك الخيوط المتشابكة - التي جعلت الحياة غابة من التعقيدات وبحور من الشك والتوجس – لأنه سرعان ما يلجأ إلى الله خالقه مستفتياً مستنيراً, فيجد ضالته عنده بسهولة ويسر, فالله تعالى قال, وقوله الحق: (ما فرطنا في الكتاب من شيء), فقد حذر المؤمنين به من المناجاة بالإثم والعدوان ومعصية الرسول, وقال لهم بكل صراحة ووضوع (النجوى من الشيطان).

ففي سورة المجادلة, , مبيناً قيوميته ورقابته وعلمه,,, قال تعالى لنبيه الكريم: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ « مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ » « وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ » «« وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا »» - ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ - إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ 7).

ثم لفت نظر النبي إلى حال المنافقين, فقال له: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ «« وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ »» وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ 8), وقال محذراً المؤمنين منها ومن خطرها عليهم في الدارين, قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا - «« إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ »» - « وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى » وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ 9).

وبرر لهم ذلك فقال: (إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ 10).
ثم وضع لهم المنهج والآلية فقال في سورة النساء: (لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ - « إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ » « أَوْ مَعْرُوفٍ » « أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ » - وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا 114).

وفاء مفيد سلطان,, تسأل عن نفسها ثم تجاوب نفسها بنفسها فتقول في موضوع لها بعنوان .... (كيف ولماذا تكتب)؟؟؟ ولكأنها كانت تنتظر أن يطرح هذا السؤال طرف آخر لتجيبه على ما في نفسها وتحكي تجاربها الشخصية ثم تؤطر بها الدنيا بما فيها وحتى خالقها ما دامت الأصابع قادرة على طرق لوحة المفاتيح, ولكن الواقع يقول إن إسلوب سؤال الشخص نفسه ثم يتولى الإجابة عليها بذاته هو من سمات هذا العصر وغرائبه وعجائبه, وهذا يعني – بإختصار شديد - سدل النقاب على المعقول ليصبع غير المعقول مألوفاً.

وهذا بالضبط ما وجدناه في هذا المقال المطول بدون مبرر, والذي تركز كاتبته – في محاولتها بلوغ مقصدها وهدفها – على آلية وفكرة إثارة وتحريك وجداني بمهنية واضحة حتى تستطيع تمرير أجندتها الأساسية على السذج والعامة والمغرضين من أمثال الذين رأيناهم يمتدحونها ويثنون عليها في تعليقاتهم التي تشابهت وإتفقت في السطحية والجهل إن لم يكن الغباء,,, وسنأتي على ذلك لاحقاً.

تقول وفاء عبارة أو لعله مبدأ: (... أنت حكيم عندما تستطيع أن تكشف النقاب عن اللامعقول في المألوف ...!), ولا أظن أن معنى "الحكمة" خافياً عن العقلاء والحكماء أصحاب العقول النيرة والوجدان المعافى,,, بإعتبارها وعاء الأخلاق التي لا تكون إلَّا بمكوناتها الأساسية التي منها الصدق والأمانة والعدل والإنصاف والقسط. فهل وفاء معنية بهذه القيم التي بدونها لا يمكن أن تتحرك الإنسانية إذ أن فاقد الإنسانية بالطبع لن يقوى على كشف النقاب عن ما أطلقت عليه "مجازاً" اللامعقول في المألوف,,, إذ أن أداة التعريف لا تدخل على الحروف في قواعد اللغة العربية.

خلاصة القصص المطولة التي أسهبت في تفاصيلها بطريقة كانت الإثارة فيها واضحة إذ يكفي تلخيصها ببضع كلمات لتقطع بها نياط قلب الذئب نفسه, ولكن القصد واضح يفهمه أي ممثل درجة ثالثة, فبالنظر إلى روح الموضوع وغاياته نستخلص أهم مقاصده وما تريدين قوله,, مثلاً:
1. أنك طبيبة توليد تدربت في مستشفى حلب الجامعي في نهاية السبعينيات.
2. دخلت السيدة فاطمة إلى العيادة « مبرقعة بالسواد من قمة رأسها حتى أخمص قدميها »، - أو لعلها فعل بها ذلك قهراً - وهي تئن بصوت يلامس شغاف قلبك،
3. ردت وهي تحاول أن تمسح دموعا انهمرت على خديها (وهي مبرقعة طبعاً), وهي منهكة تماماً وبصعوبة بالغة تسلقت طاولة الفحص النسائي.........
4. اقتربت أنت منها والقيت نظرة على المسافة الممتدة بين فخذيها، وشعرت بالدوار فألصقت جسدك بالحائط المجاور خوفا من الانهيار.
5. قالت فاطمة للدكتور إن زوجها يُطفئ سجائره على مواضع حساسة من جسدها!
6. هبطت عليك صاعقة من السماء عندما سمعت الدكتور يقول لفاطمة: يبدو أنك تستحقين
7. فقهقه الطلاب تعاطفا مع رئيسهم الدكتور فزادوا الطين بله، فرحت تجسّين نبضك كي تتأكدي من أن الحياة مازلت تنبض في عروقك! ..... الخ

أولاً: هذه الجريمة المركبة ليست وقفاً على سوريا أو العرب أو العجم أو الأمريكان أو غيرهم,,, هذه حادثة للأسف الشديد منتشرة بين بني البشر بصفة عامة وتكثر بتناسب عكسي كلما قل وإنحسر الحس الديني ومعرفة الله ومخافته في قلوب الناس والتي ينقطع عنها الغذاء الروحي فتموت وتتحجر فتصير خبثاً أسوداً كخبث الحديد.

وهذا نتاج طبيعي إلى الهوة الأخلاقية السحيقة التي وقع فيها الناس عموماً. فالموضوع تنقبض له النفس ويشعر الوحش بالتقذذ والإشمئذاذ منه, ولكن ما الذي أوصل الناس إلى هذه الدرجة من الوحشية والدونية هذا هو الذي يجب أن تركز عليه وفاء سلطان ولكن للأسف أعماها هوى النفس والشنآن وشح المصداقية لديها من التحرك الجاد المثمر في الإتجاه الصحيح فضلَّت وأضلت وضلت عن سواء السبيل لما سنذكره بالتفصيل في تحليلنا لموضوعها الذي أرادت أن تدير أو توجه دفته إلى حيث تريد ولكن لن يصح إلَّا الصحيح.

ثانياً: إسلوب الإيحاء الذي إستخدمته وفاء بخبث ظاهراً بلغ حد السذاجة والتبذل وهي تحاول أن تصرف إنتباه ووجدان المستمع أو القاريء إليها بعيداً عن الحقيقة ثم تدفعها تجاه ما تريد أن ترسخه في فكره ووجدانه مستغلة بذلك النزعة العاطفية الإنسانية الكامنة في الإنسان عموماً, وهذا يذكرني اسلوب رشيد المغربي وزكريا بطرس الفاشل, وإختيارهم لأسماء ضيوفهم الذي يكون دائما إسماً إسلامياً "أحمد" و "محمد" و "إبراهيم",, مكتفين بالإسم الأول فقط, لإخفاء الهوية, وللإيهام بأن هذا الذي يهاجم الإسلام هو "خلفيته مسلمه" تلك العبارة الجوفاء التي إعتادوا على إستخدامها كثيراً وبصورة مفضوحة سافرة مضحكة.

وطبعاً لا ننسى أن الدكتور السافل إسمه "عبد الرازق", فكان يكفيها أن تقول مثلاً (دخلت إمرأة إلى العيادة), بدلاً عن قولها (... دخلت السيدة فاطمة إلى العيادة ...).
ثم قولها (... مبرقعة بالسواد من قمة رأسها حتى أخمص قدميها ...) إيحاءً كاملاً بأن أبطال القصة والقصص أو الروايات التي قالتها إنما هم جميعاً من الأمة الإسلامية وهم يمثلون الجانب المعتدي دائماً. وهذا هو في الأساس حجر الزاوية لكل مواضيعها والهدف من عرضها بتشويق.

وهذا الإسلوب في الحقيقة "عند أهل الذكر" يقدم لها نتيجة عكسية لأنها تحاول حبك القصة والتركيز على نقاط معينة فيها ولكنها – لعدم توفر الملكة لديها والحبكة الفنية – أخفقت في ذلك فجعلت النص روائياً أكثر منه تقريراً إعلامياً فعالاً هادفاً.
فقولها مثلاً: (... ردت فاطمة وهي تحاول أن تمسح دموعا التي انهمرت على خديها "وهي مبرقعة من رأسها إلى أخمص قدميها", وهي منهكة تماماً وبصعوبة بالغة تسلقت طاولة الفحص النسائي, كل هذا تطويل الغاية منه واضحة ومعروفة, تذكرني بقصص الأطفال و (الشاطر حسن, وأبو زيد الهلالي, وأمنا الغولة, وأبو رجل مسلوخة...).

ثالثاً: وفاء كانت شاهد عيان, ليس في ذلك أدنى شك, وهي إمرأة أو فتاة ناضجة ومسئولة بإعتبارها طبيبة وقد رأت بنفسها آثار الجريمة على مناطق حساسة من جسد تلك المرأة ,,, الخ فهل إكتفت فقط بالشعور بالدوار وإلصاق جسدها بالحائط المجاور خوفاً من الإنهيار؟؟؟ ..... وحتى لو لم يسعفها قرب الجدار وسقطت بالفعل بهذا الدوار, ثم فاقت بعد ذلك,,, فما هو أول شيء عليها أن تفعله كأمر طبيعي وإجراء بديهي يقوم به أي إنسان خاصة إذا كان في موقع المسئولية وواجبه المهني فقط يحتم عليه معالجة الموضوع من كل جوانبه, فإن لم يحدث شيء من ذلك سوى التأثر, فهل هذه السلبية لو صدرت من أحد آخر أمام وفاء سلطان "الثائرة" والتي تضحي بحياتها من أجل قضية المرأة ... الخ, أتكون راضية عنه وتسكت عن سلبيته أم ستكتب عنها كما كتبت عن أحمد و عبد الرازق؟؟؟

وإذا أخذنا في الإعتبار أن المرأة (فاطمة) قالت للدكتور (عبد الرازق) إن زوجها يُطفئ سجائره على جسدها,,, وقد رأت وسمعت فماذا فعلت أكثر من شعورها بالدوار والإلتصاق بالحائط,,,؟؟؟ ..... وماذا على الدكتور أن يفعل ويتصرف في مثل هذه الحالات وقد رأى وسمع تفاصيل عن جريمة بهذه البشاعة التي وصفتها؟؟؟ .....

هل نفهم من ذلك أن القانون في سوريا آنذاك لم يأخذ في الإعتبار مثل هذه التجاوزات الخطيرة المميتة للإنسانية قبل الجسد, ولم تجد وفاء بداً من أن تلجأ إلى جهات الإختصاص العدلية لتقتص لهذه المرأة بدلاً من أن يطن صوت صراخها في حذنيها حتى الآن أم لعل هذا الطنين هو صوت الضمير ووخزه لإضاعة الفرصة التي كانت سانحة أمام تلك المرأة الضحية لبشاعة سلوك الزوج وتخازل وتسيب وإهمال الذين يتوقى فيهم الرحمة والشعور بالإنسانية والمسئولية؟؟؟

وعندما سمعت دكتورها ورئيسها يقول للضحية (يبدو أنك تستحقين!), لدرجة أنها قد هبطت عليها صاعقة من السماء عندما سمعت الدكتور يقول ذلك القول الذي إستهجنته وفاء سلطان وجرمته "في سرها" وإلتزمت الصمت, فهل ردت عليه بعبارات يستحقها آنذاك وصرخت في وجهه على أقل تقدير, وهل أوقفت نعته ومخاطبته بلقب "يا دكتور" بعد أن سقط في نظرها كإنسان وسقط معها إستحقاقه لهذا اللقب,, وهي تعرف أن الدكتور يجب أن يكون إنساناً له مشاعر وأحاسيس؟؟؟ .....

وعندما قهقه الطلاب (زملائك), تعاطفا مع رئيسك ورئيسهم الدكتور ماذا فعلت معهم وماذا قلت لهم؟ هل دائماً دورك سالباً إما أن تلتصقي بالجدار المجاور حتى لا تسقطين أو، تكتفي بجسّ نبضك كي تتأكدي من أن الحياة مازلت تنبض في عروقك؟؟؟ ..... ألا تعتقدين أنك تمثلين غاية السلبية واللا مبالاة في موقف يحرك الإنسانية ومعها الضمير بلا شك فأين ضمير وفاء سلطان وحسها المهني المسئول آنذاك,,, هل هو الخوف أم هو قبول اللامعقول وإعتباره مألوفاً؟؟؟ ..... في هذه الحالة أين كانت الحكمة التي تتحدث عنها وفاء سلطان؟؟؟

هل كان لك موقف إحتجاج ومعاتبة معه,,,؟ وهل كان لك موقف عتاب ومقاطعة لهذا القطيع من الطلاب معدومي الضمير الذين لم تذكري إن كان من بينهم "طالبات" أم كانوا كلهم ذكوراً, وإكتفيت بالعناية بنفسك حتى لا تسقطين أو يتوقف نبضك؟؟؟ وهل تحمَّلت "الدكتورة" وفاء سلطان مسئوليتها القانونية وأبلغت السلطات الأمنية عن هذه الجريمة الإنسانية التي لا يغمض لصاحب حيالها جفن قط ولا يرتاح ضمير.

أم لعلها تدرك أن هذا التفاعل والتفعيل الإنساني وتحمل المسئولية قد تدفع وفاء ثمنه غالياً إن تفوهت بكلمة الحق أو إتخذت موقفاً حازماً حاسما لنصرة هذه المرأة التي بلا شك ستعود لذلك الوحش ليمارس خسيسته معها مرات ومرات وقد تدفع حياتها في إحدى هذه المرات وتكون وفاء سلطان مشتركة ومساهمة في هدر دمها والتفريط فيه أو على الأقل في إضاعة الفرصة لها التي لربما لا تتوفر لها مرة أخرى مع هذا الوحش (إن صحت الرواية في الأساس).

فلو كانت قد فعلت أكثر من السلبية الكاملة التي بدت بها في هذا الموقف الإنساني لبادرت في ذكر تفاصيلها لأنها تعتبر credit بالنسبة لها, ومعروف عنها انها حريصة على هذا الدعم لإبراز شخصيتها التي تمتدحها تتباهى بها وتمتدح فيها مراراً وتكراراً.

إذاً,, ما دام أن عبارة: (... يبدو أنك تستحقين ...) التي قالها الدكتور "عبد الرازق" للسيد "فاطمة", هي العبارة الأولى في حياتها التي شرختها نصفين (كما تقول)، ومع أن المنظر يستحيل السكوت عليه, خاصة وأن تلك الحروق قد تقيحت بطريقة تثير الشفقة في قلب هتلر
ولكن لم يؤلمها ذلك المنظر بقدر ما آلمتها عبارة أبيقراط: "يبدو أنك تستحقين"), ما دام أن قائلها وحش بشري ذكوري!!!

وسأبين لاحقاً غايتها من هذه العبارة, - ولو أنه ليس بخاف على أي أحد إستمع لوفاء أو قرأ لها - أن هذا الموقف هو من صميم عقدتها الأساسية ليس لأنها تدافع عن المرأة ولكن لإعتراضها على قيومية الرجل الفطرية الطبيعية التي خلقه الله تعالى بمقوماتها مختلفة عن مقومات المرأة, ليس لغاية التفضيل بالطبع, ولكن لكمال الدور والمهمة التي خلق كل واحد منهما ليؤديه ويكمل به دور الطرف الآخر,,, لذلك نراها على إستعداد لتحارب الله وتقف ضده (كما قالت) إن وقف الله ضد المرأة (خسأت فيما قالت,,, وتعالى الله علواً كبيراً).

والسؤال الجريء هنا:
1. كم مرة تكررت هذه الصورة البشعة أمامها وعلى مسامعها – علماً بأنها السمة الظاهرة واللامعقول (غير المعقول) الذي تحول إلى "مألوف" في مجتمعها "كما صورته" هي بنفسها, وكان يمتاز بها قومها الذين نشأت بينهم وترعرعت وشربت من نبعهم وتخلقت بأخلاقهم, بما في ذلك أبويها ومجتمعها الخاص؟؟؟

2. وكيف يكون تأثير هذه العبارة عليها خاصة وأنها قد إعتبرتها (العبارة الأولى في حياتها التي شرختها نصفين), مع أن مجتمعها المتوحش المفترس « الذكوري » لا بد من أن تكون قد إعتادت عليه فأصبح سماعه ومشاهدته أمراً طبيعيا بالنسبة لوفاء سلطان.

فإما أن تكون هذه اللوحة القاتمة الكئيبة المأساوية, حالة فريدة لا تتكرر كثيراً بصورة أمراض إجتماعية مزمنة كما صورتها وفاء سلطان لغرض التضخيم والتهويل, حيث لم تستثني فيها من الذين حولها من المسئولين في المستشفى أحداً حتى الجيل الصاعد ممثلا في الطلاب الذين تُتوخَّى فيهم الرحمة والشفقة ومساعدة الناس وتخفيف آلامهم.
أو أن تكون سمة ظاهرة وثقافة مفعَّلة متوارثة وبالتالي لا بد من أنها – بحكم وظيفتها كطبيبة – تكون قد خاضت أو لاقت تجارب عديدة من هذا النوع من ضحاياها الذين هم دائما "فاطمات",, ووحوشها الذكوريين الذين هم دائما "أحمد ومحمد وإبراهيم وعبد الرازق وأبو هريرة, وابن عباس,,," ...

فإذا كان طلاب الطب المتخرجين حديثاً بهذه الوحشية التي فاقت وحشية هتلر و أبيقراط كما تصفهم وفاء فكيف تكون وحوش باقي شرائح المجتمع الذي هي منه في الأسواق والملاهي والنوادي وعلى الأرصفة وفي الطرقات؟؟؟ ..... حينئذ,, كيف تستطيع وفاء سلطان أن تستثني نفسها وتعفها من خصال ونواقص قومها ومعلميها وجيرانها وزملائها – لن نقول زميلاتها لأنهن بلا شك في مفهومها "وفاءات" بإمتياز - خاصة وأنها قد مكثت بينهم وعاشت معهم طفولتها وشبابها, في حياة مستقرة أكملت خلالها تعليمها الجامعي وتخرجت في جامعة حلب ودخلت الحياة العملية فهي إذاً إبنة ذلك المجتمع "قلباً وقالباً" ومتشربة بثقافته ونبتة في مستنقعه شاءت أم أبت, فكيف إذن تكون عبارة عبد الرازق بالنسبة لها هي: (العبارة الأولى في حياتها التي شرختها نصفين), ولماذا لم يحصل لها هذا من قبل؟؟؟

لا يا وفاء,, الواقع والوقائع والموقف الإنساني الذي كنت فيه على قمة السلبية واللا مبالاة وإكتفيت بوصف مشاعرك,,,, الخ كل ذلك يقول إنك إبنة تلك البيئة الفاسدة المفسدة, ومتشربة بأخلاقيات وسلوكيات ذلك المجتمع المجرم "غير المتدين" إلَّا من رحم ربي, ومنسجمة ومتفاعلة مع سلوكياته ومتبينة سلبياته كما هو ظاهر من خلال عرضك لرواياتك المسهبة,, بل ولك أصدقاء وصديقات, وأبوك وزوجك من بينهم.
فإن كنت ذات دين وملتزمة به لقلنا بإحتمال إستثنائك لوجود قرينة تشهد لك ومعك بأن لك منهجك الخاص الذي صقل شخصيتك المتفردة وسط ذلك الركام, أما وأنك الشخصية التي وصفت نفسك بها فلا وألف ألف لا, خاصة وأنت حرب شعواء على كل ما يتعلق بالدين وبالله.

ثم ماذا بعد؟؟؟
لعل لديها رواية أخرى مأساوية محزنة حقيقةً توثق بها حال مجتمعها المتدني الأخلاق والإنسانية وحتى مثقفهم هتلري أبيقراطي بشع, قالت فيها – بإسلوبها الروائي السابق,, ما مفاده إن الدكتور (أحمد) مدير صحة المحافظة, وبإسلوب "وقح" لا يقبله دكتور من دكتور مثله أو عامل بسيط من رئيسه أو سيده, لأنه خارج عن إطار التعامل الرسمي وداخل في دائرة الإهانة الشخصية, خاصة إذا كان هذا الرئيس ذكورياً مجرماً سفاحاً لدرجة أنه قد أمرها بهذا الإسلوب الوقح المهين أن تغطي جريمته وتمحوها عن جسد ضحيته التي جاءها بها إسعاف المستشفى الوطني بمدينة اللازقية كما تقول. فماذا فعل هذا الدكتور السفاح مع ضحيته ثم مع مرؤسته الدكتورة وفاء سلطان "نفسها"؟؟؟

وماذا فعلت وفاء سلطان بإنسانيتها ومشاعرها الحية وشخصيتها الرافضة الثائرة, عندما سمعت الدكتور أحمد يهينها بقوله لها (... باعتلك قحبة ... أفعلي معها كذا وكذا!!!),,, السلبية نفسها التي صورتها لنا في السابق أتت بها في اللاحق بلا أدنى تغيير أو تحسين,,, ولكن حتى لا نظلمها, فإنها على الأقل,, كما قالت: (... شعرت بالدوار، أمسكت بطاولة الفحص خشية من أن تقع، وبرجلها دفشت الكرسي تحت جسدها المشرف على الهلاك.... الخ. والدكتور أحمد هو مدير صحة المحافظة ...)، ثم ماذا بعد؟؟؟ ..... مشاعر مقدرة وإنسانية معطلة, فهل تعرف.

أهذا كل شيء؟؟؟ ..... نعم والله, - حسب المعطيات التي لدينا - هذا كل شيء, ولتذهب الضحية إلى الجحيم,, إذاً كل هذه المشاعر (لا أكثر من زوبعة في فنجان), غلبانة مسكينة لا حول لها ولا قوة ولا طول,,, ومعذورة بالطبع فهي تحافظ على وظيفتها وأكل عيشها ويكفيها نضالاً (الدوار ودفش الكرسي), وهذا بالطبع أبعد كثيراً من "أضعف الإيمان", فهي لم تسكت بل قالت عن رئيسها, بكل صراحة ووضوح وسفور: (... وجميعنا نشتغل عبيدا في مزرعته),,, إذاً والأمر كذلك, والكل مفطور على التبعية السالبة والخنوع والخضوع والإستسلام حتى أصبح لديكم اللامعقول (غير المعقول) مألوفاً حتى في حالة ثورتهم فما الذي جد على وفاء حتى جعلها تتمرد على كل ذلك وتنتفض,, أهو الهروب إلى أمريكا منبع الذكورية, أم ستكشف لنا غيره لاحقاً؟؟؟.

فلنتابع معها ما قامت به هذه الثائرة الرافضة لفساد مجتمعها ولكنها تنفذ تعليماته "بلا فعالية ولا كفاءة",,, لأنها إن لم تكن كذلك لغادرت المستشفى إحتجاجاً على إسلوب الإهانة التي خاطبها به الدكتور "أحمد", أو لبينت أنها على الأقل رفعت مذكرة إحتجاج إلى الجهات المسئولة أو إلى مجلس الوزراء لرد إعتبارها على الأقل إن لم تجعل قضية الضحية قضيتها وتذب عنها بصورة إيجابية مؤثرة وهي بلا شك في مقدورها ,,, الخ. على أية حال فلنر معاً ماذا فعلت وفاء سلطان؟؟؟

قالت: (... لم أكد استرد بعضا من أنفاسي، التي أخمدتها وقاحة رجل لم يتعلم في حياته قيمة الإنسان حتى دخلت الغرفة طفلة لم تتجاوز بعد ربيعها السادس عشر...)،، لعلها "تقصد إمرأة شابة" فمن كانت في السادسة عشر تكون بالغاً وحينئذ فهي إمرأة كاملة مكتملة, ولكن عبارة "طفلة" لها وقع وإثارة أكثر من كلمة "إمرأة شابة", خاصة إذا كان الجاني المجرم (رجل),,, المهم في الأمر قد إعتدى عليها أحد وحوش البشرية المفترسة, فأدخل لها كأساً مخروطياً في مكان حساس بين فخذيها, وهي تعمل على تنظيف مكتبه مقابل أجر تساعد به أبيها المريض وإخوتها الستة.
فهذه المرة لم يكن هذا الوحش من مجموعة (أحمد و عبد الرازق), ولكنه شخص آخر بدليل أنه لم يذكر إسمه الحقيقي, ثم ذكر على أن إسمه الأول (فلان) وإسمه الثاني (الفلاني), - "أصْلُو الكِدْبِ خِيْبَه" كما يقولون -. فلعل فلان هذا رجل مسئول كبير له سطوة تخشاها وفاء وغيرها, لأنها إن كانت تتفادى التشهير وذكر الأسماء لما عرَّفَتْ كل من الدكتورين "عبد الرازق" و "أحمد" تعريفاً كافياً لتمييزهما بذكرها لعناوينهم الوظيفية مع أسمائهما.

لا شك في أن هذه من الجرائم التي لا نجدها حتى بين الضواري والكواسر ولكن قد إمتاز بها هذا الإنسان الذي قال فيه خالقه "إنه كان ظلوماً جهولاً",, لذا فهي من الجرائم التي يقام فيها الحد على المجرم أو على الأقل التعذير الموجع الرادع له ولأمثاله, ليكون له خزي في الحياة الدنيا وله في الآخرة عذاب مهين.

فماذا فعلت وفاء سلطان هذه المرة؟ هل قامت بواجبها الإنساني والأخلاقي معاً أو على الأقل تحملت المسئولية الوطنية ... أم انها كالعادة إكتفت بإلتزام جانب واحد كما حدث في الحالة الأولى وتغاضت عن الجوانب الآخرى بإعتبارها غير حرة وتعمل ومن معها عبيداً في مزرعة سيدها؟؟؟
قالت إنها قامت بواجبها المهني معها كطبيبة, وهذا جانب واحد,, فأين الجانب الثاني الأخلاقي والثالث والقانوني, وأين وخذ الضمير الحي يا وفاء سلطان؟؟؟ ..... ألم يحركه صراخ هذه الضحية التي بغي عليها فتقومين بواجبك الوطني والقانوني لتناصري هذه الطفلة "أقصد" المرأة الشابة التي تعرضت إلى هذا الكم المتراكب من الظلم والمهانة والإعتداء, ثم بعد ذلك تعامل في المستشفى بمهنية فقط وكفى مع تهميش لإنسانيتها وتجاهل لكرامتها... علماً بأنها العائل لأسرتها وأبيها المريض وأخوتها القصر؟ ..... هل ترين هذا كافياً في حالة هي قضيتك الأولى ومجال نضالك المستميت, بل وتستطيعين أن تقومي بدور إيجابي أبعد بكثير من السلبية التي كنت فيها؟؟؟

عودة إلى السلبية والعقدة الذكورية مرة أخرى,, قالت وفاء: (... ليست القضية في انتهاك عرض طفلة وحسب، «« بل في إقناعها بأنها أقذر من الرجل الذي انتهك عرضها »» ...).
1. فمن ذلك الذي أقنعها بأنها أقذر من الرجل؟ ..... ولماذا إقتنعت هي بذلك, هل كانت مملوكة لأحد؟؟؟
2. وهل هناك مؤشرات أو قوانين أو شرائع تقول أو تفرض هذا القول آنذاك في سوريا؟؟؟
3. ولماذا لم تفعل وفاء سلطان شيئاً – وهي المرأة المتحررة المتنورة – لتصحح به لهذه المرأة مفهومها بأنها ليست كما تظن في نفسها؟؟؟
4. وهل وفاء سلطان كانت أفضل من هذه المرأة في هذا الإعتقاد؟؟؟ ..... فإن كانت أفضل منها لكانت لديها الجرأة على الرد على الدكتور أحمد الذي أهانها بوقاحة وإكتفت بالقول بأنها ومن معها يشتغلون عبيداً في مزرعته,, فلماذ تستنكر على هذه المرأة الشابة المغلوبة على أمرها ما قبلته هي لنفسها إذا أخذنا في الإعتبار ضعفها وقلة حيلتها وقارنا ذلك بحال الدكتورة وفاء التي لها مقومات كافية "رسمية" للرفض والإعتراض, فهل فعَّلت هذه المقومات؟؟؟ يقول الشاعر "لا تنهَ عن خلق وتأت مثله عار عليك إذا فعلت عظيم.

ما هذا التناقض والسلبية يا وفاء. هذه جرائم كبيرة وإعتداء على بشر ضعاف مغلوبين على أمرهم وجاءتك الفرصة لتردي إليهم شيئاً من إعتبارهم وأنت التي تقولين بأنك مستعدة أن تقفي ضد الله إذا وقف الله ضد المرأة (تعالى الله عن قولك علواً كبيرا), فهذا ليس غريباً أن يصدر عنك لأن معلوماتك غير مكتملة, فإن كنت تعرفين أن الله تعالى ورسله بصفة عامة ورسوله الخاتم بصفة خاصة "حرباً" لا هوادة فيها على كل من كان ضد المرأة والطفل وحقوقهما بصفة خاصة, وحقوق الإنسان كل الإنسان بصفة عامة, لكنت مع الله بدلاً من محاربته ولن تضري الله شيئاً.
فبالجهل يكون الإنسان عدواً لنفسه كما تفعلين أنت ورشيد وذكريا بطرس وكامل النجار,,,الخ فتختل لديه الموازين لخلو وجدانه من المعايير والقيم والبصيرة إبتداءاً.
فما دمت بهذه الروح الوقادة والثائرة لصالح المرأة,,, إذاً, لماذا لم تضحِ بالوظيفة وتقفي مع تلك الضحايا التي أضعت عليهم فرصة رد الإعتبار أمام القضاء أو على الأقل أمام الرأي العام, ألا ترين أنك كنت مساهمة أصيلة "إن لم نقل" متواطئة ضمنياً مع المجتمع الذكوري الظالم الذي تناهضينه؟؟؟

ثم بعد ذلك قولك: (... الجريمة الأكبر هي أن تؤمن المرأة بأنها مسؤولة عن جرائم رجل لم تهذبه شريعة ولم تردعه أخلاق)...). فإن كنت تعلمين أن الشريعة التي تقصدينها هي شريعتك اللاهوتية,,, إرجعي إلى كتابك جيداً فستجدين أن المرأة هناك لا قيمة لها ولا دور,,, ولو أن إعترافك بأن التهذيب والأخلاق هما الأداتين الَّتين لا يتم التهذيب ولا الردع بدونها, ولكن للأسف هذا الإعتراف يتناقض تماماً مع منهجك الثابت في محاربتك لهاتين الأداتين تحديداً فما سر هذا التناقض؟ هل هناك شيء آخر مع الجهل والتخبط؟؟؟.

نقول لها في ذلك, الآن حسب رواياتك وأقوالك, لقد تبلورت أمامنا ثلاث جرائم كلها وقعت لصنف النساء "حصرياً", وهذا يعني أنك لم تقابلي في حياتك العملية رجلاً واحداً قد تعرض لظلم من إمرأة أبداً,,؟؟؟ حسناً فليكن ذلك كذلك, ولنسلم به جدلاً,, فكيف تم تصنيفك لهذه الجرائم وترتيبك لها حسب الأولويات, فقلت بأن؟؟؟
1. الجريمة الأولى هي "تلك المرأة التي أطفأ زوجها المجرم السفاح السجائر في بضعها",
2. والجريمة الثانية "تلك المرأة الشابة التي إعتدى عليها وحش بشري ووصفها وأقنعها بأنها قذرة", فأضافت وفاء إليها عبارة لأنها إمرأة,
3. والجريمة الثالثة "إقناع المرأة بأنها مسئولة عن جرائم رجل لم تهذبه شريعته ولم تردعه أخلاق", وأطلقت على هذه الجريمة "بالجريمة الأكبر" تمييزاً لها, حسب منطقك أنت ومفهومك,

فهل بالنسبة للضحايا أنفسهم يمكن أن يكون ترتيبهم وتقييمهم للجرائم تماماً كما قلت أم لهم ترتيب آخر قد يجعل لديهم الجريمة الأولى أو الثانية هي الجريمة الأكبر بالنظر إلى المجتمع الذي نشأت فيه وفاء وترعرعت وإنسجمت وتفاعلت؟
وبالنسبة لإصدار حكمك على الجريمة الثالثة بأنها هي الأكبر,, هل صرحت لك أحدى النساء المعتدى عليهن بأن هناك من أقنعهن "قهراً" أو "موضوعياً" أو "خداعاً" بأنهن المسئولات عن جرائم الرجل؟ أم هو تخمين من وفاء سلطان لشيء في نفسها تريد أن توجد له المبررات لترسم خط سيرها عليه؟؟؟

1. ثم من ذلك الرجل المجرم الذي لم تهذبه شريعته ولم تردعه أخلاق, الذي تقصدينه؟
2. وأي شريعة تقصدين, علماً بأن المجرم لا يكون كذلك إلَّا إذا تجرد من مفهوم الشريعة؟
3. وهل صاحب الشريعة الحقة يمكن أن يسكر ويزني ويظلم طفلة فقيرة فيدمر حياتهى ليوفر لنفسه متعة آنية رخيصة,,, أهكذا تكون الشريعة وأصحابها في عرفك يا وفاء؟,, ثم يبقى على شريعته ويمكن أن تنسب إليه الأخلاق بأي قدر أو صفة؟؟؟ ..... أم تقولين ما لا تعلمين وتدعين ما لا تعرفين كأن الساحة خالية من الذين سيحصون عليك أنفاسك بالعلم والتحليل والمنطق والموضوعية والأدلة والبراهين بأنك عكس ما تدعين تماماً؟؟؟

تقول وفاء سلطان إنها "أيضاً" كانت طبيبة في قرية نائية، كان ذلك أثناء تأديتها للخدمة الريفية بعد تخرجها فدخلت عيادتها المنزلية امرأة في أواخر الثلاثين من عمرها وبالفحص تبين بأنها كانت حامل في الشهر الثالث. فإنزعجت المرأة لأنها كانت أرملة بموت زوجها منذ أربعة أعوام وترك معها أربعة أطفال, وكان الحمل من أخِ زوجها مقابل أن يطعمها وأطفالها. فقالت إنه لو عرف شريكها في جريمة السفاح بأنها حامل سيحرض ابنها المراهق على قتلها.

الغريب في الأمر أن وفاء سلطان لم تكترث للعلاقة المجرمة التي وقعت ما بين الأرملة وحماها عم أولادها, فهو أمر عادي للغاية ولا غبار عليه – ما دام أن أمريكا أمرت بذلك, أن مؤسسة أممها المتحدة جعلته ضمن حقوق الإنسان, وحماه مجلس أمنها الدولي بالبند السابع فلا إعتراض,,, - والذي يقلقها فقط أن هناك متخلفين جهلاء لا إنسانيين سيعترضون على هذا الحمل وقد تتعرض هذه "الزانية" المتنورة للمضايقات أو المساءلات وهي لم تفعل أكثر من الإستجابة لنداء "الطبيعة" – على حد مفهوم وفاء - التي تؤمن بها وهي صاحبة السلطان عليها.

ولكن الذي أزعجها كثيراً قول المرأة لها: (... لا تهمني حياتي فأنا أستحق الموت، ولكن لا أريد لابني أن يوسخ يديه بدمي ...), وقد فات وفاء أن الضحية والمغتصبة لا يمكن أن تجرم نفسها فتقول "أنا أستحق الموت", لأنها لم تفعل شيئاً يبرر هذا الإستحقاق عليها, ولكن قد يقبل منها ما قالته السيدة مريم البتول عليها السلام (ليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً),, ولكن وفاء سلطان لها حسابات أخرى تحسب لها ألف حساب, فكان قول المرأة عن نفسها أزعجها كثيراً.

فنرى وفاء سلطان في هذا الموقف الذي هزها بعنف قالت: (... الجريمة الأكبر هي أن تقتنع المرأة بأنها تستحق الموت، وبأن دمها قذر لأنها لم تستطع أن تحمي نفسها من براثن وحش لا يعرف الله ...). هذه هي مشكلتها وإشكاليتها (عقدة الذكورية) وملكة التحيز وداء الشنآن المدمر, والشعور بالنقص على الرغم من التمرد عليه ورفضه وترك دينها وربها وتنصيب "الطبيعة" رباً والكون "خالقاً" لها من أجله,, إلَّا أن كل أقوالها وأفعالها تدور حول هذه العقدة النفسية المزمنة, وسنثبت ذلك بعمق في متابعتنا لتصريحاتها وكتاباتها لاحقاً.

ولكن دعونا نوجه بعض الأسئلة المباشرة, مستحضرين شخصيتها التي وصفتها وأحاطتها بمباديء وضوابط تتعارض مع أدائها وفكرها وتصريحاتها تعارضاً سنواجهها به في حينه,, فنقول لها:
1. كيف عرفت يا دكتورة وفاء صدق ما قالته المرأة لك بأنها تعرضت لإغتصاب من حماها, ولم تضعي ولو إحتمال 1% أنها كانت تكذب أو تبالغ ... فمثلاً, لو صدقت في أنه قد إغتصبها في المرة الأولى وعجزت عن حماية نفسها منه وصده,,, فهل إستمر التمنع والمقاومة والصد بذات القدر أم كان هناك إستسلام إن لم يكن تجاوباً وتفاعلاً وإستمالة؟

2. وما هي القرينة التي أدركتيها بقريحتك أو بعلمك وتخصصك أنها حقيقة قد تعرضت لإغتصاب "بمعناه ومدلوله الحرفي", لدرجة أنك إستبعدت أن تكون هي التي أغرته أو عرضت نفسها أو حركت الرغبة في داخله (على الأقل) "لا إرادياً" فكان ما كان منهما الأثنان معاً بكامل رغبتيهما ؟؟؟

3. المرأة قالت لك (إن حماها إغتصبها), ثم قالت أيضاً إنه (لا تهمها حياتها فهي تستحق الموت، ولكن لا تريد لابنها أن يوسخ يديه بدمها), فهل أنت أدرى بها من نفسها؟ أم أن عبارتها الأخيرة لا تتوافق مع هواك ولا تخدم قضيتك المتحاملة على الرجل كرجل بغض النظر عن فضله أو شره؟؟؟.

4. ولماذا إعتبرت أن الإعتراف بالجرم في رأيك ومنهجك الغريب يعتبر هو الجريمة الكبرى, فبادرت إلى عبارتك المتحاملة المتحيزة المتعنصرة بقولك حرفياً: (الجريمة الأكبر أن تقتنع بأنها هي التي أثارت غرائزه الإلهية "المقدسة"، وبأنها مسؤولة عن جرائمه ...)؟؟؟

5. فكيف يكون موقفك إن إتضح بأن خديجة هي التي كانت مسئولة أولاً وأخيراً عن هذه الواقعة, وأنها هي التي قدمت نفسها وألحت في ذلك حتى وقع ما وقع وبان الجرم للعيان؟؟؟ ..... هل تظنين - لو صدر هذا الحكم من أحد آخر غيرك - بأنك ستقبلينه لمجرد أن المتهم فيها رجل؟؟؟

6. ثم ما معنى هذه العبارة الساذجة السخيفة التي تقولين فيها: (... أثارت غرائزه الإلهية "المقدسة"), فهل الإله في عرفك له شهوات إلهية مقدسة؟؟؟ ..... ألا ترين في هذا التعبير تجاوز وحمق يفوق حد السفه بكثير.

7. وأنت كطبيبة - متنورة كما تدعين وتغالين - تدافعين عن حقوق الإنسان أن "خديجة" هذه التي قامت بعملية التخلص من نفس بريئة عامدة متعمدة "بالإجهاض" والتخلص من جنين (بشر لا ذنب له في جريمة أبويه المجرمين), فتقول لك إنها تخلصت من الجنين, فكان كل الذي يهمك من هذا الإعتراف بأنها عادت شاحبة نحيلة تصارع الموت؟؟؟ فهل وفاء سلطان الطبيبة الإنسان الرحيمة الحكيمة المناضلة من أجل حقوق الإنسان بصفة عامة ومتدلهة في حقوق المرأة لا تبعبأ ولا تكترث بحقوق طفل بريء يؤخذ بذنب غيره ويحرم من الحياة؟؟؟

والأغرب من هذا وذاك وتكل هو هذه الصورة الغريبة التي تصور بها وفاء حقيقة مشاعرها التي تحاول تجميلها ولكنها تكشف أسرارها بنفسها دون تبصر لعواقب ما تقوله,,, فلننظر إلى هذه اللوحة المليئة بالسواد والفجوات التي تعرضها علينا فيما يلي:

قالت لها خديجة: (... أثناء التجريف رأيت ملك الموت بعينيّ ...), وذلك لأن الطبيب الذي أجرى لها العملية لم يخدرها لأنها لم تكن تملك من النقود ما يكفي لشراء أدوية التخدير فاضطر أن يجري العملية بلا تخدير. وطبعاً ما دام الذي قام بهذه العملية "دكتوراً" ذكراً ولعل إسمه ممن (حُمِّدَ أو عُبَّدَ), فهذا حرك لديها كل العقد القديمة والجديدة,,, فكان الحكم جاهزاً وموقعاً من قبلها.

ولكن,,, قبل أن نستمع إلى حكمها الذي لا بد من أن يكون معلوماً لدى كل من يقرأ أو يستمع لوفاء سلطان,,, فلنطرح عليها بعض الأسئلة حتى يستوعب القراء الشخصية التي أمامهم جيداً فنقول لها:
1. لو فرض أنك أنت التي لجأت خديجة إليها لإجراء هذه العملية المشبوهة, أكنت تقومين بها؟؟؟ .....

2. وتحت أي مفهوم وبأي منطق – إن قبلت بإجراءها – بأن تضحي بحياة إنسان مقابل التستر على كشف أو فضح جريمة لمجرد إحتمال سترها ببدائل أخرى؟

3. أنت كطبيبة مسئولة لو قمت بهذه العملية هل يعتبرك القانون في سوريا مذنبة وسيحاسبك عليها جنائياً؟؟؟ ..... فلو كان ذلك كذلك وقمت بها في السر هل تعتبرين نفسك مجرمة أو مخالفة لقانون وأنت قد أديت القسم على إلتزامه حتى لو كان القسم على الصليب؟؟؟

4. أما مهنياً,, لو فعلاً واجهتك مشكلة التخدير وأن المريضة ليس لديها نقود لشرائه وأنت لم تستطيعي أن توفريه لها فأي الخيارات البديلة لديك حتى تتفادي إجراء العملية لها بدون تخدير؟؟؟
- فهل سترفضين إجراء العملية ما لم يتوفر لديك التخدير اللازم بأي كيفية, علماً بأن "خديجة" قد صرحت لك بمخاوفها من أن يقتلها إبنها ويؤخذ بها فيضيع هو الآخر,
- أم ستوفرين لها ثمن التخدير حتى لو إضطررت إلى بيع خاتم زواجك في سبيل الإنسانية التي عرفت بها أو إدعيتيها, مقابل هذا الأمل الإنساني الجليل؟؟؟

- أم أنك ستجدين أن أخف الأضرار وأنسب الخيارات هو إجراء العملية بدون تخدير كما فعل الدكتور الوحش؟؟؟ ..... حينئذ ما هو اللقب الذي ستطلقينه على وفاء سلطان التي لم تتحسب للآلام المبرحة التي ستتعرض إليها خديجة,, فهل ستصفينها بالحكيمة الرحيمة وحسن التدبير والإختيار لأنها إستبدلت القتل الذي ينتظر خديجة مقابل شيء من ألم مبرح ستتعرض له لفترة محددة تدركين "مهنياً" أنه رغم شدته وألمه المبرح لا يعتبر خطراً على حياتها,, والذي قد ترى فيه ملك الموت ولكنه لن يقبض روحها؟؟؟ ....
أم ستحكمين عليها بأنها "وحش" لا تختلف فيه عن وحشية زميلها الذكوري الذي قالت فيه بالحرف الواحد: (... ألم أقل لكم بأن الرجل في شريعتنا وحش ...)؟؟؟ طبعاً هي لا تقصد شريعتها الحقيقية اللاهوتية وإنما تقصد "الشريعة الإسلامية".

لا تزال للموضوع من بقية باقية

تحية طيبة للقراء الكرام

بشاراه أحمد



#بشاراه_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ميتافيزيقا بيداويدية:
- تعليقات: قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ ..... نتيجة غير منظورة:
- قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ:
- رَشِيْدِيَّاتٌ ضَالَّةٌ, لا تَرْشُدُ 2 ( خاتمة):
- رَشِيْدِيَّاتٌ ضَالَّةٌ, لا تَرْشُدُ 2 ( ج ):
- رَشِيْدِيَّاتٌ ضَالَّةٌ, لا تَرْشُدُ 2 ( ب ):
- وقفة تأمل .... وتقويم:
- رَشِيْدِيَّاتٌ ضَالَّةٌ, لا تَرْشُدُ 2 (- أ -):
- رَشِيْدِيَّاتٍ ضَالَّةٌ, لا تَرْشُدُ (1):
- الإسلام والعنصرية وجه لوجه (جزء ثاني عشر):
- الإسلام والعنصرية وجه لوجه (جزء 11):
- الإسلام والعنصرية وجه لوجه (جزء عاشر):
- الإسلام والعنصرية وجه لوجه (جزء تاسع):
- الإسلام والعنصرية وجهاً لوجه (جزء ثامن):
- الإسلام والعنصرية وجهاً لوجه (جزء سابع):
- الإسلام والعنصرية وجهاً لوجه (جزء سادس):
- الإسلام والعنصرية وجهاً لوجه – (جزء خامس):
- تعليقات عن - الإسلام والعنصرية وجهاً لوجه:
- الإسلام والعنصرية وجهاً لوجه (جزء رابع):
- الإسلام والعنصرية وجهاً لوجه (جزء ثالث):


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشاراه أحمد - عندما يصير اللامعقول مألوفاً (A):