|
محاولة منهجية لتأسيس الذات المثقفة
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 5052 - 2016 / 1 / 22 - 08:17
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
محاولة منهجية لتأسيس الذات المثقفة ***************************** المثفف خاضع أكثر من غيره لاغراءات واستقطابات متعددة وكثيرة ، فهناك وهم تضخم الذات ، ووهم القيادة ، ووهم الاكتفاء في الفهم والتفسير والمعرفة ، أي وهم التعالم ، ووهم الأستاذية . هذا بشكل عام بعض الاغراءات التي قد ترسخ في البنية النفسية والوجدانية لأي مثقف أينما كان . لكننا في المغرب تحديدا ، وفي العالم العربي اجمالا نحن بازاء انقلاب مخيف في فهم المثقف ، وتراجع رهيب في دوره . لكننا رغم ذلك نواصل الحيدث عن المثقف ، بالرغم من كل السلبيات التي علقت به ، وان كان ادوارد سعيد قد كتب عن الثقف الخائن ، فان علي حرب كتب عن وهم النخبة المثقفة . أما نحن فنعيش واقع مثقف رديئ وضعيف . فهل يمكن وضع اليد على خفوت نجم الثقافة في المغرب وفي العالم العربي ؟ . أقرأ لبعض الكتاب عن صراع زنيم بين العلمانية والحداثة والاسلام ، او بين العروبة والأمازيغية ، او بين كتاب البلاط ، وكتاب الشعوب ، ان جاز التعبير . أو بين كتاب الاجتهاد وكتاب الانغلاق . لكننا نجدنا امام قراءات حسيرة وضيقة ، قراءات متكررة ومنسوخة ، بل هناك تراجع فظيع عما خلفه مثلا محمد أركون أو حسن حنفي او جلال العظام أو محمد الغزالي ، او أدونيس ، وغيرهم كثير من كتاب القرن العشرين . لماذا ؟ وكيف ؟ . خلاصة الجواب اننا عندما نفتقد للقراءة الشاملة او الأقرب الى الشمولية ، ونعتمد المنهج الموجَّه ، ولا نعود الى المراجع الأم ونكتفي بترديد شعارات وأسطوانات الغير نقع في المحظور ونعيد استنساخ مكتوباتنا البالية . المفكر او من يروم هذا المنحى عليه أن يكد ويجتهد ويعود الى المصادر الأم ، ويعمل قراءته الشخصية بروية وعقلانية ، بعيدا عن استلاب أو عاطفة . القرآن الكريم لا يدعو الى التعصب ، والدين اوسع سماحة من بعض تفسيراته الضيقة ، واذا لم يجد الانسان قدرة على قراءة النصوص الدينية المؤسسة -القرآن والسنة - لأسباب عديدة أتمنى أن لا يشير الى ما يجهله . ثم هناك مأزق آخر يقع فيه المثقفون اليساريون الصنميون ، أو الأورثودكسيون كما يسميهم علي حرب ، هو مأزق فراغ القراءات الاستخبارية التي يشرف عليها اليوم باحثون من مختلف الاختصاصات ، وعليهم أن يعودوا الى ما يكتبه الكتاب والمفكرون والفلاسفة الغربيون الأحرار ، وهم كثير . أما الاتهامات الجاهزة والمعلبة ، فهي قديمة ، استهلكت العقل العربي الى درجة الاستغباء والاستبلاد ، والنتيجة هو هذا الفقر المهول في المقاربات والتحاليل والقراءات . وكأن المثقف العربي الراهن قد تخلى عن خصلة البحث والتفكر والتحليل ، كما كان يصنع مثقفو الستينيات والعقدين اللذين أعبقبها . نحن ثقافيا نعيش ورطة ثقافية كبرى تسمع صداها ، ليس مشرقا ومغربا فقط ، بل حتى في أمريكا وأوروبا من خلال أنتلجنسيا مغتربة تجد قنوات التواصل معطلة بينها وبين مثقفي الأوطان العربية لأسباب مختلفة. هل نستنجد بالكتاب الغربيين والمفكرين الغربيين والفلاسفة الغربيين ؟ ، أم نغوص ونستعرض بجهودنا ما تتيحه الثقافة الاسلامية ، وانطلاقا من القرآن والسنة ، من مساحة لا منتهية من السلم والابداع والخلق ، دونما الارتباط الميكانيكي اللصيق بالآخرة ، كما ينحو بعضهم ، ادونيس وتلميذه محمد بنيس ، مثلا . هل نعود الى النصوص القرآنية الصريحة التي تدفع الى الحرية والعدالة والتسامح والعطاء ؟ ام الى سنة النبي محمد ؟ ، ام الى سيرة بعض الحكام المسلمين ؟ ام الى تراث بعض كبار علماء الاسلام ؟ هي أسئلة مفتوحة بمنطق علماني وحداثي ، لاشيئ يستحق الحجب او التزييف والتزوير ، أو الاقصاء والتعتيم . هناك اذن ثلاث منهجيات ، لمقاربة نسبة الديمقراطية والحرية في الثقافة الاسلامية . منهجية استنطاق النصوص التأسيسية أي العودة الى الأصول والينابيع ، ومنهجية الاستعانة بقراءة قمم الفكر الغربي ، ومنهجية الاشتغال الذاتي على ابراز مضمون ومحمول النصوص الدينية الداعية لفضائل الحوار والتعايش والازدهار . ثمة ارادة لم تعد قادرة على تدجين القارئ العربي في مربع الاستغراب والاستلاب بفعل انتشار وثورة تكنولوجيا التواصل الالكترروني والفضائي ، لكنها تواصل جهودها علها تقتنص المغفلين . وثمة ارادة أخرى معاكسة تنتقي من المرجعية الاسلامية نصوصا بعينها بحذفها عن سياقها وتاريخها ، وتلبيسها لباس الحق والحقيقة . لكن ثمة قراءات ثالثة تروم الموضوعية والعلمية والحقيقة ، وهي وان كانت ضيقة ومحسورة الا انها موجودة وفاعلة . والسؤال الذي نطرحه على فكر يشبه الوسواس القهري ، كعملية تسلطية مزمنة ، هو ماذا نريد حقا ؟ . هل نريد نهضة واستقلالا في بناء الأفكار والعقليات والذهنيات ومن ثمة الشخصيات ؟ ام نحن نكتسب بالقوة وبالفعل جينات العبودية والغباء والذيلية والتبعية ؟ . طبعا سيروم الجميع الاجابة على السؤال الثالث وينفيه عن نفسه ، فجميعنا يمتلكنا ظن القدرة على الاستقلالية والحرية والمبادرة . لكنه ظن كاذب وموهوم . كيف ذلك ؟؟ . ان وضعنا في العالم العربي اجمالا أقوى جواب على استقلالنا . وان استمرار الكتاب المدافعين عن الأخطاء والتخلف بيننا بهذه الكثافة دليل ثاني . واذا نقبنا وحفرنا عن الأدلة الداعمة لزيف وهم القدرة على الاستقلالية والحرية والمبادرة فاننا ، ان كان بنا بقية من حمرة الخجل سننكفئ على ذواتنا لساعات وأيام ، قبل أن نسترد عافيتنا النفسية أو لا نستعيدها مطلقا لأن لاشيئ يفتر في هذا المجال ،مجال التوجيه والتحكم والاستغباء والاستعباد والاستبعاد . هذا مدخل عام وشامل سأحاول من خلاله جرد ومساءلة واقع الفكر العربي الاسلامي . من خلال تفريع قضايا هذا المقال .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ايران نمر الخليج القادم
-
اعدام نمر النمر بين سذاجة آل سعود ولعبة استراتيجية كبرى
-
قصيدة الاعدام
-
رسالة الى صديق غائب
-
حكايات طنجة
-
العصر الذهبي للارهاب
-
تهمتي أني شاعر
-
ليلة عيد الميلاد.....قصة
-
الارهاب ونظرية سلب العقول أو شلها بالصدمة
-
شموع لمحمد العناز بمناسبة حصوله على جائزة جنان خليل
-
الكفار والمسلمون
-
خطبة السيد الحاكم العربي
-
هنيئا للعرب ، لقد انتصرت ايران
-
مصر الى أين ؟؟
-
مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -رواية-21-
-
بحث عن أساب فشل العرب ومجتمعاتهم
-
مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -رواية-20-
-
نحن الحالمون .......
-
مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -رواية-19
-
مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -رواية-18-
المزيد.....
-
رئيس وزراء الإحتلال الأسبق ايهود باراك: الإطاحة بوزير الحرب
...
-
المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف موقع الراهب بقذائف المدفع
...
-
لماذا يصوت مسلمو أميركا لمرشحة يهودية بدلا من ترامب وهاريس؟
...
-
غدا.. الأردن يستضيف اجتماعا للجنة الوزارية العربية الإسلامية
...
-
بعد دعمها لفلسطين.. منظمة أوقفوا معاداة السامية تختار غريتا
...
-
المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف تجمعا لجنود الاحتلال في ت
...
-
الهيئة الإسلامية المسيحية تحذر من تصاعد إرهاب المستوطنين الم
...
-
“شغلها 24 ساعة وابسط ولادك” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024
...
-
قائد الثورة الإسلامية يؤكد لدى استقباله الفرق الإيرانية المش
...
-
قائد الثورة الإسلامية: منعوا دولة من المشاركة في الألعاب الأ
...
المزيد.....
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
المزيد.....
|