|
الرجل المناسب في المكان المناسب !!!
رامي الغف
الحوار المتمدن-العدد: 5051 - 2016 / 1 / 21 - 06:53
المحور:
القضية الفلسطينية
الرجل المناسب في المكان المناسب !!!
بقلم / رامي الغف*
كنت أتوقع وتوقع معي الكثيرين من أبناء شعبنا الفلسطيني، أن حكومة التوافق برئاسة الدكتور رامي الحمدالله، ستقوم بإجراءات جذرية وحلول سريعة من خلال برامج تأهيل وتطوير للبنية التحتية والفوقية وإغاثة أبناء شعبنا فورا، وإعطاء الفرصة للكفاءات والعقول والنخب الشابة القادرة على وضع تصورات وحلول سريعة وخطط إنقاذية قادرة على إنقاذ مؤسسات دولتهم، من أزمتها المتفاقمة وترتيب بيتنا الداخلي ومواجهة المشاكل الإدارية والمالية والحياتية اليومية والأساسية لجماهير هذا الوطن، وإصلاح جزء من البنية الأساسية المتهالكة من خلال رؤية علمية واقعية، ولكننا حتى هذه اللحظة وجدنا أن هذه الحكومة مغيبة ومستبعدة تماماً لهؤلاء الكفاءات والعقول والقدرات التي تترقب الفرصة وتنتظر اللحظة التي تناديهم حكومتهم ومسؤولي المؤسسات والوزارات والهيئات وليقدموا خلاصة تجاربهم وأفكارهم وخبراتهم بدلا من التفكير بترك الوطن وهجرانه.
وأنا هنا لا استطيع أن أجد مسوغاً ولا سبباً مقنعاً لعدم قيام هذه الحكومة وبعد مضي أكثر من عامين على تشكيلها، وحتى اللحظة بإجراء تغييرات جوهرية في العديد من المؤسسات والوزارات والهيئات والسفارات والدوائر والهيئات والمفاصل الحيوية في الحكومة وإحلالها بكوادر كفؤة لإدارة المرحلة الراهنة وخروج حكومتنا الوطنية إلى بر الأمان خاصة ونحن نتحدث عن رزم كبيرة من المشاكل والهموم التي يحياها شعبنا وخاصة بعد الحروب والعدوانات الصهيونية المتكررة على محافظاتنا ومدننا ومنازلنا ومصانعنا ومزارعنا ومقدساتنا.
إن المؤسسات والوزارات الوطنية بحاجة ماسة لصياغة رؤية جديدة لمستقبلها الغارق بالتعيين وبالتوريث لهذا وذاك مما زهقتهم جماهيرنا، والكل يدرك أن هناك العديد من المسئولين والمدراء والسفراء والقناصل وخاصة في المؤسسات القريبة من الجماهير كوزارة الصحة والتعليم والشؤون المدنية والمعابر والسفارات والشباب والمرأة والطلاب والعمال والمعاقين والجرحى وضحايا الحروب واسر الشهداء، والتي شاخت وهرمت في مناصبها وهي بحاجة إلى قسط من الراحة ومغادرة هذه المناصب لان العمل هو تكليف وليس تشريف، وحتى تعطى الفرصة لغيرهم من أصحاب الكفاءات الذين يتألمون وتضيق صدورهم حسرة وندماً لعدم قدرتهم على خدمة فلسطين، فأصحاب الكفاءات يتفاجئون كل يوم جديد بتهميشهم واستبعادهم وتغييبهم، وتنصيب أشخاص غير قادرين وغير مؤهلين للمناصب المهمة وليس بعيدا عن هذا فقد تم تعيين العديد من الأشخاص في صنع القرار الحكومي مع كل تشكيل وزاري، علما بأن هناك الآلاف ممن يمتلكون شهادات الدكتوراه والماجستير في جميع القطاعات المفصلية.
قال الشاعر تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا وإذا افترقن تكسرت آحادا، إن الشخص المناسب في المكان المناسب عبارة طالما رددناها وما زلنا نرددها ونلح على تطبيقها في هذا الوطن، على أمل أن تتحقق, عبارة طالما قرناها بكل من هو مسئول عن منصب أو أياً كان، على اعتبار أن كل شخص عاقل يقع تحت سلطته شيء معين ولكن هل يا ترى تحقق الأمل في هذه الحكومة والحكومات السابقة، وأصبح الشخص المناسب في المكان المناسب بالفعل؟ هذا ما نحتاج إليه في الواقع الفلسطيني، ولكن للأسف يبدو أن بعض الآمال لا تتحقق أحيانا، ونرى كمراقبين لهذا الواقع ما يجعلنا نسخر ونضحك من هذه العبارة حيث نجد وزيرا أو سفيرا أو مسئولا أو حتى مديرا غير كفؤ ونزيه يهين منصبه الحكومي ويعامل الموظفين والكوادر والعاملين في هذه المؤسسة وكانها مؤسسة او وزارة الوالد، بطريقة بعيدة عن أخلاقيات المهنة والمنصب، كما نرى مسئولا يشتم كوادره ولا يقوم بواجبه وهناك الكثير من الحالات التي لا تنتهي ولكنها جميعا تقع في بوتقة واحدة ألا وهي البعد عن الانتماء الوطني، وكأنها مزارع أبائهم وشعارهم مصلحتي ومصلحة أبنائي أولا وأخيرا.
إن المشهد الفلسطيني الداخلي، معقد وهو بحاجة إلى تقويم وإصلاح خاصة وأن العديد من التساؤلات كثيرة من أبناء شعبنا وخاصة في قطاع غزة الصامد لرئاسة الوزراء، فهم يتطلّعون إلى حكومتهم، أن تكون على قدر من المسؤولية والشعور الحقيقي بشعبها وأبناءها الذين يلاقون كافة أنواع الاضطهاد والتهميش والتغييب ناهيك عن الوضع النفسي والاقتصادي والمالي والخدماتي والتأهيلي والإغاثة والإعمار، وهنا ربما يطرأ سؤال وهو هل سيستقر وضع الحكومة بعد مرور عامين وهذه التكليفات والتعيينات والجولات الواسعة من التحولات والتجاذبات بين غزة والضفة الغربية؟ حيث وكما يعلم الجميع أن الانقسام لا تزال رائحته النتنة هي الغالبة في المشهد الداخلي الوطني، وربما يتطلّع شعبنا إلى رؤية استقرار الوضع الداخلي للمؤسسات والوزارات من خلال تكليف مسئولين نزيهين وصادقين ومهنيين على درجة عالية من الكفاءات، تخدم مصالح الشعب الفلسطيني، الذين تأثروا بمتغيرات الأحداث وحالة الانقسام والحروب، وهنا يتساءل الكثير من أبناء شعبنا هل الحكومة الجديدة المكلفة ستقف جنباً إلى جنب مع شعبها في الأزمات؟ وهنا نتساءل أيضا ألا يكون الأجدر بأن يتحول الصراع بين هذا وذاك على المناصب وغيرها إلى صراع من أجل البناء والتطوير والتأهيل والنماء وإعادة تمتين الجبهة الداخلية للوطن؟ وهل ستكون الحكومة مثل الربان الحقيقي الذي يقود السفينة إلى بر الأمان وتمنعها من الغرق أمام تحديات الأمواج المسعورة في بحر الاختلافات الفكرية والمصالح الذاتية؟ وربما نتطلّع ويتطلّع شعبنا الى تلك المعادلة بأن تكون حكومة التوافق تهتم بالمواطن ومعيشته والضغوط التي يتعرض لها وعدم توفير المستلزمات ونقصانها، فالمواطن يأمل أن تكون الحكومة على قدر من المسؤولية والشعور الحقيقي به وبمستقبله وأطفاله والذي يلاقي قله بالخدمات والإغاثة ناهيك عن وضعه النفسي والمعنوي والاقتصادي والظلم الذي يلاقيه من بعض المسئولين والمتنفذين في الوزارات والمؤسسات والجمعيات.
وفي الختام إن تكليف أي حكومة جديدة هو أمانة وطنية ودينية يتحملها المسئول أو الوزير أمام الله والجماهير، وليس تشريف ومقام ومسميات وعمل هيات وطنطنات وزعرنات وبرستيجات لها، فالمسئول الذي يتحمل مسؤولية الأمانة لابد أن يتحملها بكامل مسؤوليتها واستحقاقاتها كاملة (دينيا ووطنيا وإنسانيا)، فإذا كانت هذه الحكومة تريد أن تنجح بتطبيق وتنفيذ العدل والمساواة وحماية الحقوق لهذا الشعب، وأن يكون دورها كراعي ترعى تماسك الكل الفلسطيني وتفاعله، ضمن قيم سامية معلنة ودور تدبيري به تخطط لمستقبل آمن ومزدهر ورغد للوطن، وأن تلغي كل الفوارق الطبقية بين هذا وذاك، فالجماهير تتفرج إلى ما يجري بحسرة وأهات، وأيام عمرها تنقضي ولا تعرف ماذا ستصنع وعلى من تلقي اللوم على نفسها أو على حكومتها، أم على حظها المعكوس (الأغبر) وهي تتوعد المقصرين والقاصرين برد عنيف قد يصل إلى أبعد مما يتصوره عباد المناصب، فيا أيها المسئولون انتبهوا وأفيقوا فما زالت هناك روح للتغيير والتطهير لدى الجماهير كامنة تحت رماد الجمر.
آخر الكلام: مؤسسات الدولة الفلسطينية بحاجة إلى ثورة تغيير وتطوير وتطهير وتجديد دماء وتفكيك لمنظومة التوريث.
*إعلامي وباحث سياسي
#رامي_الغف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل الرعاية الاجتماعية ترعى فقراء فلسطين؟؟؟
-
المصالح والمطامع الامريكية !!!
-
المشروع الوطني في خطر !!!
-
من هو اغلى الوطن ام المنصب ؟؟؟
-
الشعب يريد حكومة وحدة وطنية!!!
-
حكمة الشيوخ وطاقة الشباب الفلسطيني!!!
-
كيف سيكون حال فلسطين بالعام الجديد؟
-
الوطن الجريح!!!
-
الوطن الجريح!!
-
عام جديد وأمل جديد !!!
-
الإعلام ومسئوليته الوطنية!!!
-
حركة فتح فلسطينية الوجه عربية القلب!!!
-
المحسوبية والواسطة الفساد الذي لا يقهر!!!
-
حكومة الشراكة الوطنية!!!
-
ليكن عام 2014 عاما لإنهاء الانقسام!!!
-
أمنيات الجماهير الفلسطينية!!!
-
ارحموا عقولنا وأنهوا انقسامكم!!!
-
ساسة في الولائم شركاء وفي الميدان غرماء!!!
-
رؤية الرئيس الصائبة!!!
-
مواصفات الحكومة المقبلة!!!
المزيد.....
-
مصدر سعودي: الرياض حذرت ألمانيا 3 مرات من المشتبه به في هجوم
...
-
تفاصيل جديدة عن هجوم الدهس في ألمانيا.. هذا ما رصدته كاميرا
...
-
طبيب ولاجئ وملحد.. من هو السعودي المشتبه به تنفيذ هجوم الدهس
...
-
ارتفاع حصيلة هجوم ماغديبورغ وشولتس يتعهد -بعدم الرضوخ للكراه
...
-
وزير الخارجية التركي لا يستبعد نشوب صراع بين إسرائيل وإيران
...
-
زاخاروفا: صمت الغرب عن الهجمات الأوكرانية على قازان مثير للغ
...
-
جائزة خالد الخطيب الدولية لعام 2024
-
سعودي ومعاد للإسلام... ما نعرفه عن منفذ الهجوم على سوق لعيد
...
-
الجيش اللبناني يعلن تسلمه 3 معسكرات تابعة لفصائل فلسطينية لب
...
-
منظر مذهل في تركيا.. تجمد جزئي لبحيرة في فان يخلق لوحة طبيعي
...
المزيد.....
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
المزيد.....
|