أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - أديب في الجنة (29) * الوجود بين منطق العقل ومنطق الأسطورة !














المزيد.....

أديب في الجنة (29) * الوجود بين منطق العقل ومنطق الأسطورة !


محمود شاهين
روائي

(Mahmoud Shahin)


الحوار المتمدن-العدد: 5048 - 2016 / 1 / 18 - 10:32
المحور: الادب والفن
    


رغم أن الوقائع تجري في عالم متخيل يختلط فيه الواقع بالخيال إلا أن ذلك لا يعني أن الملكة نور السماء لم تعد تكترث لكل ما يجري . فالملك لقمان يكاد أن يقع في غرام الزعيمات الإنسيات ، بل يبدو أنه وقع وانتهى الأمر ، فلم يعد يغازلها كما في رحلته الأولى وإقدامه على ممارسة الحب أصبح نادرا مرة في الأسبوع أو في العشرة أيام . ومن سوء حظها أن رحلته تقوده إلى كواكب يحكمها نساء جميلات . ألقت نظرة من شرفة الجناح الذي يقيمان فيه في قصر الضيافة في عاصمة كوكب الملحدين لترى الملك يتجول مع "أمنية العقل " وهو لا يتوقف عن الحديث مشيرا بيديه وكأنه يود إقناع أمنية العقل بألوهية الوجود !
والحق أن الملكة لم تقارب الحقيقة في بعض ما فكرت فيه . فالملك لقمان بعد أن غدا رجلا مسنا لم تعد متع الدنيا تثير اهتمامه كما أن طاقته الجنسية أصبحت محدودة وضعيفة ،وأصبح جل همه هو معرفة القدر الأكبر من الحقيقة الوجودية وإصلاح العالم إلى ما هو أجمل وأرقى وأكثر عدالة .
بدت الرئيسة " أمنية العقل " متشددة في رأيها الحاسم بعدم وجود إله رغم إدراكها أن الملك لقمان وضع مفهوم الألوهة إن لم يكن في عمق الفكر الفلسفي المنطقي فعلى حافته على الأقل ، بحيث غدا الإيمان شبيه بالإلحاد إلى حد كبير . قالت مخاطبة الملك :
- هل تعتقد جلالتك وحسب مفهومك أن الطاقة السارية في الكون والمتجلية في المادة تعتبر نفسها إلها أو ألوهة أم أن البشر هم من ينظرون إليها كذلك ؟
- الإجابة الحاسمة ليست سهلة سيدتي فما يفكر فيه البشر يفترض أن يكون بفعل الطاقة نفسها ، فإذا كانت الطاقة ألوهة فإن ما ينتج عنها هو ألوهي ، وإذا كانت طاقة خالقة لكنها غيرألوهية فإن ما ينتج عنها غير ألوهي ، وبالتالي هو نتاج عقل بشري بفعل طاقة خالقة سارية غير ألوهية . أي أن مفردة الله والألوهة تصبح في هذه الحال مفردة لغوية اخترعها البشر حسب لغاتهم للتعبير عن الطاقة أو القدرة القائمة بالخلق ، دون أن تعتبر الطاقة نفسها إلها . وكي أوضح ذلك أكثر لك ، يمكن طرح السؤال على ما نتكلم به الآن أنا وأنت ، فهل هو كلام إلهي كون وجودنا لا ينفصل عن الوجود إذا كان إلهيا أم أنه كلام غير إلهي (أي بشري) كوننا لسنا آلهة وكون الوجود لا يعتبر نفسه إلها !
بدا الحوار للسيدة منية يأخذ منحى فلسفيا معقدا .هتفت متسائلة :
- في هذه الحال أنت تضع فهمك الفلسفي في دائرة الشك ، بين وجود ألوهة وعدمه .
- هذا صحيح . فليس هناك فكر خارج دائرة الشك حسب فهمي حتى الفكر الإلحادي ليس في الإمكان القول أنه جاءنا بالحقائق المطلقة . ويمكن النظر في المسألة من زاوية أخرى. فإذا كانت الألوهة تمثل في الوجود كله من مادة وطاقة ، فإنه لا يصح لكائن فيه أن يرى نفسه إلها ، وحتى لا يصح لمجموعة كائنات أو أكوان أن ترى الألوهة في ذاتها . ما يصح أنها جزء يسير جدا من ذات ألوهية شاملة وكونية . وبناء على ذلك أنا وأنت لسنا آلهة وإن كانت الألوهة تسري بطاقتها في جسدينا .
- أصبحت المسألة أكثر وضوحا الآن وكأن جلالتك تقول أنه لا يصح لعضو في كائن أن يقول أنا الكائن ، كأن تقول يد إنسان أنا الإنسان ! الإنسان بكامل أعضائه هو ما يشكل الإنسان . والألوهة إذا كان ثمة ألوهة لا يمكن إلا أن تكون بوجودها كله وليس جزءا منه .
- وحتى الإنسان بكامل أعضائه لا يمثل الإنسانية كلها فما بالك بالألوهة ؟
- ما أعرفه عن فكر جلالتك أنك تعتبر أن الخلق والخالق لم يكتملا بعد . هذه المسألة تشير إلى نظرية التطور وهي تلتقي مع فكرنا ، فهل توضحها لي لو سمحت !
- الكمال المطلق ( إن كان هناك كمال مطلق ) لا يعرف أحد ما هو ،العلم أثبت لنا أن الكون وجد من أكثر من أربعة عشر مليار سنة وهذا يشير إلى أن عملية الخلق أخذت زمنا مديدا حتى وصلت إلى ما وصلت إليه . وبالتأكيد لم تتم بفعل أمر إلهي ليكن كذا فكان ! حسب وجهة نظري عملية الخلق تكاملية بين الخالق والمخلوق. ولو تأملنا في عملية خلق الإنسان لوجدنا أنه يحتاج إلى أعوام ليبلغ وأعوام ليعقل ويفهم ويتعلم ،وقد يموت جاهلا . كما أن ما يرثه عند الولادة غير كاف لأن يجعل منه إنسانا ناضجا . عملية الخلق لم تتوصل بعد إلى توريث ثقافة الأبوين على سبيل المثال فما بالك بثقافة المجتمع وهذه مسألة ضرورية في عملية الخلق التي اقتصرت حتى الآن على الأعضاء البيولوجية والقليل من السلوك الغريزي . وعمر الإنسان العاقل لا يتعدى بضع عشرات الآلاف من السنين مقارنة بعمر الكون . وثمة بشر حتى يومنا يشير فهمهم البدائي إلى أنهم غير عاقلين . فهل هناك عاقل يعتقد أن الألوهة إن وجدت تعشق العبودية والعذاب الشديد وما إلى ذلك ؟ يفترض أن الألوهة محبة وسمو فوق العذاب والآلام وتنشد قيم الخير والحق والجمال ،وأن الغاية من الخلق هي تحقيق قيم خيرانية وجمالية، فتأمل الخلق يشير إلى أنه جميل . وخلق الإنسان بالذات ليس إلا ليشارك في تحقيق قيم الخير والعدل والجمال وبناء الحضارة . أي ليكون خالقا بدوره . فالله لا يبني مدنا ولا يشق جسورا ولم يخترع وسائل اتصال ، وأن آخر شيء يمكن أن يفكر فيه هو أن تكون البشرية عبيدا له . لقد أساء العقل البشري إلى الخلق والخالق( إن وجد) بهذا العقل البدائي .
الخلاصة أن عملية الخلق لم تكتمل بعد وأنها في تطور دائم إلى الأفضل وخاصة في ما يتعلق بخلق الإنسان .
بدت "أمنية العقل " مرتاحة بل وفرحة بفكر الملك لقمان وخاصة فيما يتعلق منه بما يمكن أن يعتبر حقائق مطلقة، فحتى الوجود الإلهي ما يزال لديه ضمن دائرة الشك ، مما يؤكد أنه لا يعتقد بوجود حقائق مطلقة كما أشار هو نفسه.
- أشكر تفهمك لنا جلالتك . وسنكمل حواراتنا فيما بعد . والآن لا بد من الذهاب لتناول الطعام .
فوجئت الرئيسة بإصرار الملك على أن يكون هو الداعي وأنه في مقدورها أن تدعو من تريد من أبناء قومها . وثمة مفاجأة مثالية تتناقض مع المنطق والعلم سيقدمها لأبناء وبنات كوكب الملحدين ! فوجودهم الآن في واقع متخيل لا يمنع إطلاقا أن يأخذ الخيال مداه خاصة بوجود الجن على الكوكب وبرفقة الملك .
****
يتبع



#محمود_شاهين (هاشتاغ)       Mahmoud_Shahin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أديب في الجنة (28) *الملك لقمان في كوكب الملحدين !
- أديب في الجنة (27) - نسمة الغدير- ترحل إلى السماء!
- أديب في الجنة 26 * روض شمنهوري يفوق الخيال!
- أديب في الجنة 25 * الرحيل إلى الخلود الأبدي في حفل بهيج !
- أديب في الجنة 24 * حب بلا شروط وأمهات منجبات !
- القدس تاريخيا بين منطق العقل ومنطق الجهل والخرافة !*
- أديب في الجنة 23 كوكب الحب والجنون والأحلام !
- أديب في الجنة (22) الوجود تحقق خيال !
- أديب في الجنة (21) فصل الختام في رحلة الملك لقمان الفضائية ا ...
- أديب في الجنة (20) * البشر والجن على موائد الله !!
- أديب في الجنة (19) * فرحة الأمم بالمحبة والسلام !
- أديب في الجنة (18) * دولة النساء الديمقراطية العلمانية !
- أديب في الجنة (17)غلمان الخليفة وحلم الملك لقمان بدولة تحكمه ...
- الجنون في الأدب !
- أديب في الجنة (16) ثورة النساء على ظلم الرجال والحكام !
- أديب في الجنة (15) تعاليم لقمانية واغتصاب جماعي !
- أديب في الجنة (14) الله يمثل في قلوب الناس !
- أديب في الجنة (13) حين يرتعب الجنرالات !
- تأملات وخواطر ومقولات ومقالات في الخالق . الخلق . المعرفة . ...
- أديب في الجنة . (12)


المزيد.....




- الفن في مواجهة التطرف.. صناع المسرح يتعرضون لهجوم من اليمين ...
- عائشة القذافي تخص روسيا بفعالية فنية -تجعل القلوب تنبض بشكل ...
- بوتين يتحدث عن أهمية السينما الهندية
- افتتاح مهرجان الموسيقى الروسية السادس في هنغاريا
- صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا ...
- -القلم أقوى من المدافع-.. رسالة ناشرين لبنانيين من معرض كتاب ...
- ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - أديب في الجنة (29) * الوجود بين منطق العقل ومنطق الأسطورة !