|
حكاية أبو ستالين
جمال الهاشمي
الحوار المتمدن-العدد: 1374 - 2005 / 11 / 10 - 10:17
المحور:
كتابات ساخرة
هو صديق تعرفت عليه أثناء عملي في الدائرة الزراعية لمدينة العمارة وهو أحد شباب مدينة العمارة ومن عائلة طيبة انحدارها الفلاحي من منطقة الدويريج المحاذية للحدود الإيرانية ، اكمل الدراسة المتوسطة بتفوق وعليه أي يساعد أخيه الأكبر على إعانة عائلتهم الكبيرة ، وعمل عامل بناء وفي معامل الطابوق ، وبعد عودة البعثيين الى السلطة ثانية في انقلاب 17 تموز وما رافقه من قرارات سياسية ليرتشوا وجههم الدموي وذاكرة العراقيين مرتبطة بانقلاب 8 شباط الدموي وخصوصا" مدينة جنوبية يسارية كالعمارة مازالوا في تلك الأيام لا يصدق أي إنسان فيها وخصوصا" في الأوساط الشعبية أن الشهيد الزعيم عبد الكريم قاسم ميت ، وينتظروا اليوم الذي يعيد لهم مجد جمهورية 14 تموز ، والذي جاء مجيء البعث ثانية يوم الفجيعة والحزن وكأن الزعيم استشهد في 30 تموز 1968 عندما سمعوا مرة أخرى باسم البعث والبكر ، ومن جملة القرارات إطلاق سراح السجناء السياسيين وعودة الضباط الأحرار الى دوائر مدنية وكانت حصة وزارة الزراعة نصيب الأسد من الشيوعيين والضباط مع دوائرها ، وصديقي الطيب أراد التعيين وفق شهادته ولا يوافقوا ألا تعينه سائقا" بعد أن اجبر على الانتماء ( لحزبهم القائد) وانتمى وهولا علاقة له بالسياسة ألا القليل ، ولم تمض اشهر حتى اصبح الصديق أبو طالب جيجان فهد روسي اقرب صديق للشيوعيين في الدائرة يساعدهم في كل شيء حتى نقل المعلومات التي تهمهم سياسيا" من داخل التنظيم ، وخوفا" عليه كانوا ينصحونه بعدم التردد عليهم خوفا" عليه من السلطة ، ألا أن أجابته انه رجل كالحديد لا يخاف ومن حينها أطلقوا عليه كنية أبو ستالين فانتشرت في المدينة في الدوائر الحكومية وفي اغلب مناطق العمارة السكنية، إلا أن هذه الكنية جلبت للعزيز المرحوم مشاكل كثيرة أكثرها عند الأزمات المفتعلة للنظام وتوزيع المواد على الشعب بطوابير وبحضور منتسب من مديرية الأمن ومن هذه الأزمات السيكاير والبيض وشفرات الحلاقة ومعجون الطماطة كلها بدأت في أوائل السبعينات فما أن يصل الصديق في طوابير الانتظار للاستلام حينها يهتف الجميع ( ألف عافية أبو ستالين طبقة بيض أو قنينة معجون ) وبعد ذلك تحجب الكمية من ممثل الأمن ويسحب للمديرية للتحقيق معه الاسم الثلاثي جيجان فهد روسي والمكنى أبو ستالين المرحوم أبو طالب يعترض أنا أبو طالب بعثي ولست شيوعيا" وضابط الأمن يصرخ في وجهه شاتما" مرددا" ولك جيجان اسم روسي وفهد مؤسس الحزب الشيوعي والبلوى كلها من جدك روسي والصديق يقاطعه جدي روسي فلاح من الدويريج بالفكة وزاير الأمام الرضا وكل عشائر العمارة تعرفه ، وتكون إجابة الضابط بشتيمة اكبر ( أنجب وانوبه أبو ستالين ) ، بعدها يطلق سراح أبو ستالين بعد التأكد من انه أبو طالب ومن تنظيمات حزبهم ، وهذه الحالة تكررت بالعشرات ، وبقى أبو ستالين على علاقته بالشيوعيين وفي منتصف السبعينات اصبح من مثقفي الدائرة يناقش في السياسة والاقتصاد وفي الشعر والرواية وهذا لم يدم لعام 1979 اشتدت الهجمة الشرسة ضد اليسار بأكمله بل ضد كل من لا يقدم طلب انتماء ( للحزب القائد) وشملت الحملة تنظيمات حزب الدعوة والأكراد والتركمان وكل من ( لايسير مع خط الحزب والثورة ) وكان لقاء يومي بسيط يجمعني مع صديقي أبو طالب هامسا" له شلونك أبو ستالين اليوم ذكرى ثورة أكتوبر يبتسم بهدوء واستمرت اللقاءات ألا انه الأيام التالية كانت أقسى تم استدعاءه من قبل الضابط السياسي لمديرية الأمن بطريقة مهينة وكان الحوار من قبل الضابط لك أنت بعثي ودرجتك الحزبية نصير أنى ما مقتنع لا بجيجان ولا بفهد ولا بروسي ومن ألان عليك أخبارنا بكل من يسميك أبو ستالين وألا تعرف شنسوي بك ، التقيت أبو طالب كان مكسورا" حزينا" الأصدقاء بين هارب ومعتقل والوضع اصبح اكثر رعبا" بعد أن تم تسليم وجبة من جثث شهداء مدينتنا واشتدت الأمور اكثر بعد الحرب العراقية الإيرانية وانتقلت لدائرة ومنها لدائرة واصبح نادرا" ما التقي صديقي العزيز ، بعدها بسنوات تدهورت حالته الصحية واخبرني عمه الكبير وذهبت لزيارته وكانت الأخيرة ، طيب إنشاء الله آخي أبو ستالين ضحك مرددا" قول لمظفر النواب ( ضحجتني وأنا موش طويب ) أي ضحكتني وأنا مريض جدا" بعدها طلب مني بطريقته العمارتلية : مولاي ابن رسول الله الليل ما يدوم لازم يحي نهار وهذولة ما يبقون لازم يوم ينتهون فيه ، ثواب لك أحلفك بجدك سيد هاشم وأبوك قرمزة أن تكتب حكايتي ومعاناتي أتتذكرني أنا أخوك ورفيقك أبو ستالين وبذكرى ثورة أكتوبر وطولت العمر لكل الشيوعيين ، وأنا اكتب حكاية الصديق الراحل أبو طالب جيجان فهد روسي كما تمناها تحية عطرة لذكرى ثورة أكتوبر وللشيوعيين ولذكرى الإنسان الطيب ابو ستالين
#جمال_الهاشمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المدار الثالث
-
الفضائيات والذاكرة العراقية
-
يوم لدستورنا المبجل
-
الديمقراطية والاصلاح السياسي في العالم العربي
-
نعم لدستورنا الانتخابي ياقائمة 169
-
مؤتمر الوحدة الوطنية العراقية وبعض التحفظات
-
وزارة اللطميات
-
لم يصدر زلزال الدكتور النابلسي لكن انه الرعد آت
-
(هلا بيه هلا بالدستور هلا)
-
ديمقراطي ، ديمقراطيون نحو الديمقراطية
-
دستور العراق : حداثوي بنيوي تفكيكي غنوصي غرائبي
-
راحل لم يرحل .. ملف الكاتب والفنان المسرحي كريم جثير
-
نبوءة الشهيد الزعيم عبد الكريم قاسم
-
ملف الشهيد الشاعر احمد ادم
-
وقفة حول موضوع تحالف القوى الديمقراطية
المزيد.....
-
خريطة التمثيل السياسي تترقب نتائج التعداد السكاني.. هل ترتفع
...
-
كيف ثارت مصر على الإستعمار في فيلم وائل شوقي؟
-
Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي
...
-
واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با
...
-
“بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا
...
-
المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
-
رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل
...
-
-هاري-الأمير المفقود-.. وثائقي جديد يثير الجدل قبل عرضه في أ
...
-
-جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
-
-هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|