أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - أيام عصيبة بالقسم الداخلي (2)














المزيد.....

أيام عصيبة بالقسم الداخلي (2)


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 5047 - 2016 / 1 / 17 - 23:11
المحور: الادب والفن
    


مدينة لقيطة

تعلمت فن الإنصات في الريف، فبينما كنت آخذ القطعان إلى الشعاب والغابات والمراعي البعيدة، كنت أدس مذياعا صغيرا وأمضي مترحلا عن المنزل ليوم كامل. في المدينة تعلمت فن القراءة والكتابة، كان هذا الفن شكلا من أشكال الوجود والبحث عن الاعتبار، هكذا صرت أطلع على الجرائد والمجلات حد أن زملائي التلاميذ المدينيين باتوا يلقبونني بالصحفي، ولأنني كنت وداديا خفت عنصرية بعضهم حيالي، وبت ناطقا باسمهم في الحديث عن الرياضة، عنصرية السليمانيين فظيعة، لقد كان التلاميذ القرويون يتعرضون للنشل تحت التهديد، فالدريهمات التي يأتون بها من قراهم يستفرد بها اللصوص المدينيون، كم مرة شاهدت هذه العصابة على قارعة الثانوية وهي تحمل سكاكين وشفرات. التلاميذ القرويون أفظع حيال بعضهم البعض، إنهم يقدسون المديني مثلما هذا الأخير يشعر بعقدة النقص ويقدس البيضاوي أو الرباطي، عشت في القسم الداخلي ورأيت أن هذا القسم من أعلاه إلى أسفله يقوم على القهر والغلبة والسادية، إنه السجن الرهيب حيث يتم تطويع الأجساد والعقول لكي تصير رعية في الزريبة الكبرى * . بنسليمان لا هوية لها، إنها مدينة لقيطة، سكانها من أصول قروية يحملون كل عقد الريف، هاربون من الوجه المظلم للريف حيث غياب الطرق والثانوية والمستوصف والنقل ...يزرعون في أبنائهم الحقد والعنصرية والعداء لما هو قروي. لقد قال لي يوما تلميذ مديني : "نتوما العوابة لاش جيين عندنا وسختو الليسي"، بل إنهم يعتدون علينا، وإن تقدمنا بشكوى حتى الأطر الإدارية تذمنا، ولن يفعلوا شيئا معهم. طيلة مكوثي في المدينة كنت أذم الثانوية، وأنتظر السبت بتلهف لكي أحمل معي الجرائد وأعود إلى أحضان الغابة حيث أهرب من المنفى، حتى الآن لا يطيب لي التجول بالمدينة، فمعظم شوارعها تحمل أسماء خونة وقواد الاستعمار الفرنسي، كانوا هؤلاء القواد يسرقون عمل الريفيين مقابل لقمة الخبز، بل إن أحدهم كان يسرق النساء ويخصي أزواجهم حتى حلله الدود ذات يوم. غير أن التاريخ لم يذمه بعد، فمازال حفدته يسيرون القطيع في كل سوق انتخابي، السليمانيون لم يصلوا بعد إلى الحضارة، مازالوا يتعاركون في المحطات والمدارس والمستشفيات، ويرمون النفايات في الشارع، ويخشعون خوفا من المخزن، ويكرهون البدويين. الحافلات تتحول إلى علبة سردين، ولم يحتجوا يوما، إنهم يعلقون أملهم على الله، ويقذفون عيوبهم نحو الشيطان، حينما زار الملك المدينة تهافت المعاقون البورجوازيون على الكريمات وتناسوا المفقرين و المعاقين الحقيقيين، وعلى جنبات الطرق تصارع المنتظرون بالسكاكين على الأماكن القريبة من الموكب، إنه صراع على التفاهات !!!

-----------------------------------
* سوف أعود إلى هذا الموضوع مع تتالي هذه التجربة السردية
ع ع / 01 نونبر 2015/ بنسليمان - المغرب



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من هم الأشخاص دون سكن قار (SDF) ؟
- أيام عصيبة بالقسم الداخلي (1)
- منزلنا الريفي (98)
- منزلنا الريفي (99)
- منزلنا الريفي (100)
- شبح الجفاف
- منزلنا الريفي (96)
- منزلنا الريفي (95)
- منزلنا الريفي (94)
- منزلنا الريفي (93)
- منزلنا الريفي (91)
- منزلنا الريفي (92)
- منزلنا الريفي (89)
- منزلنا الريفي (90)
- خواطر على الشاطئ
- منزلنا الريفي (88)
- منزلنا الريفي (87 )
- أفياء كرزاز
- سفيرة عزرائيل
- إعتراض على إنشاء منتجع سياحي خاص للقنص السياحي بأراضي القناص ...


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - أيام عصيبة بالقسم الداخلي (2)