أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الحنين في مجموعة -آه يا كاني ماسي- جاسم المطير















المزيد.....

الحنين في مجموعة -آه يا كاني ماسي- جاسم المطير


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 5046 - 2016 / 1 / 16 - 21:16
المحور: الادب والفن
    


الحنين في مجموعة
"آه يا كاني ماسي"
جاسم المطير
فاجأتني هذا المجموعة في تناولها لموضع الهجرة وما يعانيه المهاجر العراقي من ألم/وجع/حنين/ إلى الماضي، وأيضا الصعوبات التي تواكب الرحلة، والتي يمكن أن تكون نهايتها الموت كما هو الحال في قصة "بروق" في هذه المجموعة يحاول الكاتب أن يبرر لنا ما أقدم عليه، بتركه للوطن وللأهل، فنجد فيما وراء الكلام شيء من تأنيب الضمير، عدم اكتمال فكرة الهجرة وضرورتها، فرغم ما يعرضه من كلام موجع وقاسي أمام المحققة الهولندية، إلا أننا نجده من خلال ما يطرحه يردنا أن نقتنع بشيء غير مكتمل، غير ناضج، غير مقنع تماما له قبل أن يقنعنا به، وهذا الأمر تم توضيحه من قبل الكاتب عندما جعل آخر قصة في المجموعة تحمل أسم العنوان "آه يا كاني ماسي" والتي قال في نهايتها: "بل أنني لو ناقشت وضعي الخاص على ضوء هجرتني من بلدي لوجدت أنها من عمل الشيطان" ص93، من خلال هذا الأمر يمكننا أن نتأكد بأن الكاتب ما زال يحن إلى ذلك الوطن الذي حاول أن يصوره لنفسه قبل الآخرين بأن الجحيم بعينه.
رغم أن المجموعة تتحدث تضم سبع قصص، وكل قصة تحمل فكرة خاصة بها، إلا أن موضوع الوطن والأهل والنظام والهجرة وما يمر به لمهاجر كلها كانت حاضرة.
"لارينا"
العديد من الكتاب يميل إلى المرأة لكي يفرغ ما في جعبته من ألم، فهي الحاضنة له وهي من تمنحه الراحة والسكينة، خاصة نحن سكان الشرق الذين نعاني الأمرين، إن كان على صعيد الاقتصاد أو الاجتماع أو الحريات، فنحن مأزومون حتى النخاع، من هنا يتجه الكاتب نحو المرأة مخاطبها بوجعه الذي عاناه في الوطن، يعمل الراوي على تصوير الحياة في العراق بشكل جهنمي، حتى أنه يوازي/يماثل بين ما قام به هتلر وما قام به النظام في العراق، "تم تدمير البلاد والجيران" ص12 " القابضون على السلطة هم من نمط هتلر وموسوليني وغوبلز" ص13، "تخيلي وجود مجتمع يفرض فيها على كل المواطن أن يطيع الأوامر من دون نقاش، لذلك هربت، لا تسأليني لماذا فما يصبح الأربعة ملايين شخص غادروا قبلي" ص14، بهذا الكلام يحاول من خلاله الراوي أن يفسر/يبرر لنا لماذا هاجر من العراق، بالتأكيد وضع كهذا لا يمكن أن يعاش فيه، لكن هل كان الراوي مقتنعا بما قاله لها؟، أم أنه يحاول أن يجعلنا نبرر له ما أقدم عليه؟ يجيبنا الراوي عن ذلك من خلال هذا الكلام: "معي حفنة من تراب وطني ومعي فرش رسم وأشياء أخرى في الفن" ص18، هذا الكلام قاله في ماليزيا، عندما تم سؤاله عما يستطيع أن يعمل وماذا يملك، فلا شك بأن عبارة "حفنة من تراب وطني" تحمل الرمزية وأيضا الارتباط والحنين له، فرغم كل ما قيل سابقا عنه، وعن اوضاعه يبقى الوطن يحتل مكانا في القلب، ويأخذ مساحة واسعة من العقل، فهو حاضر وفاعل، رغم البعد الجغرافي.
وبعد تنموا تجارته في الحشيش في ماليزيا، ثم يتم القبض عليه فيدفع ثلث ما جمعه من مال "لكي يغير مسارات التحقيق" ص23، ودفع ثلث الثاني "إلى الحاج فيض الدي كي يتلف جميع أوراق التحقيق بدائرة البوليس وتمزقها" ص23 والثلث الأخير دفعه "للبوليس نفسه كمبادرة للتسامح مشروط بالسفر خارج ماليزيا بجواز سفر مزور حصلت عليه بألفي دولار أوصلتني إلى هولندا" ص23، فحياة الهاجر العراقي كانت تتعرض لصعوبات جمة، منها هذا الوضع الذي عاشه في ماليزيا، وقبلها كانت حياة في الأردن لا تقل شقاء، بعد أن عمل صاحبنا الراوي في مقهى مقابل دينار واحد وجبتي طعام، مكونة من الحمص والفول، والمبيت في المقهى، علما بأنه يخبرنا أن الدينار الذي يتقاضاه يوميا لا يكفي ثمن علبة سجائر.
من هنا كان لا بد من البحث عن الجنة الموعودة لنا نحن سكان الشرق، فيعمل صاحبنا على التوجه إلى أوروبا رغم صعوبة الوصول إليها، فهي المدينة الفاضلة بالنسبة له، ".. السفر إلى هذه الدول يؤمن حماية نوعنا الإنساني بالتوطين في بلد متوازن تموت فيه كل يوم ميكروبات الديكتاتورية" ص16، ومن هنا يحدث حبيبته البيضاء "لارينا" بالأوجاع التي مر بها.
"يولندا"
ما يحسب لهذه القصة نبوءة الكاتب ما ستؤول إليه الأمور في بلداننا من خراب وتطرد لأبنائها، وفتح أبواب الغرب الرحبة لنا، فيبدأ قصته، بهذه الجمل: " يا سكان هولندا تأتيكم بعد نصف قرن أسرار الحمقى والعقلاء القادمين من مختلف القارات، ولا تحزنوا...، إذا لم يسكن دم فتى جديد في عروقكم فأن الأرض المنخفضة ستتيه بالمسالك الخطرة، ... فقد كان أجدادكم القدماء منذ آلاف السنين يحاولون التأليف بين المعادن، الدواء تآلف" ص67، بهذه النبوءة كان الكاتب يرى المستقبل الذي سيكون لنا، فهو مزيد من الهجرات والتشرد والفراق والضياع، لنا كأفراد وكأسر وكعائلات وكشعوب، فكان يتوجه بخطابه إلى أوروبا التي عليها أن تتلقى وتستوعب الدم الفتي الذي سيمدها بالقوة والحيوية.
ويعود الكاتب إلى نبوءة "أشعيا" التي تقول: "بابل فخر الممالك وبهجة وعظمة الكلدانيين تصير كسدوم وعمورة اللتين قلبهما الله فلا تسكن ولا تعمر من جيل إلى جيل" ص71، فهنا رغم أن النبوءة قديمة وتتعلق بالتاريخ، إلا أن الكاتب استطاع أن يوظفها بطريقة تتناسب والحاضر الذي يمر فيه، فيحدثنا عن بغداد، العاصمة، العظيمة وما ستؤول إليه من خراب ودمار، فيقول عنها: "هل تضنين يا امرأة أن أشعيا تنبأ بامتداد أرجل الثيران في قصور بغداد الحديثة أيضا، سكانها يهربون منذ ربع قرن بسفن القوادس الفينيقية عبر بحر ايجة وغيره من البحار والوديان، يغرقون في المياه أو يموتون من برد وجوع" ص 72، بهذا يكمل الكاتب رؤيته للواقع المأساوي الذي نشأ بعد أن تم انهاء الحكم الوطني في العراق، فمن جاءوا بعده إلى الحكام مجرد مستأجرين/موظفين من هنا وهناك، يعيثون فسادا في العراق.

"آه يا كاني ماسي"
هذه تسمية القرية التي هجرها الراوي منتقلا إلى بغداد، فهي المكان الريفي الذي تربى فيه، لكنه وجد في بغداد الجحيم بعينه على يد رجال النظام "اعتقلت الشرطة السرية أخي وليم لاتهامه بأنه يريد أن يحدث مع بعض من أصحابه تغيرا مرئيا في حياة البلد" ص81، هذا الواقع الذي لم يقتصر على الراوي وحسب بل طال شريحة واسعة من المجتمع العراقي، فالاعتقال والموت سمة عامة يمكن أن تطال أي شخص في العراق، " ...الأكثرية هم المحرومون والسجناء، هم الجماعات المتخفية المنعزلة والذين لم يملكوا" ص84، بهذا الطرح الطبقي يصف لنا الراوي حالة المجتمع العراقي، فهناك قمع وتفاوت طبقي ونظام لا يرحم.
الأم دائما حاضرة وتتفقد ابنائها، فما بالنا أن كانوا ينونون السفر، والفسر إلى بلاد بعيدة ومجهولة لها، من هنا نجدها تستخدم ثقافتها لكي تثنى الأبناء عن السفر إلى المجهول، فتقول: "ـ إذا بقيت معي، هنا فإن الله سيكون معك وفي عونك" ص85، لكن الراوي الذي يعلم بؤس الحال الذي يعيشه يرد علها بهذه الكلمات: "يا أمي. السبب الرئيسي للمغادرة هو الله في المحل الأول. لم يكن معي هنا، ربما سيكون معي في بلاد الغربة" ص85، بهذه الكلام يحسم الراوي أمره ويقرر الهجرة وهناك في المهجر يصاب بالحنين للأهل، للوطن، للأصدقاء، للماضي الذي تركه خلف ظهره، "أين أخي يا ترى. أين مصير السجين المقيد..؟ أهو استفسار ينهال علي بأسئلة ثقيلة، أم هو لوم لنفسي لا أجد له جوابا ولا تفسيرا؟ ... ها أنا مخادع أو كذاب أو بليد...؟ هل يكفي مبلغ تافه أرسله لك في نهاية كل شهر لا أعرف كيف يطل وكيف يمضي..؟ ها يأتي مطر يغسل دموعي في يوم القيامة...؟ أين أخي يا أماه..؟" ص91، رغم كل ما ذكره من شدة الحال نجد الراوي يعيش في حالة من الصراع وعدم التوازن في الغربة، وكأنه بسفره لم يجد ما كان يبحث عنه، أو أنه فقد شيئا عزيزا عليه بعد هجر الوطن والأهل، وأخر جملة قالها في هذه القصة كانت، "بل أنني لو ناقشت وضعي الخاص على ضوء هجرتني من بلدي لوجدت أنها من عمل الشيطان" ص93، فهنا يرد على ما قاله لأمه عندما حدثته عن بقاءه في الوطن لأن الله سيكون معه، لكنه أبى فتأكد له بأن هجرته كانت بفعل الشيطان.
المجموعة بدون دار نشر أو سنة طباعة.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجتمع المصري في رواية -ليل ونهار- سلوى بكر
- المغامرة في رواية -خاتم اليشب- فارس غلرايبة
- مفهوم الرجوع في الإسلام
- داحس والغبراء الجمل وصفين
- تركيبة الفساد
- التأنيث في ديوان -أيها الشاعر في- محمد حلمي الريشة
- المرأة والكتابة في -يوميات كاتب يدعى x- فراس حج محمد
- العيون في ديوان - الصمت والرؤيا- سلطان القسوس
- الحب والجنس في رواية -خريف الانتظار- حسن نعمان فطافطة
- -الموت للعرب-
- حضور الطبيعة في ديوان - أيها الوطن الشاعري- صاحب الشاهر
- -حكمة الكلدانيين- حسن فاضل جواد
- القومية الكلدانية
- التوازن في مجموعة -الخروج من الكابوس- فاروق مرعشي
- خطوتان إلى الوراء
- واقع الهلال الخصيب
- زمن الكتابة على ألنت في مجموعة -فلسفة بيضاء- ناريمان إسماعيل
- الواقع الاجتماعي في رواية -عش الزنابير- فيصل سليم التلاوي
- الامبراطورية التركية والدولة الإيرانية وضياع المشرق العربي
- الفكر والسياسة


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الحنين في مجموعة -آه يا كاني ماسي- جاسم المطير