|
هل تتذكرون تراجيديا الفتنة الطائفية بالإسكندرية؟!
سعد هجرس
الحوار المتمدن-العدد: 1373 - 2005 / 11 / 9 - 12:59
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
هدأت الأوضاع في الإسكندرية وخفقت حدة التوتر الذي صاحب أحداث الفتنة الطائفية المشئومة. وكالعادة تصاعد الاهتمام إلي ذروته عندما كان الحريق مشتعلا ثم تراجع تدريجيا بعد انحسار مظاهر الفتنة، والخشية أن يتم نسيان المسألة برمتها بعد حين. وهذا التخوف له ما يبرره.. حيث كان هذا هو واقع الحال في كل المرات السابقة.. ننفعل ونتكلم ثم نهدأ وننسي.. ولا نتذكر الكارثة إلا بعد أن تطل برأسها من جديد. وقد انتقدنا مرارا وتكرارا هذه المعالجة الموسمية لواحدة من أخطر القضايا التي تهم البلاد ألا وهي قضية الوحدة الوطنية. كما انتقدنا مرارا وتكرارا المعالجة السطحية والاكتفاء بالمسكنات الوقتية التي تتعامل مع الأعراض حيث تبين الإحصائيات أن الأحداث الموثقة التي تتضمن صدامات طائفية تبلغ في المتوسط ثلاثة أحداث سنويا منذ بداية الحقبة الساداتية حتي الآن. وهذا يعني أننا في حقيقة الأمر بصدد ظاهرة وليس مجرد أحداث فردية أو عارضة. ولذلك قلنا مرارا وتكرارا إننا نحتاج إلي جهد منهجي ومنظم ومستمر لتناول هذه الظاهرة المخيفة بأبعادها المتعددة وهذه الدعوة مازالت قائمة والاستجابة لها مازالت محدودة. ولذلك فإننا نرحب بأي جهد في هذا الاتجاه حتي لا تذهب أحداث الإسكندرية إلي زاويا النسيان، لتضيف تراكمات جديدة إلي هذا الملف الطائف المتخم. وفي هذا السياق يجدر التنويه بالجهد الذي بذلته الجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطي التي أوفدت إلي الإسكندرية بعثة لتقصي الحقائق.. وتوصلت البعثة إلي عدة نتائج يمكن تلخيصها فيما يلي:
1 ـ أن المتظاهرين الذين شاركوا في المظاهرات علي مدار أسبوعين وحاولوا اقتحام الكنيسة لم تشاهد الاغلبية الساحقة منهم المسرحية التي قيل إنها تضمنت إساءة بالغة للمسلمين والإسلام، وأن هذه الأغلبية بنت موقفها وتحركها من خلال السمع والشائعات التي وصلت إلي آذانهم. 2 ـ أن هناك أفرادا وجهات مستفيدة من أحداث العنف الطائفي شاركت في تحريك وتوجيه الأحداث مستغلة في ذلك المشاعر الدينية لدي المسلمين من أهل الإسكندرية وهو ما يفسر رفع سقف مطالبات المتظاهرين وإصرارهم علي ضرورة اعتذار البابا شنودة بنفسه. 3- أن انتخابات مجلس الشعب ألقت بظلال سلبية علي الأحداث، حيث قام أحد أعضاء المجلس والمرشح للانتخابات القادمة بتأجيج مشاعر الغضب وإثارة النعرات الطائفية لدي جموع المصلين، وهو ما يؤكد تغليب المصالح الآنية الذاتية المحدودة الضيقة علي مصالح الوطن. 4 ـ أن قيادات الكنيسة القبطية تجاهلت الأحداث في بدايتها ولم تأخذها علي محمل الجد، وكان يمكن أن تبادر باتخاذ موقف أكثر سرعة ووضوحا لمعالجة الأحداث وتداعياتها. 5 ـ إفراط قوات الأمن في استعمال القوة في مواجهة المتظاهرين مما أسفر عن مصرع ثلاثة مواطنين وإصابة واختناق العشرات. 6 ـ إن الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة المصرية قد غابت نهائيا عن الأحداث ولم يظهر لها أي وجود علي الساحة منذ بداية الأحداث وحتي الآن. 7 ـ إن الأجهزة الأمنية تعاملت مع القوي التي تعتبرها مسئولة عن نمو وانتشار التطرف الديني في معالجتها للأحداث حيث استعانت بأشخاص من التيار السلفي وعلي رأسهم الشيخ ياسر برهامي لتهدئة المواطنين في حالة من الانفصام والتناقض الواضح الذي يكشف الخلل في أداء مؤسسات الدولة وافتقادها للتناغم وغياب الرؤي الاستراتيجية في القضايا المصيرية. 8 ـ إن هناك قناعة تامة لدي الأقباط بأن وسائل الإعلام وبعض أئمة المساجد يتناولون العقيدة المسيحية بالنقد والاستهزاء وهو ما يستوجب ان تكون المعاملة بالمثل من جانبهم في إشارة واضحة للانهيار الذي لحق بقيمة الوحدة الوطنية والتي كانت نتاجا لكفاح الأمة في مواجهة المحتل. 9 ـ إن الأحداث الطائفية خلال الشهور الأخيرة وطريقة معالجتها مازال لها أثر من المرارة والترصد المتبادل في نفوس الجميع من الطرفين. 10 ـ استمرار حالة الاحتقان والتوتر بين الأطراف الأمر الذي قد ينذر بتفجرها من جديد خاصة في ظل اقتصار مواجهة الأزمة علي المعالجة الأمنية والبيانات الإعلامية فقط. وبعد هذه النقاط تم طرح التوصيات التالية: الجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطي قد تابعت عن قرب أحداث الإسكندرية الخطيرة وما سبقها من أحداث هنا وهناك خلال الشهور المنصرمة تعرب بوضوح شديد وقلق بالغ عن انزعاجها العميق لما أصاب نسيج وحدتنا الوطنية من اهتراء وشروخ، في إهدار سفيه لما صاغه وصانه أجدادنا من روح المحبة وقيم التماسك والتسامح وقبول الآخر، والانصهار في بوتقة مواطنة تؤمن بأن الدين لله والوطن للجميع ومن هذا المنطلق تدعو الجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطي إلي التوصيات الآتية. 1 ـ دعوة رئيس الجمهورية ومجلسي الشعب والشوري والأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني، والنقابات المهنية والعمالية والقوي السياسية والاجتماعية ومشيخة الأزهر والبطريركية المرقسية إلي تشكيل المجلس القومي للوحدة الوطنية، تكون مهمته إعادة بناء الثقة بين المواطنين علي جانبي الطرفين واقامة حوار في اطار من المصارحة والمكاشفة حول القضايا التي يطرحها الأقباط والمسكوت عنها والتي تشمل قضايا التعليم وأوقاف الكنيسة، وكتابة التاريخ القبطي وتولي الوظائف العامة وبناء الكنائس والتدخل فورا عند حدوث أي مشكلة طارئة قد تنشأ لظرف ما. 2 ـ التأكيد علي أن أحداث الإسكندرية والوقائع السابقة هي نتاج طبيعي للمناخ السياسي والثقافي والاجتماعي، الذي أفرزته عقود الاستبداد والشمولية واحتكار السلطة والرأي الواحد، وهو ما يفرض علي الدولة ضرورة العمل بسرعة علي تحقيق إصلاح سياسي شامل، ونظام ديمقراطي تكفل آلياته مواجهة هذه الأحداث بلا تشنج أو عنف، ودون تخوين أو تكفير متبادل بين أنسجة المجتمع. 3 ـ دعوة الدولة ومؤسساتها المعنية مثل وزارات التعليم والثقافة والإعلام والشباب، إلي العمل بوضوح من خلال أنشطتها المختلفة علي ترسيخ قيم الديمقراطية والتسامح وقبول الآخر واحترام حرية العقيدة وحقوق الإنسان. 4 ـ دعوة مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب السياسية إلي تبني برامج أكثر فعالية فيما يتعلق بمفاهيم التربية المدنية خاصة وسط قطاعات الطلبة والشباب والفئات الشعبية. 5 ـ قيام النيابة العامة بإجراء تحقيق موسع وعلني حول الأحداث وملابساتها لكشف النقاب عن حقيقة موضوع المسرحية حتي لا تظل مسمار جحا الذي قد يفجر شرور الفتنة هنا أو هناك في أية لحظة ومعاقبة المتسببين والمسئولين عن إشعال الأحداث من الطرفين وسرعة تقديمهم للمحاكمة. 6 ـ دعوة الأجهزة المعنية إلي إعمال قواعد العدالة والالتزام بالإجراءات القانونية فيما يتعلق بالتحقيق مع المقبوض عليهم علي ذمة الأحداث، وسرعة الإفراج عمن تثبت عدم صلته بها وإحالة الآخرين فورا إلي محاكمة علانية وأمام القاضي الطبيعي. 7 ـ مطالبة وزارة الداخلية بإجراء تحقيق سريع مع المتسببين في مصرع ثلاثة متظاهرين واستخدام أسلحة نارية ومطاطية داخل المناطق السكنية، وإعلان نتائج التحقيق علي الرأي العام. انتهت توصيات الجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطي وبصرف النظر عن الاتفاق أو الاختلاف معها فقد حرصنا علي تسجيلها ونشرها تشجيعا لمثل هذه المبادرات الإيجابية ودعوة لتوصية الجهود وتنسيقها من أجل المواجهة الجدية لسرطان الفتنة الطائفية الذي يهدد الأمة بأسرها مسلمين وأقباطا.. دون تمييز.
#سعد_هجرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
! مسرحية الإسكندرية أكذوبة
-
مرصد انفلونزا طيور الظلام الطائفية
-
! أربعة تعهدات.. وثماني علامات استفهام
-
فيروس التعصب الدينى يصل إلى مكتبة الأسرة
-
اعتذار .. عن مطالبة الكنيسة بالاعتذار
-
تقرير القاضي »ميليس«.. ليس حكم إدانة
-
-التَّوْلَه- الجماعية .. فى قضايا مصيرية!
-
سور شرم الشيخ .. غير العظيم
-
أول قصيدة الحزب الوطنى .. تسد النَّفْس
-
هل يطلب المصريون حق اللجوء -البيئى-؟
-
لغز الكويز ينافس فوازير رمضان
-
تاريخ صلاحية صرخة يوسف إدريس مازال سارياً -2
-
الانتقال من »الملّة« إلي »الأمة« .. مقتل الطائفية
-
نصف جائزة.. ونصف فرحة
-
تاريخ صلاحية صرخة يوسف إدريس مازال ساريا
-
دمج البنوك.. وتفكيك الأحزاب!
-
هل المطالبة بتعديل المادة الثانية من الدستور .. حرام؟
-
إطلاق سراح السياسة فى المؤسسة الجامعية .. متى؟
-
مثقفون.. ملكيون اكثر من الملك فاروق -الثانى-
-
كرامات الوزير المعجزة: 9 و10 يونيه في عز سبتمبر!
المزيد.....
-
أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن
...
-
-سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا
...
-
-الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل
...
-
صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
-
هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ
...
-
بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
-
مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ
...
-
الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم
...
-
البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
-
قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|