أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - يوسف أحمد إسماعيل - المثقف وأزمة العنف - توصيف في الحالة السورية-















المزيد.....

المثقف وأزمة العنف - توصيف في الحالة السورية-


يوسف أحمد إسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 5042 - 2016 / 1 / 12 - 17:41
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


مرّت الأزمة السورية، حتى اللحظة الراهنة، بثلاثة مستويات، يمكن توصيفها بـ " الحراك السلمي، ثم الحراك المسلح (ثورة الثوار المسلحين المتداخلة مع حرب أمراء الجهاديين والتكفيريين)، ثم الحرب الإقليمية والمصالح الدولية" وفي كل مستوًى من المستويات، كان المثقف السوري يقف على السكة الثانية التابعة للفاعل على الأرض، فينفعل بما يلاحظ ويرى؛ وهو ينفعل بمعنى أنه يتأثّر دون أن يؤثّر؛ فموقفه في السكة الثانية لا يكوّن منه مثقفاً عضويا، وإنما مثقفاً تابعاً، لا ينظّر للحراك ويقوده بل يتبعه بتوضيح معطياته أو تشجيعه، أو تبريره، أو إنكاره؛ ولكنه في المحصلة لا ينتج له فكراً ليرسم له طريقه.
• في مرحلة "الحراك السلمي"؛ حيث كان التمرد الشعبي على السلطة محدوداً، برز موقف المثقف في ثلاثة أنماط ، هي :
1 ـ نمط صامت، ويعبّر بصمته عن دهشته وانفعاله ومفاجأته من قدرة الشارع على التمرد على الاستبداد؛ ولكنه يعبّر في الوقت نفسه عن تردده، على الرغم من أنّ الحراك في حينه لم يكشف بعدُ عن التطورات الدرامية التي حصلت في المراحل التالية.
2 ـ نمط فاعل في الحراك، ولكنه فشل في قيادته والتنظير لخطواته؛ والدليل إخفاق الحراك السلمي في الوصول إلى ثورة شعبية شاملة، ثم انحراف الحالة الثورية إلى الفعل الغريزي العنفي، والانحياز إلى خيار التسليح، دون أن يستطيع ذلك المثقف تغيير ذلك التوجّه، بل بالعكس بدا نكوصياً؛ وهو يبرّر التسليح ويشجعه. وبالتالي تحوّل إلى مثقف منفعل، في وقت كاد فيه أن يتخلّص من ردّة الفعل إلى الفعل .
3 ـ نمط مثقف السلطة الذي كان خياره منجَزاً من اللحظة الأولى، وربما قبل آذار في 2011 أي مع بداية " إرهاصات الربيع العربي المفجوع " وهذا النمط لا يمكن وصفه إلا بأنه تابع، و لا يماثل النمط المنفعل فكيف بالفاعل !
• في مرحلة "الحراك المسلح (ثورة الثوار المتداخلة مع حرب أمراء الجهاديين والتكفيريين)" سرعان ما كشف السلاح عن تناقضات القوى المسلحة الفاعلة على الأرض، وتضاربِ أهدافها وأنماطِ أجنداتها الإيديولوجية والاجتماعية والسياسية؛ مما سرّع في تعزيز مواقف المثقفين السوريين، وبلورتها في أنماط متضاربة، وتابعة للقوى المسيطرة على الأرض السورية، انطلاقاً من الأنماط السابقة في المرحلة الأولى " الحراك السلمي" :
1 ـ1 ـ فالنمط الصامت تشرذم بوصفه نمطاً انفعالياً إلى طيفين: الأول أصبحت وظيفته الانفعالية منصبة على إدانة التسلّح بكل صوره، وعند كل الأطراف؛ وبدا وكأنه يغرّد خارج الواقع، وغير قادر على اتخاذ موقف فاعل غير التصريح برعونة العنف، وضرورة حماية السلم الأهلي، خشية من تفتّت المجتمع السوري برمته، ومن ثم تدميره . والثاني، تبنّى خطاب السلطة السورية، ليس دفاعاً عن نظام الاستبداد، وإنما دفاعا عن " مدنية الدولة " السورية ـ كما يرى ـ في وجه مشروع " الدولة الدينية " وحملة شعارها.
2 ـ1 ـ أما النمط الذي كان فاعلاً في الحراك، وفشل في قيادته، فقد اضطرب حلمه وانكسر، دون أن يستطيع الفعل في الواقع؛ فكان انفعاله سلبياً أو قاصراً، وانكفأ بعيداً، في المنفى الخارجي (في دول العالم ) أو في المنفى الداخلي ( الصمت في الداخل والعمل على تبرئة صورته قدر المستطاع من كل ما يجري في أحسن الأحوال ) . و انشطر هذا النمط (الفاعل المنكسر ) ظاهرياً إلى طيفين : الأول كان انفعاله هادئاً إذ حافظ على تمسكه بحلمه في الدولة المدنية التعددية، ووقف ضد توجهات سلطات السلاح في الشارع السوري .والثاني كان انفعاله غاضباً و انتقامياً وارتدادياًـ على مستوى اللحظة الراهنة ـ فبدأ يشجع العنف المسلح تحت ذريعة أنماط الثورات المسلحة في التاريخ مرة ، وتحت ذريعة ما يفعله النظام مرة أخرى؛ بغض النظر عن أجندات الجماعات المسلحة في الواقع، ومشاريعها الاستراتيجية، وموقفها من مشروعه المدني ، بل إنه بدأ بالتدريج يتبنى خطاباتها المرهونة بلحظة الصراع ؛ كالحديث بلغة طائفية أو جهادية أو تبريرية لأفعال تلك الجماعات المسلحة، وما تقوم به من أفعال تنافي أخلاقيات الثورة ووظيفتها الاجتماعية .
3 ـ 1 ـ النمط الثالث " مثقف السلطة " كشف في هذه المرحلة عن زيفه وتسطحه؛ إذ غدا بوقا ًإعلاميًا غير مقنع، ويفرز أطراف الصراع في كل المناسبات إلى نمطين: الأول، خير مطلق، يمثله النظام، والثاني، شرّ مطلق، تمثله المعارضة بكل صورها وأطيافها.
• في "مرحلة الحرب الإقليمية والمصالح الدولية" توسّع الصراع على الأرض، وتنوّع واتخذ أبعاداً إقليمية ودولية، ولم يعد فيه للوطن السوري غير محصّلة الدمار والقتل، فخرج السوري من أرضه ومن أجندات المتقاتلين ، ، وإن كانت جميعها تتحدث باسمه ، وتتحاور بالنيابة عنه دون مشورته أو الاستماع لرأيه . وغدا الحوار والصراع، بين الأطراف المتصارعة الداخلية والخارجية، على المصالح، وليس على المواطن والوطن والعدالة، بشكل يعزز في المستقبل مفهوم المصالحة، ليس من قبيل " العفو عند المقدرة" وإنما من قبيل نظافة جميع الأطراف الداخلية والخارجية أخلاقيا، مادامت جميع النوايا كانت حسنة، ولم تكن الإساءة للوطن مقصودة من أحد !
في هذه المرحلة، بقي المثقف السوري انفعالياً أيضاً، يسير على السكة الثانية التابعة للأولى، ولكنّ "خليط الصراع" بلور ثلاثة أنماط له : الأول ، بدأ بإدانة المؤامرة الإقليمية والدولية على وطنه بغض النظر عن موقفه في المراحل السابقة ، وهذا مهّد لموقف انكفائي، والاستعداد للانسحاب من مستوى الانفعال إلى اللامبالاة، والابتعاد إلى الحقل المعرفي الخاص، قبل 2011 مع احتفاظه بحق الإفادة من منتجات الحرب ثقافياً و ريعياً . والثاني، البقاء، نظرياً، في لجّة الصراع، ولكن من خلال رؤية أشمل، لها علاقة بصراع الأقطاب العالمية، بجذورها القديمة وتشكيلاتها الحديثة، واعتبار أنّ ما يجري على الأرض، هو صورة مكثفة للصراع. وبذلك يكون الحلم السوري، بالتخلص من الاستبداد كان وهماً، ولم ينهض على إثره أي تمرّد او احتجاج. والثالث، مثقف السلطة ذاته الذي بدأ يكرّس لمنظومته المعرفية السابقة بدلائل توسع الحرب ضد الإرهاب والصراع الإقليمي والدولي على المصالح، مما يعني صدق رؤيته ومقولاته ووجهة نظره ونبالة مواقفه.
يبقى أنه في إطار كل المستويات التي مّرت على الأزمة السورية، والتجاذبات التي مزّقت رؤية المثقف السوري، وشرذمت مواقفه، ومرجعياتها، لابدّ من الإشارة إلى أن نمطه الانفعالي، وعدم قدرته على التحول إلى مثقف فاعل، كان نتيجةً لأزمة تاريخية في ذاته المقموعة؛ إذ لم ينل حقه الإنساني من التفكير الحر، ومن القدرة على إنتاج المعرفة خارج إطار السلطة الاستبدادية ، ولذلك بدا إما انتهازياً في ظل النظام وخارجه، أو شارحاً ومبرراً ومنفعلاً، وإما مهزوماً ويائساً، وإما طوباوياً؛ يفكّر نظرياً في الثورات التاريخية، على افتراض أنها ثورات نمطية، وإن اختلفت تفاصيلها؛ ومرجعيته في ذلك مقولات كبرى عن البنى العتيقة والبنى الحديثة في المجتمع، وعن منطقِ التاريخ في انحيازه للبنى الحديثة في ذلك الصراع .
فهل بعد ذلك، يمكن السؤال عن حجم دور المثقف السوري المنفعل في فشل ثورته؟ لأن الثورات لا تنتصر، بالوسائل السلمية أو بقوة السلاح، إذا لم يكوّن لها المثقف الفاعل منظومتها المعرفية والاجتماعية والأخلاقية والسياسية لتسير على أجنداتها الوظيفية .



#يوسف_أحمد_إسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الشرطة الألمانية تعتقل متظاهرين خلال مسيرة داعمة لغزة ولبنان ...
- مئات المتظاهرين بهولندا يطالبون باعتقال نتنياهو وغالانت
- مادورو يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
- الجزء الثاني: « تلفزيون للبيع»
- عز الدين أباسيدي// لعبة الفساد وفساد اللعبة... ألم يبق هنا و ...
- في ذكرى تأسيس اتحاد الشباب الشيوعي التونسي: 38 شمعة… تنير در ...
- حزب الفقراء، في الذكرى 34 لانطلاقته
- تركيا تعزل عمدة مدينتين مواليتين للأكراد بتهمة صلتهما بحزب ا ...
- تيسير خالد : سلطات الاحتلال لم تمارس الاعتقال الإداري بحق ال ...
- الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - يوسف أحمد إسماعيل - المثقف وأزمة العنف - توصيف في الحالة السورية-