أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - ابراهيم ابراش - تفكيك الأوطان وتشويه الأيديولوجيات الجامعة















المزيد.....

تفكيك الأوطان وتشويه الأيديولوجيات الجامعة


ابراهيم ابراش

الحوار المتمدن-العدد: 5041 - 2016 / 1 / 11 - 21:31
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    



عندما تتزامن وتترافق حالة الاستقطاب الأيديولوجي والتوظيف الديني مع حالة الفقر والبطالة، مع غياب الديمقراطية، مع اجتماع السلطة والثروة بيد نخبة واحدة أو تتحالف نخبة الثروة مع نخبة السلطة، وعندما تتحكم السلطة والجماعات المسلحة بمصدر رزق المواطنين وبالمنابر الإعلامية، وعندما يعلو القرار الخارجي على أي قرار داخلي أو وطني ... عندما تتجمع هذه العناصر فلا نستغرب أن تكون المُخرَجات أو النتيجة على المستوى الوطني العام دمارا للبلاد وهلاكا للعباد، وتسطيحٌ للفكر وتهميشٌ للعقلانية، وانتشار خطاب سياسي ومفردات سياسية عقيمة وبائسة، وحالة ضياع وتيه، وعدم قدرة على استشراف المستقبل.
لا شك أنه في الحياة السياسية لا توجد حقيقة مطلقة ولا تنطبق معادلة الخطأ المطلق والصواب المطلق، فالحياة السياسية عالم يتميز بتعدد الآراء والتوجهات وبحق الاختلاف، ولكن المشهد السياسي العربي اليوم لا ينتمي لا لعلم السياسة ولا لعالم السياسة بالمفهوم المُشار إليه وكما تعرفه المجتمعات الديمقراطية، بل تسوده حالة من الفوضى التي تضرب أطنابها في كل مناحي الحياة، فلا الإسلام هو الإسلام المتسامح المُوحِد الذي تعودنا عليه بالفطرة، ولا الوطن هو الوطن الذي يجمع الجميع، ولا السلطة هي السلطة التي تحمي مواطنيها،ولا الدولة هي الدولة الجامعة للجميع، ولا اليسار هو اليسار، ولا اليمين هو اليمين، وكأن لا تاريخ مشترك جمعنا لآلاف السنين، ولا أمل بمستقبل مشترك نصبو إليه ؟ .
لكل هذا الاختلاط فإن ما يجري في العالم العربي ليس حالة طبيعية يمكن نسبتها لسُنَن التطور التاريخي والحضاري للشعوب. كان من الممكن أن يكون الأمر كذلك لو كان ما يجري يتم بأدوات محلية خالصة ونتيجة انتقال من نمط من أنظمة الحكم والبناء الاجتماعي والفكري إلى آخر كما جرى مع الثورات في أوروبا كالثورة الفرنسية والروسية، أو كان ثورات ديمقراطية ضد أنظمة استبدادية، حيث لا تبدو الجماعات المعارِضة أكثر ديمقراطية من الأنظمة كما هو الحال في سوريا واليمن وليبيا والعراق، كما أن ما يجري لا يندرج في سياق حركات التحرر الوطني ضد الهيمنة الأجنبية والأنظمة الموالية لها، حيث بعض حركات المعارضة يتم تمويلها ودعمها من الغرب الاستعماري، كما أن ما يجري ليس ثورة دينية ضد نظام علماني كما جرى مع الثورة الإيرانية، حيث بدأ الحراك الشعبي من جماعات شابة لا تنتمي لجماعات الإسلام السياسي وعندما ركبت جماعات الإسلام السياسي موجة الحراك الشعبي كانت الاختلافات فيما بينها بل وقتالها مع بعضها البعض أشد ضراوة من قتالها واختلافها من النظام الحاكم .
إن كان ما يجري لا يندرج في سياق التطور الطبيعي للمجتمعات، بل انتكاسة لإرهاصات الديمقراطية وبناء الدولة الوطنية والتنمية الشمولية وعقلنة ظاهرة التدين، وإن كان ما يجري ليس ثورات شعبية ولا ربيعا، فهل هو مؤامرة خارجية ؟. لا شك بوجود مؤشرات بل وحقائق على الأرض تؤكد قوة التدخل الخارجي سواء من الغرب وعلى رأسه واشنطن أو من روسيا الاتحادية أو من إيران وتركيا أو إسرائيل، ولكن في المقابل فإن غالبية المتحاربين المشتبكين في القتال الدموي هم من أصحاب البلاد العربية نفسها أو من ذوي أصول عربية وإسلامية، والقتال والخراب والدمار يجري على أرض العرب، والقتلى والجرحى والمهجرون أيضا عرب ومسلمون، وكل العمليات العسكرية حتى التي تقوم بها الجيوش الغربية يتم تمويلها من المال العربي وعلى حساب مستقبل التنمية العربية .
إن كان المقصود بالمؤامرة أن أطرافا خارجية تخطط وأطراف داخلية تنفذ، فالمشكلة تكمن في العرب أنفسهم لأن بعضهم مشارك في التآمر بوعي أو بدون وعي ، وبعضهم الآخر إن لم يكن مشاركا فإنه لم يُحسن إدارة المعركة وفشل في تمتين الجبهة الداخلية لمواجهة هذه المؤامرات. الدول الأجنبية (المتآمرة) تدافع عن نفسها ومصالحها من وجهة نظرها، وحماية المصالح القومية والدفاع عنها ليس تآمرا إلا لمن يجهل معنى السياسة. فعن أية مصالح تدافع الأنظمة والجماعات العربية والإسلامية المُتَقَاتلة ؟ وإن كان هناك مؤامرة فتآمر العرب والمسلمين على بعضهم بعضا أشد فتكا من تآمر الأجنبي عليهم ، والجاهل عدو نفسه .
أليس غريبا أن يتم تصفية الخلافات أو تجميدها بين دول المنطقة وأعداءها أو المفترض أنهم أعداء: إيران والغرب، وتركيا وإسرائيل، والأنظمة العربية وإسرائيل، بالإضافة إلى تصفير المشاكل بين كل الأنظمة العربية – عدا سوريا- وواشنطن، وفي مقابل ذلك تتفجر الحروب والصراعات المذهبية والعرقية والسياسية ما بين العرب والمسلمين وبعضهم البعض ؟! .
تراجعت وانسحبت بهدوء وخجل مفردات الثورة والربيع العربي والتحول الديمقراطي، وتبدد الأمل بمستقبل زاهر قريب، وحلت محلها مفردات الإرهاب والحرب الأهلية والصراع المذهبي والتحالفات العسكرية والخراب والدمار والهجرة ودمار الاقتصاد، مع حالة من اليأس والإحباط ومزيد من الفقر مما يوفر حالة من التغذية الاسترجاعية للعنف. لا مفكر أو مثقف أو سياسي يملك اليوم خطابا متماسكا ومقنعا حول توصيف ما يجري في العالم العربي، فحالة الفوضى غير مقتصرة على ما يجري في الميدان من صراعات وحروب وتعدد الجبهات والأطراف المتصارعة والتباس وتداخلات الوطني والإقليمي والديني والدولي، بل فوضى وعدم يقين على مستوى الفكر والتنظير والقدرة على فهم ما يجري .
الفوضى التي تعم العالم العربي الذي لم يعد عربيا، لا تقتصر على ميدان السياسة والحرب بهدف تفكيك الأوطان القائمة، بل هي فوضى تهدف للتشكيك بهوية المنطقة وبشرعية وجود الدول وبالأيديولوجيات الكلية الجامعة كالإسلام والعروبة وحتى الديمقراطية . إنها فوضى أدت لأثننة وتذرّر العالم العربي بمكوناته البشرية وهوياته الجامعة، وكأنها تروم أن تقول للعرب والعالم بأن العرب والعروبة والقومية العربية مجرد أكذوبة ووهم، وأن الإسلام ليس دين توحيد وتسامح وبناء حضارة بل دين حرب وإرهاب وخراب ودمار، وأن العرب غير مهيئين للديمقراطية بل إن بنية العقل العربي لا تستقيم وتتوافق مع استحقاقات الديمقراطية .
لأن العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة، فإن العقلاء من أصحاب الفكر التنويري الوطني إما اضطروا اختياريا للانسحاب من المشهد حتى لا يكونوا جزءا من الفتنة والحرب الأهلية، ولأن ثقافتهم وأخلاقهم لا تسعفهم للتعامل مع هكذا واقع، أو تم إبعادهم قسرا عن مواقع الفعل والتأثير سواء داخل المؤسسات الرسمية أو المنابر الإعلامية، لأنهم حالمون طوباويون إن لم يكن متخلفين عن فهم العالم الجديد وذلك من وجهة نظر نخب زمن الرداءة والفوضى!. وهناك صنف ثالث من الوطنيين أصحاب الفكر التنويري لم يترجلوا عن صهوة الجواد ولم تكسرهم أو تُحبطهم الأحداث، هذه الفئة من العقلاء الوطنيين مستمرة في النضال باستماتة لتنوير العقل وتبديد ظلمة الفكر ومنح أمل بالمستقبل، هؤلاء يعملون بصمت غير عابئين لانتقاد وهجوم أشباه المثقفين ومدَّعي المعرفة والانتهازيين الذين تسللوا إلى مواقع رسمية مستغلين انشغال الشعب بهموم حياتهم الخاصة وأمنهم الشخصي .



#ابراهيم_ابراش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نعم للسلطة ولكن أية سلطة ؟
- خطورة كي الوعي والتماهي مع رواية الخصم
- 2015: عام كشفُ المستور وتغيير المعادلات وأملٌ يُرتَجى
- جدلية العلاقة بين الكتابة والقراءة والإبداع
- متى سيتشكل تحالف عسكري لحماية الشعب الفلسطيني؟
- مقاومة الاحتلال ليس إرهابا
- احتضار السياسة الرسمية في فلسطين
- منزلقات إضفاء طابع ديني على الانتفاضة الفلسطينية
- نعم لمحاربة الإرهاب ،ولكن ما هو الإرهاب ؟
- لم يبدأ الإرهاب مع داعش ولن ينتهي بالقضاء عليه
- الانتفاضة بين حسابات الشعب وحسابات النخب
- الغرب:ضحية الإرهاب أم صانعه؟
- عظمة شعب وأزمة نخبة
- استلهموا تجربته ولا توظفوا ذكراه
- المغرب ومسيرته الخضراء التي لم تنتهي
- التدويل في إطار استراتيجية وطنية شمولية
- في خفايا التدخل الروسي في سوريا
- انتفاضة لاهداف وطنية واضحة ومحددة
- نحو تصويب البعد القومي للقضية الفلسطينية
- إشكالية الثقافة والمثقفين في فلسطين (3) : في غزة إبداع في ظل ...


المزيد.....




- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
- اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا ...
- الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
- اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
- مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع ...
- رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51 ...
- العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل ...
- أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع ...


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - ابراهيم ابراش - تفكيك الأوطان وتشويه الأيديولوجيات الجامعة