|
من له مصلحة في إجهاض مطلب الدولة الوطنية الديموقراطية ؟
مصطفى المنوزي
الحوار المتمدن-العدد: 5040 - 2016 / 1 / 11 - 02:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عندما نتصفح العرائض المطالبة بالاستقلال الوطني عن الاستعمار الفرنسي ، وهي أكثر من عريضتين ، يستنج أن أغلب محرريها والموقعين عليها شبان ، بما يعنيه من توفر الحماس الناضج بقدر جسامة مسؤولية وجدية مطلب التحرر بوسائل سلمية وسياسية ، هذا من جهة ، ومن جهة ثانية يتضح بجلاء أن التعددية والاختلاف كانت حاضرة بامتياز ، لكنها مؤطرة في نفس الاتجاه الوطني المشترك ، إلغاء مظاهر الحجر و الوصاية ، بما يعنيه أيضا من مركزية الهدف ووحدة الغاية ، رغم تعدد المنطلقات والمنهجيات ، ويبدو كخلاصة أولية أن الاهتمام بالشأن العمومي المشترك لم يكن حكرا على الكهول والزعماء وحدهم ، وبالتالي تتيح المناسبة الوطنية لعيد الحادي عشر من يناير ، فرصة لتقييم حجم ونسبة إقدام الشبان المغاربة على عروض الانخراط في العمل السياسي من أجل المشاركة في التفكير والتدبير للشأن العام ، مما يطرح سؤال بنيات الاستقبال المتوفرة في الفضاء العمومي ، المغلق والمفتوح معا ، فلا يسع الحديث عن بنيات الأحزاب المفترض أنها صاحبة الشأن الشبابي والمعنية به ، خاصة وأن جلها طلق البعد الحقوقي والاجتماعي في هويته الحزبية وانشغل بالهم الانتخابوي الموسمي الذي يفرخ مزيد من النخنبة الفاسدة أو النخبة التائهة بين ثنايا التغرير والترغيب أو التحريف والتخريف ، لكن حسبي الحديث عن الدولة غير الاجتماعية والتي قمعت منذ عقود حماس الشباب واجهضت أحلامه في الثانويات والجامعة ، بتوفيرها كل سبل الإرهاب الفكري والسياسي ، لفائدة التيارات الأصولية المؤطرة بالفكر الإخواني والوهابي ، حتى صار العقل التاريخي يسجل بأسف شديد ، تواطئ الأجهزة المخابراتية في عملية استئصال الفكر النقدي من المنظومة التربوية وكذا النضال الديموقراطي السلمي والتقدمي من الحرم الجامعي والثانويات ، مما يطرح إشكالية رد الاعتبار للتوازنات للمشهد السياسي و في ظل فقدان واضمحلال القيم الموجبة لكل تحرر وتقدم ، فليس غريبا أن تواجه الدولة ، بجميع أجنحتها ، المد الأصولي الطامح والطامع في الاختراق وأسلمة المجتمع والدولة نفسها ، بالمعنى الداعشي والخلافوي والوهابي للكلمة ، فليس بالدستور الناقص نفحة الكونية الإنسانية ، وليس بالشرعية الدينية المترددة ، ولا حتى باللبرالية غير الاجتماعية ، ولا بالمقاربة الأمنية ، يمكن التصدي للرجعية التي تتخفى وراء الدين بأدلجته ضمن نزعة المظلومية ، فالذي يجهض كل محاولات الخلاص من معوقات التحول الديموقراطي ، هو التجريبية التي تشتغل بها الآلة القضائية والقانونية والتشريعية ، ولعل مظاهر العنف والعنف المضاد وانتعاش « نظام الحسبة » كقنوات لمأسسة النهي عن المنكر ، كحق أريد بها بطلان كل المكتسبات الديموقراطية وكل ما تراكم في المجال الحقوق ، انطلاقا من حرية التعبير إلى الحق في الحياة ، وعبر مطلب المحاكمة العادلة والحكامة الأمنية ،وكالتزامات تعهدت بها أعلى سلطة في البلاد ، وانها لدروس غنية بالحكم والعبر ينبغي استخلاص ، ما دامت المناسبة شرط وطني ولحظة ديموقراطية ،لكي نطرح سؤال فك الارتباط بين الأصوليات هنا وهناك ، والكف عن تماهي المسؤوليات أو التنصل من المساءلة وراء تنازع الشرعيات ، الدينية والتاريخية ، في تقمع كل مبادرات استكمال ولادة الشرعية الديموقراطية ، مما يستدعي أن يتم رد الاعتبار للعمل الحزبي وتطهيره من شوائب الفساد ومظاهر تبرير الاستبداد ، بعلة هشاشة الصف التقدمي وموت اليسار ، ولقد حان الوقت للتدكير بالتوجسات التي تطوق أفقنا وتؤرق لحظاتنا ، فقد تم اجهاض مطلب الاستقلال موضوع الوثائق ومحل المقاومة والصراع السياسي والنقابي الوطني ، باتفاقية ايكس ليبان ، ثم تم فسخ التسويات السياسية التي توجت بتوصيات هيأة الإنصاف والمصالحة ، بابرام صفقة حول تمكين الشقيقة الأصولية ، ضمن حكومة غير منسجمة لإجهاض الحراك الفبرايري وما نتج عنه من إصلاح دستوري ، وها نحن نعيش محاولات إقبار مطلب الأمن القضائي والحكامة الأمنية باسم مناهضة الإرهاب وبعلة فك العلاقة مع تداعيات الصفقة المذكورة ، الشيء الذي خلق ارتباكا مفضوحا ، سيؤثر لا محالة على عنصر الثقة في التعاون والانخراط في مسلسل تحديث الدولة والمجتمع ، ونحن على أبواب الانتخابات التشريعية وفي ظلال الإرهاب « الحقوقي » المعولم لقضايانا الوطنية والمصيرية
#مصطفى_المنوزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
همهمات عشق لوطن ينعم بالاستقلال الثاني
-
حملة شبكة أمان لجمع التوقيعات لمراسلة ملوك ورؤساء شمال افريق
...
-
حملة لجمع التوقيعات لمراسلة ملوك ورؤساء شمال افريقيا ولشرق ا
...
-
ذكاء الدولة ليس بالضرورة اجتماعيا
-
لا خيار ثالث دون ثورة فكرية ثالثة
-
ليس الريع مستقلا عن الفساد كمظهر للاستبداد
-
مات المخزن ولم يمت المفهوم والتمثلات
-
البعد الحقوقي والديموقراطي وتحديات مقاومة زمن الإرهاب
-
من أجل أنسنة العلاقة بالاتصال والحوار
-
من أجل ربط الحق في التنمية بالحق في الأمن الإنساني
-
بيان صادر عن سكرتارية شبكة أمان
-
في الحاجة إلى تحيين منهجية النقد الذاتي
-
رسالة إلي كل من يهمهم الأمر
-
الذئبان والثعلب
-
حديث الجمعة 01
-
الآن فقط فهمت
-
تحصين السيادة الحزبية مدخل لدمقرطة التعاقدات السياسية
-
حديث الجمعة
-
لماذا أنا ضد المطالبة بالمنع؟
المزيد.....
-
نجل ترامب يرد على تقارير حول تدخله وشقيقه في اختيار المرشح ل
...
-
القاهرة: إسرائيل تشن حرب إبادة ضد غزة
-
الداخلية السورية تصدر بيانا بعد ضجة على مواقع التوصل عن حالا
...
-
دراسة: المشروبات الغازية واللحوم المصنعة تزيد من خطر الوفاة
...
-
حل مبتكر لمنع اختراق الأجهزة المنزلية الذكية للخصوصية
-
عواقب الكسل المفرط
-
تحذيرات من طرق احتيالية جديدة لاختراق حسابات -تليغرام-
-
-نيوزويك- تكشف خطة ألمانية لإرسال مئات آلاف من جنودها وعناصر
...
-
ميرسك تحذر من -تداعيات عالمية- بعد اضطرابات البحر الأحمر
-
رئيسة بلدية باريس تسبح في نهر السين في تأكيد لنظافته قبيل اف
...
المزيد.....
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
المزيد.....
|