|
لماذا يُلتصق انبثاق كل حركة تحررية بجهة ما تضليلا
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 5039 - 2016 / 1 / 9 - 18:31
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم اقرا عن اية حركة تحررية في اية بقعة من العالم الا و تلتصق بها من التسميات و المواصفات و المخططات و تتهم بارتزاق و ميول لجهة تحددها اعدائها كما تشاء، و ان كان هذا الامر بعيد جدا في الحقيقة . كل ما في الامر ان الحركات التحررية التي تنبثق نتيجة ضياع او هضم الحقوق من قبل المعتدين، لم يجدوا احيانا بدا الا التعاون مع عدو العدو من اجل مصالح ضرورية لا يمكن الاستغناء عنها في حركتهم التحررية السياسية كانت ام العسكرية لتحقيق اهدافهم الانسانية الثقافية قبل السياسية . لا نريد عن نتكلم عن امريكا الجنوبية و الحركات اليسارية العديدة التي اتهمت من قبل امريكا وحلفائها بالعمالة للاتحاد السوفيتي في حينه، و كيف تجمعوا على ضربها مهما كانت اهدافهم انسانية سياسية حقة لا غبار عليها . .اما في الشرق الاوسط و المنطقة العربية، كلما تحركت القوى المعارضة لم تتاخر السلطت في التصاق تهمة العميل للابمريالية و اسرائيل، عدى اليسار التي تهمته حاضرة و هو التبعية للسوفيت و تنفيذ اوامره . من الحركات الكبيرة التي لم تحصل على مرامها لحد الان هي الحركة التحررية الكوردية في الشرق الاوسط و الحركة الامازيغية المختلفة عنها في المغرب الكبير، الذي يضم دولا تتسم لحد الان بخصائص يمكن تميزها، و فيها من الصفات الامازيغية الاصيلة الخاصة، مهما حصلت فيها التغيير بعد الفتوحات الاسلامية و ما اثرت عليه من كافة النواحي الاجتماعية الثقافية و الاقتصادية، و لازالت هذه الدول و ما فيها من الشعوب الاصيلة يعانون من ما استوردت اليهم من العادات غير المائمة لهم و اثرت سلبا على حياتهم بشكل جذري . فالحركة التحررية الامازيغية و ان كانت ثقافية و سياسية اساسا و لحد الان الا انها لا تختلف كثيرا عن الحركة التحررية الكوردية و ما تضمنه من الامور التي لا يمكن معرفتها الا بالعودة الى اساسها و كيفية بروزها ، اي بقراءة التاريخ و موروثاته . الاختلاف الكامل بين شعوب المنطقة و حتى مكونات الشعب الواحد دليل على اختلاف اصولهم، و عليه فرضت عليهم فوقيا من السمات التي لم تتمكن هذه الشعوب من استيعابها او استلامها كما هي، نتيجة كونها دخيلة عليهم . و كما ناضل الشعب الكوردي سياسيا وعسكريا من اجل اهداف سياسية عامة، فانه ناضل و ضحى من اجل بقاء سماته الاصيلة و عدم تغييرها او ازالة ما يتميز بها، من قبل اعدائه التي حاولت بشكل حثيث في طمس هويته الخاصة . فان الامازيغ ايضا كشعب اصيل، عملت القوى الدخيلة منذ الفتوحات على التغييرات التي ناشدوها فيهم من اجل تثبيت اركانهم، اثرت على كينونتهم و سماتهم الاصيلة بشكل سلبي نتيجة ورود السمات الغريبة اليهم و كلها تقريبا من الجزيرة العربية ابان الفتوحات الاسلامية من جهة، و تصادمها مع ما ورد اليهم في مرحلة الاستعمار الفرنسي و الايطالي ايضا . و شوه بهذه المصادمات كيانهم و تركيبهم الاجتماعي و الثقافي، و مسحت امور خاصة بهم و بتاريخهم . و عليه، رغم كل تلك التشوهات التي احدثها اعدائهم لدوافع مصلحية سياسية الا ان ما اورثوه من السمات الاصيلة ابا عن جد لم تندثر كاملة . فالحركات التحررية الامازيغية اصبحت في موقف تفرض عليها ما ادركته من ثقافتها التي احتكت و تاثرت بالغريب، و ما يملكه الان ربما اختلط عليها، فانها تتحرك لازالة الغبار عنها و هي لازالت في بداياتها ان قارنناها مع مثيلاتها في العالم . من المعلوم ان اخفاء حقيقة ما يتسم به الامازيغ، كان نتيجة التسلط و القمع من قبل السلطات التي جثمت على صدورهم خلال العقود الطويلة الماضية، و لكن بزوال بعض الدكتاتوريات و فسح المجال او الحرية المنشودة طفت ما كانت مطموسة من الصفات الامازيغية التي تبين الحقيقة التي طمست خلال هذه المدة الطويلة جدا و لكنها لم تضمحل بشكل كامل . و المشكلة ان التهمة التي تواجه الكورد وا لامازيغ معا هي النزعة الانفصالية دئما من قبل جميع اعدائهم بمختلف ايديولوجياتهم و عقائدهم و مناهجهم، وقد برزت من الدول التي لا تستحق اكثر من هذين الشعبين من الدولة، و كأن الدول التي انبثقت لها مقومات اكثر من الشعبين الكوردي و الامازيغي . و ان قرانا و قيّمنا دول الخليج الصغيرة الكثيرة و هي ذات قومية واحدة تقيما انسانيا منصفا، لا يمكن ان نتهم اي احد اخر بالنزعة الانفصالية، و لهم مقومات دولة بل ازيد من دول كثيرة في المنطقة و لهم الحق في تقرير مصيرهم، و هذا لا يعني التعصب العرقي، لان الحقوق البدائية التي لم تحصل عليها هذه الشعوب هو العائق الاكبر بداية لتعبيد طرق من اجل تحقيق اهداف الطبقات الكادحة من بعده . و لكن عدم تفهم نضال الشعوب بالاخص من يعتبرون انفسهم من اليساريين و هم قومجيين في اساسهم، اختلط الامر بهم على الجميع . فهل من المعقول ان يكون لدول و دويلات و امارات صغيرة بناء دولتها و تحقيق اهدافها و هي تضر بكل الطبقات و انت ترفض دولة لشعوب تستحق اكثر من غيرها، و خصوصا ان كانت الدولة في زمن تكون ضرورية لتحقيق اهداف الطبقة البروليتارية من خلالها، و الموانع لتلك الاهداف هو التعصب العرقي السياسي الديني المذهبي من قبل الاخر، و هو يدعي الحق و لكنه على غير ذلك، وللاسف منهم اليسار و من يدعون ذلك زورا و بهتانا ايضا . و هذا ينطبق على اعداء الكورد و الامازيغ ايضا على حد سواء . و للاسف ان الاحداث التي ضربت مناطق الامازيغ و موطنهم الاصلي و استولت الغرباء باسم الدين عليهم، جاءت في زمن اضطر الامازيغ كما الكورد من تحمل الصعاب و الخضوع للامر الواقع عنوة و لكنهم كانوا مضطرين نتيجة كما يدعون هم قبل غيرهم ما هداه القران و فرضه السيف ترهيبا و ترغيبا و غيّروا من البنى الفوقية وا لتحتية الاصيلة لتلك المناطق . ان التهم التي التصقت بالحركات التحررية المختلفة، سواء للكورد او الامازيغ تغيرت بتغير الواقع او المراحل، مرحلة اتهموا بعملاء للامبريالية و الاستعمار و مرة موالين للاتحاد السوفيتي و اليسار العالمي , و مرة التعصب القومي العرقي . و اليوم بعدما برزت المذهبية كاهم عامل للتفرقة يُتهمون مذهبيا من قبل كل محور للاخر . و ليس في ذلك الحقيقة، الا ان الهدف الرئيسي للشعبين هو تحقيق تقرير مصيرهم فقط . و هذا لا يعني عدم محاولة الدول المنقسمة على المحاور من فرض اجندات، و هي تريد استغلال الاختلافات و الخلافات الموجودة اصلا في تحقيق مرامهم و اهدافهم السياسية الخاصة، و ما يتصارعون عليه بعيد جدا عن مصالح هؤلاء الشعوب المغبونة حقوقهم، و هم يترزحون تحت ظلم و جور السلطات منذ الغزوات و الفتوحات الاسلامية و ما فرض عليهم باسم الدين . و هم لهم تاريخهم و حياتهم، و مميزاتهم لا تمت بالدين و الجزيرة بصلة .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل روسيا ارادت النصر السريع في سوريا ؟
-
ماذا بعد داعش ؟
-
اصبح اغتيال النساء امرا طبيعيا في اقليم كوردستان
-
لماذا هكذا تتعامل امريكا مع اقليم كوردستان ؟
-
كيف يتم توزيع الادوار لدول الشرق الاوسط ؟
-
المثقف العراقي و ما يمر به اقليم كوردستان
-
لماذا لم تتعامل السعودية مع المفتي الارهابي بعدالة
-
تخبط الراسمالية الامريكية تتوضح من تعاملها مع قضايا الشرق ال
...
-
اعترف اردوغان بلسانه
-
هل يفيد الكلام عن الحلول المقترحة لحل الازمة في كوردستان ؟
-
لماذا خضعت تركيا للتعاون الاستراتيجي مع السعودية ؟
-
ماذا يخبيء لنا العام الجديد
-
هل بنى البرزاني اسس الدولة كي يعلنها
-
اقليم كوردستان بين بغداد و انقرة
-
هل الحكم الذاتي يناسب كوردستان الشمالية
-
البرزاني لم يدعو الى الاستفتاء ايمانا منه بالاستقلال
-
هل المشكلة في التاويل ام في النصوص ؟
-
هل البرازني يترك خندق اردوغان ؟
-
وصلت الحال لانبثاق مفارز مسلحة لثورة العصر في اقليم كوردستان
-
المحسوبية و المنسوبية لدى قادة الشرق
المزيد.....
-
ترامب يهدد بفرض رسوم جمركية.. كيف يؤثر ذلك على المستهلك؟
-
تيم حسن بمسلسل -تحت سابع أرض- في رمضان
-
السيسي يهنئ أحمد الشرع على توليه رئاسة سوريا.. ماذا قال؟
-
-الثوب والغترة أو الشماغ-.. إلزام طلاب المدارس الثانوية السع
...
-
تظاهرات شعبية قبالة معبر رفح المصري
-
اختراق خطير تكشفه -واتساب-: برنامج قرصنة إسرائيلي استهدف هوا
...
-
البرلمان الألماني يرفض قانون الهجرة وسط جدلٍ سياسيٍ حاد
-
الرئيس المصري: نهنئ أحمد الشرع لتوليه رئاسة سوريا خلال الم
...
-
إسرائيل.. تخلي حماس عن السلاح أو الحرب
-
زكريا الزبيدي يتحدث لـRT عن ظروف اعتقاله
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|