أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منير ابراهيم تايه - شاي بالنعناع/ قصص قصيرة















المزيد.....

شاي بالنعناع/ قصص قصيرة


منير ابراهيم تايه

الحوار المتمدن-العدد: 5039 - 2016 / 1 / 9 - 09:27
المحور: الادب والفن
    


أرق

الارق، فقدان الطريق الفطري إلى عالم الاحلام المجهول فنظل تائهين، باحثين عن البداية، في عصر البدايات التي لم تعبر خط البداية، تنظر إليه دون ان تراه..
الارق، ليلة بلا نوم، مثل ليلة بحار قررت غيومها ان تحجب النجمات العاريات المتألقات في السماوات ! و قررت بوصلته التوقف، حدادا على القمر الذي كانت تنتظر ولادة بدره، لكن الغيوم ليس لها قلب يرق لعشق البوصلة الصدئة، للبدر مكتمل الدوران..
الارق، كل كلمة تنحت احرفها على جمجتنا من الداخل، لأن السنتنا عجزت عن نطقها .. كل حلم مؤجل..كل واقع هربنا منه حتى مللنا الهروب.. كل نظرة لم نفهم مغزاها.. كل ذكرى قد قرر الارق نفض التراب عن اقفالها
في عالم لا تملك فيه إلا أن تحلم ، حيث لا تجد حرية إلا في الحلم ، يصبح الحلم ضروريا كالتنفس. تسعى وراءه وتحميه عند يقظتك و صحوك، ينال منك أحيانا حد الإعياء وتتخلّى عنه لآخر يناديك، ثم تعود إليه! هكذا من حلم إلى حلم .. تغرق فيها وتجد طريقك للسطح بعدها و يتصاعد نفسك ، ترى زرقة السماء وتسمع صدى نوارس ومراكب بخارية وصافرات وأصوات بحرية أخرى
أسلم رأسه لحضن وسادته، تقلب ذات اليمين وذات الشمال، مرت ساعات طويلة وهو يتقلب في الفراش، لا يعرف أي حالة هذه التي تسيطر علىه ولا تدعه ينام، فتح عينيه الحمراوين، عقارب الساعة تشير الى الواحدة بعد منتصف الليل، الصمت يسود الغرفة، يحاول ان ينسى كل شيء ليستغرق في النوم، ولكنه ادرك فشله في الحصول على اغفاءة ولو لساعة واحدة، نظر في انعكاس ظل غصن يتمايل على جدار غرفته، جلس على طرف السرير، جذب إليه طاولة صغيرة، لا توجد عنده مشكلة تؤرقه ليفكر فيها، الارق، انه فقدان الطريق الفطري إلى عالم الاحلام المجهول فنظل تائهين، باحثين عن البداية، في عصر البدايات التي لم تعبر خط البداية، ولم تعلم عن منتهاها سوى الموت، تعلمه دون ادراك، تنظر إليه دون ان تراه، هكذا دون أي شيء اعتراه قلق مجهول بات يؤرقه ويطرد النوم من عينيه، نهض واقفا، جال الغرفة مطرقا رأسه، أنعم النظر في شجرة خلف زجاج النافذة، دفع دفتيها خارجا، ملء رئتيه نسيما، نظر في أثر فنجان قهوة تركه يوما على حافة النافذة، أغمض عينيه، فتحهما، حاول ان يسرح بفكره عله يجد سببا لهذا، هل الوحدة هي السبب، استبعد الفكرة لأنها ليست المرة الأولى التي ينام فيها وحيدا، لقد اعتاد هذه الوحدة منذ سنوات طويلة وهو منسجم معها، والانسان حين يحب شيئا ويعتاد عليه فلا مشكلة لديه معه اذن، إذن ليست هي الوحدة، هل هو الخوف من الموت؟ رغم حبه للحياة وتعلقه بها فقد استطاع أن يتغلب على أي شعور بالخوف من الموت، وهو يظن ان الوحدة ساعدته في تعزيز هذا الشعور لأن الذين يعيشون حياة اجتماعية حافلة يكونون أكثر عرضة للإحساس بالخوف من الموت الذي سوف يأخذهم من وقائع الحياة الثرية التي يعيشونها، اما هو فعلاقته بالحياة محدودة، ولا توجد لديه علاقة حميمة مع احد لتجعله يخاف ان يخسرها، نهض من الفراش، احس بوخزات في مقدمة رأسه، بحث عن قرص منوم ليتناوله، ثم عدل عن الفكرة في نفسه قائلا: إن لم يأت النوم بشكل طبيعي فلا أريده، شعر بتعرق شديد، لم يعد يحتمل ان يبقى في الغرفة، نزل الى الشارع، الصمت يطبق على الشارع، والناس في بيوتهم، يرقدون بأمان، كان عليه ان يكون نائما الآن، لا ان يسهر ليحرس النائمين، سأل نفسه عن معنى نزوله إلى الشارع في هذا الوقت، يعود إلى حجرته، يشرب رشفة ماء ويتمتم في نفسه : سأنام.. لابد أنني سأنام الآن.. لا بد ان انام.. الساعة تشير الى الرابعه وعليه ان يستفيق في الثامنة ليذهب الى عمله، الحالة الهذيانية ولّت من غير رجعة، استلقى في الفراش وأغمض عينيه يمضي الوقت دون أن يتمكن من النوم، مضت ساعة أخرى دون أن يغفو ولو للحظة واحدة، لم يعد يحتمل، انتفض مرة أخرى، ذهب إلى المطبخ تناول كأسا من اللبن، وعاد إلى غرفة النوم دون أن يجرؤ على الدخول في الفراش،ثم تمتم : هل انا معتوه، الآن اكتشفت بأنني معتوه وأريد أن أقمع نفسي وأرغمها على النوم بالقوة، أليس من حق النفس أن ترفض النوم ولو ليلة واحدة، أليس من حقها أن تتمرد على النوم وترفضه لتنام في النهار.. في العمل.. في الحافلة.. في الحديقة .. في أي مكان، ما الذي حدث، منذ ست ساعات وانا احاول أتسول لحظة واحدة من النوم، لقد فقد كل رغبة في النوم واشعر بالرغبة أن أخرج الآن أدور في الطرقات إلى أن يحين وقت العمل فأعمل حتى المساء وعندما أشعر بنعاس سيكون النوم ممتعا لأن النوم عند ذاك هو الذي يأتي ويأخذني إلى عالمه، أجمل ساعات النوم هي تلك التي تكون في غفلة، وأنا أسهر على التلفاز ومستغرق في برنامج جديد وفجأة أغرق في نوم عميق لساعات طويلة متاصلةوحين أستفيق أرى بأن البرنامج انتهى ولحقه برنامجان آخران، فأضع رأسي وأكمل النوم على الكنبة حتى الصباح، تذكر للتو بأنه كاد أن يرتكب حماقة عندما فكر بأخذ أقراص منومة ليرغم النوم على نفسه، أجل عليه أن يبقى يقظا طالما لا يجد لديه رغبة النوم، وكل تلك الحركات التي بدرت منه ما كانت إلا هراء.
نهض من جديد ، وجلس، ضم ذراعية حتى لا يسع صوت ارتجاة جسده، والصباح الباهت يطل عليه من النافذة، لقد فاته أمر ، أن يسهر ليلة واحدة في السنة ، يكون فيها يقظا والناس نيام، ألا يحدث أن يكون نائما ويكون غيره يقظا، كم تمنى فيما لو عاد الليل من أوله ليستمتع بكل لحظة من لحظاته التي ذهبت...

الافعى والثعلب
عند ضفة النهر كانت الافعى تقف حين لمحت الثعلب قادما ناحيتها، فنادته قائلة: يا صديقي الثعلب، هل تساعدني وتحملني على ظهرك الى الضفة الأخرى من النهر فكما تعلم انا لا استطيع السباحة ؟
فقال الثعلب :و منذ متى كنا اصدقاء، وكيف اثق بك؟
فقالت: اقسم لك بأنني لن أؤذيك، فكل ما سأفعلة هو انني سأركب على ظهرك وتنقلني الى الضفة الاخرى، ولن انسى لك صنيعك هذا معي مدى؟
وافق الثعلب ، فصعدت الافعى على ظهره، ونزل بها الى النهر ، والتفت الافعى حول عنق الثعلب ، وقالت: للأسف يا صديقي فأنني سألدغك فكما تعرف الطبع يغلب التطبع؟
فقال الثعلب : وهل هذا جزاء احساني اليك. فقالت: كما تعلم اننا نحن الأفاعي مخادعين، وانت ستدفع ثمن غبائك؟
فقال الثعلب: اذن لا تلدغيني حتى نصل الى اليابسة، فأنا لا اريد الموت في الماء . وحين وصولهم الى الضفة المقابلة كانت الأفعى لا تزال ملتفة حول رقبة الثعلب
فقال الثعلب : لي طلب أخير، اريد قبلة الوداع قبل ان تلدغيني
فقبلت الأفعى الطلب، وحين همت الأفعى بتقبيل الثعلب انقض عليها باسنانه فهشم رأسها . وانزل الافعى الملفوفة من حول رقبته ، ووضعها على الأرض بشكل مستقيم قائلا: هكذا تكون الصداقة ، متساوية ومستقيمة ، ليس فيها لا لف ولا دوران؟!!

شاي بالنعناع
كانت الساعة تقترب من السابعة صباحا ، خرجت لاجلس في شرفة المنزل لاستمتع بشمس الصباح الجميلة مع فنجان شاي بالنعناع،. الشاي بالنعناع مثل “فنجان القهوة في الصباح و”فيروز” و”زياد الرحباني” و”محمود درويش”و”جيفارا”، هي أشياء قد لا تحبها، لكنك تخجل من نفسك عندما تعرف أن كل المثقفين مرهفي المشاعر يهيمون بها حبا.. أخذت نفسا عميقا وأنا أمسك بإحدى الكتب القديمة، اغلقت عيناي وما أن فتحتهما حتى استوقفتني روعة الحديقة الخضراء الواسعة التي يطل عليها المنزل، فبقيت أتابع امتداد الأشجار إلى أن وصلت إلى خط الأفق وأنا أحس بأني أضعت الكثير من الأيام في الماضي لأني لم أمتع نفسي بهكذا جمال من قبل..
وبينما كنت أفتح الكتاب لفت انتباهي امرأة مسنة تحمل عكارا بيدها ومعها سيدة في مقتبل العمر وطفل صغير، يقفون جميعا على الرصيف المقابل للحديقة وما هي إلا لحظات حتى بدؤوا سيرهم وأنا أراقب المرأة العجوز التي ما كانت تمشي خطوات خمس حتى تقف قليلا لترتاح، وتعاود تلك الخطوات الخمس حتى تتوقف مرة اخرى، وهي تكرر ذلك الى ان وصلت الى منتصف الشارع. وفجأة أخذت تلك السيدة تشد المرأة العجوز من يدها محاولة الإسراع بإبعادها عن السيارات التي كانت تندفع مسرعة محاولة الانقضاض على الفرائس البريئة لكن العجوز لم تستطع التحرك من مكانها، وبأعجوبة مرت السيارات دون أن يصاب أحد من الثلاثة بأي أذى ، ورغم الخطوات البطيئة المتثاقلة إلا أن الجميع وصلوا بسلام إلى رصيف الحديقة وتوقفوا بعد أن كاد قلبي أن يتوقف هو الآخر .. كان الرعب واضحا عليهم والهلع قد استحوذهم، فوقفت السيدة والطفل جانبا، وجلست المرأة العجوز على طرف الرصيف وقد اقترب منهم رجل في متوسط العمر وبيده عصا أعطاها لتلك المرأة العجوز بعد أن تحدث إليهم لبرهة قصيرة ومن ثم أمسك بيد السيدة وسار الثلاثة مبتعدين بظلالهم عن العجوز والعصا القديمة وقد ضنّوا عليها بالذهاب معهم وكأنها عبء ثقيل لم يستطيعوا ان يتحملوه اكثر من ذلك. لم تتوقف خطاهم وكذلك نظرات العجوز عن ملاحقتهم حتى بدوا نقاطا بعيدة في زمن أبعد . فحملت عصاها وبدأت بالخطوات الخمس ثم التوقف وإلى ذلك حتى دخلت الحديقة . وبقيت أتابعها وعيناي تمتلآن بالدموع..
لاشك أن تلك العصا التي لا تحمل روحا كانت أحنّ عليها من أولئك البشر . وهذه الحديقة أجمل منزل لمن لا منزل لهم غير جدران من بيوت تسكن بينها قلوب لم تعرف الخفقان يوما
بقيت أتابع الخطوات الخمس كل دقيقة حتى ابتعدت تماما وبدت كأنها شجرة راحلة بين الأشجار وانتهت حين تلاقت مع الأفق وضاعت فيه...



#منير_ابراهيم_تايه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حياة اخرى وقصص اخرى قصيرة
- محطات في فكر مالك بن نبي
- الكواكبي.. ومئة عام من الديكتاتورية
- شوق الدراويش ل -حمور زيادة- رواية تتكىء على التاريخ
- الحمار/ قصة قصيرة
- واسيني الاعرج في رواية -البيت الاندلسي- نكتب لأننا نحب الكتا ...
- عقلية الوفرة وعقلية الندرة..!؟
- الغريبة التي لا اعرفها/ قصص قصيرة
- فنجان قهوة
- عناقيد الكرز... وما تيسر من وجع!!
- سفر..
- -المغفلة- ل -تشيخوف- ما اقبح الفقر .. وما اجمل الفقراء!!
- الحارس في حقل الشوفان
- الشيوعيون العرب.. وفلسطين
- نجيب محفوظ.. الوجه الآخر
- دعوة على العشاء/ قصص قصيرة
- بجعات برية رواية اجتماعية بنكهة سياسية
- الموشحات ... شعر يحلق باجنحة الغناء
- ضغط الكتابة وسكرها لامين تاج السر
- قصص قصيرة بعنوان مبتدأ وخبر


المزيد.....




- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منير ابراهيم تايه - شاي بالنعناع/ قصص قصيرة