|
حدث فى القرن الخامس عشر الهجرى
نصارعبدالله
الحوار المتمدن-العدد: 1372 - 2005 / 11 / 8 - 08:57
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
قراءة فى العدد التذكارى من مجلة (….) الصادرة فى نهاية العام الهجرى 1599ـ الموافق 2173 ميلادية "
* * * تمهـــــــيد كتبت هذا الموضوع عام 1991، ومنذ ذلك التاريخ ظللت أبحث عبثا عن مجلة أو صحيفة ترحب بنشره، …طرقت أبواب سائر الصحف والمجلات التى كانت أعمالى دائما موضع ترحيبها على مستوى العالم العربى بأكمله،.. لكن واحدة منها لم تقم ـ لا أدرى لماذا ـ بنشره . ثم قدر له بعد ذلك بسنوات أن يجد طريقه إلى ما يمكن أن نسميه (مجازا) بالنشر من خلال العدد التجريبى الثانى لمجلة "النداء" التى كان الراحل الكبير الأستاذ الدكتور شكرى عياد يعتزم إصدارها فى مصر ، غير أن السلطات المختصة صادرت حقها فى الصدور من خلال رفضها إعطاءها ترخيص الصدور رغم استيفائها لكافة الاشتراطات التى نص عليها القانون، ورغم إصدارها لعددين تجريبيين طبع من كل منهما عدد محدود جدا من النسخ . وقد تردد وقتها أن اجتراءها على نشر هذا الموضوع هو فى مقدمة الأسباب التى حالت دون منحها رخصة الصدور. ثم قدر له مرة أخرى أن يجد طريقه إلى ما يمكن أن نسميه للمرة الثانية وعلى سبيل المجاز أيضا بالنشر عندما ضممته إلى مواد كتابى "رموز السياسة : رموز الصحافة، وهمو م أخرى " والذى صدرت طبعته الأولى فى عام 2000 عن دار الوفاء بالإسكندرية فى عدد محدود جدا من النسخ ، والذى اشتمل على مجموعة مختارة من المقالات الصحفية التى نشرتها مابين عامى 1990و2000والتى خشيت عليها أن تندثر فلا يبقى منها بين يدى شئ بعد أن ضاعت معظم أصولها ، رغم أن بعضها ـ ومن بينها هذا الموضوع ـ لا يخلو من الأهمية الفكرية، وإن كان أغلبها ذا طابع يمكن أن يوصف بأنه خفيف (الظل فيما أزعم ـ والقيمة فيما يزعم البعض !).. ثم أتيحت لهذا الموضوع فرصة حقيقية للنشر، أو بالأحرى (فرصة للشروع فى النشر) ، عندما قررت جريدة "العربى"، التى تصدر عن الحزب الناصرى أن تنشره مسلسلا على حلقتين، وبالفعل نشرت الحلقة الأولى فى عدد5يناير2003 مع تنويه بأن الحلقة الثانية ستصدر فى العدد التالى ، وقد صدر العدد التالى يحمل اعتتذارا عن عدم النشر وتنويها جديدا بأن الحلقة التالية ستنشر فى الأسبوع القادم ، ... ثم ...لم تنشرقط ويبقى أن أشير إلى أننى عندما كتبته عام 1991 فى أعقاب حرب الخليج ، لم يكن يعنينى أن أتنبأ بما يمكن أن يحدث فى السنوات القادمة، لم يكن يعنينى أن أحاول رسم سيناريو ما للأحداث المقبلة ، ولم يكن يعنينى كذلك أن أسخر من نظم عربية بعينها ، ولكن ما كان يعنينى فى المقام الأول هو أن أنبه ـ من خلال شكل أدبى يقع ما بين القصة والمقال ـ إلى ما أراه من سلبيات العقل العربى التى سوف تقودنا إلى كارثة محققة إلا إذا …. د/ نصـــــــار عبداللــــــــه
حدث فى القرن الخامس عشر الهجرى
قراءة فى العدد التذكارى من مجلة (….) الصادرة فى نهاية العام الهجرى 1599ـ الموافق 2173 ميلادية "
ـ فقرات من افتتاحية رئيس التحرير ـ
ها نحن نتهيأ جميعا فى هذه الأيام لا ستقبال قرن هجرى جديد ومجيد بإذن الله . ومن حقنا جميعا ـ نحن أمة العرب والمسلمين ـ أن نفخر بأن العالم بأسره يشاركنا لأول مرة فى تاريخنا فى الاستعداد للاحتفال بهذه الذكرى العطرة …، ذكرى هجرة لم تكن بأى مقياس من المقاييس من أضخم الهجرات البشرية فى التاريخ، لكنها كانت ـ وبكل المقاييس ـ من أعظم الهجرات فى تاريخ البشر قاطبة، فهى التى مهدت لقيام حضارة من أعظم الحضارات الإنسانية ، ونعنى بها الحضارة الإسلامية التى أسهمت فى دفع عجلة التقدم الإنسانى من خلال موجتين أساسيتين من موجات النور والرقى ، أما الموجة الأولى فهى التى تمثلت فيما نطلق عليه الآن العصر الذهبى الأول للإسلام والذى بلغ أوج ازدهاره فى القرن الثالث الهجرى ـ التاسع الميلادى ، وأما الموجة الثانية فهى تتمثل بفضل الله وعونه فى عصرنا الحالى الذى يمكن أن نطلق عليه العصر الذهبى الثانى للإسلام حيث ينعم العالم بأسره بثمار حضارتنا العربية الإسلامية فى كل مجالات العلوم والفنون والآداب والنظم السياسية والاجتماعية والاقتصادية . وفى هذا العدد التذكارى من (…) الذى يصدر بعنوان "الإسلام : قرن ذهبى جديد من الحضارة الإسلامية الخالدة "سوف يجد القارئ سجلا حافلا لإنجازات الحضارة الإسلامية خلال القرن المنصرم ، كما سوف يطالع توقعات كبار مفكرينا لما سوف يتحقق بعون الله خلال القرن القادم : القرن السابع عشر الـهجـرى وفى هذا العدد أيضا سوف نستعيد معا ذكريات تلك الأزمة الطاحنة التى شهدها القرن الخامس عشر الهجرى والتى عرفت بأزمة الرؤية (رؤية هلال شهر رمضان )، والتى ترتب عليها قيام حرب الخليج الثانية ، عام 1421هـ، الموافق لعام 2000م( ) أى بعد نحو تسعة أعوام فقط من قيام حرب الخليج الاولى عام 1411هـ الموافق 1991 . ورغم أن كلا الحربين قد ألحقتا بالامة العربية والاسلامية أفدح الكوارث والاهوال، إلا انهما فيما يرى الكثيرون من المؤرخين قد كانتا البداية الحقيقية للصحوة الكبرى ، صحوة العقل العربى من غياهب الجهل والظلام الذى اتسم به القرن الخامس عشر ، ومهدتا من ثم لهذه الطفرة الهائلة التى انتقلت بالعام العربى فى مدى قرن واحد من الزمان من موقف التابع إلى موقف المشارك فى صنع الحضارة، ثم إلى موقع الرائد والقائد الذى تقتفى خطواته وتستفيد منها وتضيف إليها كل شعوب الأرض. اقرأ على صفحة 16 من هذا العدد "أزمة هلال رمضان" !! أزمة هلال رمضان لا شك أن الكثيرين من المسلمين المعاصرين سوف يشعرون بالدهشة البالغة إذا عرفوا أن شهر رمضان المعظم لم يكن فيما مضى يبدأ فى نفس التوقيت فى سائر البلاد الإسلامية، حتى تلك البلاد الواقعة على نفس خط الطول الجغرافى، وأن الوضع قد استمر كذلك حتى بعد انقضاء عقدين كاملين من القرن السادس عشر الهجرى،إذ كان من المألوف جداً أن يبدأ المسلمون صيامهم فى أحد البلاد الإسلامية حيث ما يزال المسلمون فى بلد مجاور ينتظرون انقضاء شهر شعبان يوماً آخر، أو يومين، وربما ثلاثة أيام فى بعض الحالات!! كما كان من المألوف كذلك أن تنقضى أيام عيد الفطر المبارك فى بلد معين حيث ما يزال المسلمون فى بلد مجاور على صيامهم إلى أن يتموا عدة الشهر الكريم. غير أن الكثيرين من المسلمين المعاصرين سوف يشعرون بقدر أكبر من الدهشة حين يعرفون بما كان يجرى فى أحد أقاليم الدولة العربية الإسلامية ونعنى به إقليم البقاع المقدسة والذى كان يمثل دولة مستقلة فى ذلك الوقت كانت تعرف باسم "المملكة العربية السعودية"، ذلك أنه طوال تاريخ المملكة العربية السعودية لم يحدث قط ان اكتملت عدة شهر شعبان إلى ثلاثين يوماً ولم يحدث كذلك أن اكتملت عدة شهر رمضان إلى أكثر من تسعة وعشرين يوماً. وقد ألف الناس فى المملكة العربية السعودية هذا الوضع واعتادوه بل إن البسطاء منهم قد اعتبروه جزءا من سنة الله فى خلقه، شأنه فى ذلك شأن تعاقب الليل والنهار واختلاف الأشياء والأسماء والمواقع ،وهكذا كان السعوديون فى كل عام يهيئون أنفسهم لاستقبال رمضان بعد انقضاء تسعة وعشرين يوماً من شعبان إذا ما ثبتت رؤية الهلال، وهى لا شك ستثبت بإذن الله كما ثبتت من قبل فى كل عام مضى. ومع هذا فإن هذا الوضع الذى تفرد به شهرا شعبان ورمضان كثيراً ما كان يحير بعض الناس ويدفعهم إلى التفكير فى أمره لاستكشاف الحكمة الإلهية التى توخاها الله سبحانه وتعالى حين شاءت إرادته الإلهية ألا تكتمل عدة أى من هذين الشهرين الكريمين إلى ثلاثين يوماً، حيث ذهبوا فى ذلك إلى مذاهب شتى، فقال نفر منهم بأن حدثا جللاً سوف يصيب المملكة إذا ما اكتملت عدة شعبان أو رمضان ، وقد قضى لطفه وكرمه تعالى بأن يجنب المملكة هذا الحادث الجلل إلى الآن، فى حين ذهب نفر آخر من المستنيرين- خاصة أولئك الذين نالوا قسطاً من التعليم خارج المملكة- إلى أن نظام البشارة هو المسئول (البشارة هى تلك المنحة المالية السخية التى كان يحصل عليها أولئك الذين يسبقون غيرهم إلى اثبات رؤيتهم لهلال رمضان). كان تحديد بداية شهر رمضان يجرى مثلما يجرى الآن تماماً طبقاً للحديـــــث الشريف:"صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته" غير أن المملكة العربية السعودية كانت تعتد بالرؤية البصرية القائمة على العين المجردة، ومن ثم فقد كان يكفى أن يبادر شاهدان- إلى إثبات شهادتهما بأنهما قد رأيا هلال رمضان، حتى يثبت انقضاء شعبان، وبدء رمضان وبذلك ينالان البشارة ويجب الصوم على جميع المسلمين. وهكذا ذهب ذلك النفر من المستنيرين السعوديين الذين أشرنا إليهم منذ قليل إلى القول بأن توقع البشارة من شأنه أن يصرف المرء عن توخى التدقيق فيما يشاهده، ومن شأنه كذلك أن يدفع المرء إلى تخيل ما هو غير موجود، فضلاً عن أن اللهفة إلى عيد الفطر، أو إلى شهر رمضان واستعجــال مجيئه هو عامل آخر يدعم تأثير البشارة بحيث قد يجعل المرء يرى أحلامه متجسدة على هيئة هلال حيث لا هلال فى الحقيقة، خاصة وأن مسببات الخداع البصرى أكثر من أن تحصى! كان المستنيرون يتبادلون هذه الآراء فى مجالسهم الخاصة، وربما حاول بعضهم شرحها للبسطاء من الناس غير أنها لم تكن لتلقى قبولاً عند عامة الناس، فضلاً عن أن هذه الآراء قد أثارت ثائرة هيئة كبار العلماء التى أصدرت البيان تلو البيان لتحذيرالناس من الإستماع إلى هذه الآراء التى وصفتها بأنها ضلالات وأباطيل، ووصفت أصحابها بأنهم فئة من المرجفين والمشككين الخارجين على أحكام الشرع والدين الذين يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم وأن يمحقوا تلك النعمة الكبرى
التى أنعم بها الله على هذا البلد الأمين إذ جعل من شهر شعبان تسعة وعشرين يوماً فقـرّب من شهر رمضان، وجعل من رمضان تسعة وعشرين يوماً فقـرّب من عيد الفطر المبارك!! وفى أحد هذه البيانات حملت هيئة كبار العلماء حملة كبرى على بعض الدول الإسلامية التى أخذت بنظام الحسابات الفلكية ورفضت أن تعتد بالرؤية بالعين المجردة ما لم تكن هذه الرؤية مدعمة بالحسابات والأجهزة إلى آخر تلك البدع التى ابتدعها النصارى والكفار من أهل الغرب، ووصفت تلك الدول بأنها هى المسئولة عن إفساد أفكار نفر من الشباب السعودى الذين يطالبون بالاقتداء بها والتأسى بمفاسدها بدلا من التأسى بسنة رسول الله وبالسلف الصالح من الصحابة والتابعين، أولئك الذين التزموا باستطلاع الهلال بالعين المجردة منذ أن أوصانا صلاة الله وسلامه عليه بذلك وإلى يوم الدين. ورغم هذه البيانات الملتهبة التى كثيراً ما حملت فى طياتها تهديداً ووعيداً مستتراً بل وصريحاً فى بعض الحالات، فقد ظل المستنيرون على قناعتهم بأنه لو تم إلغاء نظام البشارة ولو تم الاستهداء بالحسابات الفلكية فسوف يصبح شهرا شعبان ورمضان مثل سائر الشهور العربية فى سائر البلاد الإسلامية، شهرين قابلين لاكتمال العدة مصداقا لقول رسول الله "فإن غمّ عليكم فأكملوا العدة"، وهى العدة التى لم تكتمل فى المملكة قط نتيجة لهذا الوضع الغريب. وقد ظل الوضع كذلك بين شد وجذب ما بين الفئة السعودية المستنيرة وبين المؤسسة الدينية المسيطرة من ناحية، ثم ما بين هذه المؤسسة السعودية، وبين مؤسسات الفتوى والتشريع فى عدد من الدول الإسلامية، ظل الوضع كذلك إلى عام 1420هـ، الموافق لعام 1999م، وبينما كان العالم الغربى يستعد للاحتفال بقدوم القرن الواحد والعشرين الميلادى فوجئ السعوديون بصدور فتوى من هيئة كبار العلماء تقضى بأن استطلاع الهلال أمر واجب على سائر المسلمين فى كل مكان بالنسبة لسائر الشهور العربية لا بالنسبة لهلال رمضان أو شوال وحدهما!، واستشهدت بما ورد فى القرآن الكريم من أن الأهلة مواقيت حيث ورد لفظ الأهلة فى صيغة الجمع وذلك فى قوله تعالى "يسألونك عن الأهلة( )"، وختمت الهيئة بيانها بإصدار توصية بتعميم نظام البشارة وزيادة الاعتمادات المالية المخصصة لهذا الغرض، وقد تضاربت التفسيرات حول دوافع هذه التوصية وإن كان التفسير الأرجح أنها نوع من التحدى وإثبات القوة فى مواجهة الاتجاهات السعودية المستنيرة التى كانت تتزايد عاماً بعد عام، فبدلاً من أن تعدل الهيئة عن نظام البشارة المرتبط بمبدأ الاعتداد بالرؤية بالعين المجردة، قامت الهيئة بدلاً من ذلك بتعميم ذلك النظام بحيث يشمل سائر الشهور العربية واختارت لذلك توقيتاً له دلالته وهو الاستعداد للاحتفال بالقرن الميلادى الجديد من قبل العالم المسيحى، مؤكدة بذلك تمسك العالم الإسلامى بأصالته وبتراثه. وتنفيذاً لهذه التوصية قد تم تقسيم المملكة إلى نيف وثلاثمائة منطقة وفى كل منطقة تم تعيين لجنة شرعية أوكل إليها مهمة تلقى بلاغات المواطنين وإثبات شهاداتهم برؤية الهلال الجديدعقب غروب شمس اليوم التاسع والعشرين من الشهر السابق، ثم منحهم البشارة الواجبة لهم فى حالة ثبوت رؤية الهلال.
كانت الخزانة السعودية قد رصدت مبالغ طائلة لهذا الغرض قدرها البعض بمائة مليون ريال سعودى فى العام فى حين قفزت بعض التقديرات إلى ما يناهز الألف مليون ريال. وفى ذلك العام المشهود كانت قد ثبتت رؤية هلال رمضان عقب غروب شمس التاسع والعشرين من شعبان، كما ثبتت رؤية هلال شوال عقب غروب شمس التاسع والعشرين من رمضان، وهو الأمر الذى كان مألوفاً ومتوقعاً كما سلفت الإشارة. وفى يوم التاسع والعشرين من شهر شوال سنة 1320هـ، تقدم عدد كبير من المواطنين إلى لجان الرؤية الشرعية يطلبون إثبات شهادتهم لرؤية هلال شهر ذى القعدة. ثم بدأت الأحداث تتوالى فقد رفض رئيس اللجنة الشرعية بمنطقة "أبهة" إثبات شهادة الشهود والإعتداد بها، ورفض من ثم أن يصرف لهم البشارة، انطلاقا من أنه لم يحدث من قبل أن تعاقبت ثلاثة شهور عربية ناقصة العدة، فضلاً عن أنه هو شخصياً، ورغم حدة بصره لم يشاهد هلال شوال إلا فى اليوم الثالث من شهر شوال فكيف بهلال ذى القعدة؟؟ كان الشيخ "عبد الكريم بن ثابت" رئيس اللجنة الشرعية بمنطقة أبهة رجلاً حاد الذكاء واسع المعرفة بأمور الدين والدنيا، وكان قد تلقى جانباً من تعليمه فى الأزهر الشريف بمصر حيث أتيح له أن يلتقى بعلماء مصر ومفكريها وأن يتناقش معهم مما زاده سعة فى الأفق بالإضافة إلى ما كان يتمتع به أصلاً من ذكاء فطرى. غير أنه على الرغم من موقف الشيخ بن ثابت فقد ثبتت رؤية هلال ذى القعدة حيث أعلن رسمياً فى المملكة أن غداً اليوم الأول من أيام شهر ذى القعدة لعام 1320 من الهجرة الشريفة، واستدعى الشيخ ثابت للمثول أمام هيئة كبار العلماء بناء على الشكاوى العديدة التى تقدم بها المواطنون الذين لم تثبت شهادتهم ولم يحصلوا من ثم على بشارتهم. *** أصدرت هيئة كبار العلماء بهذه المناسبة بيانا جاء فيه أن الذين ينكرون ما هو ثابت فى الكتاب والسنة سوف تهدر دماؤهم، وأن الذين يفترون على الله كذباً سوف تقطع ألسنتهم، وأن الذين يجحدون شهادة مسلمين ثقات عدول تطوعوا للإدلاء بشهادتهم ابتغاء مرضاة الله وتبشيراً لسائر المسلمين بقدوم شهر جديد مبارك، أولئك الذين يطعنون فى نزاهة وأمانة إخوانهم من المسلمين سوف يجلدون علناً وعلى رءوس الأشهاد مهما، كان قدرهم وأيا ما كانت مكانتهم. كل ذلك كان إشارات واضحة إلى ما سوف ينتظر الشيخ ابن ثابت من مصير أليم أهون احتمالاته هى الجلد علناًعلى رءوس الأِشهاد وهو ما جعله يمثل أمام هيئة كبار العلماء وقد امتلاً قلبه رعبا. * * * مثل الشيخ عبد الحكيم بن ثابت أمام هيئة كبار العلماء صباح الثالث من شهر ذى القعدة سنة 1420هـ، (طبقاً للتقويم الشرعى المعتمد).. مثل متهماً بالعديد من التهم منها الإمتناع عن أداء واجبات وظيفته الشرعية، والإمتناع عن إثبات شهادة شهود ثقات عدول مما يتضمن طعناً فى نزاهتهم وأمانتهم بغير وجه حق، خاصة وأن شهادتهم قد جاءت متطابقة من شهادة الآلاف من أبناء هذا البلد الأمين. وقد دافع ابن ثابت عن موقفه دفاعاً مجيداً مستشهداً بكل ما ورد فى كتب السلف الصالح من روايات تؤيد استحالة تعاقب ثلاثة شهورعربية عدة كل منها تسعة وعشرون يوما كما حدث فى هذا العام، فإذا ما أضيف إلي هذه الشهور الثلاثة التى قيل إن عدة كل منها تسعة وعشرون يوماً ، إذا أضيف إليها شهر آخر غير مكتمل العدة، لترتب على ذلك أن السنة الهجرية سوف تنقص
يومين كاملين على الأقل عن طولها المعتاد وهو لا يعلم وسيلة لتعويض هذين اليومين إلا أن تتعاقب خمسة أشهر متتابعة مكتملة العدة وهو ما لا يسوغه عقل، وقد كان أجدر بهيئة كبار العلماء والحال كذلك أن تستطلع هلال ذى القعدة بعد غروب شمس الثلاثين من شوال لا بعدغروب شمس التاسع والعشرين منه،.. وهنا وجّه إليه رئيس هيئة كبار العلماء سؤالاً مفحماً إذ قال له.. هب أن رؤية الهلال عندئذ لم تثبت … فماذا ترانا فاعلين فى هذه الحالة؟.. أنضيف يوماً إلى شهر شوال فتصبح عدته واحداً وثلاثين يوماً مثل شهور الكفـّـار والنصارى؟ وأرتج على الشيخ عبد الحكيم لبضع لحظات، غير أنه لم يحاول أن يواجه الهيئة بدفاعه الحاسم الذى كان يخفيه فى صدره، لم يحاول أن يقول للهيئة: تعالوا بنا إلى كلمة سواء.. ها نحن فى اليوم الثالث من ذى القعدة كما تقولون.. فتعالوا بنا ننظر إلى السماء معاً بعد غروب الشمس.. تعالوا بنا نتطلع إلى الهلال لنرى من هيئته وحاله والمدة التى سوف يستغرقها بعد غروب الشمس.. تعالوا بنا ننظر كم سيمكث بعد غروب الشمس لنعرف إن كان وليد ثلاثة أيام أم يومين أم إنه وليد هذا اليوم فحسب… ؟ لم يحاول أن يواجههم بهذه الحجة الحاسمة حتى لا يجرح شعورهم فقد كان رئيس هيئة كبار العلماء شيخاً ضريراً، كما كان بقية أعضاء الهيئة من المكفوفين أو أشباه المكففوفين وهكذا اكتفى بأن قال رداً على سؤال الهيئة:إنها كانت ستثبت بإذن الله يوم الثلاثين، فقد ثبتت كما تقولون يوم التاسع والعشرين بشهادة مشكوك فيها، بل إنها مقطوع ببطلانها، فكيف لا تثبت بشهادة أقرب إلى الحق. وييدو أن لسانه قد خانه فى هذه العبارة الأخيرة إذ اعتبرتها الهيئة اعترافاً منه بأنه يشكك فى أمانة الشهود ويطعن فى نزاهتهم بل ويطعن فى المسألة بأسرها فطلبت إليه أن يلزم داره إلى أن يصدر قرارها بشأنه. * * * روى عن الشيخ عبد الحكيم بن ثابت أنه رفع يديه إلى السماء وهو يدخل داره قائلاً "اللهم إنك تعلم مدى إيمانى بك وغيرتى على دينك وأمتك، فكن عونى، أنت حسبى ونعم الوكيل".. ثم دخل داره ولم يسمح لأحد بزيارته تنفيذا لأمر الهيئة.
* * كانـت وكالات الأنباء قد تناقلت أنباء هذه الأزمة وأصبحت هىالمادةالمفضلة فى كثير من الصحف العربية والأجنبية، وكانت صحف ومجلات دار الهلال المصرية قد انفردت بتخصيص مساحات ضخمة من صفحاتها لهذا الموضوع حيث صدرت مجلة الهلال تحمل مانشيتا رئيساً هو "الهلال.. بين الحقيقة والخيال" حيث استطلعت المجلة آراء عدد كبير من الكتاب والمفكرين والعلماء ورجال الدين ونجوم المجتمع والمواطنين العاديين فى هذه القضية، وقد أبدت المجلة تعاطفاً كبيراً مع hموقف الشيخ عبد الحكيم، ووجهت الدعوة إلى قرائها لإرسال البرقيات والرسائل إلى هيئة كبار العلماء وإلى خادم الحرمين (اللقب الذين كان يحمله ملك البلاد فى هذا الوقت) لبذل شفاعته المقبولة لدى الهيئة لكى تصدر قرارها بتبرئة الشيخ عبد الحكيم، أو لاستعمال حقه الشرعى فى العفو عن الشيخ المتهم وإعفائه من مشقة انتظار قرار اللجنة. * * * كان للحملة الإعلامية الضخمة، التى شنتها الصحافة المصرية والإسلامية والعالمية دفاعاً عن الشيخ عبد الحكيم بن ثابت، أثر كبير فى تخفيف الحكم الصادر ضده، خاصة وأن أحد الأمراء السعوديين كان قد عاد حديثاً من الولايات المتحدة الأمريكية، حيث كان واحداً من الرواد الذين شاركوا فى رحــــــــلات سفينة الفضاء دسكفرى، ومن ثم فقد كان مقتنعاً فى قرارة نفسه بموقف الشيخ بن ثابت مما دفعه إلى حشد جهود الشباب السعودى المستنير دفاعاً عن موقف الشيخ المستنير، حيث قام بتجميع توقيعاتهم على ملتمس تقدم به بنفسه إلى خادم الحرمين طالباً منه بذل الشفاعة أو العفو. وهكذا لم تصدر هيئة كبار العلماء قرارها بإهدار دم الشيخ عبد الحكيم أو حتى جلده كما كان متوقعاً.. حيث اكتفت بعزله من منصبه وحرمت عليه ولاية أى منصب شرعى من بعد، كما قضت عليه بأن يلزم داره لا يبرحها إلا لأمر ضرورى وبشرط الحصول على إذن بذلك من الهيئة. وعلى الرغم من أن هذا الحكم كان أخف مما كان متوقعاً كما أسلفنا إلا أنه كان كافياً تماماً لردع كل من تسول له نفسه بتكذيب أو تجريح شهادة أى مواطن يقول بأنه قد شاهد الهلال يوم استطلاعه فى هذا الشهر أو فى أى شهر، وهكذا فقد ثبتت رؤية هلال ذى الحجة يوم التاسع والعشرين من ذى القعدة لعام 1420هـ، كما ثبتت رؤية هلال شهر محرم عام 1421هـ عقب غروب شمس التاسع والعشرين من ذى الحجة عام 1420هـ، واحتفلت هيئة كبار العلماء ببداية العام الهجرى الجديد احتفالاً مشهوداً بينما كانت همهمات العجب والاستنكار وأحاسيس الحيرة والبلبلة تتزايد يوماً بعد يوم فى كل أنحاء المملكة، وبينما كانت أصداء ما يحدث تتردد عالياً فى كل أنحاء العالم تقريباً. * * * كادت مشاعر الحيرة والبلبلة تفتك بعقول الكثيرين من الناس فى السعودية حينما كانوا يتطلعون إلى السماء فيرون القمر فى طريقه إلى أن يصبح بدراً مكتملاً فى حين كانت بيانات هيئة كبار العلماء تعلن أن اليوم هو التاسع والعشرون من شهر كذا حيث سوف يتم بمشيئة الله استطلاع هلال الشهر الهجرى الجديد أعاده الله على الأمة الإسلامية جمعاء باليمن والبركات.وكان المستنيرون السعوديون يشعرون بالمرارة من هذا الوضع الذى جعل السعوديين فى الخارج أضحوكة العالمين من مسلمين وغير مسلمين، وكانوا يشعرون بأن الوقت قد حان لكى تبادر الأسرة الحاكمة إلى تدارك الأوضاع وأن تستبدل بالمؤسسة الدينية العتيقة المتحجرة ، مؤسسة دينية حديثة تتمتع ولو بالحد الأدنى من الإلمام بحقائق العلم والعصر والحياة أسوة بما هو قائم فى مصر وفى دول إسلامية أخرى عديدة. وأما من جانب هيئة كبار العلماء فقد أخذتها العزة بالإثم وركب رأسها الغرور والمكابرة واعتبرت أن هذا الوضع معجزة جديدة تضاف إلى معجزات الإسلام السابقة وجاء فى أحد بياناتها: "إن إرادة المولى عز وجل قد قضت فى الآونة الأخيرة أن تتعاقب الأعوام العربية بأسرع مما كانت تتعاقب فى الماضى وهو ما سوف يترتب عليه إن استمر الوضع على هذه الحال أن التاريخالهجرى سوف يدرك التاريخ الميلادى ويصبح معادلاً له فى وقت أقرب مما كان مفترضاً، بل إن التاريخ الهجرى سرعان ما سوف يتجاوز التاريخ الميلادى ويسبقه وهذه معجزة كبرى تحققت فى عهد خادم الحرمين الشريفين أدامه الله ذخراً للعروبة والإسلام!!!وفى نفس الوقت قامت الهيئة بنشر عيونها وأعوانها فى كل مكان يروجون هذه المعجزة الجديدة، ويمنحون الهبات والعطايا لكل من يشيدون بها وينزلون العقاب والعذاب بكل من تبدو عليهم دلائل عدم التصديق أما من جانب الحكومة فقد كانت تشعر بأنها فى مأزق حقيقى أوقعها فيه سرعة استجابتها لتوصية الهيئة دون أن تأخذ فى حسبانها أنها سوف يترتب عليها كل هذا القدر من المفارقات والمشكلات. كان كل ما يدور فى ذهنها عندما أخذت بها وقررت تعميم نظام البشارة، أنها مناسبة جديدة للإغداق على المواطنين بعد أن تحقق لها لأول مرة منذ حرب الخليج الأولى فائض كبير فى الميزانية يستوجب المزيد من الإغداق على أبناء المملكة حتى يلهجوا بالثناء والحمد على مليك البلاد وحتى ينشغلوا عن الأحوال الداخلية للأسرة المالكة وعن السياسة الخارجية للحكومة فى نفس الوقت. أما الآن فإن الرياح قد أتت بما لا تشتهيه سفينة الحكم السعودى، وأصبحت الحكومة تواجه خيارين أحلاهما مر: فهى تخشى أن تقمع هيئة كبار العلماء وتطيح بها فيتحول أنصارها إلى حرب على الحكومة بعد أن كانوا عوناً لها على إدارة دفة الحكم، ثم هى تخشى فى نفس الوقت أن تسكت على الأوضاع فتتزايدأعمال العنف والتنكيل من قبل أنصار الهيئة ضد المناوئين لهم وهو ما سيترتب عليه بالضرورة ـ وهذا هو الأخطر ـ تصاعد عمليات المقاومة والانتقام التى كانت قد بدأت فعلا ، والتى وصلت إلى حد اغتيال بعض رموز الهيئة فى عدد من المناطق المختلفة فى البلاد … كان الأمر يستلزم قدرا كبيرا من الحكمة فى مواجهة الموقف ، وكان هناك بطبيعة الحال عدد من الحلول الوسط المطروحة لتجاوز الأزمة ، وكان أبرز هذه الحلول الوسط إعادة تشكيل الهيئة وتطعيمها ببعض الوجوه المستنيرة من أمثال الشيخ عبدالحكيم بن ثابت نفسه ، غير أن هذا الحل لقى معارضة قاطعة من الهيئة الراهنة التى كان يبدو عليها أنها قد فقدت القدرة على أى تراجع وأنها مصممة على أن تتمسك بموقفها وتخوض معركتها إلى النهاية وليكن بعد ذلك ما يكون . وأما فى العالم الخارجى فقد ظلت أخبار تلك الازمة هى الشغل الشاغل لأجهزة الإعلام والرأى العام فى مختلف دول العالم، وبوجه خاص فى الدول العربية والاسلامية التى تدفقت منها ملايين الرسائل والبرقيات تناشد الحكومة السعودية وضع حد لهذه الأوضاع التى أساءت إلى الإسلام من ناحية والتى ترتب عليها تهديد الأمن والأمان فى بلاد الله الحرام من ناحية أخرى. وكانت مصر واحدة من البلاد العربية والإسلامية التى انعكست عليها أوضاع الأزمة بشكل أكثر خصوصية، وأصبحت هى المشكلة الأولى التى تؤرق بال الرأى العام والحكومة والمعارضة والجماعات الدينية المتطرفة فى آن واحد، خاصة بعد أن اتهمتهم الهيئة بأنهم مسئولون عن المساهمة فى إفساد أفكار الشباب السعودى والوقوف إلى جانب المشككين والمرجفين أعداء الوطن والدين. ومن الغريب أنه على الرغم من أن الرأى العام المصرى بأكمله تقريباً كان مجمعاً على استنكار أعمال العنف والإيذاء التى كانت يتعرض لها المصريون العاملون فى السعودية، على الرغم من ذلك فقد كانت بعض الجماعات الدينية المتطرفة تقف موقفاً موالياً لهيئة كبار العلماء ، وكانت تهلل وتبتهج لأخبار الانتصارات المزعومة التى كان يحققها أنصار الهيئة ضد الزنادقة والمكذبين والمشككين من المصرين وغير المصريين… بل لقد وصل الأمر بأنصار هذه الجماعات إلى مهاجمة دار الهلال والإعتداء على عدد كبير من محرريها وإضرام النار فى هذه الدار التى وصفوها بأنها ما تزال تسير على نهج مؤسسها النصرانى المغرض جورجى زيدان. * * * فى خضم الأحداث المتلاحقة حدث تطور مثير انتقل بالأزمة إلى مستوى جديد ومفزع عندما اشتعلت النيران فجأة فى عدد من آبار البترول السعودية وراح كل طرف يلقى بالمسئولية على الأطراف الأخرى، فالمستنيرون يتهمون الهيئة بأنها وراء الحادث فى محاولة من جانبها لحمل الحكومة على تصفيتهم وأنصار الهيئة يتهمون المستنيرين وحلفاءهم من المصريين والأجانب بأنهم وراء الحادث فى محاولة من جانبهم للانتقام من ناحية، وبذر بذور الفتنة والفوضى من ناحية ثانية… وعلى الرغم من إجراءات الأمن والحراسة المشددة التى اتخذتها السلطات السعودية والشركات الأمريكية لتأمين ما تبقى من الآبار، تكررت الحرائق بل وامتدت حوادث التخريب إلى بعض مناجم الفلزات النادرة التى كانت قد اكتشفت حديثاً فى البلاد.. حيث صاحب هذه الموجة من التخريب موجة عاتية من العنف المتبادل الذى أخذ يتصاعد يوم بعد يوم بين أنصار الهيئة وخصومها. ثم أخذت سرعة إيقاع الأحداث تتزايد على نحو تجاوز توقعات الكثيرين، وكانت البداية عندما أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية بيانا مقتضبا جاء فيه أن حكومة الولايات المتحدة تتابع بقلق بالغ ما يجرى فى السعودية من تطورات مؤسفة وأنه ما لم تتمكن الحكومة السعودية بمفردها من السيطرة على الأوضاع فإن الولايات المتحدة ترى أن واجبها الدولى والإنسانى يفرض عليها أن تقدم المساعدات الممكنة للملكة لتحقيق الأمن والاستقرار وصيانة الأرواح والممتلكات. وفى اليوم التالى مباشرة صدرت الأوامر للأسطول الأمريكى بالتحرك نحو الخليج وعقد الرئيس الأمريكى مؤتمر صحفيا أعلن فيه أن هذه التحركات تستهدف أن تكون القوات الأمريكية قريبة من موقع الأحداث، حتى يتسنى لها تقديم المساعدات الممكنة للحكومة السعودية إذا ما طلبت العون رسمياً من الولايات المتحدة، وفى إجابة للرئيس الأمريكى على سؤال وجهه أحد الصحفيين عن الدور المتوقع للقوات المصرية التى كانت ما تزال ترابط فى الخليج منذ عملية عاصفة الصحراء قال الرئيس الأمريكى إن مصر قوة من قوى السلام والاستقرار وقد عودتنا دائماً على أنها لا تتردد فى الوفاء بالتزاماتها العربية والعالمية، ولا أظن أنها سوف تتردد فى هذه المرة فى المساهمة فى حفظ الأمن والاستقرار خاصة وأن عدداً كبيراً من مواطنيها يتعرضون لشتى الأهوال والويلات فى المملكة السعودية! * * * بينما كانت المنطقة تشهد نشاطاً دبلوماسياً مكثفاً وهائلاً يدور خلف الكواليس فى مختلف العواصم العربية والإسلامية، وبينما كان الأسطول الأمريكى ماضياً فى طريقه إلى الخليج، كانت الحكومة السعودية قد لزمت الصمت إزاء المبادرة الأمريكية ولم تتقدم بأى طلب رسمى لتقديم العون والمساعدة إليها، سواء من الولايات المتحدة أو من أية دولة أخرى، رغم أن الموقف الداخلى كان يتفاقم يوماً بعد يوم، ففى أعقاب نزول الجيش السعودى إلى الشوارع للسيطرة على الأوضاع تشرذم
جانب كبير منه، حيث انحازت بعض وحداته إلى الأطراف المتناحرة، فى حين بقى البعض الآخر على ولائه للأسرة الحاكمة. كما زاد الموقف سوءا قيام بعض القبائل الحجازية بإعلان التمرد والعصيان ضد من وصفتهم بأنهم طغاة نجد الذين يقودون البلاد إلى الهاوية. * * * فى تصعيد جديد للأزمة أعلنت الولايات المتحدة أن استمرار الحكومة السعودية فى التزام سياسة الصمت وعدم توجيهها إلى الآن أى نداء بطلب المساعدة رغم اخفاقها فى السيطرة على الموقف.. كل هذا لن يمنع دول العالم المتحضر من القيام بمسئولياتها فى حفظ الأمن والاستقرار فى هذه المنطقة الحيوية من العالم، وبناء على هذا فإنها سوف تتقدم بطلب لعقد جلسة عاجلة لمجلس الأمن تمهيداً لاستصدار قرار يتيح لقواتها بالمشاركة مع قوات أخرى دولية التدخل السريع لإعادة السلام إلى المنطقة، وأعقبت الولايات المتحدة القول بالفعل ونجحت فى استصدار القرار رقم 1313 الذى يخول للقوات الدولية العاملة تحت مظلة الأمم المتحدة حق استخدام كافة التدابير العسكرية اللازمة لإعادة الأمن والإستقرار إلى ربوع المملكة السعودية ما لم تتمكن حكومتها بمجهوداتها المنفردة أو بأية مجهودات أخرى عربية أو إسلامية من السيطرة على الموقف خلال فترة غايتها سبعة أيام من تاريخ صدور القرار (يلاحظ أن هذه الفترة كانت هى الفترة اللازمة لوصول قوات مشاة البحرية الأمريكية إلى شواطئ السعودية). وهكذا وصلت الأزمة إلى ذروتها، وبدا واضحاً للجميع أن الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين على الأقل قد عقدوا العزم على التدخل العسكرى بمجرد وصول طلائع الأسطول الأمريكى إلى المنطقة، ودون انتظار حتى لاكتمال الحشد العسكرى، وبدأ الجميع يستعيدون ذكريات حرب الخليج الأولى التى لم تكن قد غابت تماماً عن الأذهان بعد. حرب الخليج الأولى 1411هـ- 1991م( ) شهدت الأعوام الأخيرة من القرن الرابع عشر الهجرى والأعوام الأولى من القرن الخامس عشر انتكاسات متتالية للحركات الثورية فى العالم العربى والإسلامى، وتزايدت هوة الفارق الحضارى بين العالم الغربى والعالم العربى مما خلق لدى الكثيرين من العرب والمسلمين إحساساً بالخيبة والمرارة واليأس من اللحاق بالعالم المتقدم، ناهيك عن تجاوزه، وقد كان هذا الإحساس واحدا من الأٍسباب التى أدت إلى تصاعد حركات التطرف الدينى والتى صورها أصحابها فى ذلك الوقت بأنها صحوة إسلامية، وإن كانت فى حقيقتها نوعا من الإمعان فى السبات والغيبوبة والانفصام عن حقائق العصر، فقد توقف أصحابها عند النصوص الجامدة التى تضمنتها كتب الفقه القديم متصورين أن هذه الأمة لا يصلح آخرها إلا بما صلح به أولها، وكانت حالهم فى ذلك أشبه بحال الذى يصاب بمرض عضال ويفشل فى علاجه بالوسائل الحديثة، فيلجأ إلى الوصفات العتيقة الآيلة من الماضى السحيق. وهكذا بالغ بعض أنصار هذه الجامعات فى رفض كل معطيات الحضارة الغربية والدعوة للعودة إلى البساطة الإسلامية الأولى، وكأنهم بهذا يتخلصون من عجلة التبعية التى تربطهم بالغرب، ويتخلصون من إحساسهم بالتخلف والمهانة عندما يعلنون عن عدم احتياجهم لهذه المنجزات، كما ساعدت عوامل أخرى على استفحال شأن هذه الجماعات المتطرفة من بينها تفشى البطالة بين الشباب والإحساس بالقهر وقمع الحريات من قبل الأنظمة السياسية القائمة، فضلا عن أن هذه الحركات كانت تغذيها بعض عناصر المؤسسات الدينية التى كانت تحلم بدور أكبر فى الحياة بعد أن انحسر دورها ومكانتها إلى أدنى حد ممكن من الناحية السياسية والاجتماعية.. بل إن قوى الغرب المتقدم نفسه كثيرا ما عملت على إذكاء هذه الحركات لما تؤدى إليه من شل المجتمع وتمزيقه وتعويقه بالتالى عن الانطلاق والتقدم فى الطريق الصحيح، كما أدى اكتشاف النفط فى السعودية ثم اكتشاف الفلزات النادرة: الريبيديوم، والسيليزيوم، والكادميوم، إلى تزايد عائدات الدولة وانتشار الرخاء مما جعل البعض يربطون بشكل لا شعورى بين الرخاء وبين مفهوم الدولة التى تلعب فيها المؤسسة الدينية دورا، رئيسا وكان هذا فى حد ذاته عاملا من عوامل الدعوة إلى إقامة دولة دينية ورفض مفهوم الدولةالعلمانية، وصحيح أن هذه الحقبة من الزمان قد شهدت الكثير من الحركات المستنيرة التى تدعو إلى توسيع قاعدة الاجتهاد والتى ترى إن الإسلام جوهر قبل أن يكون نصوصا جامدة، وأن وجود الناسخ والمنسوخ ما هو فى حد ذاته إلا دعوة ضمنية للمسليمن فى كل عصر لأن يتجاوزوا أى تفسير قديم لنص معين إذا ما تجاوزت ظروف العصر ذلك التفسير، خاصة وأن لديهم نصا خالداً يتمثل فى الحديث الشريف "لا ضرر ولا ضرار" فإذا ما تعارض نصان أحدهما "لا ضرر ولا ضرار" وجب على المسلمين إعمال هذا النص الخالد العظيم.غير أن هذه الاتجاهات المستنيرة كانت تتضاءل يوما بعد يوم إزاء الزحف الهائل لموجة الييأس والقنوط والتى تجسدت فيما عرف ـ ويا للمفارقة ـ بالصحوة والتى عبرت عنها الجماعات المتطرفة على اختلاف مشاربها ومستويات تطرفها.كما شهدت تلك الحقبة كذلك فى بعض الدول العربية اتجاهات اخرى علمانية ثورية، غير أنها كانت فى حقيقةأمرها لا تقل فى مستوى ذاتيتها ولاعقلانيتها عن حركات التطرف الدينى ذاتها، وكان أبرز الممثلين لهذه الاتجاهات الثورية الخادعة والكاذبة الرئيس العراقى صدام حسين الذى كان يتسم بقدر هائل من الحماقة والغرور والجهل، شأنه فى ذلك شأن الغالبية الغالبة من حكام العرب والمسليمن فى ذلك الوقت، سواء كانوا ملوكا أم أمراء أم مشايخ أم رؤساء جمهوريات، وقد صور له جهله وغروره أنه إذ ابتلع الإمارة الصغيرة المجاورة له والمسماه إذ ذاك بالكويت فسوف يسيطر على جزء كبير من احتياطى النفط فى العالم، فإذا ما اضيف هذا الجزء إلى احتياطى العراق فسوف يكون فى وضع يسمح له مستقبلا ببناء دولة قادرة على إملاء شروطها ولو فى حدود معينة على العالم الغربى المتقدم. كان الرئيس العراقى من الجهل بحيث تصور أنه – وهو الذى لم ينل إلا حظاً ضئيلا من الثقافة والتعليم – سوف يخدع الدول المتقدمة بحساباته الحمقاء، وأنها سوف تظل مذعنة للأمر الواقع تنتظر ذلك اليوم الذى سيقوم فيه بتهديد مصالحها تهديداً مباشراً وإرغامها على الاستجابة لمطالب الدول العربية والاسلامية ( أو بالأحرى مطالبه هو ) ، وحينئذ فسوف يسجل اسمه فى سجل الخالدين الأفذاذ… وهكذا أقدم صدام حسين على مغامرته الطائشة فوضع نفسه وشعبه فى مأزق حقيقى… بل إنه فى حقيقة الأمر وضع دولا أخرى كانت تربطها به علاقات طيبة فى نفس المأزق ومن بين هذه الدول ما كان يسمى فى ذلك الوقت بجمهورية مصر العربية التى وجدت نفسها مطالبة بأن تتجرع واحدا من كأسين أهونهما واحلاهما سم زعاف: فهى إما أن تقف إلى جانبه فتجد نفسها واقفة فى صف منطق القوة والبطش وابتلاع أراضى الجيران بالقوة المسلحة وهى ما كانت ترفضه دائما.. فضلا عن أن وقوفها إلى جانبه سوف يعرضها إلى التجويع والحصار الاقتصادى بل وربما التدمير العسكرى، وإما أن تقف ضده فتجد نفسها فى سلة واحدة مع اعداء العروبة والإسلام… ولم يكن الوضع يسمح بأية مناورة أو حلول وسط ، لأن المناورة معناها الوقوف بشكل غير مباشر إلى جانبه وإتاحة الوقت المناسب اللازم لكى يهضم فريسته.. وهو ما لم تكن تقبل به القوى الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة بـأى حال من الأحوال… وهكذا آثرت مصر أن تتجرع من الكأس الثانية.. وأن تشترك فى الحرب التى قادتها الولايات المتحدة لتحرير النفط الكويتى من قبضة صدام حسين، وقبل ذلك وأهم من ذلك تدمير البنية الأساسية للعراق حتى لا يفكر فى تكرار المغامرة مرة أخرى، وقد أمعنت الولايات المتحدة فى تحقيق الهدف الثانى على نحو لم تلجأ إليه إسرائيل ذاتها عندما كانت لها السيادة الجوية على سماء مصر فى حرب 1967.. وهكذا انتهت الحرب بتدمير شامل للعراق وهو الأمر الذى ترتب عليه اشتغال الثورات المتعاقبة فى العراق، غير أن صدام حسين تمكن بما تبقى من فلول جيشه من سحق هذه الثورات واحدة بعد الأخرى إلى أن تمكن الشيعة عام 1518هـ- 1998م، من الاستيلاء على جنوب العراق وإعلان قيام الجمهورية العراقية الإسلامية، ورغم أن إيران قد رفضت الاعتراف بهذه الجمهورية الجديدة إلا أنه كانت هناك دلائل قوية على أنها هى التى أمدت الثوار الشيعة بالسلاح بل وبالرجال من خلال كتائب بأكملها من الحرس الثورى ،مستهدفة بذلك تقوية مركزها الجديد باعتبارها القوة الإقليمية الأولى بلا منازع، وقد انتهزت الولايات المتحدة هذه الحماقة الإيرانية كما انتهزت من قبل الحماقة الصدامية ، وتحت دعوى المحافظة على وحدة العراق وسلامة أراضيه، قامت بمساعدة حلفائها الغربييين والعرب بتدمير إيران تدميراً تاماً وتحرير جنوب العراق مما أسمته بالاحتلال الإيرانى، وهكذا استتب الأمر تماماً للولايات المتحدة والعالم الغربى الذى أصبح الأن آمنا على مصالحه النفطية، إذ اصبحت دول المنطقة: إما دولا نفطية بلا قوات مسلحة، وإما دولا ذات قوات مسلحة ولكنها بلا نفط، غير أن الأمان الأكبر كان راجعا إلى أن هذه الدول وتلك كانت دولا بلا منهج عقلى أو علمى أو عملى فى النظر إلى الأمور. 3 - حرب الهلال( ) أحدث البيان الأمريكى وقرار مجلس الأمن ردود فعل شعبية ورسمية غاضبة فى سائر الدول العربية والإسلامية، خاصة عندما تحدث البيان الأمريكى عن "مسئوليات الدول المتحضرة"، فى إشارة واضحة إلى أن دول المنطقة هى دول غير متحضرة…. وقد كاننت هذه العبارة قمة من قمم الإهانة والإذلال التى طالما لقيت منها دول المنطقة صوراً مخففة ومغلفة فى تعبيرات أكثر تهذيباً…أما الآن فإن الوجه القبيح قد أسفر عن نفسه تماماً وأصبح عازماً على ان يخوض معركة الحياة والموت ضد هذه الشعوب "المتخلفة" التى تضرم النيران فى شريان حياته "البترول" لأسباب عبثية من وجهة نظره….. ولم يعد فى هذه المرة مهتما بأن يغطى تدخله لحماية مصالحه بستار مكتمل من الشرعية. **** أعلنت المملكة العربية فى أول رد فعل رسمى لها أن ما يحدث فى أراضيها هو شأن من شئونها الداخلية، وأنها رغم تقديرها للنوايا الحسنة من جميع الأطراف المعينة ، إلا إنها واثقة من قدرتها بعون الله وفضله على تجاوز الأزمة بقدراتها الذاتية، وأنها لن تسمح لأية قوة مهما كانت بأن تفرض عليها وصاية أو قوامة، وأنها سوف تعتبر نزول القوات الأمريكية على أراضيها خرقاً للقوانين والأعراف الدولية، وأنها سوف تتعامل معها باعتبارها قوة غزو أجنبى لا قوة لحفظ الأمن والسلام. وقد فوجئ الجميع بهذا البيان السعودى الذى لم يكن ليتوقعه أحد، غير أن الحكومة السعودية كانت قد وعت جيداً الدروس المستفادة من حرب الخليج الأولى التى جعلت منها دولة مدينة للولايات المتحدة بعد ان كانت دائنة لها، أضف إلى ذلك ان الأمريكيين كانوا قد حنثوا بكل الوعود التى بذلوها لأصدقائهم فى المنطقة وفى مقدمتهم الحكومة السعودية، سواء بحل المشكلة الفلسطينية، أو نقل التكنولوجيا المتقدمة إلى دول المنطقة، أو تحديث الجيوش وتسليحها بالأسلحة المتطورة …. فضلا عن ذلك فإن الحكام السعوديين كانوا قد بدأ يساورهم الشك فى نوايا الأمريكيين تجاه مصيرهم، خاصة بعد ان تخلوا بطريقة مشينة عن أسرة الصباح فى أعقاب أول انقلاب دستورى وقع فى الكويت بعد ستة أعوام من حرب الخليج الاولى. *** كان للبيان السعودى أثر كبير فى جمع الصف داخل وخارج المملكة، فقد أعلنت القبائل الحجازية إنهاء عصيانها ووقوفها صفاً واحدا مع أبناء نجد الكرام ضد الطامعين والغزاة، وعادت معظم وحدات الجيش التى كانت قد انضمت إلى الأطراف المتناحرة، عادت لتلتحم بقواعدها الأصلية، وأعلنت سائر الدول العربية وقوفها إلى جانب المملكة. *** فى عملية مفاجئة أذهلت العالم كله قامت القوات الأمريكية المنقولة باحتلال جميع آبار النفط لا فى السعودية وحدها وإنما فى سائر دول المنطقة بلا استثناء، خارقة بذلك قرار مجلس الأمن الذى قامت هى باستصداره!! وفى عملية أكثر جرأة ومفاجأة قامت إسرائيل دون سابق إنذار أو تحذير بتحطيم القوات المصرية والسورية فى نفس الوقت، وأعادت احتلال سيناء التى كانت قد انسحبت منها فى أعقاب معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، كما أعادت احتلال الجولان التى كانت قد انسحبت منها وفقا لمعاهدة السلام السورية الإسرائيلية فى أعقاب حرب الخليج الأولى.وفى سلسلة من العمليات المباغتة قامت جيوش الحلفاء الغربيين بتحطيم ما تبقى من الجيوش العربية فى المنطقة، عقابا لهذه الدول على تأييدها للموقف السعودى الرافض للأمن والاستقرار!! وخلال أسابيع معدودة بدا كأن الأمر قد استتب تماماً للغرب غير أن الحقيقة كانت على النقيض تماماً، فقد انهزمت الجيوش والحكومات العربية واستيقظ العقل العربى من غفوته …. واتحد العالم العربى والإسلامى من أقصاه إلى أقصاه حول منهج جديد للعمل. *** تلاشت الخلافات الفقهية حول الموسيقى والبنوك والرؤية.. وأصبح واضحا للجميع لماذا انهزم المهزوم ولماذا انتصر المنتصر…. وكانت هذه هى بداية المقاومة وبداية الإنطلاق.
#نصارعبدالله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وقائع تعديل دستور جمهورية متغوريا
المزيد.....
-
الإمارات تكشف هوية مرتكبي جريمة قتل الحاخام اليهودي
-
المقاومة الإسلامية تستهدف المقر الإداري لقيادة لواء غولاني
-
أبرزهم القرضاوي وغنيم ونجل مرسي.. تفاصيل قرار السيسي بشأن ال
...
-
كلمة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي بمناسبة
...
-
قائد الثورة الاسلامية: التعبئة لا تقتصر على البعد العسكري رغ
...
-
قائد الثورة الاسلامية: ركيزتان اساسيتان للتعبئة هما الايمان
...
-
قائد الثورة الاسلامية: كل خصوصيات التعبئة تعود الى هاتين الر
...
-
قائد الثورة الاسلامية: شهدنا العون الالهي في القضايا التي تب
...
-
قائد الثورة الاسلامية: تتضائل قوة الاعداء امام قوتنا مع وجود
...
-
قائد الثورة الإسلامية: الثورة الاسلامية جاءت لتعيد الثقة الى
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|