أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلاقات الجنسية والاسرية - امان - تدريس الثقافة الجنسية في المدارس منتهى الأدب















المزيد.....

تدريس الثقافة الجنسية في المدارس منتهى الأدب


امان

الحوار المتمدن-العدد: 373 - 2003 / 1 / 20 - 04:57
المحور: العلاقات الجنسية والاسرية
    


كانون ثاني 19, 2003 - 11:25 

الجنس ليس غريزة حيوانية بل هو أرقى الغرائز الإنسانية. * الطفل يحفظ خريطة الوطن العربى ويجهل خريطة جسده. * كل المدرسين مسئولون عن التربية الجنسية وليس مدرس العلوم فقط.
 


كتب الدكتور خالد منتصر : أثناء حضوري تسجيل برنامج "لو بطلنا نحلم" والذي كان يناقش أهمية تدريس التربية الجنسية في المدارس، وتحولت هذه المعاني إلى شبح مخيف حين قوبل حديثي في البرنامج بهجوم كاسح لاحظته بعد إذاعة الحلقة، وللأسف كانت أغلب ردود الفعل السلبية الرافضة والخائفة والمرعوبة ممن نطلق عليهم لقب "مثقفين"، وقد إمتدّ الهلع والفزع من داخل ماسبيرو، الذي أحاط المسئولون فيه بجسم الجريمة وهو البرنامج الغلبان والذين حاولوا بمنتهى الكفاح والتصميم كشف الألغام والديناميت المزروع فيه لدرجة التهديد بمنع الحلقة، إلى الخارج حيث بعض الصحف التي إستنكرت الخوض في مثل هذا الموضوع القبيح! مروراً بالبوّاب الذي قرر مقاطعتي لأنه كان فاكرني مؤدب ومابتطلعشِ من بقّي العيبة! ولأنني قررت أن أخوض في العيبة وأثبت للبواب ولكم أنني مازلت مؤدباً، سأتحدث عن أهمية تدريس الجنس في المدارس وكيف أن تعليمه هو قمة الأدب ورفض دراسته هو العكس ..
عندما كنتُ فى المرحلة الإعدادية وأتى اليوم المشهود يوم حصّة العلوم التي سيشرح فيها المدرس الجهاز التناسلي، دخل علينا الأستاذ الجهبذ راضي والعرق يبلل نظارته السميكة برغم الشتاء القارس وزفّ إلينا البشرى السعيدة وهي أن هذا الجزء من المنهج محذوف ولن يأتى ذكره ضمن أسئلة الإمتحان، كان المدرس يتحدث وكأنه يتخلص من عار وذنب وحمل ثقيل، وتنفس بعدها الأستاذ راضي الصعداء، وكنا نستمع وكأننا مشتركون في إثم وحمدنا الله على أننا تخلصنا من ساعات مذاكرة زيادة وسؤال سخيف في الإمتحان، ولم نكن نعرف وقتها أن موقف الأستاذ راضي هو تلخيص وإمتداد لموقف المجتمع ككل، وأن حذف النصف الأسفل من الجسم ليس قرار وزارة التربية والتعليم وحدها بل قرار ثقافة عربية خائفة ومرعوبة تعاني من الشيزوفرينيا تجاه الجنس والجسد، تتحدث ليل نهار عن الجنس ولكنها في العلن وأمام الشاشات تحتقره، وتتخيل أنها بقدر إدانتها له بقدر إقترابها أكثر من معاني الشرف والسمو، ثقافة تخلق من الجسد مشكلة وهو في الأصل حلّ، وتحوله إلى عورة شاملة وهو في البدء طاقة فعالة. ومجتمع أخرس يجهل التحدث بأقدم لغات الدنيا وأصرحها وهي لغة الجنس، أصدر المجتمع فرمانه بأن يحفظ الطفل والشاب خريطة الوطن العربي ويجهل خريطة جسده، ويعرف كيف دخل الإنجليز إلى مصر ولايعرف كيف يدخل هو إلى مرحلة المراهقة، وأوكل المجتمع مستريح الضمير هذه المهمة المعقدة لآباء وأمهات هم في حاجة أصلاً للتعليم وفكّ العقد المتوارثة نتيجة تربية خاطئة ومناخ مسمم ومجتمع يرتاب في كلّ ما يخص رغبات الجسد فهو مدان إلى أن تثبت براءته، وملوّث حتى يتم تعميده بالحصار والخنق والتغطية والكلفته ... الخ
ضمّت حلقة النقاش في البرنامج رجل دين فاضل، وإحتدّ النقاش بيننا وكان أفضل ما فيه أنه لخص وجهة النظر السائدة عن الجنس وهي للأسف نظرة متخلفة، قال الرجل ولم يوارب وفتح النار على كل ما يسمّى ثقافة جنسية وقال تكفينا كتب الدين فقط، وسخرَ من العلم وهو يقول "أنه في إعدادي الأزهر عرف من خلال كتب الفقه عن الجنس مالم يعرفه أطباء النساء والولادة !!" وبالطبع كانت أهمية حديثه ليست في قوة حجته ولكن في مقدار تعبيرها عن فكر ونبض تيار رئيسي ومسيطر على عقل الشارع المصري، ومن هنا كانت أهمية طرح الأفكار وكشف المغالطات حتى يتسنى لنا معرفة ما هي ضرورة تدريس الجنس في المدارس.
بدايةً لا يعنى تدريس الجنس تدريس الجماع، ولكنه تدريس ومعرفة تضاريس هذا الجسد وتغيراته الحادة العاصفة من مرحلة الطفولة وحتى الشباب مروراً بالمراهقة، وأظن أن هذا حق إنساني مشروع جداً، وما ننادي به ليس عرض أفلام البورنو على الطلبة ولكنه تقديم علم الجنس لهم، وهو بالفعل علم إستقرّ واتضحت ملامحه، ولسنا مسئولين عن الهواجس الجنسية المرضية التي تتشبث بعقل وجسد البعض نتيجة الكبت فالحل لهذه الهواجس ليس في أيدينا بل في أيديهم، ولذلك نطلب منهم أن ينحوا جانباً عقدهم الجنسية لنستطيع النقاش بحرية وموضوعية .
أولى النقاط التي طرحت ويتبناها الكثيرون ويرددونها في مناقشاتهم وكتاباتهم هي أن الجنس غريزة حيوانية وبالطبع كل ما هو حيواني لايصح أن يدنس محراب العلم؟ وأنا على العكس أرى أن الجنس هو أرقى الغرائز البشرية وأهمها وهو يمثل أسمى وأعلى أنواع التواصل الإنساني، وليس صحيحاً أن يقال أنه ما دامت الحيوانات تتناسل وتمارس الجنس بدون تعليم فلماذا ندرسه نحن بني البشر؟! فالجنس عند الإنسان يختلف بالطبع عنه عند الحيوان، فالإنسان ليس لديه موسم تزاوج محدد فهو يمارس الجنس في أي وقت وهذا يثبت أن وظيفة الجنس الإنجابية وظيفة هامشية فالأساس هو المتعة ثم الأهم التواصل، ولذلك فالإنسان هو الحيوان الوحيد الذي يواجه أليفه ورفيقه وجهاً لوجه عند اللقاء الجنسي حتى يحسّ ويألف ويحتضن ويمنح الدفء ويكتسبه عكس جميع الحيوانات التي تمارسه بلا مواجهة مباشرة وبطريقة ميكانيكية بحتة. إذن الجنس تفاعل نفسي قبل أن يكون تفاعل جسدي، وتسميته الغربية MAKING LOVE هي تسمية معبرة تماماً عما أعنيه عن أن الجنس مصنع للحبّ وليس للعيال! وبهذا يثبت أن الجنس هو أعلى الغرائز إنسانية وأن إدانته على أنه شيء حيواني لاتتم إلا عندما يعم الفساد الأخلاقي فيدّعي الجميع الشرف على جثة الجنس، والنقطة الثانية التي يرفعها البعض في مواجهة المنادين بتدريس الجنس في المدارس هي لماذا ندرس الجنس وجدودنا لم يدرسوه وكانوا في منتهى الفحولة؟ وهو منطق خاطيء يختزل الجنس في وظيفته الإنجابية ويربطه بالفحولة والرجولة ويتناسى أن التواصل قبل التناسل، ويتناسى أيضاً أن السلوك الإنساني كائن حيّ يتطور وينمو وكذلك الغرائز، وإلا فلماذا نأكل بالشوكة والسكين والملعقة وتضع المطاعم زهوراً على الموائد؟ ونحن نستطيع أن نلتهم الطعام بالأيدي بدون الحاجة لتلك الطقوس المعطلة للغريزة، أعتقد أن الإجابة هي في كلمة التحضر الذي يفرض علينا معانٍ جديدة حتى في الجنس أهمها أن تعبير المرأة أو مشاركتها الفعالة في الجنس ليس عيباً أوحراماً، وأيضاً أن الجنس ليس لقاء أجساد في غرف نوم مغلقة بل قبل ذلك لقاء ثقافات وعقول سابقة التجهيز تحمل أفكاراً مسبقة ! ومهم جداً أن نعرف إنطلاقاً من هذا المفهوم أنه لايوجد رجل مريض جنسياً أو إمرأة مريضة جنسياً بل توجد علاقة هي المريضة وهي المدانة.
وبتغيير مفاهيمنا السابقة أولاً عن الجسد ثم الجنس نستطيع ببساطة بعدها أن نتحدث عن أهمية تدريسه، وأنا لا أطالب بتدريس الجنس كمنهج مستقل وإنما يجب أن يتخلل المناخ التربوي والتعليمي نفسه، ولا يصبح مدرّس العلوم بذلك هو المسئول الأول والأخير، فتدريس قصائد الغزل في درس اللغة العربية جزء من التربية الجنسية، ومشاهدة حظيرة المدرسة جزء من التربية الجنسية، ومدرّس الألعاب حين يمنع طالبة من أداء تمارين الجمباز بحجة الخوف على غشاء البكارة فهو يرتكب خطأ فاحشاً في التربية الجنسية، والمدرسة التي تتعامل مع الذكر على أنه سوبرمان والأنثى على أنها بهانة فهي ترتكب جريمة جنسية، وكذلك مدرّسة الحضانة التي تعنّف الأطفال وتفصل الذكور عن الإناث فهي أيضاً ترتكب نفس الخطأ، أما مدرّس الدين والذي عادة ما يعترض على تدريس الجنس في المدارس ويعتبره فسقاً وفجوراً فكيف بالله عليك سيواجه التلاميذ الذين سيسألونه عن المحيض والزنا وقصة سيدنا يوسف وفيها "همّت به وهمّ بها" ومعنى الأرحام والفرج وآتوا حرثكم أنى شئتم ... الخ !!؟
إن التربية الجنسية عملية مستمرة وممتدة وشاملة ومسئول عنها المدرس والطبيب والأخصائي الإجتماعي والأب والأم ورجل الدين، والسؤال عن أي سنّ نبدأ فيه التربية الجنسية سؤال خاطيء، لأنه لابد أن يعدّل إلى أي نواحي التربية الجنسية تتناسب مع الأعمار المختلفة ؟ فمشاهدة تلقيح الزهور من الممكن أن يفيد في مرحلة ما، ودراسة مفاهيم الأبوة والأمومة والرضاعة في مرحلة تالية، ودراسة التغيرات الهورمونية مرحلة أخرى وهكذا، وبذلك نستطيع معرفة حقيقة ذواتنا وتلافي المفاهيم المغلوطة والأمراض الجنسية، ومعرفة أن الإحتلام ليس خطيئة والحيض ليس إثماً، والعادة السرية لن تصيب الفرد بالجنون، والختان لن يؤدب البنت ويكبت رغبتها بل سيحرمها من الإشباع، وأنّ المداعبات الخارجية من غير الممكن أن تحدث حملاً ... الخ
أرجو أن يتذكر الجميع أن الأخلاق لا يتمّ إحتكارها، وأن البعض الذين يدعون أنهم الوكلاء الوحيدون لقطع غيارها واهمون، فكلنا نسعى من أجل أخلاق أفضل ولكن يوجد فرق كبير بين الأخلاق وبين المرض النفسي، والخصيان هم أكثر الناس أدباً لكنهم أفشل البشر في بناء المجتمعات، ومن المؤكد أننا بعد هذا المقال سنتأكد أن أعظم قدرة نمتلكها نحن الكبار هي قدرتنا على نسيان مراهقتنا. 

 



#امان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محكمة النساء المغربية: تذكير صارخ بظلم صارخ
- ترشيح إبراهيم وسهام بن سدرين لجائزة حرية التعبير الأوروبية
- جدل إنتخابي ساخن حول قضايا المرأة
- أزمة في مصر بسبب فتوى تبيح للزوجة مشاهدة الأفلام الجنسية
- منظمات حقوق الإنسان تصدر (إعلان مبادئ) بمناسبة قمة التنمية ا ...
- صورة - بدون التعليق
- المعهد الدولي لتضامن النساء
- الأمم المتحدة قلقة على الحقوق والحريات بعد سبتمبر


المزيد.....




- وزيرة الخارجية الألمانية: روسيا جزء من الأسرة الأوروبية لكنه ...
- الوكالة الوطنية توضح حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في المن ...
- ما حقيقة اعتقال 5 متهمين باغتصاب موظف تعداد في بابل؟
- مركز حقوقي: نسبة العنف الاسري على الفتيات 73% والذكور 27%
- بعد أكثر من عام على قبلة روبياليس -المسيئة-.. الآثار السلبية ...
- استشهاد الصحافية الفلسطينية فاطمة الكريري بعد منعها من العلا ...
- الطفولة في لبنان تحت رعب العدوان
- ما هي شروط التقديم على منحة المرأة الماكثة في البيت + كيفية ...
- الوكالة الوطنية تكشف حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في البي ...
- تحديد عيب وراثي رئيسي مرتبط بالعقم عند النساء


المزيد.....

- الجندر والجنسانية - جوديث بتلر / حسين القطان
- بول ريكور: الجنس والمقدّس / فتحي المسكيني
- المسألة الجنسية بالوطن العربي: محاولة للفهم / رشيد جرموني
- الحب والزواج.. / ايما جولدمان
- جدلية الجنس - (الفصل الأوّل) / شولاميث فايرستون
- حول الاجهاض / منصور حكمت
- حول المعتقدات والسلوكيات الجنسية / صفاء طميش
- ملوك الدعارة / إدريس ولد القابلة
- الجنس الحضاري / المنصور جعفر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلاقات الجنسية والاسرية - امان - تدريس الثقافة الجنسية في المدارس منتهى الأدب