أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حامد المالكي - مصيرنا















المزيد.....

مصيرنا


حامد المالكي

الحوار المتمدن-العدد: 5035 - 2016 / 1 / 5 - 23:57
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


علينا أن نعيد التفكير في كل شيء، أن نمزق كل ما كنّا قد قرأناه وفهمناه، اننا، كما لو كنّا، نعيش في القرون الوسطى بالنسبة للعصر الحديث، أعرف ان هذا مؤلم، مؤلم قدر الشعور بالذنب على ما فاتنا من عمر، العالم الديجتال يجمعنا كلّنا في غرفة واحدة ويبصق على وجوه تخلفنا، كل شيء مباع، حتى الأوطان والأرواح والقيم، لا شيء حقيقي، المصلحة فوق كل إعتبار، لا أتحدث عن مصلحة الوطن، او أي شيء يشبهه من الاشياء الغالية والضائعة، أتحدث عن المصلحة الشخصية في عالم من وهم، شاهدت مئات الوجوه وهي ترتدي الأقنعة، والكل يصفق لها، مواقع الساسة مثلا، اقرأ مستوى التملق الخائب، من قبل المعلقين، لشخصيات لا تجيد تركيب جملة مفيدة، شاهدت العديد ممن يشتغلون بالفن، يعرضون فنّهم الساذج، او المستنسخ من آخرين، والكل يصفق لهم، شاهدت الكثير من الكتّاب/الكاتبات، يكتبون ترهات، يهلهل ويصفق لهم البقية، انه عصر المجاملات، عصر الغباء، عصر عرض الذات -لا أستثني نفسي- عصر الرياء بامتياز، تركنا القراءة الذكية (كنتُ مثل حنا مينة، اقرأ كتابا كل يومين)، كلنا كنّا كذلك، هبطنا الى مستويات تحصرك بزاوية منفرجة، مساحتها، (140) حرفا كما في تويتر، لتقرأ او لتعبّر عن رأيك، هل هذا استلاب؟ لا، لقد سقطت نظم كثيرة بسبب هذا التبسيط، لم يعد العصر عصر كلمة، نحن آخر من يهتم بها، نحن من تربى عليها، واتخذها مهنة، إنه عصر الصورة، الصورة الحقيقة والاخرى المزيفة، المزيفة أوفر حظا بالانتشار، لأنها تعزف على وتر العاطفة الانساني، التي صارت مهووسة بكل مختلف، حتى وان تأكد لنا ان الصورة زيف، نشاركها في صفحاتنا، هل قلت صفحاتنا، نعم، صار الانسان صفحة بعد ان كان كتاب، واحيانا بمجلدات، العالم تغيّر، جعلتنا مواقع التواصل الاجتماعي ندرك أننا كنّا ومن قبلنا، محط وهم كبير، كنا نتصور ان لنا جمهورا يتفاعل، اليوم اكتشف العكس، فعندما نكتب "هما" عن الوطن، او الحياة، او ما نعيش فيه من عالم مزابل، يتفاعل معنا العشرات، ربما الآحاد، دلوعة تُظهر بسمة بشفاه نفخها السليكون، وثياب نصف مكشوفة، يرد عليها بــ (الواوووو) الآلاف، بشرفكم، هل هنالك أكثر من هذا الهم "السكسي" الذي يعشعش في عقول مجتمعاتنا؟
أفكر بترك مهنتي، أنا أعتاش على ما أكتب، هذا مؤلم، بل من المهين ان يكون رغيف خبزك مشروطا بحبر الكتابة –حتى الحبر اختفى من حياتنا ومعه اقلام الباركر الجميلة- فكرت أن أعمل في التجارة مثلا، وجدت أن التجارة –على الأقل في بلدي العراق- تحتاج الى قلب ميت، وضمير معفّن، لقد وصل اليها الغش أيضا، فبالاضافة الى استيراد البضائع المقلدة والسريعة العطب، ونفخ شفاهها عبر الاعلانات التلفزيونية والفيسبكية، هنالك مصيبة اخرى، هل تريد ان أُسقطك تجاريا؟ بسيطة، أنشرُ –في صفحة مزورة- صورة المنتج الذي تستوردهُ او تنتجه، ليكن طعاما او دواء او ما شئت، وأكتبُ تحته، هذه المادة تسبب السرطان وقد مررتها اسرائيل إلينا (نظرية المؤامرة) هكذا ببساطة تبور السلعة لديك، وتبلى، وتخسر رأس مال طيبتكَ. قررت أن أعمل سائق تكسي، زحام سيطرات الأمن سيجعلني اقضي نصف نهاري براكب واحد، وأعود الى البيت بألم في البواسير والظهر، هذا اذا نجوت من عبوات الاغتيال الصامت، العالم جُنّ، يريد أن يحول كل شيء فينا الى ديجيتال، قبل أيام شاهدت اعلانا صينيا عن بنتٍ حلوة (روبوت) تجيد كل شيء، كل انواع الخدمة، حتى .......... والمصيبة ان الشركة الصينية تستطيع ان تنتج الروبوت حسب الطلب، انا افضلها بعيون خضراء مثلا... ما مستقبل النساء الحقيقيات اذا نافسهن عالم الديجتال الجنسي؟
الضحك صار الكترونيا، فـــالـــ ههههههههه تكفي للتعبير عن أعظم شعور إنساني نابع من القلب والروح، الحب أيضا، صار الكترونيا، أن تمارس الجنس مع حبيبتك عبر خدمة (سكايب)، وإذا اردت أن تقبلها، ترسل لها صورة شفاه حمراء، "منتفخة أيضا"، أين نهارات متنزه الزوراء، تسرق قبلة وراء شجرة عملاقة، تخط عليها اول حرفين من أسمك وأسم حبيبتك، وتاريخ اول قبلة بينكما.
التاريخ الإنساني في أوج إنحطاطه المتقدم، كانت المواقف السياسية تؤخذ في شارع الإحتجاج، والمواقف الفكرية، تتطور في مقاهي شعبية، صار الآن كل شي، ينتهي ببضعة سطور، بــ (140) حرفا فقط، نستنكر، نشجب، نغضب، وفجأة نتحول الى محادثة جانبية لا علاقة لها بالموضوع الذي أغضبنا قبل قليل.
من السهولة ان تشاهد فلما لطفل داعشي، يقطع رأس انسان مسكين، فلم متوفر في اليوتيوب، في تويتر، الفيس بك، يزور هاتفك عبر الوتسب، تشمئز قليلا ربما تحزن لدقائق، بعدها تشغلك معركة طائفية بين سني وشيعي، او كردي وعربي، والصفحات تصفق لهذا الاختلاف القوي، تنسى الطفل الذباح، تنسى الذبيح، وربما تشاركهم الصراخ الطائفي والعنصري الجايف هذا، ينتهي الوقت، تضع رأسك على الوسادة وانت تتنفس الصعداء، لقد انتصرت عليهم بحججك التي عمرها 1400 سنة، عجيب هذا العالم، يتعارك على حاكم حكم قبل اربعة عشر قرنا، ولا يتعارك من اجل الحاكم الذي يحكمه اليوم، أليس هذا مشهدا سرياليا؟
قد يقول البعض إن خير الكلام في ما قلّ ودل، أقول ان مصيبتنا كوجود إنساني، لا تكفيها عشرات المجلدات، وإن خير الكلام، يتلقفه اللمّاح، ماذا عن الاغبياء، وهم كُثر؟ وتستمر المعاناة، كل من امتلك هاتفا خلويا، صار يكتب رأيه في مواضيع مهمة، يدخل فيها هم عيشك، هم وجودك كانسان، نقرأ أراء مضحكة، لم يعد هنالك إحترام للتراكم المعرفي والحياتي، أتخيل مثلا، مراهقا مضطجعا على أريكة قذرة يكتب شائعة عنك، انت المثقف الملتزم، سرعان ما تتلقفها الدنيا وتنتقل من صفحة الى صفحة حتى تصبح واقعا مُشكِلا بالنسبة لتاريخك ووجودك، ويمكن ان تقتل بكاتم صوت بسس هذه الشائعة.
ماذا بعد؟ آلاف المواقع أُنشأت لتدافع عن فاسدين ولصوص، تصبح أنت –المُصلِح- أمامها، أجبن من صافرٍ. تنسحب بهدوء بسبب حملات التشهير التي تلاحقك، ينتصرُ عليك (الفيس بك) الافتراضي، الممول بالدولار، أمام صفحتك البليدة، الفقيرة، (وين نولّي)؟ ماذا بعد هذا؟ اكاذيب وأوهام تنتشر في صفحات الفيس بك وتويتر، وسط غياب مطلق للحقيقة، وعليك فوق كل هذا، أن تبقى متوازنا، وتكتب الحقيقة بصبر حمار.
لا حقيقة بعد اليوم، كل شيء أصبح مزيفا، حتى اليقين بأني أنا حامد المالكي، من كتب هذه السطور، صرتُ أشك به.



#حامد_المالكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اعدام النمر!
- مسرحية العربانه
- ازمة المخرج العراقي


المزيد.....




- في روما.. يختبر السيّاح تجربة جديدة أمام نافورة -تريفي-
- لغز مرض تسمم الحمل الذي حير العلماء
- -بايدن قد يدعو إلى إقامة دولة فلسطينية قبل انتهاء ولايته- - ...
- قلق على مصير الكاتب صنصال إثر -اختفائه- بالجزائر بظروف غامضة ...
- هل نحن وحدنا في الكون؟ ماذا يقول الكونغرس؟
- مشاهد لآثار سقوط صواريخ لبنانية في مستوطنة كريات أتا (صور + ...
- -حزب الله-: إيقاع قوة إسرائيلية بين قتيل وجريح
- مشاهد لـRT من موقع الضربة الإسرائيلية لمنطقة البسطة الفوقا ف ...
- مجموعة السبع ستناقش مذكرات التوقيف الصادرة عن الجنائية الدول ...
- لماذا يضاف الفلورايد لمياه الصنبور وما الكمية الآمنة؟


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حامد المالكي - مصيرنا