|
الأردن ...لماذا يجوع ويعطش؟
أسعد العزوني
الحوار المتمدن-العدد: 5031 - 2016 / 1 / 1 - 16:31
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حبى الله الأردن بالكثير من النعم على صعيد الأرض والإنسان ، وهما أساس العمارة ، والتقدم والرقي ، والوصول إلى الإكتفاء الذاتي ، فطالما وجد الإنسان العامل على التطوير ، ووجدت الأرض ، سهل العمل وتحقق الإنجاز ، ولم لا فالنوايا والحاجة متوفرتان ، وما علينا في الأردن إلا أن نشمر عن سيقاننا وأذرعنا ونبدأ بالعمل ، لأنه لا خير في أمة تأكل مما لا تزرع ، وتلبس مما لا تصنع ، وأضيف من عندي : وتشرب من مياه لا تجمعها ، ويحميها قرار دولي. على صعيد الإنسان وهو المحور الأول للعمارة والتنمية ، نجد أن الله يسّر لهذا البلد - دون الخوض في السياسة – هجينا بشريا يمتد ما بين شواطيء البحر الأبيض المتوسط شرقا حتى الشواطيء الغربية لبحر قزوين ، وهذا الهجين يشتمل على صفات تحتاجها التنمية والتغيير نحو الأفضل ، حيث المزارع والتاجر والمحارب والبدوي ، وكل هؤلاء نوعيات محسنة أصلا ولا تحتاج إلى تهجين ، ومع ذلك فإن حال الأردن الذي يضم هذا الهجين ، لا تسر صديقا ولا حتى تفرح عدوا. أما المحور الثاني للتنمية فهو الأرض ، فلدينا أراض زراعية خصبة حمراء وبيضاء ، وتحتها محيطات من المياه الجوفية ، وصدق من قال أن منطقة الأغوار هي سلة غذاء المنطقة ، ولكن من ينظر إلى حالنا يجد العكس ..جوع يستشري في الأمعاء وعطش يجفف الحلوق ، وسهول حوران باتت هي الأخرى مرتعا للأشواك ومقابر للبنايات الإسمنتية ، شأنها شأن الأراضي الخصبة الأخرى، مع ان لدينا صحراء نستطيع إستغلالها للعمران ، وعندها ستتحول من صحراء قاحلة إلى أرض ينبت فيها الورد الجوري. أرضنا مهجورة من العمّار الحقيقيين وهم البشر ، ونرى خطة ممنهجة لتفريغ الريف الأردني وحتى البادية من البشر ، وإستقرارهم في عمان ، وتوظيفهم في الجيش ، مع أننا لسنا في حالة حرب ، والأرض المهجورة باتت أرضا تنمو فيها الأشواك والأشجار الحرجية غير المثمرة ، لإنعدام الإهتمام والعناية بها ، ولذلك وبدلا من أن تكون هذه الأراضي منتجة تكفينا ونصدر منها ، أصبحت أراضي بور لا تنتج ، وبتنا نستورد من الخارج ، حتى أننا قبلنا على أنفسنا أن ناكل من منتجات مستدمرة إسرائيل ، وقد غاب عن بال البعض أن هناك نصا في كتاب الحرب عند يهود بحر الخزر المتصهينين وهو التلمود ، يقول :"أرسل لجارك الأمراض". وإنساننا وفق ما هو حاصل أصبح عاطلا عن العمل ، حتى أن هناك مجموعات كبيرة من حملة الدكتوراه تراهم يتسكعون وسط البلد لعضويتهم في نادي البطالة ، علما أن جامعاتنا الأردنية وما أكثرها تعمل على توظيف دكاترة عرب ، ناهيك عن تفشي البطالة في صفوف الأردنيين بعامة لأسباب عديدة منها ثقافة العيب ، ورغبة كل أردني أن يكون وزيرا أو مديرا عاما على الأقل ، وهذا ما جعل الأردن يتصدر قائمة مستوردي العمالة الوافدة التي باتت تشهد هي الأخرى بطالة في صفوفها ، ناهيك عن إستيرادنا للخادمات من كافة أصقاع العالم ، وهذه ميزة إمتازت بها شعوب دول الخليج العربية التي أنعم الله عليها بعد إمتحان ، وحق لهم أن يترفهوا بعض الشيء ، أما نحن في الأردن ، فلا أدري لم نقوم بإستيراد العمالة الوافدة من عما ل وخدم ؟ موضوع المياه والشكوى الدائمة من العطش في الأردن ، أمر يجب التوقف عنده طويلا لشطبه من الذاكرة ، فالمنطقة كلها تعوم على محيط من المياه الجوفية ، وهذا بشهادة خبراء مياه دوليين وعرب ، وسؤالي لماذا نعطش وحدنا بينما مستدمرة إسرائيل تنعم بالمياه ، ونجد حمام سباحة في بيت كل مستدمر في المستدمرات؟ حلول مشكلة المياه في الأردن كثيرة وهي كفيلة بجعلنا ننعم بالمياه طوال العام وأهم الحلول : العمل على صيانة الشبكات وضبط الفساد في المياه ومحاسبة اللصوص ، والتعميم على المواطنين بإعتماد الحصاد المائي كبند أساسي في تصاريح البناء والزراعة ، وتكثيف بناء السدود وصيانتها وإختيار المكان الصحيح ، حتى تبقى مياهنا لنا . فمياهنا تتسرب طواعية لمستدمرة إسرائيل التي تعمل على سرقة مياهنا العربية ، بدءا من نهر الأردن المقدس حتى نهر الليطاني العذب ، مرورا بهيمنتها على أنهار النيل ودجلة والفرات ، من خلال الغوص في عملية صناعة القرار الإفريقي والأثيوبي على وجه الخصوص ، وكذلك التدخل في القرار التركي إبان حكم العسكر ، وما يؤسفنا ان الحكم الجديد في تركيا لم يتمكن من قطع العلاقات مع مستدمرة إسرائيل التي تنبش تحت الأرض لهدم البنيان التركي. على صانع القرار الأردني ، وأعني بذلك جلالة الملك عبد الله الثاني ، الذي يتمتع بدثار سميك من قبل شعبه ، أن يعلن عن إعادة النظر في معاهدة وادي عربة ، ويعلن عن سحب السفير الأردني من تل أبيب ووقف التطبيع معها ، والإيعاز للتجار الأردنيين الذين يتعاملون .معها بالتوقف عن ذلك ، ووقف هدر المياه الأردنية العذبة إلى المستدمرين ، وعندها سنجد النظرة إلى الأردن قد تغيرت ، ويقيني أن الشعب الأردني بكل مكوناته سيجدد البيعة للنظام من جديد ، بيعة مباركة لا لبس فيها ، وسيقبل الشعب بالجوع والعطش لأنهما سيكونان من مقومات الصمود والكرامة ، وعليه لن تقوم أي جهة مهما كانت قوية بغزو الأردن ، لأن الشعب بأكمله سيستنفر حماية للوطن ، ولنجرب ذلك. صناع القرار في مستدمرة إسرائيل يحاربون الأردن علانية ، وحربهم غير المقدسة لا تتوقف ، ويستخدمون النصوص والنبوءات المقدسة فيها ومن ضمنها نبوءة توراتية تقول أن الملك عبد الله الثاني هو آخر الملوك الهاشميين في الأردن ، بعد أن كانوا يقولون ان الملك الحسين هو آخر الملوك الهاشميين ، كما أنهم يحاولون إحراج النظام الرسمي في الأردن من خلال طعنات في الصدر قبل الظهر ، ويتمثل ذلك في مواصلة العدوان على الأقصى ، ضاربين بعرض الحائط بنود معاهدة وادي عربية سيئة الصيت والذكر والسمعة ، بأن الوصاية على المقدسات في القدس هي للهاشميين ، فما داموا هم لم يلتزموا بما وقعواعليه ، فلماذا نصر نحن على التمسك به. يستطيع الأردن البدء بإصلاح إقتصادي يؤدي إلى إنتعاش إقتصادي وإجتماعي ، من خلال البدء بحرب حقيقية على الفساد ، ويقيني أن محاسبة 40 فاسد فقط ، كفيلة بأن تعيد للأردن رونقه الإقتصادي والإجتماعي معا ، وأن يعلن الأردن الرسمي أنه سيتعامل بالمثل في العلاقات الدولية ، لا أن يبقى أسير النظرية الدولية التي تقول "أردن ضعيف وفقير " ، بمعنى أن يتاجر مع من يشاء ويفتح أسواقه لمن يشاء ، لأنه حر وصاحل قرار. أختم أن الحل بأيدينا ولسنا بحاجة لويلات البنك وصندوق النقد الدوليين اليهوديين في حقيقة امرها ، وما علينا إلى تفعيل نظام الزكاة ونطبقه على الأثرياء الذين أثروا على حساب الشعب ، وباتوا يتحكمون برقاب الجميع ، وهم يقنون انهم خارج نطاق الحساب والمحاسبة بحجة انهم خدموا النظام ، دون علم منهم أن الشعب هو الذي خدم النظام بصدق ، لأن هذه الخدمة لم تكن نظير مقابل ، فالولاء والإنتماء هما ديدن الشعب الأردني القابض على الجوع والفقر والعطش.
#أسعد_العزوني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كش داعش
-
فرقة نهاوند الإفريقية –الفلسطينية شوكة في حلق وعيون الإحتلال
-
إختتام فعاليات الموسم السابع للحنونة ..إيذان ببداية المشوار
-
فرقة -الطنبورة - ..قلب مصر النابض بالعروبة
-
أبو حمور: الوطن العربي يحتاج 3.5 مليون فرصة عمل سنوياً وتمكي
...
-
الشبكة العربية للسيادة على الغذاء ..سلاح عربي بإمتياز
-
فرقة الحنونة ..حنونة فلسطين
-
إسلامية القدس ..أصول السيسي ورخص التوظيف
-
قرية بيوضة ..مثال يحتذى
-
داعش ..خريج كهف جبل الكرمل بحيفا
-
سفير دولة الإمارات العربية المتحدة بلال البدور :الإمارات تشه
...
-
المشروع السياسي للحزمة الوطنية العراقية
-
هذا الطرمب؟!
-
النائب عبد الهادي المحارمة تجليات الوحدة الوطنية
-
الأردنيّة ورابطة الكتّاب الأردنيين تُشهران إبداعات د.سناء ال
...
-
التعليم نموذجا جلالة الملكة رانيا ..الإستثمار في حب الوطن
-
جلالة الملكة رانيا العبدالله تعرب عن أملها في اطلاق تحالف من
...
-
العربية لحماية الطبيعة تحتفل بإنجازها الدولي الجديد و تستمر
...
-
-العربية لحماية الطبيعة -...النصر التراكمي
-
داعش تنظيم مخابرات الدول وليس تنظيم الدولة الإسلامية
المزيد.....
-
دراما رمضان.. دانييلا رحمة مشتتة بين عابد فهد ومعتصم النهار
...
-
يتطرق لسقوط حكم بشار الأسد.. الإعلان الترويجي للمسلسل السوري
...
-
ما مدى واقعية خطة ترامب لسيطرة أمريكا على غزة؟
-
سوريا.. الأمن يُعلن خطف اثنين من عناصره في اشتباكات مع -مطلو
...
-
بريطانيا تعلن عن مساعدات جديدة لكييف
-
الجزائر تبحث قانون تجريم الاستعمار
-
بونتلاند والريفييرا مناطق تدور في فلك جغرافيا ترامب حول مخطط
...
-
بعد 20 عاماً من التوقف..إسرائيل تُعلن إنشاء مستوطنة جديدة بي
...
-
الرئيس الإيراني: طهران لا تسعى للحصول على سلاح نووي و-يمكن ا
...
-
الرئيس الكولومبي: الكوكايين ليس أسوأ من الويسكي
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|